Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لو كان سوناك صاحب رؤية لجاءت مبيعات التجزئة أفضل من حالها الآن

من الصعب في الغالب فهم النقاط الأدق في الموازنة، لكن الإجراءات المتينة المطلوبة تبدو غائبة عنها

بدأت مخازن لندن في الاستعداد لمبيعات موسم عيد الميلاد (أ ف ب)

مسلية هي الموازنات بعدما غطيت كثيراً هذه المعزوفات السنوية، أنا حسن الاطلاع على إيقاعها، وارتفاع صوت وزير المالية وانخفاضه، وتسارع المعزوفات وتباطئها.

إن النمط هو نفسه منذ عقود، بغض النظر عن كون وزير المالية الذي يتحدث محافظاً أو عمالياً. هنالك العرض الخاص بالاقتصاد الكلي وحال الاقتصاد البريطاني في مقابل العوامل كلها. وهناك العرض المتعلق بالجوهر، وصولاً إلى استنتاج ملؤه الازدهار في الختام.

أثناء الاستماع، من الصعب ملاحظة ما هو مهم وما هو غير مهم، وما يمثل تغييراً ذا معنى وما يكون له أثر قليل لكنه يبدو أمراً جيداً.

وللتوصل إلى ذلك يحتاج المرء إلى أن يدرس النسخة و"الكتاب الأحمر" الذي تضعه وزارة المالية ليرافق الموازنة، ويكون مطبوعاً بأحرف صغيرة.

فلنأخذ مثلاً ضرائب الأعمال. لقد طرح (وزير المالية) ريشي سوناك أربع نقاط تتعلق بالضريبة المفروضة على مواقع الشركات. أولاً، سيطبق خفضاً بواقع 50 في المئة لمصلحة المحال والحانات والمطاعم والنوادي الرياضية. ثانياً، بدءاً من 2023، ستُجرَى تقييمات العقارات كل ثلاث سنوات بدلاً من خمس، على غرار حالها الآن. ثالثاً، إن وزير المال يُجري مراجعة للنظام العائد إلى العصور الوسطى والذي لم يعد يؤدي غرضه بموافقة الجميع. رابعاً، سيكون الاستثمار في الألواح الشمسية والمضخات الحرارية معفياً من ضرائب الشركات.

يبدو هذا كله رائعاً، لكن بالنسبة إلى النقطة الأولى، لن تدوم حسوم الـ 50 في المئة سوى سنة. وإضافة إلى ذلك يبلغ سقفها 110 آلاف جنيه استرليني (150.535 ألف دولار أميركي) لكل شركة، وبذا فلن تفيد سوى الشركات الصغيرة. ماذا عن تلك الشركات الكبيرة التي تعاني في كل قطاع من قطاعات البيع بالتجزئة؟ لا يزال التشدد من نصيبها، إذ تستطيع بسهولة أن تدفع مليون جنيه استرليني أو أكثر في السنة من ضمن ضرائب الشركات.

أما النقطة الثانية، ففي حين أنها موضع ترحيب، إلا أنها ليست كافية. من دوافع القلق في البرنامج الحالي أن التقييمات تحصل كل خمس سنوات ولا تعير اهتماماً إلى القيم الحالية للعقارات. وقد قُدِّم تقليص وتيرة التقييمات باعتباره جديداً، لكن وزيراً محافظاً آخر للمالية، هو فيليب هاموند، تعهد به في 2017. وقد عقد قطاعا البيع بالتجزئة والضيافة الأمل في أوقات سابقة، على عمليات إعادة التقييم السنوية. وتغاضى سوناك عن التماساتهما وقرر إعادة التقييمات كل ثلاث سنوات، وهذا أفضل من إجرائها كل خمس سنوات لكنه ليس جيداً تماماً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبالنسبة إلى النقطة الثالثة، أي الإصلاح الشامل، فالوزير يعمل لإصلاح ضرائب الشركات منذ فترة، لذلك لا شيء يدعو إلى الحماسة.

وربما جعل سوناك نفسه يظهر كأنه يعلن شيئاً جديداً وحيوياً. وفي الواقع، لم يفعل ذلك. وقدم دليلاً إلى السبب الذي يجعل الإصلاح أمراً غير سهل، إذ ذكر أن ضرائب الشركات تضخ 25 مليار جنيه في الخزانة كل سنة، وهذا ليس رقماً يمكن التقليل من شأنه وليس رقماً يمكن التخلي عنه لمجرد أن الشركات لا تحب أن تدفع المال. وبالتأكيد، كان الوزير، إذ تناول العوائد الضريبية الإجمالية مثلما فعل، يشير إلى أي نظام بديل لن يُطبق ما لم يتمكن من جمع الإجمالي نفسه.

أما بالنسبة إلى النقطة الرابعة، أي الإعفاءات المخصصة للألواح الشمسية والمضخات الحرارية، فماذا يعني ذلك عملياً؟ إنها إعفاءات تتناول الموضوع البيئي، لكن ذلك لن يفيد الشركات كثيراً. وأطلق وزير المالية العمل بإعفاء يطاول الفواتير الأعلى المترتبة على التحسينات المدخلة على المباني، ومجدداً لن يستمر الإعفاء إلا سنة.

من ناحية أخرى، تواصل المحال والحانات إغلاق أبوابها. وفي الوقت نفسه تدفع شركات البيع بالتجزئة عبر الإنترنت ضرائب الشركات على مستودعاتها، التي لا تمتلك منها سوى القليل وفي حالات كثيرة، وبفضل المحاسبة الذكية، تظل فواتيرها الضريبية منخفضة، بالمقارنة مع حجم التجارة التي تجريها في هذه البلاد.

وهكذا يبقى الحال على ما هو عليه، إذ تظل الفرص مائلة جداً لمصلحة هذه الشركات، وعلى شركات البيع بالتجزئة التقليدية أن تحاول محاربتها بطريقة ما، وهي في وضع صعب وغير مؤات. وهذا مطلب مستحيل.

لو كان سوناك جريئاً ورؤيوياً وفق ما يزعم لكان فعل شيئاً بعيد الأجل، إذ لم تأتِ فالمنافسة بين البيع عبر الإنترنت والبيع عبر المتاجر المادية من فراغ، كان أمام الوزير وقت طويل كي يشخص المشكلة ويُعد الحلول.

في فبراير (شباط) من هذا العام، أُبلغنا أن مسؤولي وزارة المالية يقيّمون خيارات تستهدف "تحويل الميزان" بين الإنفاق عبر الإنترنت والتسوق المادي. وقيل لنا إن الحكومة كانت تعالج المشكلة، إذ يساورها القلق من أثر فراغ المباني المخصصة للبيع بالتجزئة في المجتمعات المحلية.

ونُوقش فرض ضريبة على المبيعات عبر الإنترنت، في حين كان من المفترض استكمال مراجعة لضرائب الشركات في الربيع. حسناً، لقد حل الربيع وانقضى، وكذلك الصيف، ونحن الآن في الخريف، وما من أثر لأي نفحة من الدخان الأبيض.

قبل ثمانية أشهر، أفاد متحدث باسم الخزانة البريطانية، "نريد أن نرى مؤسسات مزدهرة في قطاع البيع بالتجزئة، ولهذا أنفقنا عشرات مليارات الجنيهات الاسترلينية في دعم المحال خلال الجائحة، وندعم مراكز البلدات خلال التغيرات التي يأتي بها التسوق عبر الإنترنت. وتتطلب مراجعتنا عن ضرائب الشركات أسئلة تشمل أدلة حول وجوب أن نحول الميزان بين المتاجر العاملة عبر الإنترنت والمتاجر المادية، من خلال اعتماد ضريبة للمبيعات عبر الإنترنت، ونحن ننظر في الإجابات الآن".

ثمة مشكلة كبيرة. حسناً. قليل من الشريط الطبي اللاصق سيحل المشكلة، لكنه بالطبع لن يحلها. يحتاج سوناك إلى المواجهة والتوقف عن التهرب والادعاء. ولن يكون كافياً سوى إجراء جراحة جذرية.

© The Independent

المزيد من تحلیل