Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شتاء بريطانيا طويل ومكلف بأسعار مرتفعة

بريطانيا لا تستطيع تقديم الكهرباء أو النمو الاقتصادي كأمرين بديهيين

موجة إفلاس تجتاح شركات الطاقة البريطانية وتهدد الحياة اليومية للناس (أ ف ب)

لم يُكتب الاستمرار طويلاً لفكرة مفادها أن القفزة في أسعار الغاز الشهر الماضي لن تتكرر، وبالتالي لن تكون لها سوى تداعيات قليلة خلال الشتاء المقبل. وستفلس مزيد من الشركات الموردة للطاقة في المملكة المتحدة هذا الشتاء، ولن يقتصر ذلك على الشركات التي لم تتحوط في شكل مسؤول إزاء احتياجات عملائها، بحسب إيما بينشبك، الرئيسة التنفيذية لهيئة "إنرجي يو كيه" Energy UK المشرفة على قطاع الطاقة، خلال كلمة ألقتها في المؤتمر السنوي للهيئة، الخميس الماضي. ووافقها الرأي جوناثان بريرلي، رئيس "مكتب أسواق الغاز والكهرباء"، مشيراً إلى أنه "في ضوء التقلبات المستمرة في السوق، فمن المرجح أن تخرج منه شركات موردة إضافية".

في المقابل، على الرغم من التشاؤم، أبدى وزير الأعمال كواسي كوارتينغ حزماً حين أكد أن الحكومة لن تنقذ أي شركة موردة تفلس هذا الشتاء.

واستطراداً، فقد يتبين أنه من الصعب الحفاظ على هذا الموقف. فلربما استمرت الأسعار التي يسجلها الغاز الطبيعي والنفط والفحم، عند أعلى مستوياتها لفترة أطول مما تأمل به الحكومة. ومن المحللين في المصارف الاستثمارية، بما في ذلك "غولدمان ساكس"، إلى الهيئات القطاعية، ثمة رسالة واضحة مفادها أن الأسعار ستظل مرتفعة إلى ما بعد حلول العام المقبل.

وفي ذلك السياق، نقل "مكتب أسواق الغاز والكهرباء" 1.7 مليون مستهلك إلى شركات أخرى مزودة للطاقة بعد إفلاس تلك التي اعتادوا التعامل معها. لكن الوضع قد يزداد صعوبة قريباً إذا واصل ارتفاع عدد الشركات المفلسة. ومن المرجح أن تحتاج الشركات المزودة للطاقة التي تستقبل مزيداً من العملاء إلى تعويض كي تتمكن من إدارة الإقبال عليها، وليس لتحقيق أرباح، وفق شخص مطلع على التحضيرات في شركة كبيرة مزودة للطاقة.

وبالتالي، فيما يتجنب كوارتينغ إنقاذ الشركات المفلسة، فقد يتبين أن الابتعاد الكامل عن استخدام الأموال العامة في دعم الشركات الموردة للطاقة، أمر محفوف بتحديات كبيرة جداً إذا بقيت الأسعار مرتفعة.

ومن ناحية أخرى، تجد المملكة المتحدة نفسها في موقف صعب على صعيد الإمدادات. إذ تعادل مخزونات البلاد من الغاز الطبيعي ما لا يزيد على ستة في المئة من مخزونات إيطاليا، ثاني أكثر البلدان الأوروبية استهلاكاً للغاز، وفق تحليل صادر عن المصرف الهولندي "آي أن جي".

وكذلك تبدو البلاد أكثر انكشافاً أمام خطر حصول انقطاعات في الكهرباء بسبب حريق أثر في رابط رئيس بين شبكتها والشبكة الفرنسية. ولن يعود الرابط إلى العمل قبل مارس (آذار) من العام المقبل في أقل تقدير، وفق التوقعات الخاصة بالشتاء التي أصدرتها "الشبكة الوطنية"، وهي الجهة المشغلة للنظام الكهربائي في بريطانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار كوارتينغ على "تويتر" إلى أن بريطانيا لا تستطيع الاعتماد كثيراً على قدرتها الخاصة المولدة في بحر الشمال، لأن جزءاً كبيراً منها أُوقِف عن العمل، أو يعاني بسبب تأخيرات في الصيانة تسببت بها الجائحة. وفي حين لا تعتمد المملكة المتحدة على الغاز الروسي، تتكل البلدان المجاورة القريبة منها عليه. وإذا لم ترفع روسيا إنتاجها من الغاز، ستطلب تلك البلدان غازاً من النرويج وسيبقي الطلب القوي الأسعار مرتفعة. وليس من المحتمل كذلك أن تُسد الفجوة بواسطة واردات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة وأماكن أخرى.

وفي ذلك الصدد، يعتقد جيمس سميث، الخبير الاقتصادي في "آي أن جي"، أن سقف أسعار الطاقة المنزلية سيرتفع بما يتراوح بين 20 و30 في المئة إضافية العام المقبل. وستكون تلك القفزة كبيرة بما فيه الكفاية كي تدفع معدل ارتفاع الأسعار في الاقتصاد ككل، أي معدل التضخم، إلى أكثر من 4.5 في المئة. ويقول سميث، إن ذلك الارتفاع، إضافة إلى الضغوط الأخرى التي تعانيها سلاسل الإمداد في المملكة المتحدة وغيرها، قد يُبقي معدل التضخم فوق اثنين في المئة خلال سنة 2022 بأكملها.

وكذلك فاقمت خسارة الجنيه الإسترليني بعضاً من قوته الشرائية في الأسواق الدولية، من تأثير ارتفاع أسعار الطاقة.

واستطراداً، تُعد الزيادات في تكاليف الطاقة للمستهلكين والشركات والصناعة كبيرة إلى درجة أن طلباً كبيراً بعيد الأجل على الطاقة سيهدد التعافي الاقتصادي في بريطانيا وأوروبا وغيرهما.

ووفق كبير الخبراء في الاقتصاد البريطاني لدى "أوكسفورد إيكونوميكس"، أندرو غودوين، "لقد زاد التهديد بحصول سلسلة مستمرة من الصدمات التضخمية المؤقتة تمتد إلى العام المقبل". ويفوق ذلك مجرد تكاليف الطاقة، بل يشمل أيضاً مدخلات المصانع وتكاليف الخدمات اللوجيستية. وبحسب غودوين، "على الرغم من أن بعض الاختناقات العالمية التي تواجه القطاع يجب أن تبدأ قريباً بالانحسار، فمن المرجح أن تواجه قطاعات كثيرة تعطلاً خلال فترة كبيرة من 2022".

وفي حين أن ما سيحصل قد لا يشبه الدوامة التضخمية التي شهدتها سبعينيات القرن العشرين، قد يكون تأمين الطاقة وإبقاء الاقتصاد على المسار الصحيح أصعب مما يبدو أن الحكومة توحي به. وسيكون فصل الشتاء طويلاً ومكلفاً بالنسبة إلى الجميع.

© The Independent

المزيد من البترول والغاز