Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الانفلات الأمني في طرابلس يهدد الاستحقاق الانتخابي الليبي

نزاعات الكتائب المسلحة في العاصمة لم تتوقف منذ منتصف الأسبوع الماضي

بدأت الأوضاع الأمنية في ليبيا تسوء شيئاً فشيئاً، مع بدء العد التنازلي للانتخابات الرئاسية والتشريعية في ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني) على التوالي، ما اعتبر مؤشراً على عدم استعداد البلاد لتنظيم هذا الحدث الكبير، قبل حل الإشكال الأمني عبر توحيد الجيش والمؤسسات الأمنية وتفتيت التشكيلات المسلحة، إما بالحل أو إعادة الإدماج.

وعلى الرغم من ذلك، يواصل المجتمع الدولي ضغطه على السلطات الليبية لفتح صناديق الاقتراع للناخبين في الموعد المحدد في الاتفاق السياسي، الذي رعته الأمم المتحدة.

هذا التناقض الواضح بين القدرات الحقيقية للسلطة الليبية للخروج بالبلاد من المرحلة الانتقالية الحالية، والضغط الدولي عليها وتحميلها أكثر مما تستطيع، دفع كثيراً من المراقبين للتحذير من انزلاقها إلى هاوية حرجة، إذا تطورت الخلافات السياسية والجهوية والعسكرية إلى صدام مسلح جديد، بين كل هذه المكونات أو بعضها.

غليان في العاصمة 

وشهدت طرابلس، أمس الخميس، تطورات جديدة وخطيرة ضمن مسلسل الانفلات الأمني ونزاعات الكتائب المسلحة في العاصمة، الذي لم يتوقف منذ منتصف الأسبوع الماضي، وجاء فصله الأحدث، باتهام آمر منطقة طرابلس العسكرية اللواء عبدالباسط مروان اللواء "444 قتال"، باقتحام منزله ومحاولة القبض عليه.

وقال مروان، في بلاغ موجه إلى القائد الأعلى ووزير الدفاع والمدعي العام العسكري ومدير إدارة الاستخبارات العسكرية، إن "عناصر اللواء "444" انتهكوا حرمة منزلي وروعوا أسرتي".

وأكد آمر منطقة طرابلس العسكرية، أن "محاولة القبض عليه كانت بقيادة الرائد ربيع رجب ناصف، وجاءت بناء على تعليمات من آمر اللواء 444 محمود حمزة".

وكشف عن حيازته لتسجيلات تتضمن تهديدات له بالقتل واقتحام منزله، قال إنه سيظهرها في الوقت المناسب، منتقداً تعامل القائد الأعلى للجيش ورئيس الأركان ووزير الدفاع مع الحادثة، قائلاً إنهم "لم يتواصلوا معه، على الرغم من أنه أحال لهم كتاباً بهذا الشأن".

وكان نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا مقطع فيديو لمحاولة مجموعة مسلحة اقتحام منزل، قيل إنه منزل مروان، قبل أن يتم إصدار أمر بالانسحاب بعد سماع أصوات صراخ من داخله، بينما لم يصدر اللواء المتهم أي رد حتى الآن.

خطر على الانتخابات 

وتسببت حالة الفوضى الأمنية التي تشهدها طرابلس في إثارة قلق الشارع الليبي، ليس على مستقبل العملية السياسية وخريطة الطريق الخاصة بها وفرص إجراء الانتخابات العامة فحسب، بل امتدت إلى مخاوف من انزلاق البلاد مجدداً إلى دوامة الحروب والنزاعات المسلحة.

وتنقسم الآراء في ليبيا حول أسباب تجدد الاشتباكات والخلافات بين الكتائب المسلحة في طرابلس، بين من يعتبرها محاولة لفرض الهيمنة على أهم مدن البلاد للتحكم في سير العملية الانتخابية ونتائجها عندما تنطلق، وبين من يراها مساعي لعرقلة انطلاق الانتخابات.

ويرى الصحافي الليبي سراج الفيتوري أن "ما يجري في طرابلس هو تحركات استباقية للسيطرة على مفاصل العاصمة الحيوية، التي تفتح الباب للهيمنة على مفاصل الدولة الليبية بكاملها، قبل الوصول إلى الانتخابات".

ويضيف "ما يحدث في طرابلس خطير، ويعطي لمحة ربما عما سيجري إذا رفضت بعض الأذرع العسكرية نتائج الانتخابات، بخاصة الرئاسية. لذا، نشدد على أن إجراء الانتخابات حالياً من دون ضمانات حقيقية لامتثال الجميع للنتائج قد يقودنا إلى سيناريوهات عكس ما يريد الجميع منها، ويجعلها مفتاحاً للفوضى وليس طريقاً للاستقرار".

ويتساءل الفيتوري "في ظل الخلافات الحالية على إدارة شارع أو طريق ومنطقة في العاصمة، كيف نقتنع بأن كل هؤلاء الذين يتنافسون في شوارع طرابلس وأحيائها، سيشاركون معاً في تأمين انتخابات نزيهة وآمنة، ويقبلون بنتائجها إذا لم تسر على هواهم؟".

قلق المفوضية 

القلق من التطورات الأخيرة، تسرب إلى المؤسسات التي من المفترض أن تدير العملية الانتخابية، حيث حذر رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السائح "من تأثير غياب الإرادة السياسية الموحدة، على مساعي التغيير السلمي في البلاد".

وأكد السائح أن "الضمانتين الرئيستين لنزاهة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية هما حيادية المفوضية واستقلالية القضاء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولمح السايح إلى وجود ضغوط على المفوضية لتعديل بعض القوانين الانتخابية، قائلاً إن "القضاء في ليبيا، هو الجهة الوحيدة المخولة بالنظر في أي خلاف قد ينشب حول العملية الانتخابية".

وأشار إلى أن "مفوضية الانتخابات معنية بتنفيذ كافة القوانين الانتخابية الواردة إليها من مجلس النواب، ولا علاقة لها بأي تجاذبات"، مجدداً التأكيد على جاهزيتها لتغطية هذا الاستحقاق.

وكانت المفوضية أعلنت، الخميس، انتهاء المدة الزمنية القانونية التي حددتها بشأن تقديم الاعتراضات على الأسماء الواردة في سجل الناخبين.

تهديد جديد

في الأثناء، وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، هددت أطراف سياسية وعسكرية في العاصمة بعرقلة العملية الانتخابية، إذا لم يتم تعديل القوانين الانتخابية التي أقرها البرلمان، حيث نشر المكتب الإعلامي لمجلس الدولة في طرابلس بياناً لمن سماهم "مجالس الحكماء والأعيان وروابط أسر الشهداء والمفقودين وقادة الثوار ومؤسسات المجتمع المدني"، حول الاستحقاق الانتخابي في 24 ديسمبر المقبل.

وطالب البيان "جميع الجهات المعنية بموضوع الانتخابات، بضرورة التقيد بالإعلان الدستوري والاتفاقات السياسية، وعدم تجاوزها مهما كانت الأسباب".

وأيد البيان "إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المقرر وتأجيل الانتخابات الرئاسية حتى يتم الاستفتاء على الدستور". وطالب "المجلس الأعلى للقضاء بتفعيل الدائرة الدستورية لمتابعة الانتخابات وضمان نزاهتها".

وخلص إلى أنه "في حال إجراء الانتخابات من دون سند دستوري، ستتم مقاطعتها وإغلاق مقارها في المنطقة الغربية بشكل كامل".

التأجيل مرفوض

في المقابل، تتمسك أطراف سياسية ليبية عدة بإجراء الانتخابات في موعدها المحدد، محذرة من تداعيات الإخلال بجدولها الزمني على المستوى السياسي والأمني، وحتى على وحدة البلاد.

في السياق، أعرب عضو مجلس النواب جبريل أوحيدة، عن ثقته في أن "محاولات تأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لن تفلح".

وقال إن "الصراخ والضجيج والأعذار الواهية وإثارة الشغب والانتهاكات الأمنية من أجل تعطيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، أمور لم تعد تنطلي على الليبيين ولا غيرهم، فلا عزاء لكم".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير