Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأفلام الرائجة باتت ماراثونية ومرهقة لأسباب متنوعة

إذا رغبتم في مشاهدة أفلام جيمس بوند أو "المبارزة الأخيرة" أو "تلة صغيرة" أنصحكم بأخذ وجبة واستشارة طبيب العظام لكن الحل هو تقصير الأشرطة

مجموعة من الأفلام الأكثر رواجا الآن يجمع بينها أنها طويلة تماما (أ ب)

إذا قررتم ارتياد صالات السينما خلال عطلة نهاية الأسبوع، فعليكم مراعاة بعض الجوانب العملية قبل الذهاب إليها. لا أشير هنا إلى ارتداء الكمامات أو اتباع قواعد التباعد الاجتماعي، إذ إن القلق الذي سببه وباء كورونا سيكون كافياً لإبقاء البعض في منازلهم على كل حال. يتلخص ما قصدته في إمكانية أن تبقوا جالسين في الصالات مدة تصل إلى ثلاث ساعات. ويثير ذلك الالتزام بعض الأسئلة الحيوية، من بينها: هل يجب أن تتناولوا الطعام مباشرة قبل الفيلم أو تزعجوا المشاهد الجالس بجانبكم حينما تهمون بتناول وجبة مشبعة أحضرتموها معكم؟ هل ينبغي عليكم تجنب شرب السوائل بالكامل خشية عدم قدرة مثانتكم على التحمل حتى نهاية عرض الشريط السينمائي، ماذا عن مخاطر الإصابة بجلطات أوردة الساقين؟ قد يتذكر القراء الأكبر سناً تلك الأيام حينما كان الباعة يتجولون بين المقاعد في الصالة أثناء الاستراحة لبيع الآيس كريم. ربما حان وقت عودتهم، لكن كي يبيعوا الجوارب الضاغطة [تستعمل في علاج أوردة الساقين] بدلاً من أكواز المثلجات.

من الصعب أن نعرف بالضبط متى باتت مشاهدة الأشرطة السينمائية دليلاً على قدرتكم على التحمل، وليست نشاطاً لطيفاً تقومون به في أوقات فراغكم. بالتأكيد، لا بد من توفر قسط جيد من الوقت لديكم [يخصص لمشاهدة الفيلم]، هذا إذا لم نحسب مدة الإعلانات والمقاطع الترويجية عن الأشرطة المقبلة. من بين الأفلام التي تعرض في السينما المحلية في منطقتي نهاية هذا الأسبوع، يبرز "لا وقت للموت" No Time to Die (ساعتان و43 دقيقة)، "المبارزة الأخيرة" The Last Duel (ساعتان و33 دقيقة) و"شانغ تشي وأسطورة الخواتم العشرة" Shang-Chi and the Legend of the Ten Rings (ساعتان و12 دقيقة). وقريباً سيبدأ أيضاً عرض فيلم "تلة صغيرة"  Dune (ساعتان و35 دقيقة). إذا كنت أرغب في تجنب آلام الساقين، سيكون من الأفضل لي مشاهدة "عائلة آدامز 2" The Addams Family 2، إذ يعتبر طوله البالغ ساعة و33 دقيقة أكثر منطقية، أو "فينوم: فلتكن هناك مذبحة: Venom: Let There Be Carnage ، بطول ساعة واحدة و37 دقيقة.

يبدو أن إطالة مدة الفيلم تتعارض مع الفكرة السائدة بأننا نعاني جميعاً من عدم قدرتنا على تركيز انتباهنا فترة طويلة. من الصعب أيضاً استيعاب فكرة أن جيل التسعينيات في القرن العشرين وما بعده الذي يفضل مشاهدة مقاطع فيديو لا تتجاوز مدتها 15 ثانية على منصة "تيك توك"، سيكون سعيداً بالجلوس طوال تلك المدة لمتابعة أحدث ملحمة للأبطال الخارقين. بالطبع، لطالما شهدت السينما إنتاجات طويلة بشكل غير معقول، لكن أطولها أتى دوماً كأعمال خيالية أو ملاحم تاريخية. خذوا مثلاً "لورانس العرب" Lawrence of Arabia (3 ساعات و42 دقيقة) أو "دكتور زيفاغو" Doctor Zhivago (3 ساعات و17 دقيقة) أو "ذهب مع الريح" Gone with the Wind (3 ساعات و58 دقيقة) أو "تيتانيك" Titanic للمخرج جيمس كاميرون (3 ساعات و14 دقيقة) أو "عودة الملك" Return of the King للمخرج بيتر جاكسون (3 ساعات و21 دقيقة).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبالمقارنة، ظلت الأعمال الكوميدية والدرامية الرومانسية ضمن مدة عرض يقترب طولها من نحو 100 دقيقة، وذلك دليل على طبيعة تلك الأفلام التي يفترض أنها تخبو بسرعة. على كل حال، نحن حالياً نمر في فترة تشكل فيها الأفلام السريعة التي تجري أعمال المونتاج فيها بدقة، الاستثناء أكثر من كونها القاعدة، بينما تعتبر الأفلام الملحمية الشديدة الطول والأكثر تعقيداً مقبولة تماماً. من وجهة نظر المستهلك، نحن نعيش ثقافة تشجع على الأكبر والأكثر ضجيجاً والأطول زمانياً، كما لو أن تلك الصفات وحدها تزيد من قيمة المنتج الذي نحصل عليه. كيف وصلنا إلى هذه المرحلة؟

بداية، يمكننا إلقاء اللوم جزئياً على الأفلام الرائجة. وعموماً، يعتبر فيلم "الفك المفترس" Jaws أول "فيلم صيفي رائج" في العصر الحديث، ومع ذلك بقيت مدته معقولة. وعلى الرغم من ذلك، سرعان ما اتجهت أفلام "حرب النجوم" Star Wars نحو فكرة أن الأشرطة السينمائية "الملحمية" يجب أن تأتي أيضاً بطول "ملحمي" كي تتناسب مع ميزانياتها "الملحمية". وجاءت البداية مع فيلم "عودة الجيداي" Return of the Jedi سنة 1983 الذي يبلغ طوله ساعتين و11 دقيقة. منذ ذلك الحين، لم تكن الأفلام الرائجة ملائمة من ناحية المدد الطويلة، على الرغم من أن سلسلة أفلام عالم "مارفل" Marvel تبنت هذا المفهوم في السنوات الأخيرة، وجعلت زيارة السينما أقرب إلى تجربة قضاء يوم كامل في متنزه ترفيهي. (إليكم فكرة لعمل تجاري، وهي تقديم استشارة مجانية من طبيب تقويم العظام مع كل تذكرة لحضور أفلام سلسلة ""عالم مارفل").

في كل ما ورد، ثمة شعور بأن المخرجين وشركات الإنتاج يهدفون إلى جعل مدة الشريط السينمائي أطول بهدف إضفاء جو من الجدية والثقل على أعمالهم. لكن، إنه مفهوم خطأ غالباً ما يتضخم بسبب لجان التحكيم في سباق جوائز الأوسكار التي تميل إلى مكافأة الأفلام الطويلة بشكل مرهق أكثر من الأفلام القصيرة. في المقابل، لا يشكل طول العمل مؤشراً على مدى جودته. امنحوني الحرية وسأقوم بكل سرور باختزال كمية مهولة من المشاهد من فيلم "حدث ذات مرة في هوليوود"  Once Upon a Time in Hollywood للمخرج كوانتين تارانتينو أو "الإيرلندي" للمخرج مارتن سكورسيزي. قد يظهر الفيلم المبالغ في طوله كأنه مهم، لكنه يؤكد أن المخرج واجه مشكلة مع تشتت المنظور أثناء العمل على طول تحفته الفنية، إضافة إلى نسيانه حجم المثانة البشرية العادية.

واستطراداً، تشكل العادات المتغيرة في مشاهدتنا التلفزيون أيضاً، عوامل تسهم في تلك الظاهرة. إذ أدى ظهور المسلسلات الطويلة المتعددة الأجزاء في بدايات العقد الأول من الألفية الحالية، إلى تعود الجمهور على متابعة قصص تمتد على مدار مواسم عدة بدلاً من ساعتين. مع ازدياد خدمات البث التدفقي، بدأ يُنظر إلى المسلسلات التي يمكن الإفراط في مشاهدتها، كتلك التي يمكن أن تساوي مدتها طول العطلة العادية، بوصفها مرغوبة. وبالتالي، في تطور جديد نسبياً، تجد هوليوود نفسها الآن في منافسة مع الأعمال التلفزيونية المرموقة. في المقابل، ثمة فارق بين مشاهدة مسلسل مكون من 22 حلقة في المنزل، حيث يمكنك تحضير الشاي واستعمال المرحاض وجهاز التحكم لإيقاف المشاهدة بشكل مؤقت، وبين التسمر في بقعة واحدة، جالساً في الظلام ومحاطاً بالغرباء.

على كل حال، تتغير عادات مشاهدة الأشرطة السينمائية بشكل دوري، على الرغم من أن مفهوم "الملحمي" الذي يُفترض أن يُطلق على بعض الأفلام، ليس مفهوماً جديداً، فإن الموضة الحالية لإنتاج أعمال بأطوال ماراثونية تصل إلى ثلاث ساعات، ستنتهي بالتأكيد. في المقابل، يجب أن يعرف رواد السينما حالياً حدود تحملهم. في الوقت الراهن، أرغب في مشاهدة "لا وقت للموت" على الشاشة الكبيرة، لكنني قررت ألا أفعل ذلك، استناداً إلى مراعاتي وضعية الجزء عظمة العصعص في آخر عمودي الفقري. ربما يُولد الفن غالباً من رحم المعاناة، لكن لا داعي لأن أكون أنا المتألمة.

© The Independent

المزيد من سينما