Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما الذي يدفع الجزائريين للمغامرة في البحر من أجل الوصول إلى أوروبا؟

"خطاب اليأس المنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي أسهم في إحباط كثيرين وجعلهم يفكرون بالمخاطرة في حياتهم"

قوات حرس السواحل في كر وفر مع قوارب المهاجرين السريين (وكالة الأنباء الجزائرية)

عادت مشاهد وأخبار الغرقى والمفقودين في البحر الأبيض المتوسط ضحايا الهجرة غير الشرعية عبر القوارب لتسيطر على يوميات الجزائريين، وتكشف عن ظاهرة لم تتمكن مختلف السياسات من وضع حد لها، وبين الوضع الاجتماعي وتشجيع شبكات الاتجار بالبشر تترنح الأسباب وتضعف الحلول.

ونزل خبر غرق قارب في سواحل الجزائر العاصمة، كان يقل مجموعة من الشباب الساعين للهجرة نحو السواحل الإسبانية، كالصاعقة على رؤوس العائلات، وقالت قوات حرس السواحل، إنه تم انتشال 4 جثث وإنقاذ 13 آخرين، فيما لا يزال هناك المزيد مفقودين، من بينهم لاعب كرة قدم ينشط في البطولة المحترفة الأولى بألوان "شباب بلوزداد" و"وداد بوفاريك" سابقاً، وهو ما يدعو إلى دق ناقوس الخطر.

ولقد توالت أخبار محاولات الهجرة إلى القارة الأوروبية انطلاقاً من سواحل الجزائر، كما انتشرت فيديوهات لجثث الغرقى ولضحايا يواجهون أمواج البحر بعد انقلاب قاربهم، وآخرين يتمسكون بخيط أمل يتمثل بمرور سفن أو ظهور قوات حرس السواحل بعد أن توقف محرك قاربهم، في مشاهد أصبحت متداولة بشكل لافت بين فئات واسعة من الجزائريين، ليس الشباب منهم فقط، وإنما تعدت الظاهرة لتمس النساء وحتى عائلات بأكملها.

استنفار على سواحل إسبانيا 

ولم يعد الوضع المأسوي مقتصراً على السواحل الجزائرية، بل تعيش الضفة المقابلة بخاصة إسبانيا وإيطاليا، حالة استنفار بسب قوافل المهاجرين التي تصل يومياً بشكل لافت من جهة، وتعرض البعض إلى حوادث خطيرة من جهة ثانية، ولعل إعلان فرق الإنقاذ الإسبانية عن فقدان أثر 12 مهاجراً قبالة سواحل بلادهم، كانوا انطلقوا من شمال غربي الجزائر، كفيل بتوثيق مرحلة إنسانية "عنيفة" يشهدها غرب البحر الأبيض المتوسط.

وقال السلطات الإسبانية إن إنقاذ زورق شراعي نرويجي لمهاجر جزائري، كشف عن كارثة قد يكون تعرض لها عدد من المهاجرين، حيث إن الجزائري الناجي أشار إلى أنه صعد مع 12 شخصاً من شاطئ بالقرب من سواحل مدينة "وهران"، شمال غربي الجزائر، منذ يومين، وقد أدى تعطل المحرك إلى انقلاب القارب، لتشرع السلطات الإسبانية بالبحث عن المفقودين.

خطاب اليأس

وفي السياق، يشدد الناشط السياسي، صادق أمين، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن خطاب اليأس المنتشر منذ مدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والذي ترعاه وتدعمه وتموله جهات خارجية، إضافة إلى السياسة الاجتماعية والاقتصادية الفاشلة المتبعة من طرف السلطة الحالية، وأيضاً مخلفات جائحة كورونا، كلها عوامل أسهمت في إحباط كثير من الجزائريين، وجعلهم يفكرون في المخاطرة بحياتهم من أجل العبور إلى الضفة الشمالية للمتوسط، وأبرز أنه "لا أعتقد أن من يملك 100 مليون سنتيم في الجزائر، ما يعادل 7 آلاف دولار أميركي، وهي تكلفة العبور إلى سواحل إسبانيا وإيطاليا، يعاني من بطالة أو ضيق في العيش، بل هو إحباط معنوي كبير أصاب شرائح واسعة من المجتمع نتيجة غياب خطاب سياسي قوي يروج لمشروع نهضة وطنية شاملة تنخرط فيها كل الفئات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اعتراض 4704 مهاجر غير شرعي

وعلى الرغم من حوادث الغرق ومخاطر عبور البحر المتوسط، يزداد عدد الجزائريين الذين يسلكون طريق البحر باتجاه السواحل الإسبانية والإيطالية، وبحسب أرقام وزارة الدفاع، اعترضت قوات حرس السواحل حوالى 4704 أشخاص منذ بداية العام، أكثر من نصفهم خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وكانت آخر عملية تلك التي عرفتها سواحل مدينة عنابة، شرق الجزائر، يوم الاثنين، حيث تمكنت وحدات حرس السواحل من إحباط محاولة هجرة غير شرعية لـ23 شاباً، كانوا على متن قارب خشبي في رحلة غير شرعية باتجاه جزيرة سردينيا الإيطالية.

في المقابل، تتحدث وزارة الداخلية الإسبانية عن وصول أكثر من 27 ألف مهاجر غير شرعي بين يناير (كانون الثاني) وأواخر سبتمبر، بزيادة 54 في المئة عن الفترة ذاتها من 2020، كما ذكرت منظمة "كاميناندو فرونتيراس" الإسبانية غير الحكومية التي ترصد اتصالات طلب المساعدة من المهاجرين في البحر، أنه لقي أكثر من ألفي شخص حتفهم أو فقدوا أثناء محاولتهم الوصول إلى جزر الكناري منذ بداية 2021.

ظاهرة سياسية بامتياز

ورأى رئيس حزب "حركة مجتمع السلم"، عبد الرزاق مقري، أن "الهجرة غير الشرعية ليست تعبيراً عن ضيق في العيش فحسب، بل هي أكثر من ذلك، هي مؤشر على انقطاع الأمل كلية، وانهيار الثقة في مستقبل الجزائر"، مضيفاً في منشور على "فيسبوك"، أن "ما يدل على ذلك أن الجزائريين توقفوا عن الهجرة غير الشرعية في بدايات الحراك الشعبي الذي أعطاهم الأمل بأن الأمور ستتغير"، وتابع أن "الهجرة السرية ليست ظاهرة اجتماعية فحسب، بل سياسية بامتياز"، مشيراً إلى أن "الجميع يخجل حقاً أمام هذه الصورة المشينة عن الجزائر وهذا الوضع الإنساني المأسوي لمواطنيها".

الأمهات يلعبن دوراً سلبياً؟

من جهته، دق رئيس المنظمة الوطنية لرعاية الشباب، عبد الكريم عبيدات، ناقوس الخطر من تبعات الظاهرة المتفاقمة أخيراً، واصفا الظاهرة بـ "الآفة التي تستهدف جميع فئات المجتمع، ومن مختلف الأعمار"، وأكد أنه حسب دراسات وتحريات الجمعية، فإن الأمهات يلعبن دوراً سلبياً، بل يشجعن هروب أولادهن، عبر توفير الأعباء المالية من خلال بيع مجوهراتهن أو الاقتراض.

وأوضح عبيدات، أن هناك عدة أسباب تقف وراء الظاهرة، وأهمها استقالة الأولياء من مهمتهم والهروب من تحمل مسؤولياتهم، تاركين مهمة التربية للمدرسة أو الشارع، إضافة لانقطاع الشخص عن النظام الاجتماعي واختياره سبيلاً يخالف قواعد مجتمعه، وأيضاً تفاقم ظاهرة الانقطاع المدرسي، حيث يتم طرد 500 ألف تلميذ كل سنة، داعياً إلى ندوة وطنية مستعجلة لمناقشة الظاهرة وجميع آفات المجتمع وإيجاد الحلول، مع إدراج حصص توعوية يومية في القنوات التلفزيونية والإذاعات.
 

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير