واجهت العملية السياسية في العراق سلسلة أزمات وتعقيدات منذ تأسيسها بعد عام 2003، ومع كل انتخابات تظهر مشاكل سياسية تعطل مصالح الشعب العراقي، لا سيما في ما يخص تشكيل الحكومة الجديدة وتسمية الرئاسات العراقية الثلاث، الأمر الذي لطالما استغرق أشهراً عدة.
وبعد إجراء الانتخابات المبكرة في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، اتسعت رقعة المعترضين على النتائج لا سيما من أطراف شيعية، إلا أن هناك مَن يرى أن التوافقات هي المخرج الوحيد للخلاص من دوامة الخلافات، وأنه لا يمكن لكتلة واحدة أن تشكل الحكومة الجديدة من دون العودة إلى بناء ائتلافات وتوافقات تجمع الخصوم والأصدقاء على طاولة واحدة ولو مؤقتاً.
إتمام عد وفرز بعض المحطات
وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات، الجمعة 29 أكتوبر الحالي، عن "إتمام العد والفرز اليدوي للمحطات المطعون بها في محافظتي ميسان وديالى وجانب الرصافة من بغداد، بحضور ممثلي المرشحين الطاعنين والمراقبين الدوليين والإعلاميين المخولين".
وأشارت المفوضية في بيان إلى أنها سترفع النتائج "إلى مجلس المفوضين لاتخاذ التوصية المناسبة بشأنها في ضوء الإجراءات المتبعة".
وأشارت إلى أن يوم السبت (30 أكتوبر) "سيشهد عملية عد وفرز محطات جانب الكرخ من بغداد".
الانسداد السياسي
من جهة أخرى، اعتبر زعيم "تحالف قوى الدولة الوطنية" عمار الحكيم، أن "الجميع خاسر إذا ما ذهبت الأمور إلى الانسداد السياسي". وقال الحكيم خلال استقباله وزير الخارجية فؤاد حسين، "نؤكد أن المفوضية والسلطة القضائية تتحملان مسؤولية النظر بجدية إلى الطعون والشكاوى المقدمة من المرشحين والقوى السياسية، لإعطاء صورة ناصعة عن الديمقراطية في العراق".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وشدد الحكيم على "ضرورة اتباع الطرق القانونية والسلمية من قبل الجميع في المطالبة بحقوقهم". وحضّ الجميع على "التنازل لصالح العراق وشعبه، الذي ينتظر أن تسهم الانتخابات في تغيير واقعه الخدمي والمعيشي".
اتباع المسار القانوني
في السياق، رأى الباحث السياسي والاقتصادي، نبيل جبار العلي، أن "الحل الأساسي يتمثل في اتباع المسار القانوني لمعالجة مثل هذه الخلافات حول نتائج الانتخابات، والعودة إلى قانون الانتخابات رقم 9 لسنة 2020 الذي نظم انتخابات عام 2021، التي نصت المادة 38 منه على أنه في حالة الطعن في أي مركز اقتراع أو محطة اقتراع تلتزم المفوضية العليا بمهمة إعادة العد والفرز اليدوي بحضور وكلاء الأحزاب السياسية، وتعتمد نتائج العد والفرز اليدوي. وهذه المادة وحدها كافية وضامنة لجميع المشاركين وحتى الناخبين لمعرفة مدى مصداقية النتائج المعلنة من قبل المفوضية".
وأشار العلي إلى "الاستغراب الشديد حيال موقف القوى الفائزة بأعلى عدد من المقاعد، وإصرارها بشكل مباشر أو غير مباشر على رفض طلبات إعادة العد والفرز الشامل، في حين أن المنطق العقلاني وسنن التشريعات والقوانين جميعها تجيز إعادة التحقق من أي عملية احتساب قد تكون مغلوطة أو مزيفة أو تم التلاعب فيها مسبقاً". وأضاف أنه "من الضروري أن تستجيب المفوضية العليا للانتخابات لتلك الطلبات التي يطالب بها طيف سياسي واسع، وأن تعمل على إعادة العد والفرز وبيان مدى مصداقية العد والفرز اليدوي ومستوى تطابقها مع النتائج المستحصلة إلكترونياً، ليس خدمةً للأطراف السياسية، إنما خدمة لجمهور الناخبين الذين فقدوا الثقة بوجود انتخابات نزيهة".
الخيار الوطني
بدوره، قال الباحث السياسي علي البيدر إن "الحلول تتمثل في لجوء الكتل السياسية، خصوصاً البرلمانية الفائزة في الانتخابات الأخيرة إلى الخيار الوطني وتناسي الامتيازات الفئوية الطائفية".
وعبّر البيدر عن اعتقاده بأن "هذا الأمر يصعب تحقيقه في ظل الرغبة السياسية الكلاسيكية في الحصول على مغانم السلطة، وقد يكون وجود واشتراك قوى انتفاضة تشرين والمستقلين في البرلمان الجديد خطوةً لتقديم حلول وطنية".
ورأى البيدر أن "إبعاد التدخل الخارجي عن القرار الداخلي يمكن أن يعالج الكثير من الأزمات في المرحلة المقبلة، بالإضافة إلى الاحتكام إلى الدستور وتقديم برنامج وطني جديد، كي لا تتكرر بعض المعرقلات التي يضعها البعض في عجلة الإصلاح".