Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"امرأة زرقاء" تبحث عن فجوة القوة والعقلية بين الشرق والغرب

رواية أنتيا رافيك شتروبل تفوز بجائزة الكتاب الألماني لعام 2021

الكاتبة أنيتا شتروبل الفائزة بجائزة الكتاب الألماني لعام 2021 (موقع الجائزة على الإنترنت)

أعلنت لجنة تحكيم جائزة الكتاب الألماني، خلال معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، عن فوز رواية "امرأة زرقاء" للكاتبة الألمانية أنتيا رافيك شتروبل، بعد تنافس 197 كتاباً لنيل الجائزة السنوية التي تبلغ قيمتها 25 ألف يورو.

وفور إعلان اسم الفائز، من بين أسماء الكتاب الستة الواصلين إلى القائمة القصيرة للجائزة، في حفل نقل على الهواء مباشرة، بدت المفاجأة الكبيرة على وجه شتروبل؛ التي اعتلت المنصة، وقالت مباشرة بأنها تقف الآن وهي "مبهورة ومغلوبة على أمرها"، لأنها فقدت الكلمات المناسبة. ولذلك قرأت من ورقة كانت قد جهزتها مسبقاً في حال إذا نالت الجائزة.

وهذه الرواية كانت مرشحة من النقاد بقوة، بسبب "القصة المتماسكة واللغة المتدفقة في اختلاف طبقاتها السردية والشعرية".

ورواية "امرأة زرقاء" تبدأ مع مشهد بطلة الرواية "أدينا" على ساحل بحر البلطيق للعاصمة هلسنكي. مع زرقة البحر وزرقة السماء تبدأ المرأة الزرقاء أدينا بسرد حكايتها المؤثرة.

و"أدينا" هي شابة تشيكية كان تحلم دائماً أن تغادر قريتها الواقعة بين الجبال التشيكية العملاقة. وتحصل على فرصة للتدرب في مركز ثقافي في العاصمة الألمانية برلين، بمساعدة مصور ألماني لديه علاقات جيدة في الوسط الثقافي.

بعد تجول الرواية قليلا على بحر هلسنكي، تعود بنا شتروبل إلى مسقط رأس أدينا بين تلك الجبال، لتقدم وصفاً مذهلاً للمكان وطفولة أدينا، قبل أن تنقل أحداث الرواية إلى العاصمة برلين. وتسرد على القارئ، من خلال الراوي العالم، الحياة اليومية لأدينا بين الغرفة المستأجرة ومكان التدريب. حياة حالمة تسقط رويداً رويداً في الواقعية القاسية، حين تتعرض أدينا لاعتداء جنسي من أحد المؤثرين في الوسط الثقافي.

المنفى الداخلي

بعد هذا العنف الذي تتعرض له امرأة حالمة من شرق أوروبا، أدينا تتغير دفقات وأنفاس وطبقات هذا العمل الروائي الذي تجري أحداثه في 432 صفحة. وهي الركيزة التي اعتمدت عليها شتروبل؛ لتقدم رواية عن الاختلاف، وكذلك الصراع، بين الرجل والمرأة، وبين شرق أوروبا وغربها في الوقت الحالي.

هذا الاعتداء الجنسي على أدينا حطم دواخلها وجعلها تبتعد عن الأضواء والعمل والناس، لا بل دفعها إلى الابتعاد عن برلين نفسها، بعد أن أسست حياة جديدة وحالمة لشخصيتها الجديدة، ودفعتها إلى الابتعاد أكثر عن مسقط الرأس، والذهاب للعيش في أحد فنادق العاصمة هلسنكي. هناك حيث صارت العزلة أسمك في الفراغ الشفيف بين السماء الزرقاء والبحر الأزرق.

بدأت الرواية في هلسنكي في سرد ذكريات وحياة أدينا وسبب هروبها من كل شيء إلى هناك. ولكن في هلسنكي أيضاً سنتعرف إلى أستاذ جامعي من أستونيا، يحاضر في حقوق الإنسان، يستطيع أن يخلخل تلك الزرقة السميكة التي أحاطت أدينا بها نفسها. زرقة تبدو مثالية في عيون الآخرين، ولكنها، بالنسبة إلى أدينا، تبدو طاردة لها عن الآخرين.

الغرام استطاع أن يعيد أدينا إلى الحياة من جديد. الغرام جعل الأستاذ الأستوني ينقذها من منفاها الداخلي.

MeToo

في الوقت الذي بالكاد صدقت شتروبل فوزها بالجائزة الكبرى في الوسط الأدبي الألماني، رحب النقاد بفوزها وبروايتها هذه. وكان للعنوان الذي وضعته صحيفة فولكس شتيمي (صوت الشعب) اختصاراً لواقع هذه الرواية، إذ كتبت كريستينا شتيشت "امرأة شتروبل الزرقاء هي أكثر من رواية مي توو".

تقول شتيشت في مقالتها عن الرواية بأن شتروبل، التي ولدت في مدينة بوتسدام الألمانية في عام 1974، لا تكشف فقط، في أكثر من 420 صفحة، قصة "مي توو" عن امرأة تبحث عن "طريقة للاستمرار في العيش بعد تعرضها للاغتصاب، بل أيضاً تبحث في هياكل السلطة في العلاقات والمؤسسات والدول. عن فجوة القوة والعقلية بين الشرق والغرب، والعلاقة بين المال والسلطة، واستغلال الناس في أوروبا الموحدة افتراضياً في عام 2004"، وهو الزمن الذي تجري فيه أحداث الرواية.

وتجد شتيشت في هذه الرواية بأنها رواية "تنموية"، وهي تطرح سؤالاً، على قرائها أثناء القراءة، وهو "كيف يمكن لأدينا (بطلة الرواية) التحرر من الأدوار التي يفرضها عليها مختلف الرجال".

شتروبل، التي أنفقت ثماني سنوات في كتابة هذه الرواية، تعاملت مع موضوع تمكين الأنثى ضمن مجتمعات ذكورية، سواء في شرق أوروبا أو غربها، وفجوة الحقوق والقوة بين الجنسين، "بقوة وجودية وإتقان شعري"، على حد تعبير لجنة تحكيم الجائزة، التي تألفت في هذا العام من خمسة كاتبات وكاتبين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الزرقة

أثرت الكتب في حياة شتروبل، وهي التي درست في قسم المكتبات لكي تفتتح مكتبتها الخاصة. ولكنها قررت تغيير مسار حياتها، كما بطلتها في الرواية، وإكمال دراستها للأدب وعلم النفس والأدب الأميركي في بوتسدام ونيويورك. وخلال دراستها في نيويورك عملت شتروبل في قسم الإضاءة في المسرح المفتوح.

بدأت شتروبل حياتها الأدبية مباشرة مع الرواية، وليس مع القصة أو الشعر كعادة الكتاب، فنشرت روايتين في عام 2001، كانتا بعنوان "مصراع مفتوح" و"تحت الثلج".

في عام 2007 صدرت روايتها "طبقات الهواء الباردة"، وكانت حول إقامة أشخاص في الثلاثينيات من أعمارهم في السويد، وتتغلغل في نفسياتهم التي عاشت حياة خارجة عن المألوف، باحثة عن أطوار السعادة. هذه الرواية لاقت استحساناً كبيراً من النقاد، توجتها بنيلها جائزة هيرمان هسه، وكذلك جائزة راينجاو.

منذ عام 2006 أدخلت شتروبل قسماً جديداً داخل حياتها الأدبية؛ من خلال قيامها بترجمة روايات وقصص عن الإنجليزية لكتاب مختلفين، مثل الكاتبة الأميركية جوان ديديون والكاتبة الأسترالية فافيل باريت والكاتبة الأميركية لوسيا برلين.

"الزرقة التي كنت أعنيها كانت زرقة الماء، وزرقة السماء، ولكن أيضاً زرقة الحبر التي دفعت امرأتي الزرقاء إلى كتابة قصتها". تقول شتروبل التي دفعت، وستدفع، هذه الجائزة بكتابها إلى الواجهة لعقد الكثير من القراءات والمقابلات والعقود، وهي جائزة عن ثماني سنوات قضتها شتروبل في كتابة روايتها بهدوء وإتقان.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة