Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تقارير ترصد الانتهاكات بحق المهاجرين في مراكز الاحتجاز الليبية

مددت الأمم المتحدة عمل بعثة تقصي الحقائق في البلاد تسعة أشهر لرصد هذه الجرائم

مهاجرون مجمّعون في أحد مراكز الاحتجاز في طرابلس في 12 أكتوبر الحالي (رويترز)

واصلت المنظمات الدولية نشر تفاصيل مقلقة عن الأوضاع الإنسانية في ليبيا، على الرغم من تحسن الأوضاع الأمنية في البلاد وتوقف الاشتباكات المسلحة منذ أكثر من عام، وانتخاب حكومة موحدة قبل أكثر من ستة أشهر.

وسلّطت حادثة إطلاق نار على مهاجرين حاولوا الفرار من مركز احتجاز في العاصمة طرابلس، الضوء مجدداً على الانتهاكات التي ما زالت أطراف ليبية عدة تمارسها بحق مهاجرين أفارقة في مراكز الإيواء، ما دفع الأمم المتحدة إلى تمديد عمل بعثة تقصي الحقائق في ليبيا تسعة أشهر أخرى، لرصد هذه الجرائم.

عنف مفرط

واتهمت منظمة العفو الدولية في تقرير أصدرته الثلاثاء 12 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، قوات الأمن في طرابلس، باستخدام "القوة المميتة غير المشروعة" في عملية اعتقال أكثر من 5 آلاف مهاجر.

وجاء في التقرير أن "قوات الأمن والميليشيات الليبية في طرابلس استخدمت القوة المميتة غير المشروعة وأنواعاً أخرى من العنف، في عمليات اعتقال غير مسبوقة لأكثر من 5000 رجل وامرأة وطفل، من جنسيات أفريقية مختلفة، وتحتجزهم في ظروف مروعة إذ يتفشى التعذيب والاعتداء الجنسي". وأضافت المنظمة أنه "في 1 أكتوبر، اقتحم مسلحون من الميليشيات وقوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية الليبية، بشكل عنيف، المنازل والملاجئ المؤقتة في منطقة قرقارش في طرابلس، التي تضم عدداً كبيراً من اللاجئين والمهاجرين وأطلقوا أعيرة من الذخيرة الحية باتجاه هؤلاء وأتلفوا ممتلكاتهم، وسرقوا أغراضهم الثمينة".

ونددت المنظمة بظروف نقل المهاجرين واللاجئين المروَّعين، ومن بينهم كثيرين مسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إلى مراكز الاحتجاز في طرابلس، قائلةً إنهم "حُرموا من الوصول المنتظم والخصوصي إلى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والوكالات الإنسانية الأخرى، وتعرضوا للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة".

سجل مروّع

ونقلت المنظمة عن ديانا الطحاوي، نائب مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، قولها إن "لدى القوات الليبية سجلاً مروّعاً في تعريض اللاجئين والمهاجرين لأهوال لا يمكن تصورها مع الإفلات من العقاب". وأضافت أن "استخدام القوة المميتة غير المشروعة للقبض على آلاف الرجال والنساء والأطفال العزل فقط على أساس عرقهم يُعدّ مستوى متدنّياً جديداً، ويُظهر مدى ازدراء السلطات التام لحياة وكرامة اللاجئين والمهاجرين".

وحثت الطحاوي، السلطات الليبية على "الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين تعسفاً، فقط على أساس وضعهم كمهاجرين، وفتح تحقيقات في كل حوادث الاستخدام غير المشروع للقوة والتعذيب والعنف الجنسي".

زيادة ملحوظة في الانتهاكات
من جانب آخر، طالبت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان السلطات الليبية بـ"إطلاق جميع المهاجرين ووقف إجلائهم، وإجراء تحقيق في (مزاعم) الاستخدام غير الضروري للقوة ضدهم، في وقائع عدة، منها أحداث قرقارش الأخيرة في طرابلس".

ونقل الموقع الإلكتروني للمفوضية عن الناطقة باسمها مارتا هورتادو، قولها إن "المفوضية رصدت زيادة ملحوظة في العمليات الأمنية القاسية التي تستهدف المهاجرين في ليبيا"، مشيرةً إلى أن "تلك العمليات أدت إلى سقوط قتلى ومصابين بجروح خطيرة".

وتابعت هورتادو، "تزايدت حالات اعتقال المهاجرين في ظروف مروّعة، فضلاً عن طرد أفراد إلى بلدان أفريقية جنوب الصحراء، من دون اتّباع الإجراءات القانونية الواجبة، في انتهاك لمبدأ عدم الإعادة القسرية وحظر الطرد الجماعي".

مداهمة "قرقارش"
واستهجنت المفوضية، الإجراءات العنيفة التي استُخدمت في المداهمة الأمنية بمنطقة قرقارش في العاصمة الليبية، مطلع شهر أكتوبر الحالي، قائلةً إن "المكان الواقع غرب طرابلس، يعيش فيه مئات المهاجرين، من بينهم مسجلون في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وجرى خلالها القبض على النساء والأطفال والرجال وتقييد أيديهم، واستخدمت قوات الأمن القوة غير الضرورية وغير المتناسبة لاحتجازهم، بما في ذلك إطلاق النار وضرب من قاوموا أو حاولوا الفرار، ونتيجةً لذلك، توفي شخص واحد على الأقل، وأُصيب خمسة آخرون، واعتُقل أكثر من أربعة آلاف".

خطر محدق بالأطفال والنساء

بالتزامن مع هذه التقارير الدولية التي كشفت عن زيادة مطّردة في الانتهاكات التي تُرتكب بحق المهاجرين، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" من "تعرّض ألف امرأة وطفل بمراكز الاحتجاز، في العاصمة طرابلس، إلى خطر فوري".

وأوضحت المنظمة في بيان صدر عن القائمة بأعمال الممثل الخاص لها في ليبيا كريستينا بروجيولو، أن "5 أطفال غير مصحوبين بذويهم و30 رضيعاً، في خطر فوري بعد أن تمت الاعتقالات الجماعية الأخيرة للمهاجرين غير الشرعيين".

وطالبت بروجيولو بالتحرك السريع لحمايتهم، مبيّنةً أن "الأطفال المهاجرين واللاجئين في ليبيا لا يزالون يواجهون انتهاكات جسيمة لحقوق الطفل، بما في ذلك الاحتجاز التعسفي، إذ يُتركون في ظل ظروف صعبة وغير إنسانية في مراكز الاحتجاز".

ولفتت إلى أن أعداد الأطفال في هذه المراكز أضخم مما يتم الإعلان عنه بكثير، "يمكننا افتراض أن العدد الفعلي للأطفال المحتجزين قد يكون أعلى مما ذُكر بكثير، إذ ورد أن كثراً من الأولاد يوضَعون في غرف مع ذكور بالغين، فتستقبل المراكز أعداداً أكبر بكثير من طاقتها الاستيعابية". وبيّنت أن "أكبر مركز احتجاز في ليبيا (مركز المباني) يضم أكثر من 5 آلاف شخص، ما يمثل أربعة أضعاف سعته الرسمية، ومن بين هؤلاء 100 طفل و300 امرأة، فيما نُقل المحتجَزون الـ1772 الباقون، وبينهم 43 طفلاً و106 نساء إلى مركز الاحتجاز في عين زارة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحث البيان، سلطات ليبيا على حماية الأطفال ومنع فصلهم عن والديهم ومقدمي الرعاية وعائلاتهم، داعياً إلى "الإفراج الفوري عن جميع الأطفال في مراكز الاحتجاز"، الذين قالت بروجيولو عنهم "نحن مستعدون لتقديم الدعم الفني مع شركائنا، بما في ذلك ترتيبات رعاية الأطفال البديلة".

التمديد لبعثة تقصي الحقائق

ومع تواتر هذه التقارير الدولية المحزنة عن الأوضاع الإنسانية في ليبيا، أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم "تمديد ولاية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لبعثة تقصي الحقائق في ليبيا لمدة تسعة أشهر، إلى جانب تقديم تقريرها إلى المجلس في دورته الخمسين".

وأعلنت البعثة دعمها لعمل ونتائج بعثة تقصي الحقائق كلياً، مشيرةً إلى أنه "أمر بالغ الأهمية لدعم مطالب الليبيين بالحقيقة والعدالة والمساءلة".

ودعت "كل الجهات الفاعلة، بما فيها الدول الأعضاء، إلى دعم ولايتها من خلال توفير المعلومات وأي دليل على انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني".

وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أنشأ في يونيو (حزيران) 2020 البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا، للتحقيق في الانتهاكات والتجاوزات المرتكبة ضد حقوق الإنسان في كل أنحاء البلاد، من جميع الأطراف منذ بداية عام 2016.

وبيّن المجلس في قرار إنشاء البعثة أن "عملها يهدف إلى وقف استمرار تدهور وضع حقوق الإنسان، وضمان المحاسبة لمرتكبي الانتهاكات الإنسانية والتجاوزات الحقوقية".

المزيد من العالم العربي