ترقبوا معدلات متصاعدة للفائدة. أعتقد بأن احتمال بدء "بنك إنجلترا" برفع المعدلات خلال اجتماع "لجنة السياسة النقدية" التابعة له هذا الأسبوع مساو لاحتمال عدم فعل ذلك، وإذا لم يحصل ذلك أثناء هذا الاجتماع، فتوقعوا منه أن يرفع الفائدة مع حلول فبراير (شباط) في أبعد تقدير.
تتوقع الأسواق أن يكون الرفع الأول من 0.1 في المئة إلى 0.25 في المئة وهو مستوى لا يزال متدنياً جداً، غير أن السؤال الكبير لا يتعلق بموعد رفع المعدلات، بل بمدى الارتفاع الذي يجب أن تسجله خلال السنوات الثلاث أو الأربع المقبلة، فلو وصل معدل التضخم خلال هذا الشتاء إلى خمسة في المئة محتسباً بالنسبة إلى مؤشر الأسعار الخاصة بالمستهلكين، وربما إلى ستة في المئة محتسباً بمؤشر أسعار البيع بالتجزئة، تصبح فكرة إبقاء معدلات الفائدة تحت واحد في المئة سخيفة.
يمثل هذا الانخفاض حافزاً ضخماً للاقتراض، وفي الأسبوع الماضي وحده، أبلغ "سانتاندر" المصرف الإسباني الذي اشترى سلسلة من جمعيات البنائين (في المملكة المتحدة)، بما في ذلك "آبي ناشيونال" و"برادفورد أند بينغلي" و"أليانس أند ليستر"، أنه يتعامل مع أقوى طلب على الرهون العقارية عرفه في "سنوات كثيرة جداً".
وذكر رئيسه التنفيذي ناثان بوستوك إن الطلب جاء "قوياً في شكل هائل"، إذ طلب مشترو المنازل في شكل خاص اتفاقات تمتد إلى خمس سنوات وذات معدلات ثابتة للفائدة.
ومن ثم، ويا للمفاجأة، بدأت مصارف كثيرة بحلول الجمعة الماضي تقلل من الاتفاقات المددة إلى خمس سنوات، فرفعت الرسوم أو زادت معدلات الفائدة.
في المقابل، لا يزال كثير من تلك الاتفاقات قيد العرض، ويشبه الأمر الشعار "سارعوا فالكمية محدودة".
أعتقد بأن مشتري المنازل أكثر حكمة من أولئك الأعضاء في "لجنة السياسة النقدية" الذين يبدو أنهم لا يزالون يقاومون زيادة مبكرة في المعدلات، إذ يرى الأعضاء الملقبين بالـ "حمائم" بأن الانفجار الحالي للتضخم سيهدأ، مما يعطي الأهمية إلى الحفاظ على التعافي في مرحلة ما بعد الجائحة. ويشكل ذلك حجة محترمة تماماً يدلي بها خبراء اقتصاديون أذكياء، لكنني أعتقد بأنها حجة خاطئة.
وتوضيحاً، ليس "بنك" إنجلترا وحده في هذا الشأن، فقد قرر المصرف المركزي الأوروبي الخميس الماضي تجميد معدلات الفائدة ومواصلة شراء السندات، مواصلاً بالتالي ضخ النقود في الاقتصاد الأوروبية. وجاءت الخطوة على الرغم من القفزة في معدل التضخم الذي وصل في ألمانيا إلى 4.5 في المئة، وهو أعلى مستوى منذ عام 1997، وعلق "آي إن جي بنك" على ذلك مشيراً إلى أن معدل التضخم في ألمانيا بات الآن غير قابل للإيقاف، وقد يصل إلى خمسة في المئة هذا العام.
وعلى نحو مماثل يتخذ "مجلس الاحتياطي الفيدرالي" الأميركي جانب الحيطة في مسألة رفع معدلات الفائدة، وقد ذكر رئيس المجلس جيروم باول الأسبوع الماضي، "لا أعتقد بأن الأوان قد حان للشروع في تشديد تدريجي للسياسة النقدية، لا أعتقد بأن الأوان آن لرفع معدلات الفائدة"، وفي ضوء بلوغ معدل التضخم في الولايات المتحدة حوالى 5.4 في المئة، وهو مستوى أعلى حتى من حاله في المملكة المتحدة أو ألمانيا، واستهداف "مجلس الاحتياطي الفيدرالي" مستوى اثنين في المئة لهذا المعدل، يبدو ذلك الرد من قبيل استرضاء الذات إلى حد كبير، ومن الواضح أن رئيس المجلس بين عامي 1987 و2006، آلان غرينسبان يعتقد بذلك، ففي ملحوظة أصدرتها "أدفايزورز كابيتال مانجمنت"، كتب غرينسبان، "من المؤسف أن ميل معدل التضخم لا يزال أعلى بكثير من المتوسط البالغ اثنين في المئة المسجل خلال العقدين الماضيين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وإذا صح قوله، يواجه العالم فشلاً جماعياً من قبل السلطات النقدية. ماذا يحدث بعد ذلك؟
حسناً، لا أتوقع حصول الكثير قبل عيد الميلاد أو في الواقع خلال الشتاء، فستمر مرحلة متقدمة من العام المقبل قبل أن يتضح إذا كانت القفزة في معدل التضخم هي حقاً قفزة مؤقتة، وبحلول الصيف سنعرف أكثر عن الموضوع، فإما يعود معدل التضخم صوب اتجاهه المستهدف البالغ اثنين في المئة، أو سيتضح أنه استقر عند مستوى أعلى، مثل ثلاثة في المئة أو أربعة في المئة. وأفترض أن معدل أربعة في المئة أكثر ترجيحاً من معدل اثنين في المئة، ولو صح الأمر سيدخل العالم في مرحلة طويلة قد تستمر سنوات كثيرة من معدلات الفائدة المتزايدة باطراد.
وستختلف الوتيرة بين بلد وآخر، وفي حين ستحاول المصارف المركزية في كل مكان إبطاء وتيرة الزيادات وستجبرهم ضغوط السوق على مواصلة الرفع.
كم سيبلغ مقدار الارتفاع؟ حسناً، في 2006 حين بلغ متوسط معدل التضخم في المملكة المتحدة 3.2 في المئة، بدأ معدل الفائدة الأساسي لدى بنك إنجلترا العام بـ 4.5 في المئة وأنهاه بخمسة في المئة. وبحلول يوليو (تموز) 2007 وصل إلى 5.75 في المئة، وكانت معدلات الفائدة على الرهون العقارية عادة عند نقطة مئوية إضافية.
لا أستطيع أن أرى ذروة خلال الدورة المقبلة تصل إلى هذا المستوى المرتفع، لكن بعد ثلاث سنوات من اليوم يمكن لمعدلات الفوائد بسهولة أن تسجل ثلاثة في المئة أو أربعة في المئة.
بعبارة أخرى يمكن للمعدلات أن تكون أعلى بكثير مما هي عليه اليوم.
قد لا يحدث هذا، إذ لا شيء أكيداً في الأسواق المالية.
في المقابل، يبدو بالفعل أن ثمة دورة اقتصادية واضحة، وستدفع أيضاً دورة معدلات الفائدة، وإذا رفع "بنك إنجلترا" فعلياً معدلات الفائدة هذا الأسبوع فستأتي تلك الزيادة لتكون الأولى ضمن زيادات كثيرة ستليها، وإذا لم يفعل فلن يمثل ذلك سوى تأخير لخطوة حتمية.
© The Independent