Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مدينة أفاميا القديمة إحدى نماذج العمارة الرومانية في سوريا

لها سبعة أبواب ضخمة تؤمن الدخول والخروج منها

تعود معظم الأطلال المكتشفة في "أفاميا" إلى العصرين الروماني والبيزنطي (اندبندنت عربية)

تقع بقايا مدينة "أفاميا" القديمة على أطراف نهر العاصي (سهل الغاب حالياً)، وترتفع حوالى 100 متر عن مستوى الوادي، على مسافة قريبة من الطريق العام الواصل بين دمشق وحلب، مواجهة لسلسلة جبال اللاذقية.

مساحة شاسعة

وتنتشر أطلال "أفاميا" على مساحة شاسعة، على الرغم من أن ما كشفه التنقيب الأثري لا يمثل إلا جزءاً ضئيلاً منها، وهي تتميز بشكل خاص بجدرانها العالية التي تتبع مساراً يحدده شكل الموقع، كما تشتهر بطريقها الرئيس المحاط بأعمدة ذات حواف ملفوفة، وبقلعتها المنفصلة على تلّ.

وتعود معظم الأطلال المكتشفة في "أفاميا" إلى العصرين الروماني والبيزنطي، حيث خلفت الفترة الهلنستية الرومانية العديد من الأوابد الأثرية، التي لجأ بناؤها إلى استخدام مادة الحجارة في العمارة بصورة لم يسبق لها مثيل، الأمر الذي ساعد في صمودها نظراً لدرجة المقاومة العالية التي تتميز بها الحجارة نسبة إلى الآجر واللبن.

مدينة هلنستية رئيسة

كانت هذه المنطقة، قبل أن تصبح مدينة هلنستية رئيسة ومركزاً للإمبراطورية السلوقية، بلدة صغيرة تعرف باسم "فارماك" Pharmake، حيث شهدت ذروة مجدها في الفترة الهلنستية الرومانية، عند وصول الإسكندر المقدوني إليها الذي بدل اسمها إلى "بيلا" تيمناً بمسقط رأس والده في مقدونية، هكذا حتى 301 قبل الميلاد، وفي عهد "سلوقس الأول"، أحد جنرالات الإسكندر الأكبر وأول ملوك السلوقيين في سوريا، الذي قام بتحصين وتوسيع المدينة وبدل اسمها إلى "أفاميا"، حيث كانت الأميرة Apame التي أصبحت زوجته في ما بعد، مصدر إلهام الاسم الجديد.

وهكذا سرعان ما ازدهرت المدينة الهلنستية الجديدة، لتصبح واحدة من ثلاث مدن رئيسة للإمبراطورية السلوقية (مع أنطاكية على نهر العاصي وسلوقية على نهر دجلة)، وموطناً لنصف مليون شخص، كان من بينهم العديد من الأطباء والفلاسفة والأكاديميين والأساقفة البارزين في ذلك الوقت، كما استضافت زواراً مميزين مثل "كليوباترا" و"سيبتيموس سيفيروس" والإمبراطور "كركلا"، والعديد من الأباطرة الرومان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي عام 64 قبل الميلاد، جعل القائد الروماني "بومبيوس" "أفاميا" جزءاً من الإمبراطورية الرومانية، وبُني في العصر الروماني الكثير مما تبقى اليوم، ويظهر التأثير الروماني بشكل واضح في بقايا الأعمدة البيضاء.

وفي العصر المسيحي، أصبحت "أفاميا" مركزاً للفلسفة والفكر واللاهوت، بخاصة الـ Monophostism أو ما يسمى بـ "الطبيعة الواحدة ".

الشارع المستقيم

للمدينة سبعة أبواب ضخمة تؤمن الدخول والخروج منها، وكل باب يتصل بطريق عام يتجه إلى أنطاكية واللاذقية ولاريسا وحماة وتدمر وأسريا (سيريانا) وقنسرين، ويخترق المدينة شارع رئيس "الشارع المستقيم أو شارع الأعمدة"، يصل بين باب أنطاكيا في الشمال وباب حماة في الجنوب، ممتداً على مسافة كيلومترين اثنين، ما جعله واحداً من أطول الأروقة في العالم الروماني.

وكان يصطف على جانبيه أهم المباني التاريخية المدنية والدينية، بما في ذلك الحمامات و"الأغورا"، وهي كناية عن مساحة عامة مفتوحة للتجمعات والأسواق، ومعبد "تايكي" والقاعة المستديرة و"الباسيليك" وغيرها، كما اصطفت على جانبيه أعمدة كورنثية موضوعة على قواعد مربعة بارتفاع تسعة أمتار.

المسرح الروماني

يقع مسرح "أفاميا" في الجهة الغربية من المدينة خارج سورها، حيث كان لانحدار الأرض نحو وادي الغاب ميزة خاصة في تأمين الميل اللازم للمسرح المتدرج، ويبلغ عرض خشبته وكواليسه 145 متراً، وتشير التقديرات إلى استيعاب المسرح أكثر من 20000 شخص، حيث كان يحظى المتربع على الدرجات العليا للمسرح بمنظر خلاب على وادي الغاب وقلعة المضيق.

يعد المسرح الروماني من أكبر مسارح العصر الروماني، ويعتقد أنه يعود للعصر السلوقي ومعه "الأغورا" والكاتدرائية والقصر والعديد من الآثار المنتشرة في المكان، إضافة إلى متحف "أفاميا" الأثري.

"خان المضيق"

المتحف عبارة عن خان تركي كان يستخدم كمبيت للحجاج، ويعتبر واحداً من أبرز متاحف الفسيفساء، ضاماً أهم قطع الفسيفساء السورية المجمعة من منطقة "أفاميا"، ومنها لوحة فسيفساء سقراط والحكماء التي تعود لعام 363، يظهر فيها سقراط رافعاً يده اليمنى وهو محاط بستة فلاسفة إغريق، وضم المتحف أيضاً بعض اللوحات الجنائزية، وتابوتاً ذا نقوش لاتينية، وما يزيد على 15000 لوح طيني مسماري.

الجدير ذكره أن موقع "أفاميا" كان من أكثر المواقع تضرراً خلال الحرب السورية نتيجة أعمال التنقيب غير القانونية، باستخدام الآلات الثقيلة والجرافات، والتي تمركزت في المناطق الشرقية والشمالية الشرقية والغربية من المدينة، حيث تهدمت أعمدة الطريق المستقيم وتقلص عددها من 1200 إلى 425 عموداً، واستهدفت لوحاته الفسيفسائية بشكل خاص.

المزيد من تحقيقات ومطولات