في الوقت الذي تتلاحق فيه تطورات الوضع في شرق السودان، بعد إغلاق محتجين في مدينة بورتسودان خطي تصدير واستيراد النفط، أبدى مسؤولون وسياسيون سودانيون استغرابهم من عدم تعامل الحكومة بجدية وحسم مع هذه القضية، التي تؤثر بشكل مباشر في اقتصاد البلاد، وتزيد من تفاقم أزماته بخاصة في مجال المحروقات.
واتهم أحد أعضاء مجلس نظارات البجا الحكومة بتجاهل مطالب مواطني الشرق، المتمثلة في إلغاء مسار الشرق للسلام وإيجاد منبر خاص لمناقشة قضايا الإقليم.
تداعيات خطيرة
وحذر وزير الطاقة والبترول السابق في السودان عادل إبراهيم، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، من مغبة تطورات الوضع في شرق البلاد، وبلوغها درجة تهدد الأمن والاستقرار والاقتصاد، باعتبار أن إغلاق خطي تصدير واستيراد النفط يعتبر عملية مدمرة، ستكون لها عواقب خطيرة في المستقبل، وتأثيراً مباشراً في العلاقة مع دولة جنوب السودان، التي تصدر نفطها عبر ميناء بورتسودان. وأكد أنه إذا لم تحل هذه المشكلة خلال 24 ساعة سيتعرض الاقتصاد السوداني للاختناق، وكذلك الحال بالنسبة إلى اقتصاد جنوب السودان.
وأكد إبراهيم أن هذا الحدث وضع ألغاماً كبيرة أمام مشروعات عدة تقع في شرق البلاد، كمشروع خط سكة الحديد الذي يربط شرق أفريقيا، والطريق القاري الذي يمر بشرق السودان، فضلاً عن أمن البحر الأحمر، محملاً المسؤولين والأجهزة الأمنية مسؤولية عدم استشعار الخطر الذي ينتج من هذا الإغلاق، باعتباره جريمة كبيرة يجب التعامل معها بحسم تام.
ووفق إبراهيم، "لا يعقل أن يعطل شيخ قبيلة مقدرات البلاد الاقتصادية والحيوية، فضلاً عن تأثير ذلك في الاستثمارات الواردة إليها".
ويشير إلى أن مصفاة بشائر عملت بطاقة استيعابية كبيرة مكنتها من استيعاب تصدير سعة حقول البترول القائمة في البلاد، وما يتم تطويره من حقول جديدة، وكذلك بترول جنوب السودان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى أنه في حال توقف خطي التصدير والاستيراد ستكون التداعيات على اقتصاد السودان كارثية، لأن العودة إلى تشغيل المصفاة ستكون مكلفة جداً لأسباب فنية، فضلاً عن تعرض أنابيب البترول للتلف، إذ إن نوعية البترول السوداني تحتاج إلى درجة حرارة عالية، بالتالي تمثل هذه الأحداث جريمة كبيرة تتطلب من الدولة التعامل معها بالسرعة المطلوبة حتى لا تواجه خسائر باهظة وأزمات في الوقود والسلع.
في المقابل، هاجم القيادي في قوى الحرية والتغيير بدوي موسى مجلس نظارات البجا، قائلاً إن ميناء بورتسودان هو الشريان الرئيس لحركة الاقتصاد.
وأكد أنه "على الرغم من اعترافنا بالحق العادل لقضية الشرق وما أصاب سكانه من ظلم منذ الاستقلال، لكن هذه هي حال كل أقاليم السودان، حيث تعاني من التهميش والظلم الذي تسببت به الحكومات الشمولية، بخاصة حكومة الرئيس السابق عمر البشير، التي لم تول أقاليم البلاد العناية والاهتمام".
تقرير المصير
في السياق، قال عضو مجلس نظارات البجا محمد كرار لـ"اندبندنت عربية"، "إننا كأصحاب حق في شرق السودان لم نرفض في أي يوم من الأيام الحوار مع الحكومة، لكن في اعتقادنا أن الدولة لم تكن جادة، فإذا كانت حريصة على وحدة البلاد كان يجب أن تبدأ معنا التفاوض والحوار، لأننا لا نريد شيئاً غير حقوقنا العادلة المعروفة لديها. لكن بسبب إصرار الحكومة المركزية على تجاهلنا وعدم تقديرها لمواطني الشرق، وصل الموقف إلى هذه النقطة الحاسمة بإغلاق خطي تصدير واستيراد البترول، التي ندرك خطورتها وتأثيرها في اقتصاد البلاد".
وأشار كرار إلى أن المطالب تتمثل في إلغاء مسار الشرق للسلام الذي تم توقيعه في جوبا مطلع أكتوبر (تشرين الأول) 2020، وإيجاد منبر خاص لشرق السودان في عملية السلام تشارك فيه كل مكونات الإقليم لكن وفق وزنها وما تملكه من إمكانيات وأرض، ومن دون إقصاء أحد، بحيث تطرح هذه المكونات رؤيتها بكل وضوح في قضايا الإقليم المختلفة.
وأشار إلى أن مشكلات شرق السودان قديمة وأهملت من قبل كل الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال عام 1956، على الرغم من أن الإقليم يضم أهم مورد في البلاد، أي ميناء بورتسودان، الذي يمثل عصب الاقتصاد الوطني.
ونوه إلى أن "المجلس يتجه إلى التصعيد حتى تحقيق مقررات مؤتمر سنكات. فإذا لم يحصل ذلك سنطالب بحق تقرير المصير، وهو ما ليس غريباً، إذ منحت منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق الحكم الذاتي، ونحن في الشرق من حقنا أن ننعم بثروتنا ويكون نصيبنا منها 80 في المئة، بينما يعطى المركز 20 في المئة".
وأكد رفض أي عنف في التعامل مع هذه القضية، مشيراً إلى ضرورة طرح حلول جذرية وعادلة تشعر مواطن الإقليم بأنه متساو مع مواطني الأقاليم الأخرى.