Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحكومة الليبية الموحدة مهددة بالانقسام

ممثلو إقليم برقة يحتجون على ممارسات رئيس الوزراء

رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة (رويترز)

بعد ستة أشهر من انتخابها، تحت اسم حكومة الوحدة الوطنية، بهدف توحيد المؤسسات الليبية المنقسمة شرقاً وغرباً، ولملمة شتات البلاد المنقسمة بين دولتين، في بنغازي وطرابلس، بدأت الخلافات بشأن سياسات الحكومة تهدد بشبح الانقسام، وربما التقسيم. وقد بدا ذلك واضحاً في بيان لممثلي إقليم برقة في البرلمان والحكومة، احتجاجاً على ممارسات رئيس الوزراء، عبد الحميد الدبيبة.

وكانت قضية رواتب الجيش في الشرق، التي جُمدت بقرار من الدبيبة، من أبرز المسببات في تصعيد اللهجة البرقاوية ضد الحكومة ورئيسها، إضافة إلى الاحتقان في مجلس النواب من رفض رئيس الوزراء الاستجابة لملاحظاته على الأداء الحكومي، ما تسبب بتحويل الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال، بقرار برلماني، قبل أسابيع قليلة.

بيان حاد من بنغازي

قال مسؤولون حكوميون ونواب ونشطاء سياسيون، يمثلون إقليم برقة شرق ليبيا، إن "رئاسة الحكومة الموحدة لم تلتزم بتنفيذ بنود الاتفاق السياسي والمبادئ الحاكمة لخريطة الطريق، من توحيد للمؤسسات والتوزيع العادل للمقدرات، بالطرق القانونية الصحيحة بين الأقاليم الليبية".

وأشار ممثلو برقة، الذين مثلهم النائب الأول لرئيس الحكومة والوزراء والوكلاء وعمداء البلديات، وبعض النواب في البرلمان، إلى أن "السلطة التنفيذية جاءت نتيجة خريطة طريق وضعت على أساس التوازن الجغرافي، لضمان عدالة التوزيع وتكافؤ الفرص، لكنها لم ترتق إلى مستوى المسؤولية الوطنية والتاريخية، ووقعت في مسالك الإدارة الديكتاتورية الفردية والحسابات الشخصية وإضعاف العمل المؤسسي والتنفيذي".

وأضاف البيان، أن "الحكومة فشلت في إدارة الاختلاف السياسي، ووصل الأمر إلى إصدار رئاسة الحكومة قرارات باسم مجلس الوزراء بشكل فردي، ومن دون العرض على مجلس الوزراء، وهناك قرارات صدرت بالتعدي على اختصاص بعض الوزراء، التي حددها القانون".

وتابع أن "رئاسة الحكومة لم تلتزم بتحديد اختصاصات نواب رئيس الوزراء، مثلما نص عليه الاتفاق السياسي، مما أسهم في تعزيز فكرة المركزية الإدارية".

وطالب ممثلو برقة بـ"إعادة المؤسسات والوحدات الإدارية المركزية التي كانت قائمة في برقة فوراً، وتفعيل بنود الاتفاق السياسي كلها، بما يضمن حقوق الأقاليم في الدولة، بما فيها برقة".

واستهجن البيان ما وصفه بـ"تعنت رئيس الحكومة واحتفاظه بوزارة الدفاع، وعدم اتخاذه الإجراءات اللازمة لتسمية وزير في المنصب، والتصريحات الإعلامية غير المسؤولة لرئيس الحكومة، التي لا تخدم المصلحة العليا للوطن، بل تزيد الفرقة والشقاق بين أبنائه".

تهديد بالتصعيد

في السياق، قال نائب رئيس الحكومة، حسين القطراني، إن "رئاسة الوزراء صرفت أكثر من 48 مليار دينار (قرابة عشرة مليارات دولار)، ولم يتحصل إقليم برقة منها على حقوقه المشروعة".

وأضاف القطراني أن "كل المؤسسات في برقة عاجزة عن أداء مهماتها، بسبب سحب اختصاصاتها وقفل مكاتبها وإلغاء بعض الهيئات، وأن تصرفات رئيس الحكومة تمادت، حتى وصلت إلى إيقاف رواتب القوات المسلحة والأجهزة الأمنية".

وتابع أنه "سيكون لنا موقف تصعيدي عقب البيان وفق القانون، إذا لم ينظر في مطالبنا"، ذاكراً أنه "خاطب الأمين العام للأمم المتحدة، مطالباً بمراقبين دوليين لمتابعة أداء الحكومة".

البعثة الأممية تتحسس الخطر

وفي الوقت الذي لم تعلق فيه الحكومة الموحدة في طرابلس على بيان ممثلي إقليم برقة الصادر في بنغازي، تحسست بعثة الأمم المتحدة الخطر الآتي من الشرق، على خريطة الطريق السياسية، وشددت في بيان على "ضرورة معالجة حكومة الوحدة الوطنية الإشكالات الواردة في بيان (مسؤولي برقة) فوراً". ودعت "جميع الأطراف إلى الدخول في حوار مباشر لإيجاد حلول لجميع المخاوف والالتزام بخريطة الطريق".

وقالت البعثة إنها "تلقت بياناً من مسؤولي برقة في حكومة الوحدة الوطنية، صدر عقب اجتماع في بنغازي، وأحيطت بالإشكالات الوارد ذكرها في البيان، وتدعو حكومة الوحدة الوطنية إلى السعي في معالجتها من دون تأخير".

وحث البيان "جميع الأطراف على تفادي التصعيد والامتناع عن أي عمل يمكن أن يهدد وحدة البلاد ومؤسساتها، وسلامة الشعب الليبي، ويشكل تهديداً للسلم والأمن الوطني والدولي، ويمكن أن يعرقل، بشكل مباشر أو غير مباشر، إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر (كانون الأول)".

وذكرت البعثة بـ"قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، التي تشير إلى إمكانية النظر في تدابير محتملة بحق الأفراد أو الكيانات التي تعرقل اكتمال الانتقال السياسي في ليبيا".

المنفي يتعهد بحل الأزمة

في المقابل، قال رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، إن "المجلس سيعمل على حلحلة الإشكالات التي أدت إلى صدور بيان ممثلي إقليم برقة، وإنه على تواصل مستمر مع الحكومة، وجميع الأطراف، لضمان سير العملية السياسية، وفق خريطة الطريق ومخرجات الحوار السياسي الليبي".

وأشار المنفي إلى "سعيه لتحقيق العدالة الاجتماعية بين أبناء الوطن الواحد، والوصول إلى إجراء الاستحقاقات الانتخابية في موعدها".

التلويح بحكومة "موازية"

واعتبر عضو مجلس النواب، جبريل اوحيدة، أن تصريحات نائب رئيس الحكومة، حسين القطراني، ومن معه من الوزراء، "ناشئة من الظلم الذي تعرضوا له من رئيس الحكومة، وأن اجتماعهم هو عبارة عن ضغط على الحكومة فحسب، لتمكينهم من ممارسة اختصاصاتهم التي سلبت منهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بينما صرحت عضو مجلس النواب، عائشة الطبلقي، أن "إمكانية تشكيل حكومة موازية في مدينة بنغازي أصبحت أمراً وارداً جداً، خلال الفترة المقبلة، إذا لم تحقق الحكومة العدالة لكل الأقاليم".

وأشارت الطبلقي إلى أن "السبب في إمكانية خلق حكومة موازية يكمن في ممارسات حكومة الوحدة الوطنية، التي يترأسها الدبيبة في طرابلس، وسوء أدائها في العديد من الملفات، وعلى رأسها قطع الرواتب عن منتسبي الجيش الوطني الليبي، منذ أشهر عدة".

واعتبرت أن "رئيس الحكومة عزز من المركزية بسحبه الهيئات والوزارات إلى العاصمة طرابلس، من دون أن يجري زيارة واحدة لبنغازي أو المنطقة الشرقية، للوقوف على الأوضاع الخدمية والمعيشية فيها".

الاحتكام إلى صناديق الاقتراع

ويعتبر الكاتب جمال الحاجي أن هناك "ضرورة لدعم المجلس الرئاسي والحكومة الموحدة، للخروج بليبيا من نفق المرحلة الانتقالية الحرجة".

ويقول الحاجي "لا ندعم أشخاصاً، بل نسعى للخلاص من دائرة الوكلاء والعملاء معاً، وبناء مشروع الدولة".

وأضاف أن "المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية تفويضهما شعبي بامتياز، ويجب أن ندعم بكل ما نملك هذه السلطة، حتى نُخرج البلاد من النفق المظلم الذي تورطت فيه، بإجراء انتخابات شفافة، نهاية العام الحالي".

بينما وصف الكاتب سليمان البيوضي البيان الصادر عن ممثلي برقة بأنه "رسم بوضوح خريطة الطريق البديلة من الانتخابات المقررة في ديسمبر".

وشدد البيوضي على أن "الليبيين بكل قواهم السياسية والاجتماعية، كأصحاب مصلحة في ديمومة الكيان الوطني، مطالبون بالاصطفاف ودعم خيارات المسار السلمي، والذهاب إلى صناديق الاقتراع من أجل حماية المستقبل"، منوهاً بأن "رئيس الحكومة أمام امتحان سياسي صعب، لا بديل له فيه عن التسوية العادلة".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي