Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

واشنطن أمام خيارات محدودة للرد على بكين في حال ضمت تايوان

كشفت محاكاة للحرب عن تحديات أي توغل عسكري صيني إذا ما أراد الأميركيون تجنب مواجهة شاملة

تعتمد تايوان على الأسلحة الأميركية في المقام الأول (رويترز)

بينما تتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، لا سيما في منطقة المحيطين الهندي والهادي أو ما يعرف بـ"إندو- باسيفيك"، وسط تهديدات صينية بالاستيلاء على جزر تابعة لتايوان، طرحت محاكاة حرب عدداً من "الخيارات القليلة الجيدة" التي يمكن لواشنطن اتخاذها للرد على بكين إذا ما أقدمت على ذلك، بما في ذلك الحاجة إلى بناء ردع "ضد العدوان الصيني المحدود".

وأجرى خبراء الدفاع والسياسة الخارجية في واشنطن ومنطقة آسيا والمحيط الهادي، محاكاة حرب صدرت نتائجها في تقرير عن مركز الأمن الأميركي الجديد، في واشنطن، الأسبوع الحالي- لما سيكون عليه المشهد في حال إقدام الصين على استخدام القوة العسكرية للاستيلاء على جزيرة براتاس (دونغشا)، وهي جزيرة مرجانية صغيرة تقع شمال بحر الصين الجنوبي بين تايوان وهونغ كونغ، حيث يتمركز حوالى 500 جندي تايواني.

ومن شأن هذا النوع من العدوان المحدود أن يكون خطوة تمهيدية للاستيلاء على جزر أخرى في المنطقة أو حتى غزو مباشر لتايوان، الدولة التي ترأسها حكومة ديمقراطية منتخبة ويقطنها نحو 24 مليون نسمة، بينما تزعم الصين أنها جزء من أراضيها وترفض الاعتراف باستقلالها قبل أكثر نحو 72 عاماً. وتطالب بكين بالمضيق الذي يفصل البر الرئيس للصين عن جزيرة تايوان. وفي حال إقدام الصين على هذا العدوان سيكون اختباراً لالتزام واشنطن بالدفاع عن حلفائها.

ووفقاً للمحاكاة، فإنه بمجرد أن تضع القوات الصينية أقدامها على جزيرة براتاس وتطيح بالقوات التايوانية، لن يكون لدى الولايات المتحدة طريقة موثوقة لإجبارها على إعادة الجزيرة إلى سيطرة تايبيه. وستستغرق العقوبات الاقتصادية وقتاً طويلاً لإحداث آثار، فضلاً عن أنها أداة أضعف من أن تؤثر على عملية صنع القرار في الصين، في حين أن أي عمل عسكري يخاطر بالتصعيد إلى الحرب كبرى. وهو ما تريد كل من الولايات المتحدة وتايوان تجنبه إن أمكن.

الردع الجماعي

وأكد التقرير الحاجة إلى نهج تعددي يعتمد على العمل الجماعي بين الولايات المتحدة واليابان وتايوان وغيرها من القوى الحليفة لردع الصين ومنعها من الاستيلاء على الجزيرة في المقام الأول. ووفقاً لـ"سي أن أن"، كتب القائمون على محاكاة الحرب أن "الولايات المتحدة وتايوان يجب أن تبدآ التنسيق لبناء رادع قوي ضد أي عدوان صيني محدود أو غزو لتايوان".

وخلال السنوات الماضية، نشرت الصين كجزء من توسعها العسكري المستمر صواريخ على طول مضيق تايوان، وتجري تدريبات عسكرية بشكل دوري في القرب من الجزيرة، وأرسلت طائرات مقاتلة وحاملة طائرات نحو المضيق في استعراض للقوة. ويقول تقرير لوزارة الدفاع الأميركية لعام 2017 "يواصل جيش التحرير الشعبي تطوير ونشر القدرات العسكرية التي تهدف إلى إجبار تايبيه على الاستسلام، أو محاولة الغزو إذا لزم الأمر".

وخلال احتفالاتها بالذكرى الـ72 لتأسيس الجمهورية الشعبية الصينية، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، نشرت بكين عدداً قياسياً من الطائرات العسكرية في المجال الجوي بالقرب من تايوان، حيث شاركت 77 طائرة عسكرية بما في ذلك قاذفة قنابل "أتش-6"، وهي جزء من منظومة الردع النووي الصينية، في استعراض قوة يهدف إلى الرد على تحالفات إقليمية ودولية بقيادة الولايات المتحدة لتحدي النفوذ الصيني في المنطقة.

التزام أميركي بأمن تايوان

ورداً على سؤال الأسبوع الماضي بشأن احتمال حدوث تدخل عسكري أميركي للدفاع عن تايوان في حال تعرضها لهجوم من الصين، رد الرئيس الأميركي جو بايدن إيجاباً، قائلاً "أجل، لدينا التزام في هذا الصدد". ما دفع البيت الأبيض إلى إصدار بيان يوضح أن "العلاقات الدفاعية الأميركية مع تايوان تعتمد على قانون العلاقات" الذي يعود إلى عام 1979، وينص على التزام واشنطن بتزويد الجزيرة بأسلحة دفاعية وتوفير القدرة اللازمة لها لمقاومة أي شكل من أشكال العدوان الذي من شأنه أن يعرض الأمن في الجزيرة للخطر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبموجب قانون العلاقات، تعتمد تايوان على الأسلحة الأميركية في المقام الأول، ففي يونيو (حزيران) 2017، أعلنت الولايات المتحدة بيع أسلحة بقيمة 1.4 مليار دولار إلى تايوان. وبين عامي 1979 و2017 احتلت تايبيه المرتبة التاسعة كأكبر متلق للأسلحة على مستوى العالم. وخلال الفترة نفسها، زودت الولايات المتحدة أكثر من ثلاثة أرباع مشتريات تايوان من الأسلحة، وفقاً لقاعدة بيانات نقل الأسلحة في معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام.

والثلاثاء 26 أكتوبر، أثارت تصريحات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بشأن الحاجة إلى دعم مشاركة قوية وهادفة لتايوان في نظام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، غضب بكين التي أكدت أن تايوان "لا تملك الحق" في الانضمام إلى الأمم المتحدة. وقال ما شياوغوانغ، الناطق باسم مكتب شؤون تايوان في بكين خلال إيجاز إعلامي، "الأمم المتحدة منظمة حكومية دولية تتألف من دول تتمتع بسيادة"، مشدداً على أن "تايوان جزء من الصين".

وأعرب بلينكن عن أسفه لاستبعاد تايوان عن الساحة العالمية. وقال "نظراً إلى أن المجتمع الدولي يواجه عدداً غير مسبوق من القضايا المعقدة والعالمية، من المهم أن يساعد جميع المعنيين في معالجة هذه المشكلات. ويشمل ذلك 24 مليون شخص يعيشون في تايوان". وأضاف أن "مشاركة تايوان الهادفة في نظام الأمم المتحدة ليست قضية سياسية، بل براغماتية".

تحدي تجنب الحرب

وسلطت المحاكاة الضوء على التحدي الذي سيواجهه القادة العسكريون الأميركيون في الرد على أي توغل عسكري صيني محتمل للجزر التابعة لتايوان، من دون إثارة حرب شاملة. ونقلت صحيفة "واشنطن بوست"، الأميركية، عن كريس دوغيرتي، أنه من خلال المحاكاة أراد هو وزملاؤه دراسة سيناريو بحجم مشابه للغزو الروسي لضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014.

وقال دوغيرتي، العسكري السابق الذي عمل مستشاراً استراتيجياً في البنتاغون لمدة أربع سنوات خلال إدارتي باراك أوباما ودونالد ترمب، إن الاستيلاء على الجزر سيسمح للصين بقياس رد فعل المجتمع الدولي. وأشار إلى أن وضع الصين كقوة اقتصادية يجعل من الصعب على الولايات المتحدة معاقبتها. 

وكشفت محاكاة الحرب أن الخيار الأفضل كان تحذير الصينيين في وقت مبكر من العواقب. وأكد أهمية دور اليابان. ووفقاً لتقرير النتائج، فإنه من دون الدعم الياباني فإن الموقف التفاوضي للولايات المتحدة وتايوان سيكون ضعيفاً ويقوض جهود حث الصين على الانسحاب، بل ربما يمثل سابقة لأفعال صينية مماثلة في أراض متنازع عليها أخرى، بما في ذلك جزر سينكاكو المتنازع عليها بين طوكيو وبكين.

المزيد من تقارير