Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة السكن في البصرة ترفع أسعار العقارات وتعمق معاناة الفقراء

استقطبت المحافظة مئات الآلاف وقفز عدد سكانها من مليون و200 ألف في العام 2000 إلى نحو 4 ملايين نسمة

حاولت الحكومة العراقية خلال الأعوام الماضية إنشاء بعض المجمّعات السكنية لاحتواء الأزمة (اندبندنت عربية)

في ظل تلكؤ المشاريع الحكومية لاحتواء أزمة السكن في محافظة البصرة التي تعد عاصمة العراق الاقتصادية، فإن أسعار البيوت والأراضي السكنية بلغت مستويات جنونية غير مسبوقة محلياً، ليس من منظور أصحاب الدخل المنخفض فحسب، بل حتى بالنسبة إلى ذوي الدخل المتوسط.

خلال القرن الماضي شهدت البصرة موجات نزوج كبيرة من محافظات مجاورة بحثاً عن فرص عمل في أسواقها وموانئها ومصانعها وحقولها النفطية، لكنها كانت أقل زخماً وتأثيراً من موجة النزوح التي حصلت بعد العام 2003، إذ استقطبت المحافظة مئات الآلاف، وبذلك قفز عدد سكانها من مليون و200 ألف نسمة في العام 2000 إلى ما لا يقل عن 4 ملايين نسمة في العام الحالي، ولم ينعكس ذلك على واقع السكن فحسب، بل تسبب بمشاكل منها الاختناقات المرورية.

من الأسباب الأخرى، التي جعلت أزمة السكن أكثر تعقيداً، سيطرة وزارة النفط على مساحات شاسعة من أراضي البصرة من دون أن تستثمرها أو تسمح باستثمارها في بناء مناطق سكنيةٍ جديدة، فضلاً عن لجوء كثير من الأثرياء الذين لا يثقون في المصارف المحلية ولا يأمنون على أموالهم في بيوتهم، إلى شراء أراضٍ بالتعويل على سهولة بيعها والزيادة المضطردة في أسعارها.

أحياء عشوائية

من رحم أزمة السكن ولدت ظاهرة السكن العشوائي، التي تعبر عنها آلاف البيوت التي أُنشئَت بمواد بناء زهيدة وبالتجاوز على أراضٍ تعود إلى الدولة، وتحوّلت مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الخصبة إلى مناطق سكنية، مع أن القانون يمنع استخدامها في أنشطةٍ غير زراعية، وكذلك اضطرّت بعض العوائل في غضون الأعوام الماضية إلى شطر بيوتها وتجزئتها لمعالجة الاكتظاظ.

ظاهرة السكن العشوائي الناجمة عن أزمة السكن، أسفرت عن عرقلة تنفيذ مشاريع حيوية للبنى التحتية، تشمل تشييد جسور وبناء مدارس وإنشاء شبكات للمجاري وأخرى للمياه، كذلك تسبّبت بانتهاك التصميم الأساس لمدينة البصرة، الذي أنفقت الحكومة على تحديثه وتطويره في العام 2012 نحو ثلاثة مليارات دينار (ما يعادل مليونين و500 ألف دولار).

توزيع قطع أراض

حاولت الحكومة خلال الأعوام الماضية إنشاء بعض المجمّعات السكنية لاحتواء أزمة السكن، لكن معظم تلك المشاريع تعطل تنفيذها قبل إنجازها لأسبابٍ مالية، فيما أصدرت الحكومة خلال الأعوام العشرة الماضية سندات ملكية قطع أراضٍ لأكثر من 30 ألف مواطن مقابل مبالغ رمزية، وأكثرها تقع في الأقضية والنواحي، ونسبة غير قليلة منها في مناطق مقفرة لا تتوافر فيها أبسط الخدمات الأساسية من شوارع مبلطة وشبكات للماء والكهرباء والمجاري، وتعتزم الحكومة المحلية توزيع بضعة آلاف أخرى من قطع الأراضي خلال الأشهر القليلة المقبلة.

وبحسب رئيس لجنة التخطيط والمتابعة في مجلس محافظة البصرة، نشأت المنصوري، فإن "أزمة السكن لا يمكن معالجتها من خلال منح قطع أراضٍ للمواطنين لأن تكاليف البناء ليست بمتناول الجميع"، معتبراً أن "التخلّص من الأزمة جذرياً يستدعي وضع خطة وطنية متكاملة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الاستثمار من الحلول

إدارة هيئة الاستثمار في البصرة، ترى أن الاستثمار في قطاع الإسكان هو الحلّ الأمثل لإنهاء أزمة السكن. وقال رئيس الهيئة علاء عبد الحسين لـ"اندبندنت عربية"، إن "أزمة السكن جعلت قطاع الإسكان من أنشط القطاعات الاستثمارية في المحافظة وأكثرها ربحية. وهناك أربعة مشاريع استثمارية قيد التنفيذ لإنشاء مجمّعات كبيرة تتألف من آلاف الوحدات السكنية"، موضحاً أن "الهيئة تسعى إلى إقناع مستثمرين ببناء مجمعات خفيضة الكلفة لذوي الدخل المحدود".

ولفت عبد الحسين إلى أن " من المؤمّل للبصرة أن تشهد خلال النصف الثاني من العام الحالي ضخّ استثماراتٍ جديدة في قطاع الإسكان بقيمة نصف مليار دولار"، مضيفاً أن "هيئة الاستثمار في طور إكمال الإجراءات القانونية والإدارية لإصدار إجازات استثمارية لتنفيذ تلك المشاريع".

في خضمّ تفاقم أزمة السكن، فإن قطعة الأرض البالغة مساحتها 300 متر في مناطق سكنية تقع ضمن مركز المحافظة، مثل العباسية والبراضعية والبريهة والساعي ومناوي باشا، لا يقلّ سعرها عن 750 مليون دينار (ما يعادل 625 ألف دولار). وتتضح فداحة المشكلة بالنظر إلى رواتب موظّفي القطاع العام، فمعدل الراتب الشهري للموظف الحكومي بحدود 750 ألف دينار (ما يعادل 625 دولاراً)، وبذلك يحتاج الموظف إلى العمل مدة 84 عاماً مع ادخار رواتبه بالكامل ليوفر ثمن شراء الأرض، أما تكاليف بناء بيت فتوفيرها يحتاج إلى عشرة أعوام أخرى.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي