Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انتخابات فرجينيا اليوم نذير خطر لبايدن والديمقراطيين؟

خسارة مرشح الحزب ستفتح الباب لسيطرة جمهورية على مجلسي الكونغرس

الرئيس الأميركي جو بايدن فاز بولاية فرجينيا في الانتخابات الرئاسية الماضية (أ ب)

لأول وهلة، قد تبدو الانتخابات على منصب حاكم ولاية فرجينيا الأميركية والمجلس التشريعي للولاية شأناً محلياً خالصاً، إلا أنها غير ذلك تماماً، فهي تعد أول اختبار جماهيري كبير لرئاسة جو بايدن، وآخر تحذير من الخطر الذي يمكن أن يترتب على تغيير الطريقة التي يصوت بها سكان الضواحي والأقليات قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، فإذا خسر المرشح الديمقراطي لمنصب الحاكم هذه الانتخابات، وهو أمر محتمل بقوة، فسيكون لذلك تأثير زلزالي متتابع على الحزب، ما قد يدفع بعض الديمقراطيين في الكونغرس إلى عدم مؤازرة الرئيس وأجندته الطموحة، وربما يدفع آخرين إلى عدم الترشح في الانتخابات المقبلة، الأمر الذي سيفتح الباب لسيطرة جمهورية على مجلسي الكونغرس، ومن ثم تهديد رئاسة بايدن المقبلة، فلماذا تصاعدت علامات الخطر التي تهدد الديمقراطيين؟ 

عواقب وخيمة 
خلال الأسابيع الأخيرة سعت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأميركي إلى توحيد حزبها الديمقراطي المنقسم من أجل إقرار اثنين من التشريعات الضخمة للبنية التحتية والخدمات الصحية والاجتماعية، والتي كانت فئات عديدة من الطبقة الوسطى والفقيرة في الشعب الأميركي تنتظرها بفارغ الصبر، لكنها لم تنجح حتى الآن في تمرير التشريعين، وبدلاً من ذلك تلقت بيلوسي تحذيرات من النواب الديمقراطيين الذين أصيبوا باليأس والإحباط، من أنه إذا خسر المرشحان لمنصب حاكم في ولايتي فرجينيا ونيوجيرسي، ولا سيما الحاكم السابق تيري ماكوليف في فرجينيا ذات الميول الليبرالية، فقد يكون لذلك عواقب وخيمة على الحزب والنواب والرئيس نفسه.

كانت التنافسات القوية على منصب الحاكم في فرجينيا ونيوجيرسي التي تحدث بعد عام من الانتخابات الرئاسية، أول اختبار يرصد درجة الحرارة السياسية في البيت الأبيض والكونغرس الجديدين، لا سيما بين سكان الضواحي الذين يقررون مصير الانتخابات بدرجة كبيرة في كلتا الولايتين، وفي حالة فرجينيا، كانت المعركة الحامية بين المرشحين الديمقراطي تيري ماكوليف، والجمهوري غلين يونكين تلوح في الأفق باعتبارها نذيراً لمستقبل كلا الحزبين وخطراً على الحزب الديمقراطي الذي بدا خلال الشهرين الأخيرين في حالة من الفوضى بسبب النزاع بين التقدميين والمعتدلين حول مشاريع القوانين المطروحة في الكونغرس.

وعلى الرغم من استمرار بعض القضايا التقليدية المحلية ظاهرة في السباق الانتخابي مثل ضرائب الملكية وأجور المعلمين، فإن غالبية القضايا في فرجينيا تعكس حال الاستقطاب الذي يشطر الولايات المتحدة إلى شطرين، يصور كل طرف فيه الآخر على أنه التهديد الخطير للبلاد.

موجة صادمة

بالنسبة للجمهوريين، تمثل ولاية فرجينيا الوعد بالتجديد وبث روح الأمل في نفوس أعضاء الحزب بعد خسارتهم للبيت الأبيض والكونغرس بمجلسيه في انتخابات العام الماضي، وفرصة لإعادة بناء حزبهم من دون الاضطرار إلى اتخاذ الخيار الصعب المتمثل في احتضان أو رفض الرئيس السابق دونالد ترمب بشكل كامل، ولهذا اعتبر يونكين أن فوزه بهذا السباق سيرسل موجة صادمة في جميع أنحاء هذا البلد.

ومع ذلك، فإن المعاناة من خسارة أخرى ستوضح للجمهوريين أنهم لا يستطيعون الاستمرار بالمراهنة على الرئيس السابق، وأن تراجع شعبيته بعد أن ترك منصبه، يظل أكبر عائق أمام الحزب، وخصوصاً أن استراتيجية المرشح الديمقراطي ماكوليف هي ربط منافسه الجمهوري، بالرئيس ترمب، كأفضل اختبار للعبء الذي ما زال يمارسه الرئيس السابق على حزبه داخل الولايات الديمقراطية والمتأرجحة.

تداعيات كارثية 

وعلى الرغم من أن الرئيس بايدن فاز بولاية فرجينيا فى الانتخابات الرئاسية الماضية بفارق 10 نقاط على خصمه ترمب، فإن استطلاعات الرأي المتقاربة بين مرشحي الحزبين تنذر بتداعيات كارثية على الديمقراطيين مثلما حدث من قبل عام 2009 عندما خسروا انتخابات حاكم فرجينيا وبعدها بعام خسر الديمقراطيون السيطرة على الكونغرس. 

وإذا خسر ماكوليف أو فاز بالكاد، فإن المعتدلين في الحزب الديمقراطي سيطالبون بإقرار فوري لمشروع قانون البنية التحتية، بينما سيجادل الليبراليون والتقدميون بأن الحزب الديمقراطي، والديمقراطية نفسها، أصبحت محفوفة بالمخاطر لدرجة يتعين عليهم معها تمرير قوانين تصويت انتخابية جديدة، وسيجعل المستشارين الاستراتيجيين للحزب يعيدون حساباتهم في المناطق التي خسرها ترمب، وإعادة تقييم شكل الخريطة الانتخابية بدءاً من يوم الأربعاء، لأن يوم الثلاثاء وهو يوم الانتخابات في فرجينيا لن يكون ليلة جميلة حسب اعتقادهم حتى لو فاز ماكوليف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

آلام مضاعفة 

ومع تراجع معدلات شعبية الرئيس بايدن بين المستقلين بفضل عودة ظهور "كوفيد-19" خلال شهور الصيف والانسحاب الفاشل للقوات الأميركية من أفغانستان وارتفاع التضخم، يستعد الديمقراطيون أيضاً لمزيد من الآلام المضاعفة التي تتمثل في اعتزال عدد إضافي من المشرعين في مجلسي النواب والشيوخ الذين يفضلون عدم الترشح في مناطق أعيد رسمها أخيراً، أو المخاطرة بإنهاء حياتهم السياسية بهزيمة مريرة، ولهذا أعلن ثلاثة من أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين، عدم ترشحهم في الانتخابات المقبلة، ومن المرجح أن تؤدي هزيمة ماكوليف في ولاية فاز بها بايدن بسهولة، إلى تسريع هذا النزوح الجماعي لأن المشرعين سيرجعون ذلك إلى عدم شعبية الرئيس.

وقد يكون رد الفعل العنيف في العام المقبل حتمياً ولو بشكل جزئي بحسب ما يقول قدامى المشرعين الديمقراطيين، إذ غالباً ما يعاني الحزب في صناديق الاقتراع بعد أن يدفع بأجندة موسعة مثل تلك التي يتفاوض عليها الديمقراطيون في الكونغرس بشق الأنفس، لكن الكثير من اليساريين يعتقدون أن نقاط ضعف الحزب، التي كشفتها احتمالية الهزيمة في فرجينيا، تؤكد الحاجة إلى إلغاء آلية التعطيل (فوليبستر) في مجلس الشيوخ التي تقتضي موافقة 60 عضواً لإقرار التشريعات، ولأن الديمقراطيين لا يستحوذون سوى على 50 مقعداً فقط، فإنهم يرغبون في المضي قدماً لإقرار قوانين التصويت الانتخابية الشاملة بدءاً من عام 2022 تجنباً لخسارة طويلة الأجل لقوتهم الحالية، غير أن ذلك قد تعرقله اعتراضات بعض المعتدلين الديمقراطيين في مجلس الشيوخ.

لماذا فرجينيا؟ 

حقق الديمقراطيون نجاحاً كبيراً في ولاية فرجينيا على مدار العقدين الماضيين، فقد فازوا بالولاية في أربعة انتخابات رئاسية متتالية، وفي أربعة من آخر خمسة انتخابات حكام الولايات، وفي عام 2019، انتزعوا السيطرة على المجلس التشريعي للولاية بعد عقود من الحكم الجمهوري، وكان هذا التحول السياسي في جزء كبير منه نتيجة للتغيير الديموغرافي الشامل، وبخاصة في شمال فرجينيا الأكثر نمواً وتعددية والمتاخم لواشنطن، والذي يقطن به أكثر من 2.5 مليون من بين 8.67 مليون هم عدد سكان الولاية.

انتقلت فرجينيا التي كانت ذات مرة موطناً لعاصمة الكونفدرالية، من ولاية جنوبية يهيمن عليها البيض ثقافياً إلى مكان أكثر تنوعاً، وتعد الآن واحدة من أكثر الولايات تعليماً في البلاد، لكن بالنظر إلى أن سباق حاكم ولاية فرجينيا يأتي بعد عام من الانتخابات الرئاسية، فهي واحدة من أولى الفرص لأنصار الحزب الجمهوري الذين خرجوا من السلطة للتعبير عن إحباطهم بكثافة تصويتية عالية.

وبالنسبة للديمقراطيين في مقاطعات شمال ولاية فرجينيا، هناك علاقة وثيقة بشكل خاص بين ما يحدث في العاصمة واشنطن ومقاعدهم، وهو ما يفسر حجم الاهتمام والجهد الذي بذله القادة الديمقراطيون لدعم مرشحهم ماكوليف، فقد شارك الرئيس بايدن ونائبته كامالا هاريس في حملاته الانتخابية لتعضيد فرصه، كما جلب الحزب أخيراً بعضاً من أكبر الأسماء، بما في ذلك الرئيس السابق باراك أوباما الذي نظم مسيرة معه في ريتشموند عاصمة الولاية، فضلاً عن الناشطة في مجال حقوق التصويت ستايسي أبرامز. 

أما نانسي بيلوسي، صديقة ماكوليف منذ فترة طويلة، فقد ترأست حملة لجمع التبرعات له الأسبوع الماضي ومنحته شخصياً 250 ألف دولار وجمعت أكثر من ثلاثة أضعاف هذا المبلغ، كما تحدثت معه مراراً لإطلاعه على تفاصيل التقدم في إقرار مشاريع البنية التحتية والدعم الاجتماعي التي سيستفيد منها كثير من الأقليات وسكان الضواحي من الطبقة المتوسطة والفقيرة، وهي مشاريع لا تزال عالقة حتى يوم الاقتراع في فرجينيا. 

مكافحة اللامبالاة

وفي ظل هذه الفوضى التي بدا عليها الديمقراطيون، تتزايد خشيتهم من نتائج انتخابات فرجينيا، فبينما يقول الديمقراطيون إن المشاركة أمر حاسم، لا سيما للذين يعيشون في المجتمعات المحرومة، إلا أن كثيراً من الشبان الأميركيين السود يشعرون بقدر من اللامبالاة، لأن لا شيء يتغير بالنسبة لهم.

ويمثل الناخبون من غير البيض في ولاية فرجينيا أهمية خاصة للديمقراطيين، فقد تضاعف عدد الأميركيين من أصول لاتينية وآسيوية على مدار العشرين عاماً الماضية، لكن نسبة إقبالهم للتصويت في صناديق الاقتراع لا تماثل نسبتهم على مستوى الولاية، ففي الانتخابات الرئاسية لعام 2020 في ولاية فرجينيا، كان (اللاتينيون) الذين ينحدرون من أميركا اللاتينية يمثلون 7 في المئة من الناخبين على الرغم من كونهم يشكلون 10 في المئة من إجمالي السكان، وكان الوضع أسوأ في انتخابات الولاية، فعندما فاز ماكوليف، الحاكم السابق عام 2013، كان اللاتينيون يشكلون 8 في المئة من سكان فرجينيا، لكن 4 في المئة فقط أدلوا بأصواتهم. 

شبح ترمب 

وفي حين خسر ماكوليف أصوات الناخبين البيض بفارق 20 في المئة عن خصمه الجمهوري عام 2013، وفقاً لاستطلاعات الرأي، إلا أنه حصل على أكثر من 90 في المئة من أصوات الناخبين السود ما حسم الانتخابات لصالحه بفارق 3 نقاط فقط، لكن تصويت السود يبدو غير مؤكد هذه المرة، نتيجة شعورهم باللامبالاة، ومع ذلك يقول قساوسة في كنائس السود إنه على الرغم من أن الناخبين السود ليسوا دائماً مبتهجين بالديمقراطيين، فإن المشكلة التي يواجهونها تتعلق بالجمهوريين الذين لا يخفون معاداتهم للسود.

ويراهن الديمقراطيون على استمرار عامل ترمب فعالاً في صناديق الاقتراع على اعتبار أن العالم قد تغير منذ 2016، وبحجة أن خطاب ترمب وسياساته، كانت مسؤولة إلى حد كبير عن تحول العديد من الأميركيين الآسيويين نحو الديمقراطيين، وأن شبح ترمب سيظل عنصراً مهماً في هذا السباق، وبخاصة بالنسبة لمجتمع المهاجرين. 

وينمو مجتمع الآسيويين في فرجينيا مثل اللاتينيين، فقد تضاعف عدد السكان من الأميركيين الآسيويين في الولاية خلال العشرين عاماً الماضية، لكن تمثيلهم كان أقل من اللازم في صناديق الاقتراع، ففي الانتخابات الرئاسية الماضية شكل الناخبون من أصل آسيوي 4 في المئة فقط من ناخبي ولاية فرجينيا على الرغم من كونهم يشكلون 7 في المئة من عدد سكان الولاية.

وعلى الرغم من أن فرجينيا أصبحت أكثر تنوعاً، فإن هذا لا يضمن نجاح الديمقراطيين، خاصة في انتخابات هذا العام، وإذا لم يظل الديمقراطيون منخرطين باستمرار في المجتمعات غير البيضاء فلن يشعر الناس أن سياسات الحزب تؤتي ثمارها، وقد يخسرون فرجينيا بعد كل سنوات البناء والاستثمار التي بذلوها خلال الأعوام الماضية، ما يهدد الديمقراطيين في الكونغرس ويهدد الرئيس بايدن في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2024 إذا قرر الترشح لها. 

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات