Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الدعاية الانتخابية تحرك عجلة المطابع العراقية المتوقفة منذ سنوات

يشكو القطاع المحلي من لجوء إدارات الدولة إلى الطبع في دول الجوار

دعايات انتخابية لعدد من المرشحين معلقة على أحد جسور بغداد (اندبندنت عربية)

تعاني المطابع العراقية من مشاكل كبيرة تسببت فيها أساساً السياسات غير المدروسة التي عمدت إلى طباعة الكتب المدرسية والمنهجية في دول الجوار على حساب القطاع المحلي الحيوي الذي حاول تجديد بنيته التحتية من خلال شراء مطابع حديثة لجذب الوزارات العراقية ومؤسسات القطاع الخاص لطبع متطلباتها داخل العراق، لكنه لم يفلح كثيراً في تحقيق نتائج متقدمة في هذا الخصوص على الرغم من التصريحات الحكومية التي أكدت وتؤكد أهمية هذا القطاع وضرورة تشغيله.
ولذلك فإن الدعاية الانتخابية التي تستمر لأشهر عدة في العراق إلى حين تنظيم الانتخابات، تنعكس إيجاباً على هذا القطاع الذي يصبح الطلب عليه كبيراً لطباعة الإعلانات الكبيرة والملصقات واللافتات الانتخابية لـ3249 مرشحاً يتنافسون على 329 مقعداً في مجلس النواب، ما يتطلب توفير عشرات الآلاف من الإعلانات الدعائية بأحجام مختلفة وتأطيرها، وبالتالي يسهام في تحريك عجلة هذا القطاع المهم الذي يشغل آلاف العراقيين في هذه الفترة.
ويبدو الإقبال مرتفعاً هذه المرة على طباعة الدعايات الانتخابية للمرشحين مقارنة بالدورات السابقة، خصوصاً وأن نظام الدوائر الانتخابية أجبر المرشحين على تركيز اهتمامهم في المناطق التي تتشكل منها دوائرهم، بدلاً من وضع صور عامة كما كان في السابق في بعض شوارع المدن، إذ كانت المحافظات تُعد دائرة انتخابية واحدة.

منذ أكثر من شهر

في هذا الصدد، يقول علي حسن، وهو صاحب مطبعة وسط بغداد، في شارع السعدون تحديداً، المعروف بأنه مقر للعديد من المطابع المختصة باللوحات الإعلانية الكبيرة والملصقات الترويجية، إن "طبع الدعايات الانتخابية بدأ منذ أكثر من شهر، وتشمل البطاقات التعريفية للمرشحين واللافتات الدعائية"، مشيراً إلى أن "هذا العمل نحصل عليه عن طريق مديري الحملات الدعائية أو بعض الوسطاء". وأضاف حسن "عملنا بدأ في الانتعاش ويأتينا المرشحون لطباعة ما بين 10 و50 ألف بطاقة دعائية لكل منهم، فضلاً عن طباعة آلاف البوسترات الدعائية لكل مدن العراق".

انعكاس إيجابي

وبدوره يتحدث حميد مثنى، العامل في مطبعة خاصة بشارع المتنبي وسط بغداد، عن "الانعكاس الإيجابي للدعاية الانتخابية على تحريك عمل المطابع التي تتوقف لفترات طويلة بسبب طباعة الكتب المدرسية وكل ما تحتاجه الدولة العراقية في مطابع بعض دول الجوار". ويضيف مثنى أثناء عمله على إحدى الماكينات الطباعية، إن "عشرات المرشحين جلبوا إعلاناتهم إلى مطبعتنا ونحن تكفلنا بتصميمها وطباعتها ما انعكس إيجاباً على عملنا الذي تحسن إلى أضعاف عن الأيام العادية". ويتابع مثنى أن "العمل يبدأ من الصباح ويمتد إلى ساعات متأخرة من الليل، على الرغم من أن أوقات عملنا وحركة السوق تنتهي ظهراً، لكن هذه الأيام استثنائية وكل زملائنا يدركون ذلك كونها موسم عملنا".
ويشير العامل العراقي إلى أن "بعض المرشحين أرسل أحد أقربائه أو أصدقائه لغرض طباعة اليافطات الدعائية (فليكس)، ثم يتكفلون هم بتأطيرها، أما البعض الآخر فطلب منا عمل ذلك، فأرسلناها إلى معارفنا من النجارين أو الحدادين لتأطيرها"، لافتاً إلى أن "الأحجام كانت متنوعة ما بين الكبيرة جداً والمتوسطة والصغيرة التي تُعلَّق على الأعمدة. لدينا طابعات تطبع كل الأحجام".
من جهة أخرى، تطرق مثنى إلى أسعار الأحبار التي يقول إنها "زادت لكن ليس بنسبة كبيرة، فهذا يحدث كل موسم"، لافتاً إلى أن "العمل الحالي انعكس إيجاباً على حركة مطابعنا خلال الأيام العادية".
ولم تنعكس الحملات الدعائية إيجاباً على أصحاب المطابع فقط، بل انعكست أيضاً على أصحاب الحرف، فمحلات الحدادة كان لها نصيب كبير من العمل، حيث تجد العمال منهمكين في تأطير لافتات الدعاية للمرشحين، وفي بعض الأحيان يتكفلون بنصبها في الأماكن التي تُحدَّد من قبل صاحب الحملة الانتخابية أو المرشح نفسه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


عمال جدد

وقال أبو محمد وهو حداد يعمل في سوق للحدادة جنوب غربي العاصمة بغداد، "توسع عملنا خلال هذه الأيام بسبب الدعاية الانتخابية، ولذلك شغلنا عمال جدد لغرض تأطير الفلكسات". وقال بلهجته العراقية "رزق ناس على ناس الحمد لله خير من الله"، وهو تعبير عن الرزق الوفير.

نشطت بعض القطاعات

وقالت الباحثة في الشأن الاقتصادي سلام سميسم، إن "الانتخابات حركت قطاعات عدة من ضمنها قطاع المطابع التي انتعشت مؤقتاً". وأضافت أن "الاقتصاد العراقي تحرك بصورة مؤقتة مع تحرك قطاعات عدة بالتزامن مع الحملة الانتخابية للمرشحين ما انعكس بصورة إيجابية على حركة السوق"، مشيرةً إلى أن "زيادة مداخيل فئة معينة ينعكس على قدرتها الشرائية، وتنتقل تلك الحركة إلى القطاعات المرتبطة بهذا القطاع".
وعن أهم القطاعات التي تحركت، تبين سميسم أن "قطاع المطابع وما يرتبط به تحرك، وبالتالي زاد الطلب على ألوان الطباعة والأصماغ، فضلاً عن خلق وظائف للمرتبطين بهذا القطاع من الطبّاعين والمصممين". ولفتت إلى أن "الحملات الانتخابية استطاعت تنشيط بعض الحرف مثل الحدادين والنجارين الذين يصنعون هياكل اللوحات الإعلانية وقواعدها".

النقل والخدمات

وتابعت أن "هناك قطاعات أخرى ازدهرت مثل قطاع النقل الذي نشط في نقل اللوحات الإعلانية، وكذلك العاملون في الحملات الانتخابية والقاعدة الشعبية للمرشح، فضلاً عن تحريك عجلة سوق تأجير بعض مستلزمات الحملات الدعائية وعقد الندوات، كالكراسي ومعدات الصوت".

الركود مقبل

وأشارت الباحثة الاقتصادية إلى أن "هذه القطاعات ستشهد ركوداً مجدداً بعد انتهاء الحملة الانتخابية وانتهاء العملية الانتخابية"، مشيرةً إلى أن "ما أُنفق على العملية الانتخابية يكفي لانتشال الاقتصاد العراقي من أزمة فقدان السيولة ما يدل على أن الأموال موجودة إلا أنها غير متاحة".

المزيد من العالم العربي