Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سرعتنا في الابتكار بمواجهة كورونا يجب تطبيقها على المناخ

يمكننا أن نتعلم من الجائحة كيفية التعامل مع أزمة البيئة بأشد فاعلية ممكنة وإعادة بناء اقتصاد ابتكاري شامل وأخضر

طفل يحتضن بالون على هيئة كرة أرضية ببيئة نظيفة، قبيل انعقاد مؤتمر دولي للمناخ (رويترز)

نقلت جائحة كورونا البحث والابتكار من المختبر والمكتبة إلى المجتمع. وإذا كنا نستطيع إعادة تفعيل هذه العلاقة المنفتحة بين العلم والمجتمع، سيكون بمقدورنا أن نصبح في موقع أفضل ونبني مستقبلاً أكثر اخضراراً واستدامة وتكافؤاً.

ولقد شهدنا خلال الـ18شهراً الماضية بثاً حياً على شاشة التلفزيون لعمليات البحث والابتكار، بشكل مباشر في الوقت الفعلي. لم يكن لدينا إجابات جاهزة سلفاً على هذا الفيروس الجديد الفتاك، لكننا امتلكنا قاعدة بحث وابتكار ممتازة، تشمل طيفاً واسعاً من التخصصات والخبرات. وحُزنا أيضاً بنى تحتية متنوعة، وعقوداً من الاكتشافات نستطيع البناء عليها. وقد مكّنتنا تلك المعطيات من تعبئة الجهود والاستجابة للجائحة بسرعة.

وخلال مراحل الجائحة، استطاع كل شخص أن يراقب عمليات جمع البيانات والدراسات المصممة بهدف معرفة كيفية انتشار الفيروس، وطريقة استجابة جهازنا المناعي، وسبل التعرف على من يكون مهدداً أكثر من غيره بالفيروس، والسبب في ذلك، وكيفية المساعدة في مكافحة آثاره، وما الذي يمكن فعله للتعامل مع الفيروس. لقد تأثر الجميع بالفيروس بشكل مباشر، وبوسع الجميع أن يساعدوا في التعامل مع الجائحة.

وبالنسبة لي، جاءت اللحظة التي سرت فيها على قدمي من شقتي في كامبريدج إلى عيادة طبيب عام محلي، مملؤة بالرمزية، إذ سجل مجيئي من قبل مجموعة متطوعين بشوشين، ثم تحدث معي طبيب عام استطاع أن يبتسم على الرغم من أنه قد أعطى اللقاح بالتأكيد لمئات الأشخاص طوال اليوم، في كل يوم وعلى امتداد أسابيع. لقد تلقيت جرعتي الأولى من لقاح "أسترازينيكا" الذي كنت أعرف أنه نتاج لمجموعة كاملة من المواهب التي تعمل في مختلف مجالات نظم البحث والابتكار.

بالتالي، فقد جاء ذلك المقدار الضئيل من السائل الذي حقن في ذراعي، بفضل جهود شبكة ضخمة من الناس، بدءاً بالباحثين من أصحاب الأفكار الجريئة حول كيفية جعل جيل جديد من اللقاحات يصل إلى مديري التجارب والمتطوعين، والمنظمين الموهوبين ممن ضمنوا إمكانية استعماله بشكل آمن. وكذلك انطلقت الشركات المصنعة للقاح [أسترازينيكا] في تصنيعه وإنتاجه بسرعة وبشكل واسع وكبير. ومضت هيئة "خدمة الصحة الوطنية" في تحشيد جهود هائلة في جميع أنحاء المملكة المتحدة، بهدف إيصال اللقاح إلى الناس. وبالطبع، لقد صرف الناس أنفسهم أيضاً أشطاراً من وقتهم حتى يتلقوا الحقنة، من أجل حماية الآخرين من حولهم. وشكل ذلك جهداً نجم عن تعاون على المستوى الوطني، من قبل الجميع، ولحماية الجميع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والآن، فيما بدأنا نبني من جديد، ثمة أزمة عالمية أخرى تلوح في الأفق. ومع توافد زعماء العالم على غلاسكو لحضور قمة الأمم المتحدة "كوب 26" المعنية بالمناخ، إذ تؤثر أزمة المناخ على الجميع، على غرار الجائحة، وكذلك تستطيع أن تكون فتاكة، وستؤدي إلى تفاقم التباينات في المجتمع. وتشبه أزمة المناخ الجائحة أيضاً في الحاجة لتعاون الجميع من أجل تخفيف آثارها المتعددة.

وعلى غرار ما حدث مع الجائحة، يمكننا أن نتبع العلم ونستمع إلى العلماء، بيد أن الأمر يستلزم أكثر من ذلك. وفيما سيساعدنا العلم على الإبحار عبر عالم غير مستقر، فإنه لن يبلغنا ما يتوجب علينا فعله، لأن ذلك خيار ينبغي بنا نحن أن نحدده. سيقدم العلم أدلة حيوية تفيد في فهم التحدي وتطوير أفضل الحلول. في المقابل، سيعمل الابتكار على ترجمة تلك الحلول إلى واقع يمكننا أن نتبناه، ونغير طريقتنا في العيش والعمل بصورة عميقة، بالتالي يتوجب أن يشكل ذلك جهداً عالمياً بحق، فيشارك فيه الجميع لمصلحة الجميع.

لقد رأينا خلال انتشار الجائحة، ما الذي يمكن فعله، وتعرفنا على ما يكون فاعلاً على نحو جيد، وكذلك الأخطاء التي يمكن أن تحصل. ويمكننا أن نتعلم من الجائحة كيفية التعامل مع أزمة المناخ، بأكثر الطرق الممكنة فاعلية، وإعادة بناء اقتصاد ابتكاري شامل وأكثر اخضراراً [أكثر مراعاة للبيئة]، يسهم فيه الجميع، ويستطيعون الاستفادة جماعياً منه.

*البروفيسورة دام أوتولين لايزر، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة "المملكة المتحدة للبحث والابتكار" التي تضم سبعة مجالس بحثية متخصصة، إضافة إلى "إنجلترا للبحوث" و"ابتكر، المملكة المتحدة" التي تعد وكالة الابتكار البريطانية.

© The Independent

المزيد من بيئة