Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تقرر الاستغناء عن أرباح الشركات العمومية لصالح الاستثمارات

توقعات تفيد بتحسن أهم المؤشرات الاقتصادية والمالية مع نهاية 2020 بفضل نمو نشاط قطاع المحروقات

الجزائر تسعى لاستغلال ارتفاع أسعار البترول والغاز بطريقتها الخاصة (وكالة الأنباء الجزائرية)

في خطوة غير منتظرة قررت الحكومة الجزائرية عدم أخذ الأرباح الآتية من شركتي "سوناطراك" البترولية و"سونلغاز" الكهربائية والغازية، وهي التي تعد من أهم مداخيل البلاد، ما فتح أبواب التساؤل حول أهداف العملية ومصير الاقتصاد الذي اعتمد على الريع منذ الاستقلال في 1962.

قرارات عكس التوقعات؟

وبينما ترقب المتابعون قرارات "ريعية" بعد ارتفاع أسعار البترول والغاز اللذين يعدان العمود الفقري للاقتصاد الجزائري، خرج الوزير الأول وزير المالية أيمن بن عبد الرحمن، أمام أعضاء لجنة المالية والميزانية بالبرلمان، في إطار مناقشة مشروع قانون المالية 2022، ليعلن أن الدولة قررت التخلي عن أرباح مجمعي "سوناطراك" و"سونلغاز" ومؤسسات عمومية أخرى للسماح لها بتوسيع استثماراتها وتكثيف نشاطاتها، معترفاً أن "الحكومة تتوقع تراجعاً في المداخيل الاستثنائية، ومن بينها الأرباح الآتية من الشركات المملوكة للدولة مثل "سوناطراك" و"سونلغاز".

وتابع الوزير الأول بخصوص سبل تغطية عجز الميزانية، أن الحكومة لم ولن تلجأ لطبع النقود أو الاستدانة الخارجية، وقال إن السعر المرجعي لبرميل النفط تم اعتماده على أساس 45 دولاراً، مع أن سعره حالياً 85 دولاراً للبرميل، وعليه فإن صندوق ضبط الإيرادات الذي سيوجه له هذا الفائض، سيسهم في امتصاص العجز.

ورد بن عبد الرحمن، بشكل ضمني على استغراب أطراف لتوجهات السلطات الذي بلغ حد توجيه تحذيرات وإبداء مخاوف من هشاشة اقتصادية تهدد البلاد بالانهيار، بخاصة بعد رفض طبع النقود والاستدانة الخارجية في ظل تدهور القدرة الشرائية مع ارتفاع أسعار مختلف السلع وتفشي البطالة، وقال إن القرارات المتخذة سابقاً إنما ترجع إلى إجراءات الهندسة المالية المتقدمة التي اعتمدتها السلطات العمومية.

اعتماد الدولة على نفسها

وتعليقاً على القرار، يعتبر أستاذ الاقتصاد، أحمد سواهلية، في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أن "اعتماد الدولة على نفسها أمر إيجابي، ولعل من بين الأسباب التي جعلت الحكومة تقرر التخلص من الاستفادة من أرباح المؤسسات العمومية، تشجيع الشركات الاقتصادية على توسيع وتقوية نشاطها، وتنتقل إلى خلق الثروة ومناصب الشغل وترفع من إيرادات الدولة من الجباية، لكن في المقابل تبقى الدولة بحاجة إلى فوائد المؤسسات لتغطية العجز"، مشدداً أنه بصفة عامة يبقى قرار الحكومة إيجابي، وخطوة تكشف عن إرادة سياسية في تحمل الدولة لمسؤولياتها، وأوضح أن الهدف من القرار هو الاستفادة من الأرباح بمنطق استثماري، وليس استهلاكياً عبر تغطية العجز.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أرقام اقتصادية إيجابية

وكشف الوزير الأول عن توقعات تفيد بتحسن أهم المؤشرات الاقتصادية والمالية للجزائر مع نهاية العام الجاري، لا سيما بفضل نمو نشاط قطاع المحروقات بأكثر من 10 في المئة بعد انكماش كبير السنة الماضية، مبرزاً أنه "نترقب تسجيل نمو اقتصادي بـ4.4 في المئة"، وأوضح أنه ينتظر تقلص عجز ميزان المدفوعات إلى -5.3 مليار دولار بعد أن بلغ -16.4 مليار دولار نهاية 2020، ما يعادل تراجعاً بـ67.5 في المئة.

وتابع بن عبد الرحمن، أنه يرتقب أن يحقق الميزان التجاري فائضاً بـ 2.35 مليار دولار، بفضل زيادة صادرات المحروقات بـ 62 في المئة وزيادة الصادرات خارج المحروقات بـ161 في المئة مع تراجع بـ 1.3 في المئة في الواردات، كما تشير التوقعات إلى أن صادرات المحروقات ستصل إلى 32.4 مليار دولار نهاية  السنة الجارية بزيادة 12.3 مليار دولار عن سنة 2020 ، أي بارتفاع قدره 62 في المئة، بعد تحسن سعر البرميل في سوق النفط  من جهة، حيث ارتفع بنسبة 55.4 في المئة، وتصاعد حجم الصادرات بـ 11.7 في المئة من جهة أخرى، مضيفاً أن الصادرات خارج المحروقات سترتفع بـ161.8 في المئة لتنتقل من 1.9 مليار دولار في 2020 إلى حوالى 5 مليار دولار في 2021.

العجز

وشدد الوزير الأول لدى تطرقه إلى التعاطي مع العجز، أن التمويل سيتم عبر "اللجوء إلى آليات الخزينة والاقتصاد من صندوق ضبط الإيرادات"، وذكّر أن التدابير التي اتخذتها الدولة خلال العام الجاري سمحت بـ"العودة التدريجية  للنشاط الاقتصادي إلى مستويات تسمح بتغطية الخسائر المسجلة في عام 2020، والتخفيف من اختلالات الحسابات الداخلية والخارجية للدولة مع استمرار الدعم من أجل الحفاظ على المكاسب الاجتماعية للمواطنين من صحة وتعليم وقدرة شرائية".

استغلال فترة ارتفاع الأسعار

وفي السياق، يرى الإعلامي المهتم بالشؤون الاقتصادية، محمد وليد مدكور، أن أهم شيء تستفيده الجزائر من القرار، هو زيادة إنتاج البترول والغاز بعد تراجعه في السنوات الماضية، لا سيما مع عزوف الشركات الكبرى عن الاستثمار بعد انخفاض الأسعار والمماطلة في تطبيق قانون المحروقات الجديد. 

وقال إن الجزائر تبحث عن استثمارات جديدة في موارد الطاقة بعد تراجع الإنتاج لأدنى مستوياته، حيث أن الحكومة أمام حتمية زيادة الإنتاج واستغلال فترة ارتفاع أسعار النفط، مشيراً إلى أن توسيع نشاطات شركتي "سونالغاز" و"سوناطراك" مهم للغاية، ويعد استقلالية في حد ذاتها، لكن التساؤلات المطروحة هي حول نوعية الاستثمارات وما هي نوعية الأرباح، وهل هناك مخطط زمني؟ 

وأردف أنه بالنسبة إلى العجز المسجل ستغطيه احتياطات الصرف والمداخيل الإضافية للجباية النفطية التي تصل إلى 8 مليارات دولار، وكذلك توسيع الوعاء الضريبي.

اقرأ المزيد