Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التشكيلات الدبلوماسية في لبنان بقبضة القوى السياسية

يتم عادةً ترفيع مستشارين مقربين من القوى الفاعلة في طوائفها إلى منصب سفير

وزير الخارجية اللبناني (يسار) ملتقياً وفداً ألمانياً في بيروت، الثلاثاء 5 أكتوبر الحالي (دالاتي ونهرا)

تفادياً لخلافات سياسية أو خضّات قد تكون الحكومة اللبنانية الجديدة بغنى عنها في بدايات انطلاقتها، وبسبب عدم حسم رئيس "التيار الوطني الحر"، جبران باسيل، أمره في اختيار الاسم المقترح ليكون سفير لبنان لدى واشنطن، برز اقتراح من قبل وزير الخارجية الجديد عبدالله بو حبيب، بالذهاب إلى الطريق الأسهل عبر وضع تشكيلات دبلوماسية جزئية، وليست كاملة، بانتظار التوافق على سلة التشكيلات المعلقة منذ زمن. وكان يُتوقع أن تمر التشكيلات الجزئية في مرحلة أولى خلال جلسة قريبة لمجلس الوزراء، وتُترَك التشكيلات الكاملة إلى نهاية العام الحالي إفساحاً في المجال لاتفاق القوى على الأسماء المقترحة للمراكز الشاغرة والأسماء المقترحة للترفيع من رتبة مستشار أو قنصل إلى سفير، على اعتبار أن هذه العملية تخضع لاستنسابية القوى السياسية، إلا أن "اندبندنت عربية" علمت أن اتصالات الأيام الأخيرة أفضت إلى حلحلة عقدة الاسم المقترح لسفارة واشنطن، وبات احتمال صدور التشكيلات الدبلوماسية بالكامل أمراً محتملاً إلا إذا حدثت مفاجآت في ربع الساعة الأخير، وسط مخاوف من أن تأجيل التشكيلات هذه المرة قد يذهب إلى ما بعد نهاية العهد الرئاسي الحالي. وتكشف مصادر دبلوماسية عن أن باسيل قرر تسمية سيدة من خارج الملاك لسفارة واشنطن لم يُكشف عن اسمها بعد.

التشكيلات الجزئية تقتصر على 6 سفراء فقط

ويُفترض أن تشمل التشكيلات الدبلوماسية المؤجَلة منذ بداية عام 2019، تعيين سفراء لمراكز شاغرة في أكثر من دولة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، إضافة إلى اليونان والأردن والبرازيل، كما يجب أن تشمل نحو 20 سفيراً وقنصلاً ومستشاراً تخطّوا مدة خدمتهم القانونية في الخارج، والمحددة بعشر سنوات للسفير، وسبع سنوات للقنصل والمستشار، بحيث بلغت مدة خدمة بعضهم في الخارج 13 سنة، كما هي الحال مثلاً مع سفير لبنان في بريطانيا رامي مرتضى، في مقابل بقاء زملاء له في الإدارة في لبنان لسنوات عديدة، وهم ينتظرون تشكيلهم إلى الخارج. وتكشف مصادر مطلعة على الملف عن أن التشكيلات الجزئية التي كان يعمل عليها الوزير بو حبيب كانت ستقتصر فقط على نحو 6 سفراء لـ6 مراكز هي على الأرجح الأردن، وإندونيسيا، وسيراليون، وساحل العاج، ورومانيا والبرازيل، على أن يتم إرسال السفراء الجدد من الإدارة إلى الخارج، أو تثبيتهم حيث هم حالياً بمهمة كما هي الحال مع السفيرة كارلا جزار التي يتوقع تثبيتها في سفارة لبنان بالبرازيل، فيما يُنتظر أن تشمل التشكيلات الجزئية السفير هاني شميطلي، بعد استبعاده عن منصبه الحالي كأمين عام لوزارة الخارجية، إضافة إلى السفير غدي خوري، وهو مدير الشؤون السياسية في الوزارة، ومدير الشؤون الإدارية كنج الحجل، والسفيرين بلال قبلان وحسين حيدر. وتكشف مصادر دبلوماسية عن أن البحث جارٍ حول إمكانية إعادة كل السفراء من الخارج أو جزء منهم مع استمرار دبلوماسيين حاليين في الإدارة، لا سيما أن الذين تخطوا مدة خدمتهم القانونية في الخارج بلغ عددهم 16 سفيراً، فيما بلغ عدد السفراء الذين يجب نقلهم إلى الخارج الـ10. وكشفت المصادر ذاتها عن أن إشكالية أخرى تُبحث حالياً، وهي مسألة الترفيع من رتبة مستشار إلى رتبة سفير، إذ تحتاج إلى توافق سياسي، وتخضع عادةً لاستنسابية القوى السياسية، بحيث كان يتم ترفيع بعض المستشارين المقرّبين من القوى السياسية المقرِّرة والفاعلة في طوائفها.

قصة تأجيل التشكيلات منذ عام 2019

في أول مرة أُرجِئت فيها التشكيلات الدبلوماسية كانت في يونيو (حزيران) 2019 في عهد وزير الخارجية السابق جبران باسيل، وفي حكومة كان يرأسها سعد الحريري. ويشرح دبلوماسيون يفضلون عدم الكشف عن أسمائهم، أن باسيل ربط مصير التشكيلات حينها بتعيين مدير مكتبه هادي هاشم سفيراً في الدنمارك، بعد التوافق الذي حدث بزيادة البعثات الدبلوماسية في الخارج، ومنها في النرويج والدنمارك، فعلقت التشكيلات بانتظار صدور مرسوم افتتاح سفارة جديدة في الدنمارك، الذي أبصر النور في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، أي قبل يومين من انتفاضة "17 تشرين"، وقبل أيام من استقالة حكومة الحريري. عندما تسلم الوزير ناصيف حتي حقيبة الخارجية في عام 2020 بدأ العمل على التشكيلات الدبلوماسية التي صارت ملحة أكثر لشغور مراكز مهمة في عواصم دول العالم. واعترضت مشكلة تعيين السفير هادي هاشم التشكيلات الدبلوماسية مجدداً، بعدما تبيّن أن سفراء موارنة كثراً استوفوا شروط تعيينهم، وهم يتقدمون خبرةً وفي سنوات الخدمة على هاشم، فرفض حتّي المضي بالتشكيلات كما كانت مقترحة عليه من باسيل الى أن قدم استقالته من الحكومة. ورفض خلفه الوزير شربل وهبة العمل على التشكيلات الدبلوماسية بحجة أن الوقت غير مناسب، لا سيما  بعد انفجار الرابع من أغسطس (آب) 2020، وبقيت التشكيلات معلقة بعد استقالة حكومة حسان دياب لتعود مجدداً إلى العلن مع تشكيل حكومة ميقاتي الجديدة، ولكن بصيغة جزئية في المرحلة الأولى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


التشكيلات الكاملة مربوطة بباسيل
برز الحديث عن تشكيلات جزئية وليست كاملة لأسباب عدة أبرزها أن باسيل لم يكن حسم أمره بعد في شأن الاسم المقترح لسفارة لبنان في واشنطن، نظراً إلى أهمية الدور الذي سيلعبه السفير الجديد في تحسين علاقة التيار ورئيسه مع الإدارة الأميركية، والعمل على إلغاء العقوبات التي فرضتها الخزانة الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترمب على باسيل. وتكشف مصادر دبلوماسية عن أن كل التشكيلات معلّقة بانتظار الاتفاق على مركز واشنطن، إذ لا مشكلة تعترض التشكيلات المخصصة لباقي المراكز الموزعة طائفياً بين 8 للموارنة و6 للشيعة و3 للسنة، وسفير درزي وواحد أرثوذكسي، وواحد كاثوليكي. وتكشف المصادر الدبلوماسية عن أن "الثنائي الشيعي" قدم مسودة بالأسماء المقترَحة من قبل "حركة أمل" و"حزب الله" للمراكز الـ6، وهي لندن وبيرن وبوخارست وعمان والدوحة وأبيدجان، ويتوقع أن يُحصر بالتيار الوطني الحر اختيار الأسماء الموارنة الـ8، لموقع السفير في جنيف وهنغاريا وتونس ومدريد والأرجنتين والغابون وسوريا وواشنطن، إضافة الى اختيار السفير الأرثوذكسي الجديد لليونان والكاثوليكي للمكسيك. وتقول المصادر الدبلوماسية إنه لا مشكلة في حصة السُنة الـ3 في كل من الرباط المتوقع أن يتم اختيار سفير جديد لها، وجاكرتا وبراغ، حيث قد سيتم تثبيت السفيرين الموجودين حالياً فيهما. أما المركز الشاغر الوحيد الدرزي فهو في اليمن، حيث لن يكون صعباً استبدال السفير الحالي هادي جابر الذي بقي في لبنان ولم يلتحق بالسفارة منذ اندلاع الحرب هناك.

التشكيلات ممر لتغيير اللجنة الإدارية

لم تكن الشواغر في عواصم الدول وتخطي بعض السفراء مدة خدمتهم القانونية السببين الوحيدين لإسراع وزير الخارجية الجديد في العمل على التشكيلات الدبلوماسية المؤجَّلة منذ عام 2019. فداخل وزارة الخارجية مشكلة تعوق عملها وعمل الوزير، تتمثل بالمشاكل الحاصلة داخل اللجنة الإدارية التي يُفترض أن تكون المساعد الأساسي للوزير في كل عمل الوزراة بدءاً بالتشكيلات الدبلوماسية. وبات تغيير اللجنة الإدارية أمراً ملحاً، بعدما بلغت المشاكل بين أعضائها حد رفع دعاوى تزوير واتهامات بتخطي الصلاحيات وغيرها. وتشوب مشاكل عقيمة العلاقة بين أعضاء اللجنة الإدارية الحالية التي تضم الأمين العام هاني شميطلي، ومدير الشؤون السياسية غدي خوري، ومدير الشؤون الإدارية كنج الحجلم. وعندما تسلم الوزير بو حبيب حاول مجدداً التوفيق بينهم، ولم ينجح في جمعهم معاً، ولو مرة واحدة، فقرر اعتماد خيار تغييرهم، والتشكيلات الدبلوماسية هي الممر الأساسي لاستبدالهم، وتعيين بدلاً منهم بعد نقلهم إلى الخارج. وعلمت "اندبندنت عربية" أن مجلس الوزراء قد يعين في جلسته يوم الأربعاء 6 أكتوبر الحالي، أميناً عاماً جديداً للوزارة ومديري الشؤون السياسية والإدارية، على أن تعمل تلك اللجنة على التحضير للتشكيلات الدبلوماسية مع الوزير.

المزيد من العالم العربي