Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الطائرات العسكرية الفرنسية ممنوعة من دخول أجواء الجزائر

بعد تصريحات الرئيس ماكرون التي أثارت غضباً شعبياً ورسمياً ووصفت باللامسؤولة

تزداد الهوة بين الجزائر وفرنسا اتساعاً في الأسابيع الأخيرة (أ ف ب)

وضع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجزائر على صفيح ساخن، بعد تصريحات وصفتها الجهات الرسمية بـ"اللامسؤولة" والشعبية بـ"الحاقدة"، الأمر الذي خلق حالة من الاستنفار والاحتقان ترجمتها قرارات استدعاء السفير بباريس وإغلاق المجال الجوي أمام الطائرات العسكرية الفرنسية.

الهوة تزداد اتساعاً

في المقابل، تزداد الهوة بين الجزائر وفرنسا اتساعاً في الأسابيع الأخيرة، ويتسارع التباعد بين العاصمتين يوماً بعد يوم، ولعل تصريحات ماكرون بعد قرار تخفيض التأشيرات الممنوحة للجزائريين إلى النصف، الشرارة التي من شأنها إعادة علاقات البلدين إلى نقطة الصفر.

ولم تتوان الجزائر في الرد على الرئيس الفرنسي بإجراءات "تأديبية"، حيث أعلنت عن إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات العسكرية الفرنسية المتوجهة إلى منطقة الساحل، وهو ما كشف عنه ناطق باسم هيئة الأركان العامة الفرنسية، الكولونيل باسكال إياني، أن الحكومة الجزائرية حظرت على الطائرات العسكرية الفرنسية التحليق فوق أراضيها.

وقال في تصريحات إعلامية، إنه "لدى تقديم مخططات لرحلتي طائرتين هذا الصباح، علمنا أن الجزائريين سيغلقون المجال الجوي فوق أراضيهم أمام الطائرات العسكرية الفرنسية"، وأكد أن ذلك لن يؤثر في العمليات أو المهام الاستخباراتية التي تقوم بها فرنسا في منطقة الساحل.

ماكرون يصدم الجزائريين

صدم الرئيس الفرنسي الجزائريين سلطة وشعباً، بقوله وفق ما جاء في صحيفة "لوموند"، إن الجزائر قامت بعد استقلالها في 1962 على "إرث من الماضي حافظ عليه النظام السياسي العسكري"، مضيفاً خلال اجتماع عقد بينه وبين شباب من أحفاد "الحركي"، وهم من الجزائريين الذين حاربوا إلى جانب الجيش الفرنسي في حرب استقلال الجزائر، أن تقليص منح التأشيرات "لن يكون له أي تأثير على الطلاب وأوساط الأعمال، وإنما القصد من القرار مضايقة الأشخاص الموجودين في الوسط الحاكم الذين اعتادوا التقدم للحصول على تأشيرات بسهولة".

وتابع ماكرون، أنه لا يعتقد أن هناك "كراهية لفرنسا في أعماق المجتمع الجزائري، بل في النظام السياسي العسكري الذي قام على هذا الإرث من الماضي".

وأردف أنه "من الواضح أن النظام الجزائري منهك، والحراك الشعبي أضعفه"، مشدداً أن "هناك حواراً جيداً مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، لكن أرى أنه عالق في نظام صعب جداً".

وأبرز أنه يريد إنتاجاً تحريرياً تبثه فرنسا، باللغتين العربية والأمازيغية، في المنطقة المغاربية، لمواجهة التضليل والدعاية التي يقودها الأتراك الذين يعيدون كتابة التاريخ، وتساءل: هل كانت هناك فعلاً أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟، مضيفاً أنه كان هناك استعمار قبل الاستعمار الفرنسي.

وقال "أنا مفتون برؤية قدرة تركيا على جعل الناس ينسون تماماً الدور الذي لعبته في الجزائر والهيمنة التي مارستها"، وشارحاً أن الفرنسيين هم المستعمرون الوحيدون. وهو أمر يصدقه الجزائريون".

حملة انتخابية فرنسية مبكرة

تعليقاً على كلام ماكرون، يرى أستاذ العلوم السياسية، إدريس عطية، أن الرئيس الفرنسي دخل في حملة انتخابية مبكراً بتصريحاته الاستفزازية وكذلك مراجعته ملف الهجرة مع الدول المغاربية وتخفيض حصص الجزائر والمغرب وتونس من التأشيرات.

ويقول إن ماكرون أراد أن يضمن الكتلة الناخبة المتعاطفة مع اليمين المتطرف، من جهة، واللعب على العامل الخارجي لشد الانتباه والهروب نحو الأمام من جهة ثانية، مضيفاً أن التصرف راجع إلى حجم الخسارة التي تكبدتها فرنسا تباعاً منذ بداية مشروع الجزائر الجديدة، وفقدانها الكثير من المصالح ورحيل عدد ضخم من شركاتها العاملة في الجزائر، ناهيك عن ملف الذاكرة وديون فرنسا لدى الجزائر وقضية التعويضات.

ويوضح عطية أن فرنسا تسعى لإعادة التموقع في العلاقات الدولية، لأن هناك خريطة سياسية واقتصادية جديدة في العالم، أي بعد كل حرب يتغير النظام الدولي، حيث توزع الأعباء والخسائر، والأرباح والفوائد كذلك، وهو ما سنشهده بعد هذه الحرب البيولوجية الراهنة المتمثلة في أزمة كورونا.

استدعاء السفير وبيان شديد اللهجة

وقبل ذلك، استدعت الجزائر سفيرها بباريس ثم أصدرت بيانين، ويبدو أنها أخذت الوقت الكافي لمعرفة صدقية التصريحات، إذ أكدت في بيانها الأول رفضها أي تدخل في شؤونها الداخلية"، موضحة أنها استدعت سفيرها في باريس للتشاور بسبب تصريحات "لا مسؤولة" نسبتها مصادر عدة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ولم يتم نفيها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقالت الرئاسة الجزائرية في بيانها الثاني شديد اللهجة، إنه "عقب التصريحات غير المفندة، التي نسبتها العديد من المصادر الفرنسية لرئيس الجمهورية الفرنسية، تعرب الجزائر عن رفضها القاطع، للتدخل غير المقبول في شؤونها الداخلية مثلما ورد في هذه التصريحات التي تحمل في طياتها اعتداء غير مقبول على ذاكرة 5 ملايين و630 ألف شهيد، الذين ضحوا بالنفس والنفيس في مقاومتهم البطولية ضد الغزو الاستعماري الفرنسي، وكذا في حرب التحرير الوطني المباركة".

وتابعت أن "جرائم فرنسا الاستعمارية في الجزائر لا تعد ولا تحصى، وتستجيب لتعريفات الإبادة الجماعية، ضد الإنسانية".

وأضافت الرئاسة الجزائرية أن نزعة أصحاب الحنين إلى الجزائر الفرنسية، والأوساط التي تعترف بصعوبة بالاستقلال الكامل الذي حققه الجزائريون بنضال كبير، يتم التعبير عنها من خلال محاولات غير مجدية لإخفاء فظائع ومجازر ومحارق وتدمير قرى بالمئات.

تحريض مبطن

في السياق ذاته، يقول الباحث في العلاقات الدولية، طاهر سهايلية، إن تصريحات ماكرون تعتبر تدخلاً سافراً ومهيناً في الشأن الداخلي للجزائر، والتشكيك المهين بتاريخ بلادنا وأصالتها ودق أسافين الفتنة بين نظام الحكم والشعب هو تحريض مبطن هدفه زرع الفوضى بين أبناء الوطن الواحد، مضيفاً أن التآمر على الجزائر ليس وليد اليوم، لكنه ازداد أخيراً وأصبح أكثر اتساعاً وانكشافاً.

وأوضح أن ماكرون انتهى سياسياً، ولا يستطيع ضمان فوزه بالاستحقاقات الرئاسية المقبلة بعدما راهن على اللعب على وتر التشنج الذي دحرج العلاقات الثنائية بين البلدين، معتبراً أن تصريحاته سقطة من سقطات الإليزيه تعودت عليها الجزائر التي سيكون ردها سابقة في تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

صمت باريس... وجس النبض

وعلى الرغم من التطورات المتسارعة الحاصلة من الجانب الجزائري، تلتزم باريس الصمت وتراقب الوضع، في شكل "جس النبض"، وهي التي دأبت على أن تتأخر في التجاوب مع ما يصدر عن الجزائر بعد كل "خصومة"، وهو ما حدث مع تصريحات جزائرية "أغضبت" باريس، حيث قال وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمون بون، في أبريل (نيسان) 2021، إن بلاده تريد "تهدئة" في العلاقات مع الجزائر.

وصرح أن "هناك أحياناً تصريحات لا مبرر لها في العلاقات الفرنسية- الجزائرية"، كما شددت رئيسة تحرير النسخة الفرنسية لإذاعة "مونتي كارلو" بيرينغار بوكيون، تصريحات مستشار الرئيس تبون المكلف بالذاكرة عبد المجيد شيخي، حين قال إن "فرنسا الاستعمارية عملت على نشر الأمية في الجزائر"، على أنه في "عام 1830، كانت نسبة الأمية في فرنسا قرابة 60 في المئة، فكيف تكون في حدود 20 في المئة بالجزائر؟".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي