أكد عضو في حكومة الظل المعارضة في المملكة المتحدة التي يترأسها زعيم حزب "العمال" كير ستارمر، أن حكومة يقودها حزبه ستعمل على إصلاح الاتفاق الذي وقعه رئيس الوزارء بوريس جونسون في شأن الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، ما يزيد من احتمالات إقدام المعارضة على إجراء مزيد من المحادثات مع كتلة الاتحاد الأوروبي.
هذا الإعلان الذي يأتي قبل ساعات من خطاب يلقيه السير كير أمام مؤتمر حزب "العمال" في مدينة برايتون جنوب إنجلترا، يعد تغييراً واضحاً في نهج الحزب، إذ إنها المرة الأولى التي تقترح فيها القيادة الجديدة لحزب المعارضة إمكان إجراء مزيدٍ من المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
وكان السير كير قد جزم بشكل قاطع في شهر يناير (كانون الثاني) الفائت، بأنه "لا يوجد أي سبب" لإعادة التفاوض على الاتفاق المبرم بين رئيس الوزراء جونسون والاتحاد الأوروبي - وذلك في محاولة لوقف البحث في موضوع المغادرة البريطانية للكتلة الأوروبية، والمضي قدماً.
لكن في حديث مع شبكة "بي بي سي"، صباح الأربعاء الفائت، حمل وزير العدل في حكومة الظل "العمالية" ديفيد لامي اتفاق "بريكست"، المسؤولية عن المشكلات الاقتصادية التي تواجهها المملكة المتحدة في الوقت الراهن، مشيراً إلى أنه يتعين على حزب "العمال" أن يعمل على "إصلاحه" عندما يكون في الحكومة.
وأضاف لامي: "طبعاً توجد تحديات أمام شاحنات النقل في مختلف أنحاء أوروبا. لكن لنكن واضحين: لا توجد صفوف انتظار في إسبانيا أو في ألمانيا أو في فرنسا". واستطرد قائلاً: "إذاً ما الفارق؟ الفارق هو أننا خرجنا من الاتحاد الأوروبي بموجب صفقة بوريس، إننا الآن خارج الاتحاد الجمركي، وخارج نظام خدمات النقل داخل الدولة التي تقدمها شركات نقل غير بريطانية، الذي تم إنشاؤه والذي سمح للسائقين بالمجيء إلى هنا والعودة بسلع، كما أن التعرفات الجمركية التي فرضناها، تعني أن هؤلاء السائقين لن يأتوا إلينا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبعد إلحاح بالسؤال من المحطة عما يمكن أن تقوم به حكومة لحزب "العمال" لتغيير اتفاق "بريكست"، الذي يستدعي إعادة تفاوض مع الاتحاد الأوروبي، رد لامي: "هذه صفقته (جونسون). عندما نصل إلى الحكومة، سيتعين علينا أن ننظر في طريقة إصلاح صفقته".
وأضاف: "لنكن واضحين، إن النقص يمس مختلف القطاعات في البلاد، فهناك نقص في عمال قطف الفاكهة، ونقص في عمال البناء، ونقص في سائقي الشاحنات: وكل ذلك يتحمل المسؤولية عنه بوريس جونسون، ومايكل غوف (وزير شؤون مجلس الوزراء)، وبريتي باتيل (وزيرة الداخلية)، ودومينيك راب، والوعود التي قطعوها للشعب البريطاني".
وكان زعيم حزب "العمال" السير كير ستارمر قد أشار في يناير (كانون الثاني) إلى أن حكومة مقبلة يتولاها حزبه، يتوجب عليها أن تجعل المعاهدة القائمة "تعمل". إلا أن هذا التحول في موقفه يأتي بعدما كشف لمحدثيه المذيعين، أنه مستعد لخرق التعهدات السياسية، إذا رأى أن ذلك قد يساعد فرصه الانتخابية.
وقال في هذا الإطار: "إن أهم تعهدٍ قطعته على نفسي هو أنني سأحول (حزب "العمال") إلى حزبٍ مناسب للحكومة، وقادرٍ على الفوز في الانتخابات العامة، ولن أحيد عن ذلك".
تجدر الإشارة إلى أن حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون تمارس ضغوطاً قوية من أجل إدخال تعديلات على اتفاق الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي، لكن بروكسل قالت إنها ليست مستعدة لإعادة فتح باب التفاوض.
لكن على الرغم من الموقف الأوروبي هذا، فإن الكتلة أظهرت في الماضي انفتاحاً أكبر على تكاملٍ اقتصادي أوثق، من خلال عضوية الاتحاد الجمركي أو السوق الموحدة، على الرغم من أن مغادرة المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي، تُعد إلى حد كبير مسألة محسومة في العواصم الأوروبية.
يأتي ذلك وسط خلاف منفصل نشأ بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، في شأن منح الدول الأعضاء في الاتحاد تراخيص صيد الأسماك في المياه البريطانية، الأمر الذي قد يسبب منع الغالبية العظمى من القوارب الفرنسية من دخول مياه المملكة المتحدة.
وقد ردت الحكومة الفرنسية بلهجة غاضبة بعد منح بريطانيا 12 ترخيصاً فقط لصيد الأسماك، لقوارب فرنسية صغيرة سمح لها بالصيد في مياه المملكة المتحدة، وذلك من أصل 47 طلباً تم التقدم بها. وتلقت المملكة المتحدة اتهاماً بأخذ الصيد الفرنسي "رهينة"، وتحذيراً بإمكان اتخاذ "إجراءات انتقامية" ضدها في أعقاب القرار.
وبرز احتمال نشوب حرب جديدة على صيد الأسماك جديدة عبر القناة الإنجليزية، بعدما منحت المملكة المتحدة رخصاً تستند إلى أدلة على سجل تعقبٍ للقارب خلال الصيد في مياهها الإقليمية، بما يتماشى ومندرجات صفقة الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي.
وقد تسلمت السلطات البريطانية نحو 47 طلباً من قوارب يقل طولها عن 12 متراً، لتتمكن من العمل في المياه الإقليمية للمملكة المتحدة.
© The Independent