Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتجه البنوك العالمية للاندماج؟

بلغت قيمة هذه الصفقات 54 مليار دولار حتى أواخر سبتمبر الماضي

لا يزال الطلب على القروض من البنوك منخفضاً والأرباح من الإقراض ضئيلة (رويترز)

على المستوى العالمي، سيظل موضوع الاندماج المصرفي قائماً في ظل وجود عوامل تكامل أخرى مثل الرقمنة ومخاوف الربحية المنخفضة والدفع نحو التمويل المستدام والأرباح الصعبة وقضايا جودة الأصول والتدخل التنظيمي لإعادة تشكيل مشهد الصفقات المصرفية عام 2021. 

وعلى الرغم من التحديات الحقيقية التي تواجه الاقتصاد العالمي اليوم، وعلى رأسها استمرار جائحة كورونا وتحوراته، وإن تحسن المشهد العام مع انتشار التطعيمات، وفي ظل أزمة طاقة متفاقمة يقودها نقص الغاز في بريطانيا وأوروبا وأزمة كهرباء حقيقية في الصين والهند، على الرغم من تحسن سعر برميل النفط متجاوزاً 80 دولاراً، وفي ظل معدلات تضخم تخرج عن السيطرة وأسعار فائدة وغذاء آخذة في الارتفاع ومع تعثر في سلاسل الإمداد والشحن، لا تزال عمليات اندماج البنوك في طريقها للوصول إلى أعلى مستوى لها منذ الأزمة المالية عام 2008 (بلغت قيمتها حينها 17 مليار دولار)، حيث أعلنت عن صفقات تزيد قيمتها على 54 مليار دولار حتى أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، وفقاً لشركة "ديلوجيك".

وهو تحول حاد عن العام الماضي، عندما وضعت العديد من البنوك الإقليمية والمحلية خطط الاندماج على الرف. واليوم، يشعر المسؤولون التنفيذيون في البنوك بمزيد من اليقين بشأن ما يخبئه المستقبل، لكن البعض يجد صعوبة في تحقيق ذلك بمفرده. وعلى الرغم من تعافي الاقتصاد من نواح كثيرة هذا العام، مقارنة بعام الوباء 2020، لا يزال الطلب على القروض منخفضاً والأرباح من الإقراض ضئيلة.

وعلى الرغم من موجات التخلف عن سداد الديون التي رافقت الإغلاقات التي تسببت فيها الجائحة، فإن الموجة المتوقعة من حالات التخلف عن سداد القروض التي كان يعتقد أنها ستكون الأكثر حدة في تاريخ العالم لم تتحقق أبداً. وبحلول نهاية العام الماضي، استؤنفت محادثات الاندماج الجادة في العالم، وفقاً للمديرين التنفيذيين والملفات التنظيمية.

تعزيز القدرة على الصمود

ويعتقد وضاح الطه، عضو المجلس الاستشاري الوطني في معهد "تشارترد للأوراق المالية والاستثمار"، إمكانية حدوث موجة من الاندماجات بين البنوك في العالم. 

ويقول في تصريحات لـ"اندبندنت عربية"، إن البنوك تسعى دائماً إما إلى عمليات اندماج أو استحواذ، وهي عمليات تعزز من قدرة البنوك على الصمود في وجه المتغيرات الاقتصادية والتذبذبات والأزمات والكوارث، مما يجعل التوجه نحو هذه العمليات احتمالاً قائماً جداً، بخاصة لدى البنوك المتقدمة، كتلك الموجودة في أوروبا والولايات المتحدة والاقتصادات المتطورة الأخرى.

ثقافة الاندماج والاستحواذ

ويقول الطه "أحياناً هناك معاناة في المنطقة العربية، بسبب ثقافة مجالس الإدارة وانخفاض فكر الاندماج والاستحواذ، والحديث عن الخشية على مصلحة البنوك، لكن الخوف الحقيقي هو فقدان مقاعد مجالس الإدارات عند الدمج".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف الطه، أن الاندماج أو الاستحواذ يقوي البنوك ويجعلها أكثر صلابة في مواجهة المخاطر، كما أنه يعزز كفاية رأس المال ومنح الائتمان لديها، إلى جانب التخفيف الكبير من الكلفة التشغيلية والمصروفات العامة. أضف إلى ذلك، أن التوجه الرقمي للبنوك، والذي عززته جائحة كورونا دفع كثيراً منها إلى الاستغناء عن أكثر من فرع في منطقة واحدة وتقليل الكلف التشغيلية والتوجه بشكل أكبر نحو تبني الرقمنة.

وعلى مستوى المنطقة العربية، يقول الطه، إن عمليات الاندماج والاستحواذ الأبرز كانت في السعودية. وفي الإمارات، حصلت عمليات مماثلة مثل اندماج بنك أبو ظبي الوطني، وبنك الخليج الأول، وكذلك الاندماج بين بنك الاتحاد الوطني وبنك أبو ظبي التجاري، والاندماج بين بنك دبي الوطني وبنك الإمارات الدولي، الذي نتج عنه بنك الإمارات دبي الوطني، وهي اندماجات خلقت كيانات مصرفية أقوى. وتوقع الطه أن يشهد لبنان موجة قوية من عمليات الاندماج والاستحواذ المصرفية بعد أن يخرج من أزمته. أما في العراق، فهناك أكثر من 70 مصرفاً معظمها أشبه بالدكاكين، وتعتمد على المتاجرة بالدولار أكثر من كونها تمارس الأنشطة المصرفية الأساسية. ويعتقد أنه خلال ثلاث إلى خمس سنوات مقبلة ستشهد البلاد عمليات استحواذ عديدة.

40 ألف فرع بنكي سيغلق عالمياً

ووفقاً لتقرير صادر عن شركة "كيرني"، والتي كانت أحد فروع "ماكينزي" قبل أن تستقل عام 1939، سيتم إغلاق 40 ألف فرع بنكي في جميع أنحاء أوروبا (25 في المئة) في السنوات الثلاث المقبلة، حيث تدفع جائحة "كوفيد-19" إلى انتشار الخدمات المصرفية الرقمية. 

وبدأت الموجة التالية من عمليات توحيد البنوك في الظهور بالفعل، بخاصة في أوروبا. وتتوقع شركة "كي بي أم جي" الاستشارية، أن تركز البنوك التقدمية على اكتساب القدرات الرقمية مثل الذكاء الاصطناعي والتحليلات المتقدمة، لتحسين عملية الفرز المستهدفة وبناء لوحات معلومات تفاعلية لتجربة العملاء.

تخفيض التكاليف وتعظيم الأرباح

من جانبه، يقول المحلل الاقتصادي الكويتي محمد رمضان، إن جائحة "كوفيد-19" قد أدخلت البنوك في مشاكل عدة، أبرزها تراجع معدلات وعوائد الفوائد وكذلك المشاكل التي برزت في محافظ البنوك، بخاصة أن هناك بنوكاً لم تعتمد الرقمنة بالشكل الكافي وكانت الأكثر تأثراً خلال الجائحة، وتحديداً مع موجة الإغلاق التي تسبب بها الوباء، إلى جانب عوامل أخرى عديدة. 

وأضاف رمضان "شهدنا أيضاً تراجع تقييم البنوك في دفاترها، وبالتالي أصبح خيار الاندماج، بخاصة أوروبياً، قائماً من أجل تعزيز قوتها وتوسيع محافظها وخفض المخاطر"، وأشار رمضان إلى حدوث اندماجات في البنوك الأوروبية على المستويات المحلية، قائلاً "ليس هذا هو المطلوب، إنما رؤية اندماجات على المستوى الدولي". 

ونوه المحلل الاقتصادي الكويتي إلى أن عمليات الاندماج والاستحواذ تستغرق وقتاً، بسبب محاولة دراسة استكشاف العوامل المشتركة بين هذه البنوك والتي تقلل الكلفة، بخاصة أن الاندماجات ما بين البنوك عادة ما تخفض التكاليف وتعظم الأرباح وتعزز المكانة والجاذبية، في ظل إقبال المستثمرين على الاقتراض مع عودة الحياة إلى طبيعتها وانحسار الوباء.

كان 2019 عاماً مميزاً لعمليات اندماج البنوك، لكن مزيداً من الشركات الإقليمية الرئيسة تلعب دورها هذا العام. وعلى الرغم من أن عدد الصفقات هذا العام أقل مما كان عليه عام 2019، فإن القيمة الإجمالية أعلى مما كانت عليه قبل عامين.

الرقمنة

في سبتمبر 2020، أعلن "دويتشه بنك" الألماني عن إغلاق 100 فرع من أصل 500، في مسعى لخفض التكاليف من خلال الاستفادة من انتقال العملاء إلى القنوات الرقمية. 

وفي مايو (أيار) الماضي، أوضح البنك أنه ينظر إلى الوباء كفرصة لخفض التكاليف، مشيراً إلى أن العمل من المنزل وعقد المؤتمرات عبر الفيديو يمكن أن يوفر المال. ويستثمر البنك ما قيمته 13 مليار يورو (15 مليار دولار) في التكنولوجيا الجديدة على مدى السنوات الأربع المقبلة.

وتقول شركة "كي بي أم جي" الاستشارية في مجال التدقيق والضرائب، والتي تعمل في 146 دولة حول العالم، إن زيادة المشاركة الرقمية هي المحرك الأساس لنشاط الصفقات عام 2021، إذ تقلل الفروع المادية. وعلى الصعيد العالمي، من المرجح أن تضع البنوك مزيداً من استثمارات رأس المال في شراء التكنولوجيا الجديدة والرقمنة.

اقرأ المزيد