Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا متهمة بالإفلاس الأخلاقي بسبب تجاهل إعادة توطين مواطنين أفغان

ابنة قاضية محاصرة تستغيث طالبة إنقاذ والدتها لأنهم باتوا مسجونين في منزلهم

يسيطر العنف على تعامل حركة "طالبان" مع الشارع الأفغاني (أسوشيتدبرس)

وجهت شركة قانونية بارزة انتقاداً إلى حكومة المملكة المتحدة متهمةً إياها بأنها "مفلسة أخلاقياً"، بعدما أظهرت سلسلة رسائل بريد إلكتروني مسربة، أن وزارة الخارجية البريطانية قد أغلقت صندوق بريد إلكتروني مخصص لمساعدة مواطنين أفغان على الفرار من بلادهم.

وقد سُربت رسالة بريد إلكتروني من وزارة الخارجية، تمكنت صحيفة "اندبندنت" من الاطلاع عليها، موجهة إلى محامية تساعد قاضيات عالقات في أفغانستان. وجاء في الرسالة أن "هذا الصندوق البريدي الإلكتروني مغلق الآن"، ولن تجري "قراءة أي رسائل واردة إليه أو يُرد عليها".

يأتي ذلك بعدما كشفت صحيفة "اندبندنت" أخيراً عن لجوء ما يزيد على 200 قاضية في أفغانستان إلى الاختباء من "طالبان"، في وقت حذر فيه ناشطون من أنهم معرضون لخطر القتل على يد الحركة الحاكمة في البلاد.

وفي وقت سابق، أطلقت "طالبان" آلاف السجناء، منهم إرهابيون وناشطون متمرسون في تنظيم "القاعدة". ويوضح خبراء أن القضاة المسؤولين عن إدخال عدد من المجرمين المفرج عنهم حديثاً إلى السجن، يعيشون حالاً من الرعب في الوقت الراهن، ويخشون على سلامتهم وتعرضهم للاستهداف عقب تحرير أولئك السجناء.

وفي سياق متصل، نقل محامون يعملون في شركة المحاماة الشهيرة "ميشكون دو ريا" Mishcon de Reya، إلى صحيفة "اندبندنت" أنهم عملوا على اتخاذ إجراءات قانونية ضد حكومة المملكة المتحدة، بعدما رفضت طلبات الحصول على تأشيرات دخول إلى بريطانيا، تقدم بها حوالى 35 قاضياً أفغانياً، من الذكور والإناث، ويعمل  أعضاء في حركة "طالبان" على تعقبهم للقبض عليهم.

وكذلك تحدثت ماريا باتسالوس المحامية التابعة لتلك الشركة، إلى صحيفة "اندبندنت" عن قناعتها بأن "إغلاق صندوق البريد الإلكتروني للرسائل الواردة التابع لوزارة الخارجية البريطانية، يشكل مثلاً آخر على غسل الحكومة يديها من الوضع الناشئ في أفغانستان". واتهمت الحكومة بأنها برهنت عن "إفلاس أخلاقي"، معتبرةً أن "ذلك التصرف يعد أحد المؤشرات عن عدم المبالاة الذي تبديه في هذا الشأن". وأضافت، "إنهم لا يعبأون بمصير الأشخاص الذين لم يتمكنوا من مغادرة أفغانستان، ويعتقدون بأن في إمكانهم طي هذا الملف".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي التفاصيل، تحظى السيدة باتسالوس بدعم محامي مرافعة في مجموعة "غاردن كورت تشيمبرز" Garden Court Chambers [محامو مرافعة من الدرجة الأولى يُعنون بمواجهة الظلم والدفاع عن حقوق الإنسان ودعم سيادة القانون]. وقد نبهت باتسالوس إلى أن القاضيات الأفغانيات يواجهن "خطراً داهماً" ويضطررن إلى التنقل ما بين "منزل آمن وآخر بشكل يومي". وأضافت، "إنهن يفتقرن إلى المال لأن حركة "طالبان" جمدت أرصدتهن وحساباتهن في المصارف، ويواجهن صعوبات في إطعام أطفالهن".

وأردفت باتسالوس، "تحاول حركة "طالبان" اقتفاء أثرهن، وتطرق الأبواب من منزل إلى آخر للعثور عليهن. وكذلك يتعرض الأفراد المقربون من عائلاتهن، للضرب بغية الحصول منهم على معلومات عن أمكنة اختبائهن. لقد سجلنا عمليات اختطاف عدة، شملت إحداها طفلي إحدى القاضيات، وقد أطلق سراحهما في نهاية المطاف بعد مفاوضات مكثفة".

ورأت باتسالوس أن إغلاق صندوق البريد الإلكتروني التابع لوزارة الخارجية، يشير إلى أن الحكومة البريطانية تتعامل مع الأزمة في أفغانستان على أنها مسألة محسومة، ما يبعث على افتراض خاطئ بأن الشعب البريطاني أيضاً لم يعد يهتم بتلك القضية.

واستدركت كي تشير إلى "أن المسألة في الواقع ليست على هذا النحو. إذ يهتم الشخص العادي في الشارع البريطاني بما يحدث في أفغانستان. إذ تغادر طائرات الإجلاء أفغانستان، ولن يتمكن المحاصرون هناك من المجيء إلى المملكة المتحدة، لأن المواطنين الأفغان لا يمنحون تأشيرات دخول إلى بريطانيا. لكن، ما زالت هناك فرصة لمساعدة أولئك الذين يعانون من خطر على حياتهم في تلك البلاد".

"إن حياتهن في خطر كبير. ويمكن ملاحظة أن نبرة رسائلهن هذا الأسبوع صارت أسوأ من الأسبوع الماضي. ويمكن تلمس الخوف الذي ينتابهن عبر أصواتهن" 

مرزية بابكرخيل

ووصفتْ باتسالوس "الإرادة السياسية الأولية" التي أبدتها دوائر رئاسة الحكومة في "داونينغ ستريت"، لجهة تقديم ملاذ لخمسة آلاف أفغاني في المملكة المتحدة، بأنها "مجرد كلام في الهواء".

واستطراداً، تخوفت السيدة باتسالوس التي مثل مكتبها القانوني جينا ميلر في الدعوى التي رفعتها ضد الحكومة بشأن بريكست، من أنه في حال إغلاق صندوق البريد الإلكتروني لأسباب عملية، فسيحدث نقص في الأدلة على أن حكومة المملكة المتحدة تساعد على نحو فاعل المواطنين الأفغان المعرضين لخطر الموت على يد "طالبان"، والذين تعتقد شركتها القانونية أنهم "يستوفون تماماً الشروط" التي تسمح بمنحهم الحق في الدخول إلى المملكة المتحدة.

 بالتالي، رأت أنه ينبغي السماح للقضاة "قطعاً" بالدخول إلى المملكة المتحدة، من خلال أحد مخططَي الحكومة الرسميين المتعلقين بإعادة توطين المواطنين الأفغان في بريطانيا.

واستطراداً، أشارت باتسالوس إلى نقطة أخرى تتمثل في أن "حكومة المملكة المتحدة التي عملت على تدريب القضاة الأفغان كي يتمكنوا من المساعدة في تطبيق حكم القانون في البلاد، عملت على إجلاء قواتها [من أفغانستان] تاركةً هؤلاء القضاة خلفها. وعلى الرغم من الصلات الجوهرية لأولئك القضاة الأفغان بنظام العدالة البريطاني، وتلقيهم التوجيه من متخصصين قانونيين بريطانيين، فقد تخلى عنهم موظفو الحكومة البريطانية".

في المقابل، أشار متحدث باسم الحكومة البريطانية، في حديث مع صحيفة "اندبندنت"، إلى أن الحكومة تواصل "النظر في أكثر من 20 ألف طلب وصلت إلينا حتى الآن، ولا يزال الدعم متاحاً على مدار سبعة أيام في الأسبوع، من خلال موظفين حكوميين متخصصين يقدمون المساعدة للمواطنين البريطانيين والأفغان".

وأضاف الناطق الحكومي، "سنواصل بذل قصارى جهدنا لتأمين ممر آمن يمكن المواطنين البريطانيين والأفغان المؤهلين، من مغادرة البلاد. وستبقى قنوات الاتصال الخاصة بنا مفتوحةً أمام أولئك الذين يطلبون المساعدة".

تجدر الإشارة إلى أنه يوجد في أفغانستان حوالى 250 قاضية، إلا أن عدداً قليلاً منهن قد تمكن من الفرار في الأسابيع الأخيرة.

وفي إطار التعبير عن معاناتهن، أطلقت طفلةُ قاضية أفغانية مختبئة الآن في أفغانستان، صرخة استغاثة جاء فيها، "أرجوكم أنقذوا والدتي. إننا الآن في سجن داخل المنزل".

وفي وقت سابق، قُتلت قاضيتان تحت قوس "المحكمة العليا" برصاص مسلحين مجهولين في شهر يناير (كانون الثاني) الفائت، إلا أن متحدثاً باسم "طالبان" نفى آنذاك علاقة الحركة بالهجوم.

وفي إطار عام، لقد استولت حركة "طالبان" على السلطة في البلاد منتصف شهر أغسطس (آب)، مع انسحاب القوات الأميركية والقوى الغربية الأخرى من أفغانستان. وتذكيراً، ففي الفترة السابقة التي حكمت فيها تلك المجموعة الإسلامية المتشددة الدولة الأفغانية، منعت "طالبان" النساء من العمل، وحظرت على الفتيات الذهاب إلى المدرسة، واشترطت على النساء أن يرافقهن أحد الأقرباء الذكور إذا أردن الخروج من المنزل.

وفي وقت سابق أيضاً، تحدثت إحدى القاضيات المختبئات حاضراً في أفغانستان، مع صحيفة "اندبندنت" معربةً عن شعورها بالهلع من "طالبان" والسجناء المفرج عنهم أخيراً، ومتخوفةً من إمكانية تعرضها للتصفية إذا عُثِر عليها.

وتفصيلاً، تعيش مرزية بابكرخيل التي عملت قاضيةً في محكمة الأسرة في أفغانستان، في لندن الآن. وقد أفادت أن قاضيات أفغانيات تقدمن إلى حكومة المملكة المتحدة بطلبات الحصول على تأشيرة دخول إلى بريطانيا، بعدما أعلنت عن "مخطط إعادة توطين المواطنين الأفغان"، لكنهن لم يتلقين أي رد.

وأضافت بابكرخيل، "إنهن يشعرن بخيبة أمل كبيرة. لقد آمن ووثقن في أن الحكومة البريطانية ستساعدهن. وكذلك أعلنت حكومة المملكة المتحدة عن إعطائها الأولوية للصحافيين والقضاة وجميع الرجال والنساء ممن عملوا بشكل مباشر مع حكومة المملكة المتحدة والحكومة الأفغانية السابقة، لكنني لا أرى الآن أن هناك تقدماً حيال البت في تلك الحالات".

وكذلك لفتت القاضية الأفغانية السابقة (55 سنة) التي تنظم حملةً لإنقاذ القاضيات العالقات في أفغانستان، إلى أن الصحة العقلية للقاضيات المختبئات في بلادها تزداد سوءاً وبأنهن يشعرن بـ"اليأس".

وأضافت السيدة بابكرخيل التي انتقلت إلى المملكة المتحدة في 2008، "إنهن مرتبكات للغاية. فإلى متى يمكنهن الاختباء خلف جدران منازل آمنة؟ يتعين على المجتمع الدولي وحكومة المملكة المتحدة أخذ المبادرة فوراً قبل فوات الأوان".

ونبهت أيضاً إلى أن "حياتهن في خطر كبير. ويمكن ملاحظة أن نبرة رسائلهن هذا الأسبوع جاءت أسوأ من الأسبوع الماضي. ويمكن تلمس الخوف الذي ينتابهن من خلال أصواتهن".

وفي حديث سابق أجرته معها صحيفة "اندبندنت"، اتهمت السيدة مرزية حركة "طالبان" بمحاولة قتلها مرةً أولى في أفغانستان سنة 1997، ومرةً أخرى في باكستان 2007. وقالت إنه بعد المحاولة الأولى اضطُرت إلى الاختباء في أحد الأزقة مدة خمس ساعات، بعدما دهم منزلها تسعة من مقاتلي الحركة.

وأضافت، "عمدوا إلى خلع الباب من دون إذن، وكانوا ينوون إطلاق النار علي. أخذوا يفتشون المنزل طارحين على والدتي وشقيقتي أسئلة كثيرة  عني".

وأخيراً، اتهمت الناشطة التي أنشأت أيضاً مؤسسة لتعليم الفتيات في باكستان، حركة "طالبان" بمحاولة دهسها بسيارة، في حادث اعتداء ثان في باكستان، موضحةً أنها أصيبت بجروح في ظهرها وساقها.

© The Independent

المزيد من تقارير