Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأشجار تطيل عمر الإنسان... هكذا استوعبت السعودية الأمر

التنوع الإحيائي مهم لسلامة "نظم بيئية" إن لم تكن سليمة ومستقرة تهدد حياة البشر

صورة من محمية الملك عبد العزيز قبل عام وتظهر دورية لقوات الأمن البيئي في السعودية (اندبندنت عربية)

هل يمكنك تخيل أن اصطياد شاب في العشرينيات من عمره "ضبّاً أو طير حبارى" في صحراء محافظة الدوادمي وسط السعودية قد يحدث زلزالاً أو بركاناً شرق مدينة مكسيكو في أميركا الشمالية؟

ربما بدت تلك مفارقة مستحيلة وبالغة التعقيد، لكنها بحسب نظريات الفيزيائيين والفلاسفة منطقية. هل أتاك حديث صديق عالم الرياضيات الأميركي إدوارد لورنتز حين سرى اقتباس من ورقة ألقاها أمام الجمعية الأميركية عام 1972 بين علماء البيئة مثل النار في الهشيم؟ وهو الذي قال ربما "أدت رفرفة أجنحة فراشة في البرازيل إلى إعصار في ولاية تكساس"، لتغدوا بعد ذلك مثالاً شهيراً عن التصرف البسيط الذي تنجم عنه نتائج كارثية، لتتطور إلى ما عرف لاحقاً بـ"نظرية الفراشة" أو الفوضى.

هذه النظرية تبدو مجازية لكنها شرعت الأبواب والآفاق نحو كثير من الدراسات لتصبح علماً فرعياً فيزيائياً وفلسفياً يعتبر أن أجنحة الفراشة قد تحدث تغيرات بسيطة في الجو وذبذبات يمكنها في النهاية أن تحدث إعصاراً أو تمنعه في مكان قصي من الكرة الأرضية، وذلك لأن رفرفة الأجنحة تعد جزءاً من الظروف الأولية التي تشكل تأثيراً في الجو، التي قد تكون عاملاً مساهماً في الظواهر الطبيعية.

التوازن البيئي

قياساً على ذلك يمكن لمنطقة مثل السعودية والخليج استحداث "نظرية الضبّ" أو الغزال والحبارى، في وقت بدأت البلاد سن أنظمة صارمة لمواجهة ما يعرف محلياً بـ "الصيد الجائر"، من أجل حماية أرواح البشر في المعمورة وليس فقط في المنطقة.

وهكذا فإن نظرية الفراشة أو الضب ليست فرضية غير محتملة، "إذ إن خسارة الحيوان قطعاً تؤثر في النظام البيئي وعلى حياة الإنسان"، كما يقول المتخصص في هذا الحقل أحمد البوق مستشار الرئيس التنفيذي لمركز الحياة الفطرية في السعودية.

وكان المركز الوطني لحماية الحياة الفطرية أصدر قبل أشهر قليلة حزمة من القرارات المتضمنة غرامات باهظة لمخالفي أنظمة الصيد التي تحظر صيد أنواع حيوانات كثيرة منها، "الضب والحبارى والمها وغيرها"، وذلك حفاظاً على التوازن البيئي وصحة الإنسان. وهي بذلك تستبق القمم الكبرى التي تستضيفها الرياض اليوم ويشارك فيها قادة بارزون في الشرق الأوسط ومن العالم، وعلماء في البيئة والمناخ.

ويستهدف البلد الأول في تصدير النفط عالمياً من المبادرة التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ مواجهة تغير المناخ وتقليل انبعاثات الكربون والحفاظ على التوازن البيئي.

حول الحديث أكثر عن تأثر الإنسان بالصيد الجائر للحيوانات يقول البوق في حديثه على هامش "مبادرة السعودية الخضراء ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر"، "التنوع الإحيائي مهم لسلامة النظم البيئية، فهي إن لم تكن سليمة ومستقرة لن يستطيع الإنسان العيش، وستكون مدمرة لحياته بدلاً من العكس. لدينا كائنات منتجة للطاقة، وكائنات مستهلكة، مثل النباتات والحيوان".

رئة الأرض

النبات بحسب الخبير البيئي تعد "رئة الأرض" المنتجة للأكسجين وبغيابها تختفي نسبة الأكسجين وتزيد نسبة أكسيد الكربون، وهذا أمر مسبب للأمراض والمشكلات لصحة الإنسان.

ويضيف الرجل الذي يدير المركز الأهم للحياة الفطرية في بلاده، "الحال كذلك للكائنات المستهلكة للطاقة، فالتنوع الحيواني يلعب دوراً مهماً في استدامة الغابات، وذلك لأن كثيراً من الحيوانات والطيور تتغذى على بذور تخصبها وتساعد على نموها، فهي تلعب دوراً مهماً في التوازن البيئي، ولذلك فإن اختفاءها (الحيوانات) يعني أنه شيئاً فشيئاً ستختفي النباتات والغابات"، بالتالي فهي أنظمة بيئة بحسب البوق متشابكة كل واحدة منها تؤثر في الأخرى.

وفي الجانب الفزيائي يقول يوهان غوتليب فيتشه، وهو أحد أبرز مؤسسي الحركة الفلسفية المعروفة بالمثالية بألمانيا، "لا يمكنك إزالة حبة رمل واحدة من مكانها من دون تغيير شيء ما عبر جميع أجزاء الكل اللامحدود".

زراعة الأشجار تطيل عمر الإنسان؟

وعلى هذا النحو، تخشى الرياض اليوم من أن يؤثر صيد ضب واحد على سبيل المثال سلباً في حياة البشر بعد 100 عام وأكثر، فالبلد الثري كما تؤكد سفيرته لدى واشنطن الأميرة ريما بنت بندر تهدف من خلال مبادراتها الخضراء إلى "الحفاظ على التنوع البيولوجي، ووقف انقراض الحيوانات"، بعد تخصيص الحكومة 30 في المئة من الأراضي كمحميات في السنوات المقبلة، وأن "عمليات حماية البيئة والتطوير والتنمية عوامل تسير جنباً إلى جنب"، بحسب قول المسؤولة السعودية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يمكننا تجاوز "أثر الصيد الجائر في حياة البشر" إلى مثال حي آخر هو الشجرة، فبزراعة شجرة واحدة 2021 قد تسهم في إطالة عمر إنسان في 2100، وهذا مغزى واحدة من مبادرات السعودية الخضراء، التي أعلنها ولي عهد البلاد محمد بن سلمان في القمة، مؤكداً أن رفع معدل الغطاء النباتي، وتقليل انبعاثات الكربون والتلوث وتدهور الأراضي صار ضرورياً، "لأن تلوث الهواء من غازات الاحتباس الحراري أسهم في تقليص متوسط عمر المواطنين بمعدل سنة ونصف السنة".

ولهذا تهدف المبادرات إلى زراعة مليار شجرة في الشرق الأوسط، و10 مليارات شجرة داخل السعودية.

كما أعلن محمد بن سلمان خلال كلمته الافتتاحية "استهداف السعودية الوصول للحياد الصفري في عام 2060 من خلال نهج الاقتصاد الدائري الكربوني وهو ما يتوافق مع خطط البلاد التنموية وتمكين تنويعها الاقتصادي"،

إنقاذ نحو 153 مليون إنسان

الأمر كذلك بالنسبة لأزمة المناخ التي ترى مبادرات الرياض أنها أزمة عالمية مؤثرة في البيئة وفي حياة الكثيرين، وهي من أجل ذلك تقول إن خطتها تهدف إلى "حماية الحياة البرية في السعودية، والمحيطات، وتقليل الانبعاثات الكربونية، والحد من التصحر، ورفع نسبة تحويل النفايات عن المرادم"، وهي عوامل مساهمة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المودي بحياة البشر.

وفق دراسة أعدها باحثون من جامعة "ديوك" الأميركية، نشرتها دورية "نيتشر كلايمت تشينج" فإنه يمكن إنقاذ حياة قرابة 153 مليون إنسان قد يتعرضون لخطر الوفاة المبكرة خلال هذا القرن، في حال سرَّعت الحكومات من إجراءاتها لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، ما يعني تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الضارة، وهو ما تسعى له الرياض من خلال مبادراتها المتعددة، ومن بينها السعي لأن تكون "أكبر مصدر للهيدروجين في العالم"، مثلما أعلن في القمة أخيراً وزير الطاقة فيها الأمير عبد العزيز بن سلمان.

المزيد من بيئة