Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قراءة في يوم انتخابي طويل في العراق

ذكرت مصادر متابعة أن نسبة المشاركة لم تتجاوز الـ30 في المئة

قالت ممثلة الاتحاد الأوروبي لدى العراق إن "عزوف الكثير من العراقيين عن المشاركة في الاقتراع يحمل رسالة سلبية إلى الحكومة الحالية والسابقة" (اندبندنت عربية)

على الرغم من التفاؤل الذي ساد بشأن إمكانية أن ترتفع نسبة المشاركة في الانتخابات العراقية عما كانت عليه في دورة عام 2018، إلا أن القراءة الأولية لسير العملية الانتخابية والمفتوحة أمام 25 مليون عراقي بدت متوسطة إلى ضعيفة الإقبال في المحافظات الـ18 ولم تصل في أحسن الأحوال إلى 30‎ في المئة‎، بحسب ترجيحات المراقبين.

تعددت الأسباب والنقص حاصل

يُعزى ذلك التدني المتوقع إلى أسباب كثيرة، أهمها دعوات المقاطعة التي نادى بها حراك تشرين الشعبي، مشككاً بحدوث التغيير في ظل وجود وجوه المنظومة ذاتها وخلفها  الميليشيات المسلحة، ومشككاً أيضاً بنوايا المرشحين والإعلام الذي رافق حملاتهم الانتخابية، إضافة إلى اعتراض الجمهور العراقي الواسع على مشاركة 186 برلمانياً سابقاً من أصل 329 مقعداً نيابياً، تكرروا في الدورات البرلمانية السابقة، وكذلك في هذه الدورة الخامسة، مرحّلين من الدورة السابقة التي شابتها اتهامات بالتزوير ودفع الرشى لشراء الأصوات نقمة رافقت الترشيحات مع فقدان الثقة ببرلمان أُثيرت حوله عشرات الشكوك بالتزوير وعدم التمثيل الشرعي. كما ينتقد العراقيون انحسار جدية تفاعل النواب مع اللجان المنبثقة من البرلمان، وعدم تجاوب عدد منهم مع القضايا الحيوية وعدم إسماع أصواتهم في المطالبات التي انتظرها الشعب.

العبادي دعم المشاركة الواسعة

وشدد رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي على ضرورة المشاركة الواسعة في الانتخابات وقال إنها "ستعزز من شرعية الدولة، وعلى القوى السياسية الارتقاء لطموحات الشعب والتأسيس للتغيير الذي يصبو إليه". ودعا العبادي إلى "التزام القوى المتنافسة قواعد العمل الديمقراطي، بعيداً من أي ممارسة لترويع أو تزوير صوت الناخب". ويُعدّ العبادي المتحالف مع رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، أحد المرشحين لرئاسة الحكومة، ينافسه رفيقه في "حزب الدعوة" نوري المالكي، مع قائمة طويلة من الطامحين إلى شغل المنصب الذي تكرس للغالبية الشيعية في أربع دورات سابقة.

إقبال ضعيف

وجاء إقبال الناخبين ضعيفاً منذ الضياء الأول في يوم الانتخابات المبكرة، فبدت جلية حالة اللامبالاة في الشارع،  ما أحرج القوى السياسية التي ظنت أن الجمهور سيتدافع للحضور إلى مراكز الاقتراع البالغة أكثر من 8200 مركز ونحو 55 ألف محطة موزعة على كل المحافظات العراقية، حيث يتنافس أكثر من 3200 مرشح للفوز بـ329 مقعداً برلمانياً، وسط إجراءات رقابية صارمة لمنع التزوير وبمشاركة 1877 مراقب دولي.

وقالت ممثلة الاتحاد الأوروبي لدى العراق فيولا فون كرامون إن "عزوف الكثير من المواطنين العراقيين عن المشاركة في الاقتراع يحمل رسالة سلبية إلى الحكومة الحالية والسابقة". وأشارت إلى أن "البعثة شخّصت مخالفات وخروقات عدة ستُعلن في تقرير مفصل الثلاثاء المقبل"، لافتة إلى أن "نسبة المشاركة في الانتخابات لا تتجاوز 30 في المئة في أحسن الأحوال".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


وسم مقاطعون يتصدر

وكان لافتاً أيضاً أنه في يوم الانتخابات، تصدّر وسم "مقاطعون" صفحات "تويتر" العراقية وسط تقارير محبطة تؤكد تدني نسبة المشاركة وعزوف الملايين عن الإدلاء بأصواتهم، ما دعا الباحث الدكتور علي الجابري إلى المجاهرة بالقول "بكل فخر، تشرين هي الكتلة الأكبر ولا عزاء للقتلة الفاسدين". ولم يكُن الإقبال ضعيفاً في المناطق الوسطى والجنوبية فحسب، بل انتقلت العدوى إلى مناطق كردستان الممثلة بثلاث محافظات هي أربيل والسليمانية ودهوك وبعض الأقضية ذات الغالبية الكردية، التي دلّت مشاركتها الضعيفة على ضجر وتململ سياسيين، وهذا يكشف حجم ونوع الغضب الشعبي وتراجع الرضا المجتمعي على أداء أجهزة الدولة هناك، على الرغم من التعبئة الاستثنائية والدعوات المتكررة إلى المشاركة.

أسباب متعددة لتدني المشاركة 

ويعزو خبراء مستقلون تدني المشاركة إلى أن "19 في المئة فقط استلموا بطاقة الناخب والغالبية العظمى من المشمولين بالانتخاب لم يستلموا البطاقات لأسباب كثيرة، أهمها حالة اليأس من جدوى الانتخابات ونتائجها، إضافة إلى الفوضى الإدارية التي تعاني منها البلاد وتعطل الحياة نتيجة نقص الطاقة والفقر ونقمة البطالة. وقد استفزت صور بعض المشاركين من أعضاء الحكومات السابقة الذين رفعوا أصابعهم البنفسجية أمام الكاميرات للتعبير عن مشاركتهم فيها ونالوا أفظع التعليقات من شباب تشرين الذين يطالبون بمحاكمتهم، وفي مقدمتهم صورة رئيس الحكومة السابق عادل عبد المهدي الذي استفز ظهوره بعد الإدلاء بصوته الجيل المقاطع للانتخابات، وكتب أحد شباب تشرين "خلال 18 ساعة، اشتغلت السلطة على إفراغ الديمقراطية والانتخابات من محتواها وحوّلتها إلى حبر أزرق وورقة بيضاء تختار فيها". ودانت ناشطات في القوى السياسية، رافضات الترويج لمَن اعتبرن أنهم "قتلة شباب العراق المحتجين على فساد السلطة والمحاصصة". ومن أسباب تدني نسبة المشاركة أيضاً، حرمان نحو 5 ملايين مغترب عراقي من التصويت لمجرد أنهم خارج البلد. واتُّخذ هذا القرار استجابة لاقتراح من "القوى الولائية" التي تظن أنهم معارضون للنظام الحالي وللعملية السياسية برمّتها وبدعوى وقوع حالات التزوير في المرات السابقة.

أجريت في وقتها 

على الرغم من كل ذلك، يُعدّ إجراء الانتخابات المبكرة إنجازاً لحكومة مصطفى الكاظمي والمفوضية المستقلة، التي أوفت بالتزامها التبكير بإجرائها، لكنها "ذهبت بالعراق إلى المرحلة الأصعب والأكثر تعقيداً ألا وهي التحالفات السياسية بغية تشكيل الحكومة المقبلة"، وفق ما رأى الباحث حيدر الطائي، الذي قال أيضاً إن جولة الانتخابات الحالية "سارت بشكل هادئ جداً، لكن رافقتها أعطال فنية بسيطة في الأجهزة والمطابقة لبصمة الناخبين، وقد تم تداركها من قبل كوادر المفوضية".
أما الباحث حسين باجي الغزي، فرجّح أن "تطول عملية تشكيل الحكومة بين 8 و12 شهراً نتيجة الصراعات بين الكتل، لا سيما الشيعية منها التي ستتقاتل على رئاسة الحكومة والوزارات الأمنية والسيادية".
ويُنتظر الآن صدور النتائج الأولية للانتخابات، وسط ترقب حذر من تدخل القوى المسلحة التي أعلنت فوزها قبيل وأثناء اليوم الانتخابي لتؤثر في الرأي العام.

المزيد من متابعات