Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا تعني ولادة إقليم إثيوبي جديد بالنسبة إلى الدولة الفيدرالية؟

يتحدث مراقبون عن اتجاه إقليم شعوب جنوب إثيوبيا إلى مزيد من الانشطار

إثيوبيون يقفون تحت لافتة في مدينة بونغا الجنوبية تدعوهم إلى التصويت في الاستفتاء على انشاء الإقليم الجديد (أ ف ب)

أعلن مجلس الانتخابات القومي الإثيوبي أخيراً النتائج الأولية للتصويت على إنشاء إقليم جديد في جنوب البلاد. وقال عضو مجلس الانتخابات وبشت أيلي في مؤتمر صحافي السبت الماضي، إن التصويت على إنشاء الإقليم الذي يحمل اسم "إقليم شعب جنوب غربي إثيوبيا" حقق نسبة نجاح بلغت 93 في المئة، وإن النتائج الأولية لعملية الاستفتاء أظهرت أن 1.22 مليون ناخب صوتوا لمصلحة إنشاء الإقليم المقترح، بينما صوت 24 ألف ناخب لمصلحة بقاء الإقليم ضمن إقليم شعوب جنوب إثيوبيا. وأضاف أيلي أن "1.26 مليون ناخب شاركوا في عملية التصويت" التي جرت في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي.

إقليم خاص

وبدأت قصة "إقليم جنوب غربي إثيوبيا" منذ عهد رئيس الوزراء الأسبق ملس زيناوي، حين ضمت الحكومة مناطق جنوب غربي البلاد إلى "إقليم شعوب جنوب إثيوبيا" مع مكونات قومية أخرى، وتبعت تلك الخطوة ظروف سياسية متباينة، إلا أن غالبية أهالي منطقة جنوب غربي إثيوبيا والتي تضم خمس مناطق، لم يرق لهم الانضمام إلى إقليم يجمعهم مع قوميات أخرى، فنادوا منذ ذلك الوقت بإنشاء إقليم خاص بهم يحمل اسم "إقليم جنوب غربي إثيوبيا" باعتبارها منطقة ذات انسجام قومي ومكونات منفصلة عن إقليم شعوب جنوب إثيوبيا.

إقليم جنوب إثيوبيا

ويعتبر إقليم "شعوب جنوب إثيوبيا"، مجتمع الأقاليم الإثيوبية، لما يضمه من قوميات متعددة الأعراق والإثنيات. وكانت قومية "السيداما" التي تشكل نحو 4 ملايين نسمة، أولى القوميات التي تسنى لها الانفصال عن الإقليم العام الماضي بعد مطالبات استمرت سنوات طويلة.
ويكفل الدستور للقوميات الإثيوبية التي يجمعها إقليم واحد حق التصويت على إقامة إقليم خاص بها إذا طلبت ذلك، ضامناً لها في حال الفوز بالتصويت الانفصال وتكوين إقليمها الخاص، إضافة إلى حقوق "جباية بعض الضرائب واختيار اللغة الرسمية للإقليم، وإدارة قوات أمن خاصة، فضلاً عن سن قوانين بشأن قضايا مثل التعليم وإدارة الأراضي".
ويقع إقليم جنوب إثيوبيا الذي يقدر تعداده بـ17 مليون نسمة بمحاذاة دولة كينيا، وتحده دولة جنوب السودان من الجنوب الغربي، وتمتد حدوده في الشمال الغربي بجوار إقليم "غامبيلا" الإثيوبي، كما يحاذي إقليم أوروميا من الشرق والشمال.
وكان تكوينه في عام 1992 ضمن بناء النظام الفيدرالي الذي جمع قوميات عدة تحت مسمى إقليم جنوب إثيوبيا، وضم قوميات جنوب غرب إثيوبيا وسيداما وولايتا والهديا وقوراقي وجامو وسيليتا، وهي قوميات تعتبر رئيسة إلى جانب أخرى صغيرة يزيد مجموعها على الـ50 قومية، تجمع مزيجاً من التنوع ولها عادات وتقاليد عدة.

وعد فيدرالي

ويأتي إعلان انفصال "إقليم شعب جنوب غربي إثيوبيا" الذي بات الإقليم الـ 11 ضمن الأقاليم الإثيوبية، تماشياً مع الشروط التي وضعتها الحكومة الانتقالية السابقة، حيث عبر سكان الإقليم رسمياً في 30 سبتمبر من العام الماضي عن رغبتهم في إنشاء إقليمهم الخاص، ومن ثم سُمح لهم بإجراء استفتاء الانفصال الذي جرى أخيراً.
وكان مجلس الانتخابات، وهو هيئة دستورية مستقلة، ذكر في بيان سابق له في أبريل (شباط) الماضي، أنه "سينظم عملية استفتاء لإقليم جنوب غرب إثيوبيا" بالتزامن مع الانتخابات العامة، حول اقتراح إقليم جديد يحمل اسم "شعب جنوب غربي إثيوبيا".

وأوضح المجلس أن "إقليم شعب جنوب غربي إثيوبيا والذي يتكون من خمس مناطق هي كونتا وغرب أورومو وبينش شكو وكافا داور وشيكا، يجري الاستفتاء عليه، وفي حال تصويت سكان هذه المناطق بالموافقة سيصبح الإقليم الـ 11 قائماً بذاته بعدما كانت شعوبه ضمن إقليم شعوب جنوب إثيوبيا".
وكانت إثيوبيا قبل الاستفتاء تتكون من 10 أقاليم هي أمهرة وتغراي وأوروميا وعفار والصومال الإثيوبي وبني شنقول جموز وشعوب جنوب إثيوبيا وجامبيلا والسيداما وهرر، إضافة إلى إدارتي مدينة أديس أبابا ودريداوا المستقلتين.

وتتبع البلاد نظام الجمهورية البرلمانية الفيدرالية الذي يمثل فيه رئيس الوزراء والحكومة السلطة التنفيذية.
ويذكر أن أهم المزايا التي تحققها استقلالية الإقليم إضافة إلى الامتيازات القومية السالفة، مشاريع البنية التحتية والخدمات الحكومية المختلفة التي توفر للإقليم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشير توقعات بعض المصادر إلى اتجاه إقليم شعوب جنوب إثيوبيا إلى مزيد من الانشطار بعد انفصال إقليمي السيداما وشعب جنوب غربي إثيوبيا في حال مصادقة المجلس الفيدرالي على مطالب قوميات أخرى بالانفصال لتكوين أقاليمها الخاصة، وهو ما ترجحه الأجواء الفيدرالية في ظل التنافسات القومية.

 طموحات قومية

وضمن الرؤى المؤيدة للفيدرالية باعتبارها خياراً سياسياً يلبي الطموحات القومية للأفراد، قال المؤرخ الإثيوبي آدم كامل إن "إثيوبيا مرت بأنظمة عدة بدءاً بالملكية مروراً بالأنظمة الدكتاتورية بما فيها الاشتراكية، وعانت المجتمعات الإقليمية مشكلات جمة، وعلى الرغم من الواقع الإثيوبي الحالي يعتبر الخيار الفيدرالي الأنسب نظراً إلى تعدد المزايا لدى مختلف القبائل والإثنيات".
وأشار آدم كامل إلى أن "النظام الفيدرالي في حقيقته يشكل تجاوباً ما بين حاجات الشعوب وواجبات الحكومات، وفق تعارف وتوائم يحقق السلام والتنمية، وهو ما تسعى إليه الحكومة الإثيوبية الحالية".

وأضاف أن "إثيوبيا تنظر إلى المستقبل بتفاؤل كبير في توظيف طاقات الشعب بمختلف فصائله ومكوناته وبخاصة عنصر الشباب، وضمن ما تحرص عليه الدولة ألا وهو السير وفق الدستور الذي كرس النظام الفيدرالي، وأكبر دليل على ذلك ما تحقق من استجابة لبعض القوميات مثل قوميتي السيداما وشعب جنوب غربي إثيوبيا".
وفي ما يتعلق بغايات الفيدرالية ومسار المرحلة المقبلة في البلاد، أكد أن "تكامل العطاء ما بين الدولة والأقاليم يحقق غايات الفيدرالية بمختلف أشكالها"، مضيفاً أن "ما ينتظر من الحكومة الإثيوبية الجديدة المنتخبة، والتي ضمت عناصر عدة كانت معارضة، هو تحقيق سلام اجتماعي كهدف رئيس للمرحلة، تأتي في ظله التنمية المنشودة التي وعد بها حزب الازدهار الحاكم في كل أنحاء إثيوبيا".

الدعم المتبادل

في سياق متصل، قال مدير المركز الأفريقي للاستشارات معتصم عبدالقادر الحسن إن "نجاح الأنظمة الفيدرالية يتمثل في التضامن والدعم المتبادل ما بين الحكومات والشعوب وكافة الفئات المجتمعية، فضلاً عن احترام حقوق الأقليات ومراعاة خصوصياتها سواء الدينية أو الثقافية. أما في غياب الاحترام المتبادل للحقوق فتظهر المشكلات".

وأضاف أن "الفيدرالية في القارة الأفريقية لا تزال في بداية طريقها، حيث تعاني دول عدة من فقدان عنصر السلام، سواء في ما بين أعراقها أو بين مكوناتها العرقية وحكوماتها، وذلك عائد لفقدان الشفافية".
إلا أن عبدالقادر الحسن أشار من جهة أخرى إلى أنه "على الرغم من أن هدف الفيدرالية يتمثل في إنشاء نظام موحد مبني على اللامركزية، إلا أن التوسع في التقسيمات العرقية في غياب النظام المهيمن يمكن أن يشكل أخطاراً مستقبلية تتمثل في ضعف الدولة وتنازعات الهوية فيها".

وتابع "من الأمثلة الناجحة للفيدرالية توفر الهند، على الرغم من الكثافة السكانية العالية، نموذجاً للفيدرالية الآسيوية في تحقيق الاستقرار والتعايش السلمي بين المكونات. وفي الحال الأفريقية هناك دول تسير ببطء في أنظمتها الفيدرالية ومعالجة الآثار السلبية عبر أجهزة راسخة، وتعتبر نيجيريا نموذجاً أفريقياً للفيدرالية على الرغم مما تعانيه من موجات عنف أحياناً".

المزيد من دوليات