Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الشعب الإيراني غارق في التضخم ويعاني ارتفاع أسعار المواد الغذائية

بينما تخنق العقوبات الأميركية الاقتصاد الإيراني يدفع التضخم القياسي المتسوقين المذهولين [من هول ما يجري] في البلاد إلى اقتطاع اللحوم والألبان من وجباتهم الغذائية وشراء كميات أقل كل شهر

ارتفعت أسعار السلع الغذائية نحو 60 في المئة منذ 1994 إلى اليوم (رويترز)

في الأشهر الأخيرة جلس مهدي دولاتياري في السوبر ماركت الخاص به في وسط طهران يراقب بذعر كيف ارتفعت أسعار السلع التي كانت تكلفتها مقبولة سابقاً، حتى أصبحت بعيدة المنال بالنسبة إلى زبائنه. فالإيرانيون الذين اعتادوا في السابق شراء أكياس من المواد الغذائية الأساسية في المتجر يكافحون الآن لجمع ما يكفي من الطعام، مع انخفاض عملة البلاد إلى مستويات متدنية جديدة مقابل الدولار.

وفي هذا السياق قال دولاتياري إن "الأرز صار باهظ الثمن على نحو مريع"، واصفاً كيف تضاعف سعره تقريباً.

مع استمرار العقوبات الأميركية في خنق الاقتصاد، وجّه التضخم القياسي ضربة مؤذية لعامة الإيرانيين العاديين في أكثر مكان يؤلمهم. ونتيجة لذلك، صار المتسوقون المصعوقون يلغون اللحوم والألبان من وجباتهم الغذائية، ويشترون كميات أقل كل شهر.

وتجدر الإشارة إلى أن قيمة العملة الإيرانية أصبحت الآن نحو 270 ألف ريال مقابل الدولار الواحد، مقارنة بـ32 ألف ريال في وقت إبرام اتفاقية طهران النووية عام 2015 مع القوى العالمية. وقد أدى ذلك إلى إطاحة القدرة الشرائية لرواتب الناس ومدخراتهم.

كما ارتفع معدل التضخم إلى 45 في المئة، وهو أعلى مستوى منذ عام 1994، في حين زادت أسعار المواد الغذائية بنحو 60 في المئة.

الأسباب متعددة ومتداخلة. ومن بينها: اقتصاد غارق دمرته سنوات من العقوبات المرتبطة ببرنامج إيران النووي، واضطرابات سلسلة التوريد بسبب جائحة فيروس كورونا؛ وانخفاض مطرد في الإنتاج المحلي.

ذكرت غرفة التجارة الأسبوع الماضي أن الناتج المحلي الإجمالي انخفض بنسبة 60 في المئة تقريباً من عام 2017 إلى عام 2020، وفي هذا الإطار وصف رئيسها غلام حسين شافعي الانخفاض بأنه "تحذير خطير بشأن مستقبل الاقتصاد الإيراني".

في الواقع، تجد العائلات الآن أن أموالها تفقد قيمتها بشكل متزايد، ويجب عليها التخلي عن الأطعمة التي كانت تعتبر في السابق من المواد الغذائية الأساسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مقارنة مع العام الماضي، تضخم سعر الحليب والزبادي والبيض بنحو 80 في المئة. وارتفعت تكلفة الخضراوات واللحوم بنحو 70 في المئة، فيما ازداد سعر السلع الأساسية الأبخس ثمناً مثل الخبز والأرز بأكثر من 50 في المئة، وفقاً لوكالة الإحصاء الحكومية.

وفي سياق متصل، علقت أوزرا إدالات، وهي متسوقة غاضبة تبلغ من العمر 63 عاماً، "نرى الأسعار تزداد أكثر فأكثر كل يوم. هذا أمر فظيع. كيف يمكن أن نتدبر أمورنا بمثل هذه الرواتب المنخفضة؟".

وكذلك، يشير العديد من الإيرانيين إلى أنهم يتسوقون أقل من أي وقت مضى. وبحسب غاني خياباني، وهي أم لثلاثة أطفال في طهران، "لا يمكنني الآن أن أشتري البقالة إلا مرة واحدة في الشهر. علينا أن نعد [نحتسب] كل قرش".

أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات صارمة في عام 2018 عندما قرر الرئيس دونالد ترامب، آنذاك، سحب واشنطن من الاتفاق النووي التاريخي، ويظل الأمل في أن تجد القوى العالمية طريقاً للعودة إلى الاتفاق بعيد المنال، إذ توقفت المفاوضات في فيينا حول إحياء الاتفاق في يونيو (حزيران) قبل أن يتولى الرئيس الإيراني المتشدد إبراهيم رئيسي منصبه، ولم يتم تحديد موعد لاستئنافها.

وفقاً للخبراء، عانى الاقتصاد الإيراني الضعيف سوء الإدارة لعقود، لكن العقوبات، بخاصة تلك المفروضة على قطاع الطاقة الحيوي التي تمنع الحكومة من بيع النفط الخام في الخارج، قد سرعت التراجع.

ولفت الخبير الاقتصادي مرتضى أفقه إلى أن "السبب الرئيس وراء ارتفاع التضخم الحالي هو الافتقار إلى الكفاءة [على المستويات] الداخلية والبيروقراطية والتنفيذية، ولكن بما أننا نعتمد على بيع النفط الخام... وعلى العملات الأجنبية المكتسبة من عائدات النفط، فقد أصبحنا أكثر هشاشة في ظل العقوبات".

والجدير بالذكر أن شح الدولار دفع الحكومة إلى طباعة مزيد من الريالات لتسديد ما تدين به، ما أدى إلى تحفيز الاقتصاد، ولكن في الوقت نفسه إلى تأجيج التضخم.

نتيجة لذلك، وقع كثير من الإيرانيين في براثن الفقر. ففي العام الماضي، ارتفع عدد المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر الرسمي ممن يتقاضون أقل مما يعادل 46 دولاراً (34 جنيهاً إسترلينياً) شهرياً، بنحو 40 في المئة، وذلك بحسب الأرقام والإحصائيات الحكومية.

وبطريقة مماثلة، قد تكون متاجر البقالة الإيرانية نفسها ضحية أخرى للتضخم.

في الحقيقة، أدى توسع سلسلة المتاجر الكبيرة والتسوق عبر الإنترنت، إلى جانب الارتفاع المتزايد في الإيجارات، وهوامش الربح الضئيلة وانخفاض العملاء، إلى جعل المتاجر الصغيرة والمتوسطة الحجم تكافح من أجل البقاء، وتعجز عن التنافس مع الحسومات على الشراء بالجملة الموجودة لدى أصحاب الامتيازات التجارية الكبيرة.

وفي هذا السياق صرح علي دنياي (71 عاماً) الذي افتتح متجر البقالة الخاص به في طهران منذ أكثر من أربعة عقود، "لم يعد تشغيل المتجر أمراً اقتصادياً".

وتجدر الإشارة إلى أن سعر السلع ليس المسألة الوحيدة على المحك، بل أيضاً مصير الآلاف من الصرافين وبائعي الفاكهة وعمال تقطيع اللحوم. لذا، حذر سعيد درخشاني، رئيس اتحاد المتاجر الكبرى في إيران، من تسريح العمال، إذ إن ذلك سيوجه ضربة أخرى لأولئك الذين لا يستطيعون تأمين سوى اللوازم الأساسية... "ماذا سيحدث لأعمالهم وأسرهم وأولئك الذين يعملون لديهم؟".

*أسوشيتد برس

المزيد من الشرق الأوسط