Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خشية من استبداد رقمي في الهند عقب تشريعات لتنظيم الإنترنت

ناشطون وقضاة يرون أن محاولات حكومة مودي تنظيم المساحات على الشبكة العنكبوتية تهدد حرية التعبير

رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي مع المدير التنفيذي لشركة "فيسبوك" مارك زوكربيرغ، أثناء افتتاح مقر رئيس للشركة في نيودلهي 2015 (غيتي)

حينما تحدث رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى مواطنيه قبل حوالى ستة أعوام عن حلمه في أن تصبح "الهند دولة رقمية"، لم تكُن إمكانية الوصول إلى شبكة الإنترنت متاحة إلا لحوالى 20 في المئة من سكان البلاد. وآنذاك، نُظر إلى سكان الهند الذين يزيد عددهم على مليار نسمة على أنهم يمثلون إمكانات هائلة لعمالقة وسائل التواصل في العالم، لكنها إلى حد ما غير مستغلة بشكل كامل.
بالتالي، يمكن الإشارة إلى أن ما حصل منذئذ يشكل بالفعل تحولاً واضحاً في هذا الاتجاه. وحاضراً، ثمة 700 مليون هندي لديهم اتصال بالإنترنت، وتُعد البلاد أكبر سوق بالنسبة إلى وسائل التواصل الاجتماعي في العالم.
في المقابل، أفرزت قصة نجاح رئيس الوزراء الهندي مشكلات جديدة لحكومته، سواء لجهة الطريقة التي يجرى من خلالها تنظيم هذا الفضاء الجديد على الإنترنت عبر سن قوانين تضبطه، أو تأثير المنظمات الأجنبية العملاقة العاملة في الهند، أو بروز اتهامات له من قبل منتقديه بأنه يمارس نوعاً من "الاستبداد الرقمي".

تتباهى الهند التي تُعتبر أكبر ديمقراطية في العالم، بأنها تتمتع بحريات مدنية، قد لا يكون مسموحاً بها في الصين المجاورة، إلا في الأحلام. وفي الوقت ذاته، هناك بعض من الغيرة حيال نجاح شركات الإعلام الرقمي الصينية على المستوى المحلي، لا سيما تطبيق المراسلة والتواصل الاجتماعي "وي تشات" WeChat، وتطبيق المدونات الصغيرة "ويبو" Weibo، ومحرك "يوكو" Youku النظير الصيني لـ"يوتيوب". وينشط جميع تلك الوسائط في سوقٍ لا تحتاج فيها إلى التنافس مع علامات تجارية غربية راسخة كـ"فيسبوك".
ويركز منتقدو الاستجابة التي نهضت بها الحكومة الهندية حيال تلك المسألة، على وصفها بأنها جنحت نحو نوع جديد من الاستبداد، خصوصاً بعدما أقرت السلطات هذا العام سلسلة من القوانين الجديدة الشاملة التي تستهدف قمع جميع أشكال المنصات الرقمية، من أكبر عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي في "وادي السيليكون" الأميركي، مروراً بتطبيقات خدمات البث، وصولاً إلى المواقع الإخبارية.
واستطراداً، تشجع إدارة رئيس الوزراء مودي الشركات الناشئة المحلية على غرار "كو" Koo التي تشبه في خدماتها محرك "تويتر"، وتملك 10 ملايين مستخدم، على الرغم من أنها أطلقت قبل ما لا يزيد على العام إلا قليلاً، وكذلك الحال مع تفضيل بعض الوزارات الحكومية في الهند التصريح أو إصدار البيانات، من خلال نصوص على موقع "كو"، بدلاً من التغريدات على "تويتر".

في سياق متصل، تجري مواجهة القوانين الهندية الجديدة التي سنتها الحكومة، على جبهتين. فمن جهة، تطرح المنصات الرقمية نفسها والمستخدمون الهنود علامات استفهام حول ما يسمونها قيوداً مفرطة يجري فرضها على حرية التعبير. وتلقت المحاكم في مختلف أنحاء شبه القارة الهندية أكثر من 18 التماساً قانونياً ضد تلك التشريعات.
وفي التفاصيل، يبرز أن "وزارة تكنولوجيا المعلومات" في البلاد، أصدرت أثناء فبراير (شباط) الفائت، ما سمّته بـ"قواعد تقنية المعلومات في 2021 (إرشادات للوسطاء ومدونة أخلاقيات وسائل الإعلام الرقمي)" Information Technology Rules 2021 (Guidelines for Intermediaries and Digital Media Ethics Code).  ومُنحت المنصات ثلاثة أشهر تنتهي في 25 مايو (أيار)، كي تمتثل لموجبات تلك القواعد تحت طائلة مواجهة عقوبات شديدة ربما تشمل غرامات باهظة ودعاوى قضائية ضد موظفين محليين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتنص تلك القواعد على أن ما يُسمّى بـ"الوسطاء"، بمعنى المنصات عبر الإنترنت التي تستضيف ما ينشره المستخدمون على حساباتهم بدلاً من نشرها محتوى خاصاً بها، عليها أن تقرّ بتسلم الشكاوى في غضون 24 ساعة، وتعمد إلى التعامل معها وحلها في خلال فترة زمنية مختصرة لا تتجاوز 15 يوماً.
بالتالي، أُبلغت المنصات التي يعتقد أن لها حضوراً "بارزاً" في الهند، بمعنى امتلاكها 5 ملايين مستخدم أو أكثر، بوجوب الخضوع لشرط التتبع الذي يلزمها مساعدة السلطات في "تحديد من يكون المصدر الأول" لأي من المعلومات المنشورة. وينطبق ذلك على منصات المراسلة كـ"واتساب"، الأمر الذي يكسر بشكل عملي تعهدات التطبيق لمستخدميه بأن رسائلهم مشفرة (حفاظاً على الخصوصية).
واستطراداً، تلزم القواعد القانونية أيضاً الشركات نشر تقارير امتثال شهرية، وتعيين موظفين مقيمين في الهند، تكون مهمتهم الاتصال بالحكومة وحل المظالم، فيكون أولئك الأفراد مسؤولين شخصياً وجنائياً عن الانتهاكات للقواعد.
وتعليقاً على القوانين الهندية، نقلت ميشي تشوداري، المحامية في مجال التكنولوجيا والسياسة، والمقيمة في مدينة نيويورك، إلى صحيفة "اندبندنت"، أن "سياسة التعامل مع الإنترنت في أكبر ديمقراطية عالمياً، انزلقت عبر هزة مفاجئة، إلى منحى غير ديمقراطي تماماً. وتسبب وضع القواعد الجديدة موضع التنفيذ، في جعل الهند إحدى أكثر الدول تدخلاً في التشريع التنظيمي ضمن ما يُسمّى بـ’العالم الحر‘".
وفي إطار التصدي للقواعد الجديدة، بدت شركة "تويتر" من بين جميع عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي، الأكثر اعتراضاً والأشرس مقاومة لها. فرفضت الشركة التي يملكها جاك دورسي ولديها أكثر من 22.2 مليون مستخدم في الهند، طلبات وجّهتها إليها الحكومة بإزالة مئات التغريدات التي تنتقد طريقة تعامل حكومة ناريندرا مودي مع جائحة كورونا.
ولم تكتفِ بذلك، بل صنفت الشركة في الوقت ذاته ما نشره أعضاء في الحزب الحاكم في البلاد من تغريدات، أنها معلومات خاطئة، واصفة إياها بأنها "إعلام متلاعب به"، تماماً على غرار تعاملها على نحو كبير مع المزاعم الكاذبة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، أثناء الفترة الأخيرة من رئاسته.
وفي المقابل، قاومت شركة "تويتر" ضغوطاً متزايدة لتعيين مسؤولين محليين في وظائف مرتبطة بالامتثال، على الرغم من أن الحكومة الهندية تشير إلى أنه في حال لم تقدم الشركة على ذلك، فإن المنصة تغامر بفقدان وضعها القانوني كـ"وسيط"، وقد تصبح تالياً عرضة للمقاضاة على أي محتوى منشور على صفحاتها من جانب المستخدمين.
وفي خطوة تالية، تصاعد الخلاف إلى درجة أن الشرطة الهندية دهمت مكاتب "تويتر" في دلهي، الأمر الذي دفع الشركة إلى الإعراب عن خشيتها على سلامة موظفيها المحليين. واضطرت الحكومة إلى أن تصدر بياناً توضح فيه أن منصة "تويتر" آمنة، وستظل آمنة في الهند، ولا يوجد تهديد للقائمين عليها. جاء ذلك في وقت تواجه "تويتر" الآن ما لا يقل عن أربع دعاوى قانونية رفعتها ضدها الحكومة الهندية، وما زالت معلقة.
وفي ذلك الصدد، يشير تانماي سينغ، المحامي في "مؤسسة حرية الإنترنت" Internet  Freedom Foundation  التي تتخذ من الهند مقراً لها، إلى أن "القوانين الجديدة المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات، تهدد جميع شركات وسائل التواصل الاجتماعي الكبرى في حال حدوث عدم امتثال بسيط من قبلها. ويمكن تالياً رفع دعوى جنائية مباشرة ضدها إذا نشر شخص شيئاً ما على "تويتر" أو "فيسبوك"، ما يشكّل أمراً غير قانوني، ويتيح رفع شكوى ضد المنصات".
وأضاف سينغ، "إننا ذاهبون نحو اجتهاد قانوني أكثر سلطوية وأشد تحكماً عبر تلك القواعد، وذلك أمر يثير القلق". واعتبر أن "القوانين المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات في 2021 ليست ديمقراطية ولا دستورية. إنها غير معقولة وتحد من حق المواطنين في ممارسة حرية التعبير التي يكفلها الدستور الهندي".
في ملمح متصل، يُعتبر رسام الكاريكاتور الشهير مانجول الذي يستخدم اسمه الأول وحده، من الأشخاص الأوائل في الهند الذين تحملوا عواقب القوانين الجديدة لتكنولوجيا المعلومات، ومعروف عنه انتقاده الحكومة من خلال رسومات ساخرة حادة.
وتلقّى مانجول في يونيو (حزيران) الفائت إشعاراً من الفريق القانوني في "تويتر"، يبلغه فيه بأن السلطات الهندية طلبت اتخاذ إجراء قانونيٍ ضد "اسم المستخدم" (يبدأ بالرمز(‎@ المعتمد من جانب رسام الكاريكاتور)، لأنه "ينتهك القانون الهندي".
وفي حديث إلى "اندبندنت، علّق مانجول على ذلك الطلب، "لا أعرف حتى الآن أي قوانين انتهكت. إن ما حصل كان تخويفاً وشكّل إزعاجاً نفسياً بالنسبة لي. إنهم يريدون من خلال هذا (الإجراء)، إيقافي عن الرسم. لكنني سأرسم، وسأرسم أكثر".
وكذلك تناولت المحامية ميشي تشوداري تلك المعطيات، مشيرة إلى أن الحكومة ما زالت تسير بحذر وتحاول الموازنة ما بين رغبتها  بتصوير نفسها على أنها "وادي سيليكون" جديد في العالم من جهة، وإعطاء دفع للشركات المحلية أيضاً على غرار ما تفعل الصين، من جهة اخرى.
وأضافت "لا توجد لدى الحكومة رؤية واضحة في ما يتعلق بالاتجاه الذي ترغب بأن تسلكه صناعة التكنولوجيا. فمن جهة، ترغب الحكومة  بأن تكون وادي سيليكون، لكنها لا تريد لمواطنيها أن يتمتعوا بحقوقٍ كتلك التي يكفلها الدستور الأميركي، لأنها تؤمن بضرورة سيطرتها بشكل كامل على المعلومات. وكذلك لا تريد أن تقارن بالصين وتعمل على تمييز نفسها باعتبارها دولة ديمقراطية، لكنها تختزن الكثير من الحسد إزاء الصين في ما يتعلق بنجاح الشركات المحلية".
في غضون ذلك، يشعر الخبراء بقلقٍ بشكل خاص من فكرة تقويض (القوانين الجديدة في الهند) لتقنية "التشفير من طرف إلى آخر" (بين المتلقي والمتصل) على منصات الدردشة كـ"واتساب". ويُنتظر أن تعمل تلك المنصات على تطوير القدرة التقنية التي تتيح تحديد مرسل كل رسالة، التي يقول خبراء إنها ستجبر المنصات على تخزين الإشارة الإلكترونية الفريدة لكل رسالة، كي يمكن تتبّع منشئها.
وفي هذه النقطة، عمدت شركة "واتساب" المملوكة من شركة "فيسبوك" إلى مقاضاة الحكومة الهندية أمام المحكمة لوقف العمل بهذه القاعدة القانونية، واصفة إياها بأنها تشكل انتهاكاً لحقوق الخصوصية بموجب الدستور الهندي نفسه.
وفي حديث إلى "اندبندنت"، نبّه كاظم ريزوي، الباحث في السياسة العامة، إلى أن كسر تشفير المحادثات يمكن أن تكون له مضاعفات أكبر من القلق الراهن المتعلق بتقويض خصوصية المواطنين، بل يصل إلى حد تهديد الأمن القومي للبلاد.
وأضاف، "إن إنشاء أبواب خلفية (ثغرات متعمدة في البرامج تمكّن الجهة التي تُحدثها من الدخول إليها) في التشفير قد يؤدي إلى انتقال المجرمين البارعين لتطوير خدمات مراسلة خاصة ما بين فرد وزميله، الأمر الذي سيلحق الضرر (بقدرة) قوى إنفاذ القانون على تتبّع أولئك المجرمين".
وفي المقابل، يعتبر إخضاع الموظفين المحليين لدى تلك المنصات للمسؤولية الجنائية عن المحتوى الذي ينتجه المستخدمون، أمراً "غير ضروري ويتعارض مع أفضل الممارسات الدولية".
في سياق مغاير، دافعت الحكومة الهندية عن القوانين التي سنّتها بشأن الإنترنت أخيراً. وفي بيان أصدرته في يونيو (حزيران) الفائت أمام لجنة من مقرري الأمم المتحدة، رأت نيودلهي أن "المخاوف من تداعيات محتملة على حرية التعبير قد تنشأ بأثر من قواعد تكنولوجيا المعلومات الجديدة، هي في غير محلها إلى حد كبير". وجاء ذلك بعدما أعرب ثلاثة مقررين خاصين للأمم المتحدة عن "مخاوف جدية" في شأن أحكام معينة في القواعد، واصفين إياها بأنها تشكل انتهاكاً لمجموعة واسعة من حقوق الإنسان". وأضاف المقررون أن القواعد ربما تنتهك "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" International Covenant on Civil and Political Rights (ICCPR) ( معاهدة متعددة الأطراف جرى تبنّيها في 1966 بموجب قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وبدأ تطبيقها عام 1976).
 

واستطراداً، دافعت الحكومة الهندية عن الظروف التي تستدعي أن تقوم منصة بمساعدة السلطات في تتبّع مصدر رسالة ما. وفي بيان لها، ذكرت أن ذلك لا يحدث "إلا حينما تتسبب رسالة متداولة علناً في وقوع عنف، أو لدى المساس بوحدة البلاد وسلامتها، أو تصوير المرأة على نحوٍ سيّء، أو حصول اعتداء جنسي على طفل، وحينما لا تجدي نفعاً أي خيارات تدخلية أخرى. وحينئذ حصراً، سيُطلب من وسيط بارزٍ في مجال وسائل التواصل الاجتماعي أن يفصح عن هوية الطرف الذي بدأ الرسالة".
في منحى متصل، أبدت منصات وسائل الإعلام الإخبارية الرقمية في الهند، مخاوف من القوانين الجديدة. ففي إطار تحدي الصلاحية الدستورية لتلك القوانين أمام "المحكمة العليا في دلهي"، اعتبرت أكبر وكالة أنباء في البلاد، وكالة "برس تراست أوف إنديا "Press Trust of India (PTI)، أن الحكومة تحاول تنظيم عمل "ناشري الأخبار ومحتوى البرامج الإخبارية"، خصوصاً وسائل الإعلام الرقمية، من خلال فرض رقابة حكومية "كاسحة" بموجب "مدونة أخلاقيات "غامضة الصياغة.
وفي نفس مماثل، شكّل التماس قدمه الموقع الإخباري "ذا ليفلت"The Leaflet والصحافي نيكيل واغل، نصراً كبيراً لأولئك الذين يتحدون القوانين الجديدة، بعدما علقت "المحكمة العليا في بومباي" مؤقتاً بندَين مهمين من تلك القواعد يتعلقان بناشري الأخبار.
وأشار القضاة إلى ما اعتبروه تهديداً لحرية الصحافة التي تفرضها مستويات القوانين التشريعية الموضوعة. ورأت المحكمة في القرار الذي أصدرته أن "الناس سيفتقدون حرية التفكير ويشعرون بالاختناق أثناء ممارسة حقهم في حرية الكلام والتعبير، إذا ما أرغموا على التعايش، في ظل قوانين تنظيم المحتوى على الإنترنت السارية راهناً، مع مدونة أخلاقيات مسلطة فوق رؤوسهم كسيف ديموقليس". (في الحكايات الإغريقية القديمة، إن الألهة أعطت ديموقليس سلطات كثيرة لكنها أرغمته على النوم تحت سيف معلق فوق رأسه بخيط رفيع، ينقطع في حال ارتكب أي خطأ).
وفي بيان آخر مهم، أقرّت محكمة مدينة مادراس الهندية أنه يوجد "أساس جوهري بشأن تأكيد الملتمسين بأن حرية التعبير يمكن انتهاكها من خلال طريقة تطبيق القوانين قسراً على الوسطاء". ورأت أن "هناك تخوفاً جدياً، وفق الملتمسين، من أن إشارة أو إيماءة من الجهات المعنية، قد تفضي إلى حجب المنصة ومنع المواطن من الوصول إليها".
في المقابل، أعرب أناند غروفر، أحد كبار المحامين في "المحكمة العليا في الهند" والمؤسس المشارك لموقع "ذا ليفلت"، عن ثقته بأن القواعد "ستسقط بالتأكيد، وإلا لما بقي المدعون في حال انتظار، إذ إن المحكمة مقتنعة بوجود قضية وجيهة" (عناصر الإثبات فيها كافية ما لم يجرِ دحضها).
وأضاف غروفر، "تشكّل هذه القوانين تهديداً لحرية الصحافة، وفي حال أيّدت المحكمة تطبيقها، فإنها تعطي الحق للحكومة والبيروقراطيين بحذف أو فرض حذف محتوى إخباري كيفما ارتأوا وفي أي لحظة شاؤوا. ومن شأن ذلك أن يتسبب بانعكاسات خطيرة".
وفي رد على أحد التحديات التي تواجهها الشركات والمؤسسات الإعلامية، ذكرت الحكومة أمام "المحكمة العليا في دلهي" أنه لا يوجد دليل على أن قوانين تنظيم تكنولوجيا المعلومات سيكون لها "انعكاس مخيف على الحق في حرية التعبير"، مؤكدة في المقابل أنها مصممة على "منع إساءة استخدام حرية الصحافة".
وحاولت "اندبندنت" التحدث إلى مسؤول هندي رسمي، إلا أن الحكومة امتنعت لدى الاتصال بها عن تحديد أحد من المسؤولين لإجراء مقابلة معه، ولم تردّ أيضاً على أسئلة أُرسلت إليها في هذا الصدد، حتى موعد نشر التقرير.
وفي غضون ذلك، أفاد أحد مؤسسي تطبيق "كو" المحلي، بأن منصته، بعيداً من النظام الببغائي الذي يتسم به "تويتر"، تسعى إلى تلبية المتطلبات العامة لمنتدى رقمي منطلقه الهند وخاضع لقوانينها. وأضاف أبراميا راداكريشنا في حديثه إلى "اندبندنت"، أنه على عكس شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة، فإن منصة "كو" عاقدة العزم على اتباع القانون ميدانياً و"العمل في عالم لا وجود فيه لشركة تويتر وتغريداتها".
في المقابل، على الرغم من النزاع القانوني المتواصل منذ أشهر مع الحكومة الهندية، وانعقاد عدد من جلسات الاستماع في المحكمة،  عملت منصة "تويتر" الآن على تعيين المسؤولين المطلوبين، وفي 10 أغسطس (آب) الفائت، أعلنت الحكومة أن الشركة تقرّ بامتثالها لقوانين تكنولوجيا المعلومات.
وفيما يبدو أن المعركة انتهت في الوقت الراهن، يرى كاظم ريزوي، الباحث في السياسة العامة، أن مسائل عدة ما زالت على المحك وغير محسومة بالنسبة إلى المستخدمين، خصوصاً حينما يتعلق الأمر بحرية التعبير والحفاظ على الخصوصية. وكذلك يرى أنه إذا لم تتدخل المحاكم الهندية، فإن الأنظمة السارية الآن "وعبر ما تحمله من تأثيرات تنطوي عليها الأوامر القضائية الشاملة، تشكل قلقاً كبيراً، ومن شأنها أن تؤثر في حقوق مستخدمي الإنترنت".

© The Independent

المزيد من تقارير