Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المادة 140 على طاولة السياسة العراقية مجددا

مسألة المناطق المُتنازع عليها بين الحكومة المركزية والإقليم "ستأخذ خطوات إلى الأمام" في الفترة المقبلة

اجتماع لأعضاء مجلس محافظة كركوك (عن الموقع الرسمي لمجلس المحافظة)

بعد أسبوع واحد من زيارتها لإقليم كُردستان العراق، صرحت جينين هينس بلاسخارت المبعوثة الخاصة للسكرتير العام للأمم المتحدة في العراق، بأن مسألة المناطق العراقية المُتنازع عليها بين الحكومة المركزية وإقليم كُردستان العراق "ستأخذ خطوات إلى الأمام" في الفترة المقبلة. وأعلنت أن ممثلية الأمم المُتحدة تنتظر تشكيل حكومة الإقليم الجديدة لتُباشر تحركاتها.

رسالة الى الأمم المتحدة

وكان رئيس وزراء إقليم كُردستان الحالي نيجرفان بارزاني وجه رسالة إلى الأمين العام للأمم المُتحدة وأعضاء مجلس الأمن الدولي، طالب فيها الجهات الدولية المسؤولة أن تقوم بواجبها في الوساطة والإشراف على المفاوضات بين الطرفين. مذكراً بأن الدستور العراقي حدّد بحسب المادة 140 الآليات القانونية التي يجب أن تُحل فيها تلك القضية، وتتضمن تطبيع الأوضاع في تلك المناطق، أي إعادة المُهجرين الذين طُردوا من مناطقهم طوال أعوام حُكم حزب البعث وإعادة ممتلكاتهم، ومن ثم إجراء إحصاء سُكاني عام في تلك المناطق، وانتهاء بإجراء استفتاء بين السكان، ليحددوا مصير تابعيتهم لأي من السُلطتين العراقيتين، الحكومة المركزية أو إقليم كُردستان. جهود رئيس الوزراء وتصريحات المبعوثة الدولية، تبدو وكأنها تأتي ضمن سياق عام تعمل عليه القوى السياسية الكُردية في العراق، لفرض نقاش وتنفيذ مستحقات المادة 140 من الدستور العراقي على أجندة القوى السياسية والجهات الحكومية العراقية. إذ عُقد لقاء خاص حول هذا الموضوع صبيحة الخميس 23 مايو (أيار) الحالي بين رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ووفد من رؤساء وممثلي الكُتل الكُردستانية في البرلمان المركزي، برئاسة نائب رئيس البرلمان العراقي بشير حداد، العضو البارز في الحزب الديمقراطي الكُردستاني.

ضرورة تطبيع الأوضاع

وأشار البيان الذي أصدره مكتب حداد إلى أن اللقاء ناقش "ضرورة تطبيع الأوضاع في المناطق المتنازع عليها وتنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي، واستمرار الحوارات بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان العراق لحلحلة الخلافات والمشاكل المتراكمة بين بغداد وأربيل". وفي سياق متصل، كان مسرور بارزاني، مستشار الأمن القومي في إقليم كُردستان والمُرشح الأبرز لرئاسة مجلس وزراء الإقليم الجديد، قد ركز في لقاءه الأربعاء في 22 مايو مع القنصل الأميركي العام في إقليم كُردستان ستيف فاغن على الأوضاع الصعبة التي تعيشها المناطق المُتنازع عليها. وقبل ذلك بيومين، في 20 مايو، عقدت الأحزاب الكُردية في محافظة كركوك اجتماعاً خاصاً بهذا الموضوع، ووجهت رسالة رسمية للرئاسات العراقية الثلاث (الجمهورية والوزراء والبرلمان)، طالبتها بالتحرك الفوري لتنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي.

أوضاع ضاغطة

تشعر القوى السياسية الكُردية بأن الأحوال في جميع المناطق المُتنازع عليها، التي تضم محافظة كركوك وأجزاء واسعة من مُحافظات نينوى (الموصل) وديالى وصلاح الدين، تشهد أوضاعاً مُتدهورة على حِساب الكُرد فيها. فالحرائق التي طالت محاصيل المزارعين الكُرد، في مُحافظة كركوك ومنطقة خانقين، دفعت الأحزاب الكُردية لاتهام السُلطات في تلك المناطق بالتهاون مع الجهات التي تستهدف القواعد الاجتماعية في تلك المناطق، لدفعهم للنزوح من مناطقهم، لخلق خلل ديموغرافي بالتقادم. أحداث بلدة سركران في محافظة كركوك كانت المؤشر الأكبر في ذلك الاتجاه. فالجهات الكُردية اتهمت المحافظ والأطراف النافذة بالسعي لإحداث تغييرٍ ديموغرافي في تلك البلدة الاستراتيجية، التي تقع وسط المناطق الغنية بالحقول النفطية، شمال غربي محافظة كركوك. واستقدمت السُلطات الحكومية مواطنين عرباً من مناطق أخرى وأسكنتهم في تلك البلدة، مستفيدة من خلو مئات البيوت المملوكة لمُهجرين كُرد من البلدة.

حسابات كُردية

تعتقد القوى السياسية الرئيسية بأن هذه الفترة هي الأنسب لطرح موضوع المناطق المُتنازع عليها وتطبيق المادة 140 من الدستور العراقي، لأسباب عدة. فالأوضاع الداخلية الكُردية عادت إلى سويتها السابقة، وأُجريت الانتخابات البرلمانية في الإقليم، وتمكنت الأحزاب الكُردية الرئيسية من التوصل إلى اتفاق سياسي ثُلاثي استراتيجي، تمكنوا من خِلاله التوافق على برنامج سياسي واضح المعالم، سواء في ما يتعلق بتوزيع المناصب والمراكز الحكومية، أو برنامج عمل حكومة إقليم كُردستان وتوجهاتها الداخلية والخارجية. كما تمكنت القوى الكُردية من فعل ذلك، بعد شهور قليلة من وصول العلاقات بينها لأسوأ الأحوال، بعد أحداث إعادة الجيش العراقي لهيمنته على مدنية كركوك وغيرها من المناطق المُتنازع عليها في 16 أكتوبر (تشرين الأول) 2017. هذا التوافق الكُردي يقابله تفكك للتحالفات السياسية المُشكّلة للحكومة المركزية. فالتحالفان البرلمانيان المُشكلان للحكومة المركزية مُهددان بالانهيار، ولم يتمكنا من التوصل إلى أي اتفاق بشأن استكمال الكابية الوزارية الحالية، لانعدام الثقة بينهُما في ما يتعلق بالوزارتين الأمنيتين، الدفاع والداخلية. يُضاف إلى ذلك، معرفة الكُرد بالعلاقة الخاصة التي تجمع رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي بالمسألة الكُردية في العراق ومواقفه الإيجابية من الكُرد. فما أن وردت الأنباء الأربعاء، في 22 مايو، عن اعتقال السُلطات اللبنانية لمحافظ كركوك السابق نجم الدين كركوك، بناء على مذكرة توقيف للإنتربول، أصدرتها حكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر عبادي، حتى تدخل رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي وساهم في إطلاق سراح كريم. وينسحب الأمر ذاته على المستوى الإقليمي من الحسابات الكُردية. فالعقوبات والضغوط الأميركية على إيران تدفع أولاً نحو إضعاف القوى السياسية العراقية الشيعية المركزية الموالية لإيران، وتعمل على تفكيك التوافق الإيراني التُركي، الذي كان جوهره الاعتراض على مشروع الاستفتاء الكُردي. لكن في ظل الأحوال الإقليمية الجديدة، فإن الطرفين الإيراني والتُركي يسعيان إلى مُهادنة الأكراد، حتى لا يصبحوا جزءاً من الجهود الأميركية الضاغطة على كُل من إيران وتُركيا. 

تحالف المكونات

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مقابل تلك القراءة والمساعي الكُردية، التي ترى بأن المادة 140 من الدستور العراقي تملك مشروعية تامة، وأنها وحدها تستطيع أن تُحل موضوع المناطق المُتنازع عليها، التي يُمكن أن تتحول إلى شرارة للصراع بين المكونات القومية في تلك المناطق إذ لم تُحل، فإن تُركمان وعرب تلك المناطق يعتقدون بأن هذه المادة من الدستور العراقي تؤجج الصراع بدلاً من إنهائه. فهذه المادة وتطبيقاتها بالصيغة النهائية إنما تفترض سطوة مكون قومي على المكونين الآخرين.

لذا فإن القوى السياسية التُركمانية، وبتحالف مع القوى السياسية العربية المحلية في تلك المناطق، تعرض أن يتم تجاهل تلك المادة الدستورية، وأن تتفق المكونات الثلاثة الرئيسية على صيغة توافقية لتقاسم السُلطات والمراكز في تلك المناطق، وأن تتحول إلى منطقة جُغرافية وسياسية خاصة ضمن الدولة العراقية.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي