Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مشروع قانون تونسي لأخلاقيات الحياة السياسية

مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية تتزايد وتيرة التنافس بين الأطراف وتصل حد تبادل العنف اللفظي

مجلس نواب الشعب التونسي (الموقع الرسمي للمجلس) 

تقدمت كتلة الولاء للوطن في مجلس نواب الشعب التونسي، بمبادرة تشريعية تتعلق بشفافية الحياة السياسية وأخلاقياتها متضمنة 22 فصلاً، وتنص على عقوبات للمخالفين. وأعلن رئيس الحكومة يوسف الشاهد في آخر كلمة له "فتح مشاورات مع كل الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية لوضع ميثاق للأخلاق السياسية تتبناه كل المكونات لتنقية الأجواء في الساحة السياسية وحماية مكسب الديمقراطية". وأقر الشاهد باستحالة مواصلة حكومته العمل في أجواء سياسية يسودها التوتر والتشويه، مشدداً على أنه سيتصدى لكل من يريد أن يجر تونس مجدداً إلى مربع العنف والفوضى بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات. 

شجاعة الحكومة
وتوجه خلال حديثه برسالة لمن سماهم "المشككين" في حملته التي أطلقها منذ سنتين ضد الفساد، موضحاً أن حكومته كانت لديها الشجاعة في القبض على مافيات الفساد وتقديمهم للمحاكمة في وقت عجز آخرون عن فعل ذلك. وتباينت مواقف الأحزاب حول هذه المبادرة السياسية مع اقتراب الانتخابات، بين مرحب بالفكرة لتهدئة الأجواء السياسية المشحونة، ومشكك في نواياها لأنها قد تكون مدخلاً لإسكات الخصوم تحت ذريعة "أخلقة العمل السياسي".

العنف السياسي

ونفى وزير العدل السابق وعضو المكتب السياسي لحزب الولاء للوطن نذير بن عمو أن "تكون دعوة الشاهد وراء تقديمهم المقترح"، مشيراً إلى أنهم بدأوا في تحضير الاقتراح منذ سنتين وقاموا بيوم دراسي حول المشروع مع كل المهتمين بالموضوع مع طرح الموضوع انطلاقاً مما لاحظوه. وأوضح بن عمو "أن كتلة الولاء للوطن استمعت لدى تحضيرها مشروع القانون لآراء العديد من الخبراء في العلوم السياسية والحقوقية". وأضاف "لاحظنا تجاوزات عدة من نواب وسياسيين غالبيتها لا تكون تحت طائلة القانون على غرار مسألة العنف السياسي اللفظي والسياحة الحزبية والبرلمانية والمحاصصة الحزبية، في تعيين الأقارب في مناصب حساسة في الدولة، والتعامل مع جهات أجنبية، وتضارب المصالح، وظاهرة الغيابات في البرلمان، كلها من بين الشوائب التي يمنعها القانون".

عقوبات وخطايا مالية    

وتتمثل العقوبات في خطايا تصل إلى 100 ألف دينار إذا ما ثبت استغلال موارد الدولة لتحقيق أهداف انتخابية مع إمكانية إلغاء نتائج الفوز في الانتخابات إذا ثبت استغلال موارد الدولة بعد التصريح بالنتائج. وبحسب المبادرة يتعين على كل سياسي الامتناع عن كل عمل من شأنه الإخلال بنزاهة عمله.
وورد في المبادرة أيضاً أن على المشاركين في الحياة السياسية الامتناع عن استعمال العنف اللفظي والمادي، ويمكن طلب رفع الحصانة والتتبع المباشر لمن ثبت ضلوعه في مثل هذه الأعمال. من جهته، قال رئيس كتلة الولاء للوطن رياض جعيدان، إن القانون المُقترح ينص على أن كل هذه الاختلالات والشوائب تعتبر "خيانة مؤتمن" من قبل السياسي، موضحاً أن القانون ينص على عقوبات مالية وحرمان من الترشح للانتخابات، لكل من يثبت ارتكابه لهذه التجاوزات، خصوصاً استعمال موارد الدولة في العمل السياسي. كما قدمت نسخة من مشروع قانون يتعلّق بشفافية الحياة السياسية وأخلاقياتها إلى جميع الأحزاب والمنظمات الوطنية للاطلاع، ومن ثم المصادقة عليه كوثيقة وطنية للحياة السياسية.

تطهير الحياة السياسية

ويرى جعيدان "أن مشروع القانون يأتي بدرجة أولى لاسترداد الثقة بين المواطنين والسياسيين التي اهتزت خلال الفترة الأخيرة"، معتبراً "أن مشروع القانون سيساهم في تقليص ظاهرة العزوف عن الانتخاب لدى المواطنين خلال الاستحقاقات المقبلة". وقال إن الهدف من مشروع القانون، تطهير الحياة السياسية من الشوائب التي لوحظت خلال السنوات الماضية، معتبراً أنه من غير المعقول أن يتبادل النواب في ما بينهم أو حتى مع أعضاء الحكومة الشتائم والسب، ملاحظاً أن الدستور التونسي أقر مبدأ النسبية حتى في حرية التعبير.  

احتقاناً غير مسبوق

وعرفت الساحة السياسية منذ أسابيع احتقاناً غير مسبوق وتبادل اتهامات بين المعارضة من جهة، ووزراء ومستشارين بحكومة يوسف الشاهد، وصلت حد التلاسن وتبادل الاتهامات داخل قبة البرلمان. كما مثلت حادثة انسحاب رئيس الحكومة من جلسة كانت مقررة لمناقشة ملف قطاع الصحة، سابقة لم يعرفها البرلمان، بعد تصاعد حدة الاحتقان داخله واقتحام أساتذة جامعيين الحرم البرلماني مرددين شعارات ضد حكومته. وشهدت الجلسة ذاتها مشاحنة وتلاسناً بين نواب محسوبين عن كتلة "الائتلاف الوطني" الداعمة للشاهد ونواب معارضة مستقلين.  وسبق أن اتهمت مجموعة من نواب المعارضة يقودها حزب التيار الديمقراطي، الشاهدَ ومجموعة من وزرائه ومستشاريه بالفساد، واستغلال حملته ضد الفساد لتحقيق مطامع سياسية، وابتزاز رجال أعمال تحوم حولهم شبهات فساد، مقابل تمويل مشروعه السياسي. كل هذه الأجواء المشحونة بالتوتر جعلت رئيس الحكومة يوسف الشاهد يعجل بإيجاد حل قانوني ينظم الحياة السياسية ويجرم كل سياسي يتخطى حدوده.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي