Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مقامرة بريطانيا الأخيرة بشأن بريكست تحت المجهر

تهدد بالعودة إلى المشكلات لإرغام الاتحاد على قبول تغييرات في بروتوكول إيرلندا الشمالية وقد تنجح في ذلك

تظاهرة تعارض خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وترفع شعاراتها عند مدخل البرلمان (غيتي)

من الملفت أن المملكة المتحدة استطاعت أن تنتزع عدداً من التنازلات من الاتحاد الأوروبي، على غرار ما فعلت في الجولة الحالية من المباحثات التي لاتنتهي حول "بريكست"، وذلك نظراً للتفاوت في القوة الاقتصادية النسبية للجانبين. جادلت الحكومة البريطانية وحلفاؤها الوحدويون في إيرلندا الشمالية أشهراً عدة بأن تطبيق الاتحاد الأوروبي بروتوكول إيرلندا الشمالية على نحو قانوني وحريص جداً على التفاصيل، من شأنه حرمانه من الشعبية وإظهاره كشيء سخيف. ورمزت سخافات "حروب النقانق" إلى موقف تافه من جانب الاتحاد الأوروبي. وجاء الرد المتأخر من الاتحاد الاوربي كي يشدد على نزاهة السوق الموحدة، بيد أن ممثليه لم يقدروا على مقارعة الحجة بالحجة في محكمة الرأي العام. وبدوا كأنهم غير معقولين، إذ لم يستوعبوا السلام الهش في إيرلندا الشمالية. واستنبطوا، بطريقة ما، وسيلة تجعل بوريس جونسون يبدو حساساً.

ومع ذلك، كان بإمكان الاتحاد الأوروبي أن يظل ثابتاً على موقفه، إلا أنه رضخ. ووعد ماروس سيفكوفيتش، نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، بتغييرات "بعيدة المدى للغاية". وحدث ذلك بالفعل. وجاءت صراحته معبرة بما فيه الكفاية في الكشف عن بعض التوترات داخل الاتحاد الأوروبي، إذ أوضح،  "لقد ذهبنا إلى أقصى حد قد تقبل به الدول الأعضاء، خصوصاً فرنسا". ومن الواضح أن الرئيس ماكرون يشعر بالغضب والإحباط، أقله بسبب "خيانة" تحالف "أوكوس" [بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا] ومعاملة الصيادين الفرنسيين. وحاضراً، يلغي الاتحاد الأوربي نصف العدد الإجمالي للشيكات المتبقية [له في ذمة لندن] تقريباً نزولاً عند طلب البريطانيين. وفي الواقع، ربما فعلوا ذلك أيضاً لدعم مصالح دولة عضو صغيرة هي إيرلندا، لا سيما أن حكومتها قلقة للغاية من استئناف العنف في شمال البلاد. وعلى أي حال، يجب أن يكون جونسون راضياً.

وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا الأمر، على غرار غيره من الممارسات التي ترمي إلى الاسترضاء، لم يؤد إلا إلى جعل الوحش أكثر جوعاً. وإذ استشعر البريطانيون ضعف الجانب الآخر، فإنهم، ممثلون بهذا الشكل المبتذل من خلال اللورد فروست، قد وسعوا من مطالبهم، بعدما صاغوا نصاً قانونياً جديداً للبروتوكول، وجردوا المحكمة الأوروبية من دورها في السوق الموحدة، وطالبوا الاتحاد الأوروبي بقبول معايير المملكة المتحدة بالكامل. ومن المفترض أن تكون تلك المعايير مقبولة أيضاً على الداوم، في إيرلندا الشمالية. إذاً، تصبح أي مخاطر على سلامة السوق الموحدة هي مشكلة أوروبا، وليس مشكلة بريطانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هل سيرضخ الاتحاد الأوربي مرة أخرى؟ ربما يفعل ذلك على أسس عملية. قد يقرر أنه سوف يتحمل وجود ثقب في السياج حول السوق الموحدة بدلاً من فرض حدود في جزيرة إيرلندا (أو محاولة ذلك)، ومشاهدة المسلحين من الجيش الجمهوري الإيرلندي من جهة والموالين لبريطانيا من جهة أخرى، يستأنفون العنف من جديد من النقطة التي توقف عندها مع إبرام اتفاق "الجمعة العظيمة" في 1998. يستخدم البريطانيون التهديدات بالعودة إلى المشكلات لإرغام الاتحاد الأوروبي على الإذعان . إنها مقامرة ساخرة وقاسية وخطيرة، لكنها قد تنجح.

أو ربما يفعل الاتحاد الأوروبي ما يرغب فيه الفرنسيون على الأرجح، فيرد أو يهدد، بفرض رسوم جمركية وحواجز، وحصص مفروضة على صادرات المملكة المتحدة، وكذلك الأمر مع السلع والخدمات المالية وغيرها من الخدمات. ومن شأن ذلك أن يلحق مزيداً من الضرر باقتصاد المملكة المتحدة أثناء سيره البطيء نحو التعافي. يمكن للفرنسيين أيضاً فرض قيود على إمداد "جيرسي" [جزيرة في بحر المانش قرب الشواطئ الفرنسية، وتتبع التاج البريطاني] بالكهرباء، والتراجع عن قبولهم التعاون بشأن قوارب المهاجرين، والسماح لسفن الصيد الخاصة بهم بمحاصرة موانئ القناة. ستكون تلك أسوأ مرحلة في العلاقات الأنغلوفرنسية منذ الوفاق الودي في 1904، وربما منذ الحروب النابليونية [في القرن التاسع عشر]. وسيصبح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أمراً كريهاً للغاية، إذا قالت باريس "لا" للبريطانيين.

© The Independent

المزيد من آراء