Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فرنسا تنقل معركتها مع الجزائر إلى الأمم المتحدة

حافظت باريس على ملف الصحراء الغربية كورقة ضغط للتشويش على مواقف وخيارات البلاد

مجلس الأمن تحول خلال مناقشة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية إلى حلبة صراع بين فرنسا والجزائر (الإذاعة الجزائرية)

ما زالت المعركة متواصلة بين الجزائر وفرنسا، وانتقلت إلى الأمم المتحدة التي شهدت مواجهة بين البلدين حول ملف حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، ما يكشف عن توسع دائرة التوتر إلى نقطة لا رجوع عنها، على الرغم من تفاؤل جهات عدة بعودة العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها.

قرار وآخر مضاد

وعمدت الجزائر إلى تقديم مقترح يتضمن تكليف بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام "المينورسو"، بمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية ومخيمات اللاجئين بمنطقة تندوف الجزائرية، غير أن فرنسا وقفت ضد القرار وأقدمت على الحيلولة دون تضمينه في مسودة القرار الذي تشرف الولايات المتحدة على صياغته سنوياً.

وعلى الرغم من عدم عضوية الجزائر في مجلس الأمن، غير أن القانون يسمح لها بتقديم مقترحات لصياغة القرار المقبل حول نزاع الصحراء الغربية الذي يمدد مهام البعثة الأممية إلى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2022، إذ يحق للدول تقديم مقترحات في قضايا تهمها من دون السماح لها بالتصويت إذا لم تكن ضمن الأعضاء الـ 10 غير الدائمين.

استياء شعبي وصمت رسمي

وخلقت الخطوة الفرنسية استياء واسعاً لدى الجزائريين، وكانت مواقع التواصل الاجتماعي ومختلف الصحف والمواقع الإلكترونية والقنوات التلفزيونية، ساحات لانتقاد فرنسا بعد اتهامها بالميل لأطروحات المغرب، مطالبين سلطات بلادهم باتخاذ إجراءات وقرارات ضد المصالح الفرنسية في الجزائر، وعلى الرغم من غياب الرد الرسمي، إلا أن همسات تحدثت عن عودة الجزائر الرسمية إلى اعتماد دبلوماسية الصمت في التعامل مع تصرفات فرنسا والمغرب.

ورقة ضغط ليس إلا

ورأت أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية عابر نجوى أن ملف الصحراء الغربية في مركز التجاذبات الدائرة بين الجزائر والمغرب وفرنسا، مضيفة أن فرنسا حافظت تقليدياً على ملف الصحراء الغربية كورقة ضغط للتشويش على المواقف والخيارات الجزائرية، وقالت إن التوتر الحاصل في العلاقات الجزائرية- الفرنسية على خلفية تراجع فرنسا كشريك اقتصادي وتجاري، فضلاً عن رفض الجزائر للرؤية الفرنسية في ملف الذاكرة، وكذلك التضييق على الوجود الفرنسي في مالي، كلها عوامل دفعت فرنسا إلى توظيف ورقة الصحراء الغربية نظراً لحساسية الملف بالنسبة للجزائر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشددت نجوى على أن فرنسا تدفع إلى إسقاط حقوق الإنسان من أجندة المهام الموكلة للبعثة الأممية "المينورسو"، في حين ترافع الجزائر لصالح أن يتضمن قرار مجلس الأمن بنداً يرخص للبعثة الأممية متابعة وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية وتسجيل الانتهاكات المقترفة في حق الشعب الصحراوي، موضحة أن نقل المواجهة إلى هيئة الأمم المتحدة إنما يندرج في سياق ضغط فرنسي على الجزائر، ولفتت إلى أن الأفق ما زال مفتوحاً على توقعات عدة، لكن تراجع الموقف الأميركي في ما يتعلق باعتراف دونالد ترمب بسيادة المغرب على الصحراء الغربية وقرار المحكمة الأوروبية الأخير حول اتفاقيات الصيد البحري، سيشكل قاعدة صلبة للدفع نحو استفتاء تقرير المصير.

تأجيل التصويت؟

وفي خضم المواجهة الجزائرية- الفرنسية، أرجأ مجلس الأمن التصويت على تجديد عهدة "المينورسو" بسبب طلب إجراء تعديلات على مشروع القرار، وقال المبعوث الخاص بوزارة الشؤون الخارجية الجزائرية المكلف بقضية الصحراء الغربية ودول المغرب العربي، عمار بلاني، في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، إن روسيا وكينيا، التي تتولى رئاسة مجلس الأمن هذا الشهر، طالبتا بإدخال تعديلات على مشروع القرار، مضيفاً أن الدولتين اعتبرتا أن النص غير متوازن ولا يعكس الواقع، وقد أثار البلدان نقاطاً أخرى تتعلق بغياب الشفافية والنهج المتحيز في صياغة النص التمهيدي، وشددا على ضرورة استئناف النقاش والمشاورات داخل مجلس الأمن حول بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية وطرح النص للتصويت، الجمعة 29 أكتوبر.

الرباط تتمسك بالحكم الذاتي

من جانبها، ترى الرباط أن المغرب يملك السيادة الكاملة على الصحراء الغربية، ويعتبرها جزءاً لا يتجزأ من وحدته الترابية، ويطرح النظام المغربي، كحل للصراع، مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها في أبريل (نيسان) 2007، كحل وحيد، كما أنه يرى أن النزاع مع الجزائر، وليس مع جبهة "البوليساريو"، ويصر على أن أيّ حلّ أو بحث أو مفاوضات يجب أن تتم في إطار مشاركة كاملة لجميع الأطراف، أي المغرب وجبهة "البوليساريو" والجزائر وموريتانيا.

الجزائر ترفض المشاركة

وكانت الجزائر قد أعلنت انسحابها من المشاركة في ما يسمى "المائدة المستديرة" للمفاوضات بين المغرب وجبهة "البوليساريو" حول إقليم الصحراء الغربية، بصفتها عضواً ملاحظاً، وقد أبلغت رئيس مجلس الأمن والدول الأعضاء بقرارها، وشددت على أن "قرار الانسحاب يعود إلى أن هذه الصيغة المتمثلة في المائدة المستديرة، لم تعد طريقة مثالية تساعد على حل النزاع منذ أن أصبح المغرب يوظفها سياسياً وبسوء نية لإظهار الجزائر طرفاً في النزاع"، وفق بيان وزارة الخارجية الجزائرية.

ودعا كل من مركز "روبرت ف. كينيدي" لحقوق الإنسان، ومنظمة العفو الدولية، مجلس الأمن الدولي والإدارة الأميركية، إلى توسيع صلاحيات البعثة الأممية لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية لتشمل مراقبة وحماية حقوق الإنسان في الإقليم، وجاء في بيان مشترك، أن هذه الآلية تمثل مسألة ضرورية لضمان وضع حد للانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان التي ترتكب بشكل فاضح في الإقليم، وأن فرصة التصويت من قبل مجلس الأمن على قرار تجديد عهدتها يجب ألا تمرّ من دون ضمان ذلك.

أمر طبيعي

أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية مومن عوير اعتبر أن المواجهة بين الجزائر وفرنسا داخل أروقة الأمم المتحدة حول حقوق الإنسان في الصحراء الغربية أمر طبيعي، موضحاً أن المعركة هي بين الجزائر التي طالما نادت بحقوق الشعوب المستعمرة في تحقيق مصيرها وباحترام قرارات الأمم المتحدة، مقابل دولة استعمارية انتهكت، وما زالت، حقوق الإنسان في كثير من الدول الأفريقية وتدعم الاحتلال المغربي للصحراء الغربية لأطماع وأهداف سياسية.

أضاف عوير أن فرنسا لا تستطيع التأثير في مبادئ وقرارات الدولة الجزائرية، "لأنها ببساطة ثابتة منذ الاستقلال وبمثابة العقيدة"، مشدداً على أن ما تفعله يكشف عن حقيقتها بأنها دولة استعمارية لا تبحث سوى عن مصالحها ولو على حساب القضايا العادلة في العالم.

المزيد من تقارير