Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل فلتت العملات الرقمية من قبضة الإجراءت الصينية؟

التداولات تعزز "بيتكوين" في الأسواق في ظل غياب الثقة في "اليوان"

توقعات أن تعلن الصين إعادة التعامل بالعملات الرقمية المشفرة في المستقبل القريب (أ ف ب)

أصبحت العملات الرقمية أقوى من الحظر الذي تفرضه أي دولة، حتى وإن كانت تمتلك ثاني أكبر اقتصاد في العالم. فقد مر إعلان الصين أن العملات المشفرة غير قانونية ومنع التعامل بها كسحابة صيف على السوق، ليثبت المتداولون في الأصول المشفرة أنهم أصبحوا أكثر نضجاً في ردة فعلهم تجاه قرارات الدول وتصريحات المشاهير. كما تجاوزت السوق أيضاً المحللين الذين حذروا من أن العملات المشفرة أكبر مخطط للاحتيال في التاريخ، وأن أثر خطوة الصين سيكون كارثياً، بدلاً من أن يتساءلوا لماذا تقدم حكومة تمتلك ثاني أكبر مخزون من "بيتكوين" في العالم على هذه الخطوة؟ 

سوق أقوى

قال طارق الرفاعي، الرئيس التنفيذي في مركز "كوروم" للدراسات الاستراتيجية في لندن، "كان لدى الصين نحو 50 في المئة من عمليات تعدين "بيتكوين" على كوكب الأرض، ولا يزال لديها كحكومة وبنك مركزي ثاني أكبر مخزون من بيتكوين في العالم"، مضيفاً، "بغض النظر عن القرار الصيني، فإن الشيء الأكثر لفتاً للانتباه هو أن "بيتكوين" يتم تداولها الآن بسعر أعلى مما كانت عليه قبل القرار الصيني الأخير، وهذا يعني أن حظر العملات الرقمية لم يعد له التأثير الذي تتوقعه الحكومات على السوق"، وهذا يعني أن "اتجاه العملات المشفرة أصبح الآن في يد المتداولين والمستثمرين، وأين سيتجه السعر بعد الآن هو أمر متروك للمتداولين، وليس للمنظمين الحكوميين".

لعبة الحظر

وأيد محمد جميل، المحلل المالي، هذا الرأي بقوله، "كان أثر القرار الصيني انخفاض سعر "بيتكوين" بنسبة 8 في المئة لأقل من 40 ألف دولار، قبل تعافيه سريعاً لأكثر من 48 ألف دولار حالياً، ليثبت المتداولون أن لعبة الحظر والمنع والشائعات لن تجدي، كما تجاوز المتداولون أيضاً المحللين الذين سارعوا لإعلان أن الصين كدولة ذات اقتصاد كبير لن تكون الأخيرة التي تتخذ قراراً مماثلاً، وأن سوق العملات المشفرة التي يبلغ حجمها حالياً 1.5 تريليون دولار هي أكبر عملية احتيال في العالم". وشدد على أن "الفلسفة الكامنة وراء العملات المشفرة وتقنية الويب 3.0 هي أكبر فكرة اقتصادية منذ 150 عاماً، وأنها تقدم نموذجاً اقتصادياً وسياسياً جديداً تماماً، وبضعف أثر القرار الصيني أعتقد أن الناس سيبدأون في الاستيقاظ على هذه الحقيقة". 

اليوان الرقمي

وأجاب طارق الرفاعي عن سؤال بقوله، "من يقول إن هدف القرار الصيني الأخير هو تقوية اليوان الرقمي فهذا كلام مضحك، وهو بالفعل مزحة، لأنه لماذا أصبحت الصين أساساً أكبر مركز للعملات المشفرة؟ لأن الحكومة مسيطرة على الاقتصاد بالكامل، وإذا كان الناس هناك ليس لديهم ثقة في اليوان الورقي أساساً فماذا سيفعلون باليوان الرقمي؟ الأفراد هناك يريدون "بيتكوين" أو الإيثريوم أو الكوردانو، يريدون العملات الرقمية بعيداً عن تحكم حكومتهم، ولقد سمعت من قبل الرأي القائل إن اليوان الرقمي سينافس "بيتكوين"، ولكنني أقول لا إنه لن يكون منافساً لـ(بيتكوين)". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال محمد جميل، "على الرغم من القرار الصيني الأخير، فوجئت بصفتي مضارباً في (بيتكوين)، باتصال أشخاص صينيين بي من أرقام من داخل الصين لشراء كل العملات الرقمية الموجودة في محفظتي الرقمية، وبسعر أعلى من ضعف سعر السوق، وتكرر هذا عن طريق برنامج (تلغرام)، وكان هذا أمراً غريباً في الواقع بالنسبة لي، ربما هذا لأن الصين حكومة شيوعية تدير الاقتصاد بأكمله بقبضة من حديد". 

وكانت الصين في كل مرة تصعد فيها التشديد على التعامل بالعملات المشفرة تحذر من أنها تهدد الأصول وثروة الأفراد، إضافة إلى الأسباب الأخرى التي تسوقها، مثل مكافحة غسل الأموال أو الجريمة المنظمة، أو الالتزام بخفض الانبعاثات الكربونية، إلا أن القرار الأخير الذي حرم الصينيين من التصرف في ما يمتلكونه بالفعل من ثروة مخزنة في صورة رقمية، يعد عكس ما تشدد عليه وتحذر منه السلطات الصينية.

أزمة مفتعلة

وقال طارق الرفاعي، "أرى أن القرار الأخير للصين له دوافع سياسية، وليست اقتصادية، فالسلطات الصينية لديها وجهة نظر مركزية للغاية، وسوق العملات المشفرة لا يتناسب مع ذلك، بمعنى آخر التحكم"، مشيراً إلى أنه من الممكن أن يكون أيضاً محاولة للاستحواذ على أكبر عدد ممكن من بيتكوين التي يتوقع أن يتجاوز سعرها سعر الذهب في المستقبل، وفي الوقت نفسه سيكون هذا ورقة ضغط تمكنها من التحكم في السوق. 

فيما قال محمد جميل، "صعدت الصين موقفها تدريجياً من العملات المشفرة، ففي عام 2017 منعت الطرح العام الأولي للعملات الرقمية، ثم أوقفت التعدين على أراضيها منتصف العام الجاري، ثم منعت منصات العملات الرقمية من تقديم خدماتها، وأخيراً اعتبرت العملات المشفرة غير قانونية، بالتالي لا يمكن استخدامها في أي عمليات للبيع أو الشراء، وأرى أنها بذلك تفتعل أزمة لخفض الأسعار في السوق بالتأكيد لصالح كيانات أكبر، لكن الانخفاض لم يكن كبيراً، والتصحيح كان سريعاً، على الرغم من محاولات الترويج لعكس ذلك". 

وأضاف أن "الصين ما زالت حتى الآن دولة مغلقة لا نعلم عنها الكثير، وهناك دول كثيرة ما زالت تمنع العملات المشفرة، لكن الجانب المطمئن أن هناك صناديق استثمار كثيرة في العالم، بينها صناديق المعاشات وهي الأكثر حذراً، دخلت سوق العملات المشفرة الآن وعينها على (بيتكوين)، التي ستكون نظير الذهب، أو ربما بديلاً عنه في المستقبل". وتوقع محمد جميل أن تعلن الصين إعادة التعامل بالعملات الرقمية المشفرة في المستقبل القريب.

اقرأ المزيد

المزيد من عملات رقمية