Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

احتدام الخلافات بين الحكومة الليبية وخصومها في الشرق

الانتقادات تلاحق الدبيبة بعد مطالبته بدعوى قضائية ضد حفتر في القضاء الأميركي

رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد دبيبة  (أ ف ب)

في الوقت الذي تتوجه فيه أنظار الليبيين نحو العاصمة طرابلس التي تستعد لاستقبال مؤتمر دولي لدعم العملية السياسية وضمان إجراء الانتخابات في موعدها، توسعت دائرة الخلافات بين الحكومة ووزرائها من إقليم برقة، مهددةً بجر البلاد إلى منزلق خطير في توقيت حرج.

الخلافات الحكومية التي أشعلت شرارتها نزاعات رئيس الحكومة، عبدالحميد الدبيبة، ونائبه عبدالحميد القطراني، شهدت فصولاً جديدة وخطيرة بعد توجيه الأخير خطاباً إلى كل الدوائر الحكومية في برقة بعدم التعامل مع الحكومة وتجاهل قرارتها من الآن فصاعداً. ومن جهة أخرى، زادت وتيرة التصاعد في البلاد، بعد أن طالب رئيس الحكومة وزيرة الخارجية، نجلاء المنقوش، بتوجيه شكوى في المحاكم الأميركية ضد قائد الجيش خليفة حفتر بتهم التدليس وتضليل العدالة وتزوير محررات رسمية، الأمر الذي واجهه البعض بانتقادات حادة له.

خلاف حول قطاع الاتصالات

أشعل رئيس الوزراء الليبي غضب خصومه في الطرف الشرقي من البلاد، حين أقدم على إقالة فيصل قرقاب من رئاسة الشركة الليبية للبريد والاتصالات وتقنية المعلومات القابضة، متجاهلاً التحذيرات من هذه الخطوة التي تبدو قراراً عادياً، لكنها بحسب مسؤولين في الشركة بالمنطقة الشرقية "خطوة أخرى تهدد بانقسام البلاد".

وأصدرت الحكومة قراراً بتكليف محمد بن عياد برئاسة شركة القابضة للاتصالات خلفاً لفيصل قرقاب، وتجاهل الدبيبة هذا القرار، مطالباً مديري فروع شركات قطاع الاتصالات بالمنطقة الشرقية، الذين أكدوا في بيان أن "قطاع الاتصالات خدمي وسيادي وحساس، ويعد ثاني أكبر مساهم في الناتج الإجمالي القومي".

وأشار البيان إلى أن "القطاع ظل موحداً على الرغم من انقسام البلاد منذ عام 2014، وأن الشركة أطلقت عدة مبادرات مؤجلة منذ الانقسام الإداري"، مشدداً على "ضرورة منع توظيف هذه المكتسبات لأي أغراض سياسية أو مكاسب شخصية". وأبدى المديرون، "رفضهم المساس بمجالس الإدارات، سواء للشركة القابضة أو الشركات التابعة له"، مؤكدين أنه "سينتج عن أي تغيير انقسامات وتشتت للقطاع وضياع موارده، وسيتسبب ذلك في تبعات سلبية، سواء اقتصادية أو اجتماعية أو أمنية".

نواة للانقسام الحكومي

من جانبه، خاطب نائب رئيس الحكومة حسين القطراني، الدبيبة، محذراً من أن "تغيير مجلس إدارة الشركة القابضة للاتصالات سيكون آخر مسمار في نعش الحكومة وبداية الانقسام".

ورد القطراني على القرار الذي أصدره الدبيبة، في اليوم الثاني لخطابه الموجه إليه، متجاهلاً تحذيراته، قائلاً، إن "رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة لا يمتلك الخبرة الإدارية، وقراره ليس بيده". وطالب، خلال اجتماع مع عدد من وكلاء الوزارات ورؤساء الدواوين في برقة، بـ"عدم تنفيذ قرارات الدبيبة في الإقليم، لتجاهله مطالب وحقوق المنطقة الشرقية في ليبيا".

في المقابل، رأى عضو ملتقى الحوار السياسي أحمد الشركسي، أن "‏الحكومة تسعى من وراء تغيير إدارة القابضة للاتصالات إلى السيطرة على أموال الشركة، التي تقدر بأكثر من 30 مليار دينار (نحو 6 مليارات دولار)، ما بين أموال سائلة وأصول".

وأضاف الشركسي، "هذه الحكومة استنزفت مدخراتها من باب الطوارئ بالمخالفة للقانون، ولما قاربت على النفاد منها التفتت إلى المؤسسات التي بها أموال لاستغلال أرصدتها، ورئيس الهيئة الذي لا يسهل لهم ما يريدون يقومون بتغييره، وهذا ما حصل مع فيصل قرقاب".

أما عضو مجلس الدولة عبدالرحمن الشاطر، فاعتبر أن "ما طفح على السطح من خلافات من بعض أعضاء الحكومة هو نتيجة طبيعية عندما لا يشكل الرئيس الوزارة وفق رؤيته لتأتي حكومة متناغمة". وأشار إلى أن "رئيس الحكومة سلم العنان لأعضاء من النواب ليشكلوا له حكومة متناقضة ومتصادمة، والقطراني حالياً يخلط الأوراق ويتهم الكل بأنهم ضد الانتخابات، والشعب فقط هو من يريدها، ويستغل ورقة الحقوق والتهميش في إقليم برقة".

تدخل مكونات جهوية

مع استمرار الخلافات بين رئيس الحكومة ونائبه، توسعت دائرة المشاركين فيها، بخاصة من المكونات الجهوية والقبلية في إقليم برقة، التي ساندت القطراني في معركته مع الدبيبة، حول حقوق الإقليم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكد رئيس مكون قبائل الحضور في برقة مجدي إدريس لياس، أن "القطراني كان جريئاً وواضحاً ولم يُخفِ شيئاً، ولم يذم الدبيبة، بل انتقد تصرفاته والتهميش المتعمد والواضح". وأشار إلى أن "الاجتماع الذي عقد مع القطراني في بنغازي تطرق إلى أحوال الوطن والمأساة الواقعة والتهميش المتعمد لبرقة". وتابع، أن "الأخير تحدث بأن مبدأ التقسيم غير وارد، وجُلّ ما يطلبه هو حقوق المواطنين المسؤولين عنهم والمنطقة التي خرج منها"، معتبراً أن "بيانه لم يتطرق إلى التقسيم، أو يحث عليه، لكن هناك من يصطاد في الماء العكر".

وكان رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة، تحدث عن خلافه مع نائبه الأول، قائلاً، إن "ليس جهوياً، بل سياسي، وأن الكل كان مهمشاً في ليبيا خلال السنوات الماضية، وليس إقليم برقة فقط". وأشار إلى أنه "أرسل فريقاً وزارياً إلى بنغازي قبل أسابيع لإطلاق حزمة مشاريع تنموية، ولكن تمت عرقلة عملهم وإفشال الخطط الحكومية لتنفيذ هذه المشاريع".

الدبيبة يطلب محاكمة حفتر

في خطوة جديدة، يتوقع أن تسكب البنزين على نار الخلافات بين الحكومة والمكونات السياسية والعسكرية والجهوية في الشرق الليبي، بعث رئيس الحكومة بمذكرة إلى وزيرة الخارجية، نجلاء المنقوش، لتقديم شكوى ضد المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي في القضاء الأميركي لمحاكمته بتهم التدليس وتضليل العدالة وتزوير محررات رسمية.

وأشارت المذكرة إلى الوثائق التي قدمها دفاع المشير حفتر في واشنطن ضد اتهامه بارتكاب جرائم حرب في ليبيا، وكذلك الوثيقة التي تداولها عديد من المهتمين بالشأن الليبي وبعض القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي، وفحواها إدراج بعض من نصوص قانون العقوبات العسكرية لعام 1974.

وأوضحت، أن "النصوص متعلقة بجرائم مضرة بكيان الدولة، وتم تقديمها للمحكمة الفيدرالية بولاية فرجينيا من قبل المحامي لينداسي ميك كاسون لصالح موكله بالقضية المرفوعة من آخرين، وأن الوثيقة صادرة عن وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية، وهو الأمر المنافي للحقيقة".

ووفقاً للمذكرة، فإن "الوزارة تنفي هذه الوثيقة التي تم تداولها، وأعلنت أنها غير صادرة من قبل الجهة المتخصصة المشار إليها فيها، لعدة أسباب، أولها أن الرقم الإشاري لا يوافق رقم الملف وتاريخ الوثيقة، الذي لا يتطابق مع رقم المستند في سجلات الصادر والمنظومة الإلكترونية".

وأكد الدبيبة أن "الوثيقة المتداولة لا يوجد عليها ختم الجهة المدعى عليها إصدارها، وأن الختم الحراري لا يوافق ذلك الخاص بوزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية، في وقت لا يوجد فيه بديوان الوزارة اسم إدارة الشؤون القانونية". واعتبر أن "هذا الأمر يمثل جريمة يعاقب عليها القانون الليبي ونظيره الأميركي في حال ارتكابها، وهو ما يحتم مخاطبة وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش لسفارة البلاد في الولايات المتحدة لتقديم الخارجية شكوى ضد حفتر أمام القضاء الأميركي".

انتقادات حادة لمطلب الدبيبة

من جانبه، قال عضو مجلس النواب الليبي سعيد امغيب، إن "مطالبة الدبيبة بشكوى ضد المشير حفتر قائد الجيش الليبي في القضاء الأميركي أسقطت آخر ورقة توت عن حكومة (الوحدة الوطنية)، وأثبت أنها ليست كذلك، ولا تصلح أن تكون حتى تسيير أعمال". وأضاف، "يعلم الجميع أن من جاء بالدبيبة إلى رئاسة حكومة هي لجنة الحوار المجتمعة في تونس ثم جنيف، الذين تم اختيارهم برعاية البعثة الأممية بالأساس، وهو الاختيار الذي قوبل وقتها برفض شعبي وانتقادات لا حصر لها".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير