Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف انكمشت الاستثمارات الصناعية في تونس خلال 2021؟

تأثر الوضع باضطراب الحركة الاقتصادية بسبب الأزمة الصحية وغياب الاستقرار السياسي

سجلت الاستثمارات المصرح بها في القطاع الصناعي التونسي انكماشاً في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2021 ( اندبندنت عربية)

أظهرت أحدث المؤشرات في تونس تراجعاً في الاستثمار في المجال الصناعي خلال العام الحالي، حيث بينت انكماشاً في الاستثمارات ضمن مجال الصناعات المعملية والخدمات ذات الصلة، وأهمها صناعات مواد البناء والخزف والبلور والصناعات الميكانيكية والكهربائية، إضافة إلى النسيج والملابس والجلود والأحذية.
وسجلت الاستثمارات المصرح بها في القطاع الصناعي التونسي انكماشاً في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2021 بنسبة 13.7 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2020، لتبلغ 1.64 مليار دينار (585 مليون دولار) وفق معطيات نشرتها وكالة النهوض بالصناعة والتجديد (حكومية)، مقارنة بـ 1.90 مليار دينار (678 مليون دولار) في الفترة ذاتها من عام 2020.
واعتبر مراقبون أن اضطراب الحركة الاقتصادية الذي شهدته السنة الماضية في كل أنحاء العالم، بسبب الأزمة الصحية، أثر في قدرة تونس على استقطاب الاستثمارات الأجنبية في مجال الصناعة والتحفيز للاستثمار الداخلي على حد سواء، لكن ذلك لا ينفي ضرورة تنفيذ إصلاحات هيكلية على القوانين المنظمة للقطاع للدفع به كقاطرة أساسية جاذبة للعملة الصعبة.

استثناء الصناعات الكيماوية

وشهدت الاستثمارات في الصناعات الغذائية تطوراً قدرت نسبته بـ 49.2 في المئة، إذ بلغ حجمها 573.6 مليون دينار (203 ملايين دولار) حتى شهر أغسطس (آب) الماضي، مقابل 5.384 مليون دينار (136.3 مليون دولار) في الفترة ذاتها من عام 2020.
في المقابل، تقهقرت صناعات مواد البناء والخزف والبلور وسجلت انكماشاً بنسبة 68.5 في المئة، ولم يتجاوز حجمها 87.5 مليون دينار (31 مليون دولار) مقارنة بـ 278.2 مليون دينار (98.6 مليون دولار) في عام 2020.
وبلغ انكماش الصناعات الميكانيكية والكهربائية 37.2 في المئة، إذ تهاوت إلى 460.9 مليون دينار (163.4 مليون دولار) بعدما بلغت 734.5 مليون دينار (260.4 مليون دولار) عام 2020.
أما الاستثمارات في الصناعات الكيميائية فتطورت بنسبة 79.6 في المئة، إذ بلغت قيمتها 199.2 مليون دينار (70.6 مليون دولار) حتى نهاية شهر أغسطس الماضي، بعد 110.9 مليون دينار (39.3 مليون دولار) في الأشهر الأولى من عام 2020.
وطال الانكماش صناعات النسيج والملابس، وقُدر بـ 13.3 في المئة، إذ بلغت الاستثمارات 77.9 مليون دينار (27.6 مليون دولار) لعام 2021، مقارنة بـ 89.8 مليون دينار (31.8 مليون دولار) في السنة الماضية.
وتراجعت الاستثمارات في صناعة الجلود والأحذية إلى قرابة النصف، حيث بلغت نسبة الانكماش 40.8 في المئة، ولم يتجاوز حجمها 11.6 مليون دينار (4.1 مليون دولار)، مقابل 19.6 مليون دينار (6.9 مليون دولار) في الأشهر الثمانية الأولى من السنة المنقضية.
كما سُجل انكماش في صناعات أخرى مختلفة بلغ 18.5 في المئة، وبلغ حجمها 237.6 مليون دينار (84.2 مليون دولار) في السنة الحالية، بعد أن تجاوزت 291 مليون دينار (103.1 مليون دولار) حتى نهاية أغسطس 2020.

الاستثمارات الخارجية

وكشفت وكالة النهوض بالصناعة والتجديد أن الاستثمارات المصرح بها تتوزع على ما قيمته 734.2 مليون دينار (260.3 مليون دولار) للنظام المصدر كلياً، بنمو بنسبة 51.7 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2020 التي حققت 484.1 مليون دينار (171.6 مليون دولار) فقط. وتراجعت الاستثمارات الموجهة إلى السوق المحلية بنسبة 35.9 في المئة، ومرت من 1.42 مليار دينار (503 مليون دولار) في 2020 إلى 914.1 مليون دينار (324.1 مليون دولار) في 2021.
وبلغت قيمة الاستثمارات الصناعية الأجنبية الصرفة 418.7 مليون دينار (148.4 مليون دولار) مقابل 560.7 مليون دينار (198.8 مليون دولار) في نهاية أغسطس 2020، أي بتراجع نسبته 25.3 في المئة، ويعود ذلك إلى تقلص الاستثمارات الأجنبية.

قوانين معطلة

وفسر عمر بوزوادة، مدير عام وكالة النهوض بالصناعة والتجديد، التراجع المسجل بـ "الظروف المحيطة بالإطار الاقتصادي في تونس. وتتمثل في غياب الاستقرار السياسي، إضافة إلى الترتيبات الإدارية. ويتسبب القانون الحالي للاستثمار في تداخل مهمات الإدارات التونسية الموفرة للخدمات للمستثمرين، مما يتسبب في تأخير الخدمة المسداة. ويتمثل الإشكال في الطريقة الخاطئة لوضع القانون والتي تؤدي إلى تبديد الوقت والمجهود، بفعل عدم تناسق المهمات، وعدم وضع حدود لتداخل عمل الإدارات وفصلها عن بعضها، توقياً للتشتت".
كما تسبب تغيير قانون الاستثمار بحرمان المستثمرين الشبان من تمويل خاص بهم، وهو الذي تمتعت به هذه الفئة في السابق قبل التخلي عنها. وحدث ذلك بمقتضى قانون عام 2016 الذي أدخل تغييرات على مجلة الاستثمار المنظمة للقطاع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويظل غياب الاستقرار الحكومي في تونس السبب الأساس للمؤشرات الحالية، إذ تعجز البلاد عن تطبيق الاصلاحات اللازمة للنهوض بالاستثمار في مجال الصناعة، بظل غياب الاستقرار الحكومي مع تغيير الحكومات، فالإدارة المتخصصة لا تجد الوقت الكافي لعرض الإصلاح ودراسته واتخاذ القرار وتطبيقه بسبب عدم استقرار المسؤولين في مواقعهم.

تشتت القرار

ورفض عمر بوزوادة تفسير التراجع الحاصل بارتفاع أسعار السلع والخدمات بالسوق العالمية على خلفية أزمة جائحة كورونا، وعلل ذلك بـ "خضوع الأسواق المنافسة لذات المعطيات السائدة في المنطقة، إذ خيمت الأزمة على الجميع، وعانت تونس تشتت القرار السياسي الذي تسبب في صعوبة إقناع المستثمرين بتركيز مشاريعهم بالبلاد، فالقرار منشأه السلطة. وعانت السلطة في تونس عدم مركزية القرار الذي تشتت بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، ما أدى إلى تعطل دواليب الإدارة وتأخر المعاملات". وأضاف بوزوادة أن "آفاق الاستثمار في الصناعة في تونس تبقى ايجابية على الرغم من المعطيات الحالية، لأن التراجع الحاصل سُجل على مستوى حجم الاستثمار، بعكس عدد المشاريع الذي يشهد نمواً. كما يُلاحظ أن أغلب الاستثمارات الجديدة هي مشاريع توسع لاستثمارات قديمة، وهذا مؤشر ايجابي يدل على ارتفاع مستوى ثقة المستثمرين السابقين من الأجانب".

اضطراب التصدير

وأحدث توقف حركة التصدير بسبب الإغلاق العام مع انتشار الجائحة الفرق، وأدى إلى تردد المستثمرين في مجالات صناعية معينة وفق الباحث الاقتصادي غازي معلي الذي نبه إلى ضرورة التوقف عند مؤشرات الاستثمار في الصناعات الغذائية ومواد البناء، "فهي تعكس نوايا المستثمرين، فإن سُجل تطور في مجال الصناعات الغذائية، فذلك يعود إلى استئناف وتيرة الاستهلاك، لكن في المقابل تأثر واقع الاستثمار في مجال مواد البناء بسبب الاضطراب المسجل في السوق، وبالتحديد حركة التصدير إلى بعض البلدان المستهلكة للسلع التونسية. ومن البديهي أن غلق الحدود بين تونس وعدد من البلدان يؤدي إلى تقليص الاستثمار في صناعة السلع الموجهة رأساً للتصدير، ومن أهمها مواد البناء ومعدات السيارات والمواد الكهرومنزلية والنسيج، ومن أبرز الأمثلة على ذلك غلق السوق الليبية بفعل الجائحة وعدم فتح الحدود لمدة شهرين في عام 2020 وشهرين مماثلين في عام 2021، مما أدى الى ركود في هذه السلع، يستجلب عزوف المستثمر عن توسيع الاستثمار".