Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رواتب القطاع العام في لبنان "غير مؤمنة" بعد مايو

ليست المرة الأولى التي تشهد فيها البلاد أزمة مماثلة فهل ستتمكن الحكومة من إيجاد مخرج قانوني؟

رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري يترأس جلسة لمجلس الوزراء في 21 مايو (دالاتي ونهرا)

في الوقت الذي تغرق الحكومة اللبنانية في مناقشات ماراثونية لمشروع قانون الموازنة العامة للسنة الحالية، وقد استغرقها الأمر 15 جلسة في انتظار جلسة قراءة أخيرة تتوج بجلسة نهائية في القصر الجمهوري في بعبدا من أجل إقرارها، لا يزال هاجس تأمين الرواتب والأجور لموظفي القطاع العام يشغل بال السلطات المالية والنقدية، مع قرب انقضاء مهلة قانون الإنفاق على أساس القاعدة الاثني عشرية، الذي ينظم الإنفاق العام في ظل غياب قانون الموازنة.

وهذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها البلاد أزمة مماثلة. لكن الجهود الحكومية تتركز حالياً على ضرورة إيجاد المخرج القانوني الذي يتيح للحكومة الإنفاق بعد نهاية مايو (أيار) الجاري، تاريخ انتهاء مفاعيل القانون.

تجدر الإشارة إلى أن الصرف على أساس القاعدة الاثني عشرية استمر بين أعوام 2006 و2018 بسبب تعذر إقرار مشاريع قوانين الموازنات العامة، التي غابت لحوالي 12 عاماً، وعاد الانتظام إلى المالية العامة العام الماضي مع أول موازنة تقر بعد أكثر من عقد من الزمن. لكن مع تعذر تأليف الحكومة لحوالى تسعة أشهر، وبقاء الحكومة المستقيلة في مهمة تصريف الأعمال طيلة تلك الفترة، تعذر درس وإقرار مشروع قانون موازنة عام 2019، وكان لا بد من العودة إلى القاعدة الاثني عشرية، فصادق البرلمان اللبناني على قانون يجيز هذا الإنفاق حتى مايو 2019.

وكان النائب ياسين جابر قدم في يناير (كانون الثاني) الماضي اقتراح قانون معجل مكرّر إلى مجلس النواب، يطلب فيه الإجازة للحكومة اعتماد القاعدة الاثني عشرية حتى صدور قانون موازنة 2019. واستندت الأسباب الموجبة لهذا الاقتراح إلى عدم إحالة مشروع موازنة 2019 إلى المجلس، في ضوء نفاذ مهلة تطبيق القاعدة الاثني عشرية في نهاية يناير. ولكن القانون الذي صدر وضع مهلة حتى نهاية مايو كوسيلة ضغط على الحكومة من أجل التعجيل في إقرار الموازنة وعدم المماطلة. ولكن المشكلة برزت على الرغم من ذلك نتيجة تأخر الحكومة في إقرار المشروع وإحالته إلى المجلس النيابي.

وكان هذا الموضوع شكل محور اهتمام حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووزير المال علي حسن خليل في اجتماع عقداه قبل أسبوع تقريباً، تناول الخيارات المتاحة لتأمين رواتب القطاع العام بعد انتهاء مهلة قانون الإنفاق. وقد عكس المسؤولان مناخاً إيجابياً حيال عدم وجود مشكلة. وقال خليل في هذا الصدد إن "لا مشكلة في كل المستحقات، وستدفع كاملة في وقتها". ونقلت مصادر وزارة المال تطمينات كل من خليل وسلامة إلى توافر الاعتمادات حتى نهاية مايو، كاشفة أن البحث جار عن الآليات التي ستعتمد بعد هذا التاريخ في ظل تعذر إقرار الموازنة والمصادقة عليها في المجلس النيابي في الفترة الفاصلة عن نهاية الشهر.

خيارات دستورية

عن الخيارات الدستورية المطروحة، قال عضو لجنة المال والموازنة النائب نقولا نحاس إن "هناك توافقاً على إيجاد مخرج قانوني لضمان استمرار الإنفاق المالي ودفع رواتب وأجور الموظفين، ودفع الاستحقاقات المالية، في حال لم تقر الموازنة قبل نهاية الشهر".

وكشف أنه "تم التوافق على مستوى السلطة السياسية على إعداد اقتراح قانون معجّل بمادة وحيدة يُمدد الصرف وفق القاعدة الاثني عشرية لمدة شهر أو حتى صدور الموازنة". وهذا ما يُحتّم، وفق نحاس، عقد جلسة تشريعية لإقرار هذا الاقتراح الذي يعطي الإجازة بالجباية والصرف، مشدداً على أهمية الاستناد إلى مبدأ دستوري لقوننة الإنفاق لتسيير المرفق العام وعدم تعطيل المؤسسات.

أما على المستوى المالي، فأكد نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني أن إقرار الموازنة، على الرغم من الثغرات التي تعتريها، سيسهم في تمديد أمد الأزمة. إذ إن الإجراءات المتخذة فيها تسهم في لجم التدهور الذي كان واقعاً لا محالة، لو استمر الوضع على حاله من دون اللجوء إلى إجراءات تقشفية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتقد حاصباني أنه فور إقرار الموازنة سيصبح في إمكان الحكومة الإنفاق في شكل قانوني من دون الحاجة إلى الاعتماد على القاعدة الاثني عشرية. ويلفت إلى أهمية إجراءين سيسهمان في احتواء أزمة المالية العامة في شكل فوري، ويتمثلان في زيادة الضريبة على الفوائد المصرفية باعتبار أن مردودها فوري، والإجراء الثاني يتمثل في ما أعلنه وزير المال عن التفاهم مع المصارف اللبنانية على الاكتتاب بمبلغ يقارب 12 ألف مليار ليرة لبنانية (ما يعادل 8 مليارات دولار أميركي) بفائدة واحد في المئة، ما يحقق وفراً في كلفة خدمة الدين.

لا بد من الإشارة إلى أن لبنان سدد سندات دولية مستحقة بقيمة 650 مليون دولار، الاثنين، بمساعدة المصرف المركزي اللبناني.

أموال الضمان الاجتماعي

على مقلب آخر، برزت مخاوف في أوساط المنتسبين إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي حيال تعويضاتهم وسط تداول إشاعات حول استعمال الدولة هذه الأموال (المودعة أساساً في المصارف والمصرف المركزي عبر سندات خزينة) من أجل تمويل عجز المالية العامة وتأمين دفع الرواتب.

وقد خرج المدير العام للصندوق محمد كركي، الاثنين، ليطمئن إلى أن "لا مشكلة في ما يتعلق بتعويضات الناس"، مؤكداً أن أموال الضمان محفوظة وتُستثمر وفق الآليات المنصوص عنها في قانون الضمان الاجتماعي وأنظمته، ووفق الآلية الموضوعة من قبل اللجنة المالية المعنية بتوظيف أموال الضمان الاجتماعي، وتالياً لا خوف على تعويضات نهاية الخدمة للبنانيين.

وأمل من الدولة اللبنانية أن "تبدأ بتسديد ديونها للضمان الاجتماعي والتي بلغت حوالى 3200 مليار ليرة (حوالي ملياري دولار) حتى نهاية عام 2018"، وأن "ترفد الضمان بالموارد البشرية".

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط