Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة مالية خانقة تغيّب الدراما الفلسطينية عن الشاشات في رمضان

كلفة إنتاج المسلسل الدرامي في غزة لا تتجاوز حاجز الـ100 ألف دولار أميركي

طفلة بالثوب الفلاحي الفلسطيني خلال تصوير مسلسل "الروح" الذي عُرض على قناة الأقصى (أحمد حسب الله)

بين جنبات مدينة الإنتاج الإعلامي، يتجوّل إبراهيم متفقداً موقع التصوير ليجهّز نفسه للقطة الأخيرة من مسلسل "الروح"، الذي عُرض على قناة "الأقصى" الفضائية في شهر رمضان، شدّ انتباهه صوت المخرج "هيّا سريعاً... لم يبقَ وقت كافٍ للانتهاء من التصوير". هكذا يسترجع إبراهيم ذكريات عمله الدرامي في غزّة. بدأت فكرة إنتاج الدراما الرمضانية في فلسطين منذ عام 2014، لكنها لم تستمر طويلاً، إلى أن غابت عن الشاشات الفضائية هذا العام، بسبب الأزمة المالية التي عصفت بمعظم المؤسسات الإعلامية، غير البعيدة عن الوضع الاقتصادي لقطاع غزة، الذي يعاني ركوداً حاداً.



منافسة بين غزة والضفة

وأنتجت فلسطين خلال السنوات الأربع الماضية مسلسلات وبرامج رمضانية، وكان وضع الإنتاج الدرامي في غزة، أفضل منه في الضفة الغربية، التي اقتصر العمل فيها على إنتاج برامج ترفيهية قصيرة، تأخذ عادةً طابعاً ثقافياً، أو على شكل برنامج متعدد الفقرات.
أما في غزّة، فيختلف الإنتاج الدرامي، إذ عكفت الإذاعات المحلية على التنافس في إنتاج الدراما المسموعة، التي أخذت "طابعاً وطنياً"، يحمل في طياته جزءاً من الترفيه والضحك، لكنه توقف هذا العام أيضاً، بسبب المشاكل المالية وصعوبة تمويل بعض الإذاعات المحلية، على الرغم من قلّة تكلفته لأنه يعتمد على أصوات العاملين في الإذاعة. وأنتجت غزة مسلسلات درامية طويلة (30 حلقة، مدة الواحدة منها 40 دقيقة) عُرضت على قنوات محلية تبث فضائياً، كما أنتج شبان، بمبادرات فردية، برامج ترفيهية عدة، عُرضت على تلك القنوات أو على منصات التواصل الاجتماعي.



غياب كامل رغم قلّة الكلفة

وغابت الدراما الفلسطينية الرمضانية هذا العام عن الشاشات بكل أشكالها، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية لأسبابٍ عدة، أولها المشاكل المالية، فضلاً عن إقفال مؤسسات إعلامية، ومغادرة بعض الممثلين فلسطين، بحثاً عن مكانٍ أفضل للإنتاج الدرامي. ورأى رئيس مجلس إدارة شبكة الأقصى الإعلامية وسام عفيفة أن السبب الحقيقي لغياب الدراما الرمضانية، عائد إلى الأزمة المالية، فكلفة إنتاج عمل درامي بجودة تناسب واقع العمل في القطاع وفي ظل الإمكانات المتاحة، يتطلب مبلغ 100 ألف دولار أميركي لإنتاج 30 حلقة، فيما تمر وسائل الإعلام المحلية بأزمةٍ مالية خانقة. ولحقت الأزمة المالية بمؤسسات حركة "حماس" الإعلامية، فأغلقت قناتَي "الكتاب" و"القدس"، في حين يواجه موظفو "قناة الأقصى" خطر تقليص عددهم. وأعلنت "شبكة الأقصى" أخيراً نيتها وقف البث للأسباب ذاتها، وهو ما يُعزى له غياب الدراما، على الرغم من وجود كادرٍ جيد بإمكانه كتابة السيناريو والحوار، والتمثيل، ضمن إمكانيات تصوير محدودة.


 



محاكاة تاريخية

ويقول مدير إنتاج مسلسل "الروح" إبراهيم مسلّم، إن العمل الدرامي حديث على الإعلام الفلسطيني، لكنه خلال السنوات الأربع الماضية حاول إثبات نفسه بين المسلسلات العربية، وعادة ما يعتمد الإنتاج الدرامي في غزّة على القضايا الوطنية والاجتماعية، نظراً إلى خصوصية فلسطين سياسياً وجغرافياً.
وبيّن مسلَّم أن "الدراما الفلسطينية لغة يفهمها العالم، وهي لغة العصر الحديث، وإحدى وسائل الإعلام الممتعة التي تلقى رواجاً كبيراً، وهي إحدى أهمّ الوسائل التي تخاطب العالم العربي، وتوصل تاريخ القضية الفلسطينية، وعنصر مهم لمقارعة الإسرائيلي في تثبيت الوقائع التاريخية والفلسطينية".
وأظهر مسلّم أن "الدراما كانت تجسد واقعاً فلسطينياً، ولا تهدف فقط إلى التمثيل ومعالجة قضايا معينة"، لافتاً إلى أن مسلسلات رمضان الفلسطينية تطرقت إلى العامل الاجتماعي والاقتصادي والأمني في غزة، إضافة إلى الروابط بين القرى واللهجات المحكية في الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1948. ويرى مسلّم أنّ "الدراما الفلسطينية لقيت رواجاً عربياً مهماً ومتابعة كبيرة، وتلقينا اتصالات من دول عربية ومن الضفة الغربية، للإشادة بالمسلسل والأداء التمثيلي والإخراج". وأشار مسلّم إلى أن "إمكانات التمثيل في غزّة ضعيفة، ومعدات التصوير مكلفة مالياً. وكانت غزّة تفتقر لمدينة الإنتاج الإعلامي، ما دفع شبكة الأقصى الإعلامية إلى بناء مدينة إعلامية، تحاكي حارات العاصمة القدس، وبعض الآثار الفلسطينية، لتصوير مسلسل بوابة السماء". وأنتجت قناة الأقصى الفضائية مسلسلات "الروح" و"مرزوق أبو شعبان" و"الفدائي" (جزءان)، و"بوابة السماء" (جزءان)، ثمّ توقفت الدراما، بسبب عدم توافر أموال الإنتاج، في حين ألغت "قناة الكتاب" برامج ترفيهية وكوميدية، وأُغلقت "قناة القدس" بعدما كانت تبثّ برامج درامية خفيفة.



خسارة الممثلين

الوضع الدرامي في الضفة الغربية هذا العام لا يختلف عن الوضع في غزّة، فغادر فلسطين ممثلون إلى الأردن، بسبب ضعف الوضع المالي للإنتاج، وقلّة الإمكانات. ولوحظ أن قنوات أردنية عملت على استقطاب أو إتاحة فرصة للممثلين وأصحاب الأفكار الإبداعية للعمل معها. ويرى الممثلون الفلسطينيون في ذلك فرصةً أفضل من العمل في فلسطين. ويُعدّ ذلك وفق مخرجين خسارةً كبيرة للكادر التمثيلي، وأنّ الأزمات الفلسطينية السياسية والمالية هي الأسباب التي أوقفت العمل الدرامي ودفعت طواقم العمل في الضفة الغربية إلى مغادرتها بحثاً عن مكانٍ أفضل للإنتاج، والحال مشابه في قطاع غزة إذا كان عبور المعابر متاحاً.

اقرأ المزيد

المزيد من فنون