Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تمثيل المرأة التونسية في حكومة بودن... إنجاز لافت حتى لو تأخر

"هن وزيرات متألقات وجامعيات بارزات ولكن هن أيضاً ربات بيوت مناضلات من أجل عائلاتهن لا شك في ذلك"

الصورة التذكارية للحكومة التونسية في 11 أكتوبر الحالي (أ ف ب)

تسع وزيرات ورئيسة حكومة، حصيلة نالت رضا معظم التونسيين، فكان تمثيل المرأة في حكومة نجلاء بودن الأرفع في تاريخ البلاد، فرحّبت أطياف واسعة بهذا الإنجاز، الذي وإن طال انتظاره، إلا أنه وبحسب مراقبين للشأن العام، يُعتبر نتيجةً طبيعية لنضالات المرأة التونسية، إضافة إلى المطالبة المستمرة للمنظمات النسوية والحقوقية بضرورة إعطاء النساء حقوقهن في تبوّؤ المناصب القيادية. لكن هذا الإنجاز تأخر على الرغم من ترسانة القوانين التي تساوي المرأة بالرجل في تونس، إذ ظلت المرأة لعقود الورقة التي يتحاذق السياسيون الحداثيون في اللعب بها وجعلها واجهةً يجمّلون بها قوائمهم الانتخابية، حتى إن الرئيس التونسي قيس سعيد قال منتقداً نظرة البعض تجاه النساء، إن "المرأة في تونس ليست مسحوقاً لتجميل المؤسسات".

القدرة على النجاح

وربط البعض ثقة قيس سعيد بالنساء في ملف محاربة الفساد، باعتبار أن المرأة أقل فساداً من الرجل بحسب دراسة رسمية للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد صدرت عام 2020. وقالت إحدت التونسيات في فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي إن "قيس سعيد وضع امرأة على رأس الحكومة لأن المرأة لا تسرق وتعرف قيمة المال وكيفية التصرف فيه لأنها ربة العائلة الفعلية في كل بيت"، إذ إن غالبية الوزارات التي ترتبط بالاقتصاد والمال كانت من نصيب نساء.

وأظهرت الدراسة التي نشرتها هيئة مكافحة الفساد السابقة أن "نسبة النساء اللواتي وقع التبليغ عنهن في شبهات فساد بلغت 3 في المئة فقط"، وتُعتبر نسبة ضئيلة مقارنةً بالرجال.

كما تنبع ثقة سعيد من اقتناعه بأن المرأة التونسية قادرة اليوم على النجاح في مناصب عليا في الدولة. ويفسر ذلك اعتماد الرئيس التونسي على المرأة حتى في قصر قرطاج من خلال مستشارته الأولى، ذراعه اليمنى، الشابة نادية عكاشة التي يقول البعض إن لها دوراً كبيراً في قرارات سعيد وفي رسم الخطوط الأساسية لسياسته.

مفخرة تونس

في هذا الصدد، قالت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية راضية الجربي إن "حكومة بودن وما أعطته للمرأة من مكانة جديرة بها تُعتبر مفخرة لتونس خصوصاً والعرب عموماً". وأضافت أنه "من خلال هذه الحكومة نستطيع القول إن تونس عادت بقوة إلى مكانتها في تصدّر الدول العربية الأكثر دفاعاً عن حقوق المرأة والأكثر احتراماً لتمثيل النساء في المناصب المهمة وأيضاً من البلدان التي تحترم مبدأ المساواة".

وتابعت الجربي "هذه الحكومة هي استجابة لنداءات نساء تونس ورجالها من أجل فرض المساواة في كل المجالات. ونحن كاتحاد وطني للمرأة في تونس نادينا أكثر من مرة من أجل إعطاء المرأة التونسية حقها في إدارة شأن البلاد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورأت أن "عدد النساء في هذه الحكومة له دلالة قوية، فهو خلاصة نضالات طويلة للوصول إلى هذه الدرجة المشرفة". وزادت أنه "من خلال تركيبة هذه الحكومة، يمكن استخلاص ثلاثة رسائل، أولها أن رئيستها سيدة وهذا مهم جداً، فإن إعطاء المرأة التونسية فرصتها ليس في عدد الوزيرات فحسب، بل الأهم في مَن يقود السفينة ويرأس الفريق بأكمله، وهذا التنصيب لديه رمزية كبيرة. الرسالة الثانية هي تنصيب امرأة على رأس وزارة العدل ومفادها بأن المرأة ستدير ملفات كبرى تم تغافلها في الأعوام الأخيرة. والرسالة الثالثة والأخيرة هي أن "رئيس الجمهورية لديه الثقة التامة بالمرأة التونسية ومقتنع بأنها قادرة على قيادة هذه المرحلة المهمة والصعبة التي تشكو فيها البلاد من صعوبات اقتصادية واجتماعية عدة". وأوضحت الجربي أن "غالبية الوزارات المهمة التي ترتبط مباشرةً بحياة التونسيين كانت من نصيب المرأة، على غرار وزارات الاقتصاد والمالية والتجارة والفلاحة".

أيادي الوزيرات

ولا يمكن أن نتحدث عن المرأة من دون الحديث عن أناقتها وجمالها وكيفية التوفيق بين منصبها وعائلتها، وفي هذا الصدد كتب الدبلوماسي، الباحث في مجال الصورة والاتصال خليل بن عبدالله "بعد التسليم بأناقة الوزيرات من خلال حفل التنصيب وأداء القسم على المصحف الشريف، تأكد لي أن أياديهن لم تكُن منمقات. فلا أظافر اصطناعية ولا تبرّج ساطع ولا شيء مما تصنعه النساء العاديات في أقل من مناسبات كهذه". وأضاف "كانت الأيادي جميلة ولكنها أيادي عادية بأظافر عادية". وتابع "هن وزيرات متألقات وجامعيات بارزات، ولكن بالعربي الفصيح هن أيضاً ربات بيوت مناضلات من أجل عائلاتهن لا شك في ذلك".

إلا أن الناشطة الحقوقية والنسوية بشرى بلحاح حميدة وإن لم تُخفِ سرورها بتمثيل النساء في حكومة تقودها للمرة الأولى في تاريخ تونس امرأة، إلا أنها تعتقد أن الرئيس "سعيد يبقى ذلك الرجل المحافظ الذي رفض المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة"، لكنها أشارت إلى أن "ما جاء من مكاسب خلال فترته مهم جداً ويجب تثمينه مع مواصلة النضال لتحقيق المساواة الكاملة".

المزيد من العالم العربي