Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا جرى في "مؤتمر أربيل" للسلام مع إسرائيل؟

زعماء عشائر عراقية يطالبون بالانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيمية وحكومة إقليم كردستان تقول إن المؤتمر عقد من دون علمها والصدر: المشاركون فيه "نماذج قذرة"

أعلنت منظمة أميركية عقدت أخيراً مؤتمراً في أربيل لدعم السلام مع إسرائيل، أنها تلقت الدعم من "شرائح واسعة" من العراقيين، خصوصاً الشباب، لانضمام بلادهم إلى "اتفاق السلام الإبراهيمي" رداً على سياسات إيران "التوسعية"، في وقت أوضح أحد شيوخ العشائر العراقية القصد من الدعوة إلى السلام أنها كانت موجهة إلى الإسرائيليين والفلسطينيين وليس بين العراق وإسرائيل.

وعقدت المنظمة وتدعى "مركز اتصالات السلام" ومقرها نيويورك، يوم الجمعة الماضي 24 سبتمبر (أيلول)، مؤتمراً في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق بعنوان "السلام والاسترداد"، حضره نحو 300 شخصية عراقية بينهم شيوخ عشائر من الطائفتين السنية والشيعية من ست محافظات، هي بغداد والموصل والأنبار وصلاح الدين وديالى وبابل، وفق رئيس المركز ومؤسسه جوزيف براودي، هو من أصل يهودي عراقي.

وقال براودي لـ "اندبندنت عربية"، إن التحضيرات للمؤتمر "أخذت وقتاً طويلاً، وكان لا بد من استثمار هذا التوقيت لعقده، وهو مرتبط بالإطار العام للتطورات السياسية والاجتماعية والثقافية في المنطقة، ولا يخفى أن جمهوراً كبيراً من العراقيين، خصوصاً الشباب، يرغبون في الانضمام إلى اتفاقات السلام الإبراهيمي لأسباب تحدث بها المشاركون"، وشدد على أن "الرأي العام في العراق منقسم إلى اتجاهين، الأول هو اتجاه الحروب الأهلية والفتن والفساد والأزمات، والثاني يتمثل بإطار السلام الإبراهيمي الذي بدأ بالتوسع تغذيه الرغبة في التنمية وتعزيز التسامح والتعاون والتآخي والتغلب على ويلات الماضي من أجل مستقبل الأجيال المقبلة في المنطقة".

رغبة السلام

وأكد براودي أن "رغبة السلام العراقية تأتي انعكاساً للتذمر من الهيمنة الإيرانية على العراق، وهنا يوجد محور لديه الرغبة في البحث عن بديل لسياسات إيران التوسعية"، وأضاف أن "النقطة الثالثة هي أن هناك جذوراً للمسألة، تاريخ اليهود في العراق عريق يعود إلى أيام الملك نبوخذ نصر لغاية منتصف القرن الـ 20 حيث كانت تسود البلاد فترة من التسامح والتآلف في البناء، وأول وزير للمالية في الدول الحديثة الناشئة كان اليهودي ساسون حسقيل الذي يضرب به العراقيون المثل في الكفاءة والنزاهة والوطنية، واليهود من أصول عراقية يشتاقون إلى هذا البلد".

ولاقى انعقاد المؤتمر ردود أفعال غاضبة من رئاستي الجمهورية والحكومة في بغداد ومن مراجع دينية، وتباينت الردود على الصعيد الشعبي من خلال الحوارات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وحول ما إذا كان المؤتمر يهدف للسلام بين العراق وإسرائيل قال براودي، "جهودنا تتركز على المجتمع المدني ولا شأن لنا بالأمور السياسية ولا نتدخل فيها، نحن جمعية أهلية ينحصر عملها بالأنشطة المدنية والاجتماعية والثقافية، انطلاقاً من الإيمان بأن الحلول السياسية تقتضي وجود الدعم الشعبي الواسع للسلام والمرونة في إيجاد الحلول، وهذا لن يتحقق من دون وجود ثقافة مجتمعية مساندة لهذه المبادئ، لذا نحن نعمل في هذا الميدان سواء على مستوى الإعلامي البنّاء أو التوعية وعقد الاجتماعات".

وأضاف، "نحن نعمل أيضاً على مستوى البلدان العربية، لكن مؤتمر أربيل له خصوصية، فأنا والدتي من أصول عراقية وعلى الرغم من أنها هُجرت قسراً لظروف قاسية، لكنها ربتنا على حب العراق والانتماء إليه، وحاولنا أن نقدم شيئاً استجابة لرغبة شعبية واسعة في العراق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونفى براودي حصول تنسيق مسبق مع الدولة العربية التي أبرمت أخيراً اتفاقات مع إسرائيل قائلاً، "نحن نقدر تلك الاتفاقات لكن هذه مبادرة خاصة بنا، ولم تتطلب كلفة مالية عالية، ولم نقدم أي دعم مالي للحضور، فالكل جاء بإرادة ذاتية تطوعية، باستثناء تبنينا مصاريف الإقامة والتنظيم فقط"، داعياً السلطات العراقية إلى "الالتزام بالمبادئ الديمقراطية التي تسمح بحرية الرأي والسماح لمواطنيها بطرح أفكارهم بحريّة، وأن أي تعرض للمشاركين في المؤتمر سيناقض قوانين الديمقراطية".

وبيّن أن "المجتمع الدولي يرفض ما يسمى بقوانين مناهضة التطبيع التي تنافي مبادئ حقوق الإنسان"، وقرار الإمارات والسودان بإلغاء تلك القوانين محل ترحيب، فالمقاطعة تعني العزلة التي تؤدي إلى الجمود وعدم المرونة، والسلام يمنح الطرفين مساحة من التفاهم والتنازل عن بعض الأمور والتعاطي بشكل بناء، لذا فإن هذه القوانين والسياسات لم تخدم قط القضية الفلسطينية، وإذا كان يهمني حل القضية الفلسطينية فعليّ إذاً أن أشجع على خلق علاقات مجتمعية من أجل التحاور والتعارف".

من دون "علمنا وموافقتنا"

وأعلنت حكومة إقليم كردستان أن المؤتمر عقد من دون "علمنا وموافقتنا"، نافية أن يكون معبّراً "بأي شكل من الأشكال عن موقف حكومة الإقليم"، وتوعدت "باتخاذ الإجراءات اللازمة لمتابعة كيفية انعقاد المؤتمر".

لكن براودي أكد استحصاله على موافقة من وزارة داخلية الإقليم، وقال "نحن نشكرهم كثيراً على منحنا هذه الفرصة، ونعتبرها من الحكومات المميزة في المنطقة والراغبة في السلام، وأما حضور شخصيات من المجتمع الكردي فلأن الدعوة جاءت برغبة شرائح من تلك المحافظات التي ذكرناها، ثم إن الإقليم الكردي يتمتع بعلاقات واسعة مع معظم بلدان المنطقة، وهو الذي منح لنا هذه الفرصة وقد حضر مسؤول عنه".

وفي شأن الخطوات المقبلة للمنظمة قال رئيس مركز اتصالات السلام، "هذه خطوة أولى في طريق طويل لصعوبة المهمة في العمل على مثل هذه القضايا الصعبة والمعقدة، ولكن سنعمل قدر المستطاع مع أصدقائنا في العراق وغيره من البلدان، فنحن لا نعمل على القضية الإسرائيلية - الفلسطينية فقط، بل على إنهاء الحروب الأهلية عموماً، وستكون لدينا برامج ثقافية وأخرى للتعارف، ونرحب بكل من يرغب في زيارة إسرائيل"، وتساءل، "لماذا لا يتم التعارف بين الإخوة في الإنسانية، وهناك نصف مليون إسرائيلي من أصول عراقية، وكيف تمنع شخصاً من زيارة أخيه".

علاقات دبلوماسية

ودعا البيان الختامي للمؤتمر الذي قرأته مديرة الأبحاث في وزارة الثقافة في بغداد سحر الطائي إلى "الانضمام إلى اتفاقات (أبراهام)، كما نصت الاتفاقات على إقامة علاقات دبلوماسية بين الأطراف الموقعة ودولة وإسرائيل، فنحن أيضاً نطالب بعلاقات طبيعية مع إسرائيل وبسياسة جديدة تقوم على العلاقات المدنية مع شعبها بغية التطور والازدهار".

وقالت الطائي، "لا يحق لأي قوة سواء كانت محلية أم خارجية، أن تمنعنا من إطلاق مثل هذا النداء".

يذكر أن "اتفاقات أبراهام" التي تمت برعاية واشنطن في سبتمبر (أيلول) 2020، يطلق على اتفاقات السلام التي عقدت بين إسرائيل وعدد من الدول العربية.

من جهته، قال رئيس صحوة أبناء العراق وسام الحردان وهو أحد المشاركين في المؤتمر لـ "اندبندنت عربية"، "لقد حصلت مغالطات عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، وتم تفسير مشاركتنا بشكل خاطئ، واتهمونا بشتى التهم كأننا نحن من أسس إسرائيل وتنازلنا لها عن الأراضي الفلسطينية، فبكل بساطة نحن دعاة سلام، وكنا مجرد ضيوف وألقيت كلمة كانت معدة من قبل اللجنة التحضيرية، واختاروني كأحد الوجهاء المعروفين ضمن الشخصيات التي ألقت الكلمات، وقرأت عبارة وردت في الخطاب فيها مفردة التطبيع، والقصد منها هو التطبيع بين الفلسطينيين واليهود من أجل تحقيق سلام دائم، وأتساءل هل يُعاقب من يدعو للسلام؟ أم علينا أن نحارب؟ نحن نقول وداعاً للحرب والقتال، ما الذي جنيناه لمدة 20 سنة من التطرف والقتال؟".

مطلب شرعي

وأوضح الحردان أن "مفردة التطبيع فسرت بشكل خاطئ، فالعراق لا يملك حدوداً مشتركة مع اسرائيل، وثانياً فالأمر هو من مهمات مؤسسات الدولة والقنوات الرسمية، ونحن جمهور أو شريحة من المجتمع لا نملك السلطة كي نعطي قراراً بذلك، ومن جهة أخرى فجميع الحاضرين جاؤوا بصفة مدنية من مختلف شرائح المجتمعات للمطالبة بتفعيل الفيدرالية، لكونها مادة دستورية وهو مطلب شرعي".

وأضاف، "نحن رسل سلام من أجل تحقيق المساواة والعدل والسلام بين الديانات والبشرية جمعاء، ونقف ضد خلق الأزمات والكراهية والعداء الديني باعتبار أن العراق بلد الديانات التي بدأها النبي إبراهيم، وتم التطرق إلى مسالة مرحلة تهجير اليهود من العراق، وقلنا إن العراقيين لم يهجروا اليهود لأن بلدنا كان تحت الانتداب البريطاني وهو المسؤول عن الذي جرى حينها، وطُرح سؤال في المؤتمر حول موقفنا في حال عاد اليهود وطالبوا بممتلكاتهم، فقلنا لهم إن ذلك يعود لقرار الدولة العراقية".

كما نفى الحردان أن "يكون لدى الحضور نية زيارة إسرائيل، "ليس لدي هدف أو غاية كي أزور إسرائيل مستقبلاً، ولا تربطنا صلات قرابة بأي من اليهود الذين هجروا من العراق، فغايتنا نابعة من منطلق إنساني بحت من أجل السلام، وهذه مشاركة وحيدة ولا أعتقد أنه ستكون لنا خطوات مماثلة مستقبلاً".

وحول المخاوف من تعرض المشاركين إلى ملاحقة قضائية من الحكومة الاتحادية قال الحردان، "ربما سنواجه محاولات من السلطات العراقية لاتخاذ إجراءات بحق العراقيين الذين حضروا المؤتمر، لكن في النهاية أعتقد أنه لن يكون من الإنصاف والديمقراطية المكفولة قانوناً، ثم ما الجرم الذي ارتكبناه لكي نُعاقب؟".

"النماذج القذرة"

وفي الردود أيضاً وصف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر المشاركين في المؤتمر بـ "النماذج القذرة"، ودعا حكومة الإقليم إلى "منع هذه الاجتماعات الإرهابية الصهيونية، وإلا فعلى الحكومة تجريم واعتقال كل المجتمعين، وسيقع على عاتقنا ما يجب فعله شرعياً وعقلياً ووطنياً ولن نخاف في الله لومة لائم"، داعياً "المؤمنين إلى انتظار الأمر منا للبدء بالتعامل مع هذه النماذج القذرة، فالعراق عصي على التطبيع". وختم بيانه بالقول، "لنا بعد الأغلبية ورئاسة الوزراء وقفة أيضاً، فانتظروا إنا منتظرون".

مذكرات توقيف قضائية بحق مشاركين

إلى ذلك أصدر مجلس القضاء الاعلى في العراق مذكرات توقيف بحق ثلاثة اشخاص، بينهم نائب سابق، شاركوا في مؤتمر أربيل.
وجاء في بيان نشره الموقع الرسمي للمجلس الأحد أن "محكمة تحقيق الكرخ الاولى وبناء على معلومات مقدمة من مستشارية الامن القومي أصدرت مذكرة قبض بحق المدعو وسام الحردان إثر الدور الذي قام به في الدعوة إلى التطبيع مع اسرائيل ومذكرة قبض بحق المدعو مثال الالوسي والموظفة في وزارة الثقافة سحر كريم الطائي عن الجريمة نفسها".
كما ستتخذ اجراءات قانونية بحق بقية المشاركين حال معرفة اسمائهم الكاملة، وفقا للبيان.

المزيد من متابعات