Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معركة عض الأصابع بين روسيا وتركيا على أرض إدلب

المرحلة الحرجة ستبدأ بعد انهيار التهدئة ودخول دمشق وموسكو في مواجهة أنقرة

الفصائل المسلحة تدفع بعربات مفخخة مقتحمة الخطوط الدفاعية الأمامية في كفرنبودة (أ.ف.ب)

يتشابك المساران السياسي والعسكري على أراضي شمال غربي سوريا، في ريفَيْ إدلب وحماة، على وقع التقدم الذي أحرزه الجيش السوري وحليفاه الروسي والإيراني في مناطق وقرى ذات أهمية استراتيجية، إحداها قلعة المضيق، كونها بوابة تصل حتى آخر معاقل المعارضة المسلحة في إدلب من طريق سهل الغاب، وفي ظل التهدئة بين طرفي النزاع بعد اتفاق في أنقرة برعاية روسية وتركية، ما لبث أن نُسف نتيجة سلسلة من الاختراقات وتغيير قواعد الاشتباك على جبهات القتال، منذ يوم أمس الثلثاء 21 مايو (أيار) 2019.

كفرنبودة

ومعها، أشعلت هيئة تحرير الشام المسلحة فتيل الحرب مجدداً، مخترقة تهدئة مدتها 72 ساعة، في وقت بدأت بهجوم معاكس تُرافقها فصائل مؤازرة، بعد خسارتها قرى عدة استماتت في الدفاع عنها أمام الحملة العسكرية، باعتبار أن سقوط هذه القرى بوابة لانهيار آخر معاقل المعارضة في الشمال السوري.

وتتوالى الأنباء من قلب المعركة المندلعة منذ يوم أمس في كفرنبودة، عن سقوطها بيد فصيل للمعارضة المسلحة، بعد تقدمه على المحور الذي سيطر عليه الجيش في الفترة الأخيرة، وأعلنت المعارضة أن الهدف من السيطرة على منطقة كفرنبودة قطع طريق إمداد الحملة العسكرية باتجاه إدلب، فيما نفت مصادر رسمية سيطرة الفصائل المعارضة على المنطقة من جديد.

 كما تزامن هذا التحرك مع دخول الجيش الوطني السوري المعارض المدعوم تركياً، للمرة الأولى، للمشاركة في العمليات العسكرية، في تدخلٍ يُعد الأول له علناً منذ اشتداد المعارك في إدلب، حيث وصلت أرتال عسكرية من ريف حلب الشمالي للمؤازرة في مجريات المعارك التي بدت أنها تصبُ لمصلحة دمشق قبل التهدئة التركية.

خرق التهدئة

تردد مصادر مطلعة من جانبها أن "الجيش الوطني السوري المعارض رد الهجوم، وهو الأعنف من نوعه، بمشاركة جنسيات متعددة إلى جانب هيئة تحرير الشام، التي تسعى الى تغيير قواعد الاشتباك، مستفيدةً من التهدئة التي حدثت في الساعات الأخيرة، واغتنامها فرصة وصول مساعدات قتالية بدعم تركي وصواريخ مضادة للدروع ودفاعات جوية مع مؤازرة من المشاة".

وبعد هجوم ناري عنيف صاروخي باتجاه نقاط ومراكز الجيش في القرية، دفعت الفصائل المسلحة بعربات مفخخة، مقتحمة الخطوط الدفاعية الأمامية في كفرنبودة، وناقلة جند وعربات مدرعة تركية الصنع، متبعة أسلوب إرسال مقاتلين مستقلين دراجات نارية جبلية بغية تحقيق عنصر المباغتة للانقضاض، مع فتح محور تل هواش، وفق المصدر ذاته.

 استكمال العمليات

في غضون ذلك، تتحضر الحملة العسكرية لكسر هذا التقدم من طرف هيئة التحرير مع انتهاء التهدئة الحاصلة، ويرى الدكتور صفوان قربي، عضو مجلس الشعب السوري، أن الدخول الناري بهذه القوة، أحرج الجميع، لافتاً إلى أن العملية العسكرية بالمعنى السياسي والعسكري والاستراتيجي هي أكثر من ناجحة، بحسب وصفه، وموضحاً أنها مرشحة للانتقال إلى جبهات أخرى وتوسعها خصوصاً بعد انتهاء التهدئة.

ووصف الدكتور قربي "حالة الميلشيات المسلحة المتطرفة بالجنون، إنهم يبحثون عن أي إنجاز ميداني كالاستيلاء على حاجز أو قرية حررها الجيش في المرحلة الماضية، لإعطاء روح معنوية لكن إلى الآن، لم يحصل ذلك".

وفي ما يخص جبهة ريفَيْ حماة وإدلب، رجّح "إكمالها بعملية نوعية تقودها قوات النخبة من الجيش السوري، في ريف حماه، مع إعلان قريب أن المنطقة ستقع تحت سيطرة النظام، وإن استمر الوضع الإقليمي مريحاً للجانب السوري، سيشهد استكمال العمليات العسكرية ربما في نقاط أخرى وليس فقط على الجبهة المفتوحة في ريف حماة، فيما القوات العسكرية تقاتل وسط مساحة تماس تبلغ 250 ألف كلم2 في ريفَيْ حماة وإدلب وريف اللاذقية".

وبرّر الدكتور قربي تفضيل الجيش المواجهة في الجبهة الأصعب، إذ كان من الممكن الذهاب بالعملية من خواصر رخوة للمعارضة المسلحة وأخذ كمية كبيرة من الأراضي بسهولة، قائلا "دخلت العملية من منطقة صعبة عسكرية أرادت أن توصل رسالة أنها تستطيع كسر الخط الدفاعي الأصلب لهذه المجموعات وضرب التواصل التركي مع إضعاف الحالة التوافقية بين الفصائل نفسها".

الكيميائي مجدداً

في حال ثبت أن دمشق استخدمت الأسلحة الكيميائية، توعدت أميركا برد سريع ومناسب، وذلك بعد مؤشرات لوزارة الخارجية الأميركية بوقوع هجوم بمادة غاز الكلور السام يوم الأحد 19 مايو أثناء عملية عسكرية في إدلب. وقالت مورغان أورغتوس، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية في بيان إن "الولايات المتحدة تجمع المعلومات عن الحادث".

أما موسكو التي لم تسلم من الهجوم المعاكس على قاعدتها في حميميم في ريف اللاذقية بهجوم من الفصائل ذاتها، فأعلن رئيس المركز الروسي للمصالحة فيكتور كوبتشيشين، التابع لوزارة الدفاع الروسية، عن خطط دعائية مفبركة لهيئة "تحرير الشام" التي أنشأت لنفسها ما يُسمى "فرع الكيميائي".

 وحذرت روسيا عبر وزارة دفاعها من مغبة استخدام "الدعاية المفبركة عن استخدام الجيش السوري لأسلحة كيميائية، وتبين مصادر روسية أن لدى مركز المصالحة أدلة على تصنيع المواد الكيميائية في مدينة جسر الشغور، ريف إدلب في إحدى المقرات الطبية".

صراع وراء الكواليس

ليس خافياً أن المرحلة الحرجة في معركة إدلب ستبدأ بعد انهيار التهدئة، وستدخل دمشق وموسكو في مواجهة أنقرة بحرب عض الأصابع، مع تزايد القلق التركي من التوافق الروسي والأميركي الذي يرى الدكتور صفوان قربي أنه يحرج الأتراك ويرغمهم على التخفيف من تماديهم في ما يخص محافظة إدلب، ويرغمهم أيضاً على الصمت في ما يخص العمليات العسكرية، والإيفاء بقائمة وبكثير من الالتزامات، ويرجح أن "تشهد الأيام المقبلة بعض التنازلات تصب في صالح الروس وسوريا بما يخص إدلب".

تركيا تريد شرعنة وجودها العسكري والسياسي في الشمال السوري، وتمنح مزيداً لسياسة التتريك في المنطقة التي تسيطر عليها في ريف حلب، لكسب الوقت، وإنضاج جسم سياسي مقبول إلى حد ما، بما يسمى اللجنة الدستورية، مع ابتزاز موسكو وطهران في ظل التوتر الناري بين إيران وأميركا، وحاجة إيرانية لمتنفس اقتصادي عن طريق تركيا، مع ترجيحات الدخول في عمليات تفاوضية ثانية من الجانب التركي، للاستحواذ على مكاسب سياسية مقابل تسليم إدلب مع ترجيح الدخول في حوار علني في هذا الشأن.

المزيد من العالم العربي