Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يخرج المستثمرون في سندات لبنان من مأزق التعثر الوشيك؟

سيفقدون 75 في المئة من أموالهم إذا قامت الحكومة بتسوية خسائر النظام المالي

حثت مجموعة من حملة السندات اللبنانية الحكومة الجديدة على بدء محادثات لإعادة هيكلة الديون في أقرب وقت ممكن (رويترز)

كشف تقرير حديث، أن المستثمرين في السندات اللبنانية قد يفقدون نحو 75 في المئة من قيمة استثماراتهم فيها إذا سوت الحكومة الجديدة خسائر النظام المالي وبدأت في تنفيذ إصلاحات ذات مصداقية، وفتحت الباب أمام الحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي. فقبل أيام، حصل لبنان على 1.139 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة من صندوق النقد.

وأشار بنك "غولدمان ساكس"، إلى أن مصادقة البرلمان على حكومة نجيب ميقاتي في لبنان تمثل الخطوة الأولى على طريق طويل ضيق إلى التعافي الاقتصادي اللبناني، من المرجح أن يكون محفوفاً بالصعوبات والمخاطر. وتقوم توقعات البنك لتسوية الديون على افتراضات من بينها تحسين قيمة العملة اللبنانية لتصل إلى 8000 ليرة مقابل الدولار في الأجل المتوسط من نحو 14500 ليرة للدولار في السوق الموازية حالياً، بالإضافة إلى أسعار فائدة سلبية أو منخفضة على الدين العام ومعدلات معينة للنمو الاقتصادي وتعديل رصيد المالية العامة.

وأكد التقرير أنه في ضوء هذه الافتراضات والقيود، نصل إلى خفض تقديري في القيمة الاسمية للسندات الحالية يبلغ 75 في لمئة، لافتاً إلى أن تسوية الخسائر في النظام المالي سيكون أول تحد تواجهه الحكومة، وقُدِر أن الالتزامات بالعملة الأجنبية في القطاع المصرفي تبلغ 70 مليار دولار مقابل 13 مليار دولار احتياطيات قابلة للإستخدام لدى المصرف المركزي اللبناني. وأوضح أنه وفي ضوء قناعتنا بأن برنامجاً لصندوق النقد الدولي أمر ضروري للبنان، فإن التواصل المبكر مع الصندوق شرط مهم للمباحثات مع الدائنين والحل النهائي للعجز عن السداد.

محادثات لإعادلة هيكلة الديون

وقبل أيام، حثَّت مجموعة من حملة السندات اللبنانية، والتي تشمل بعضاً من أكبر صناديق الاستثمار في العالم، الحكومة اللبنانية الجديدة، على بدء محادثات لإعادة هيكلة الديون في أقرب وقت ممكن للمساعدة في التعامل مع الأزمة المالية الطاحنة في البلاد. وتعرض لبنان لأول عجز عن سداد ديون دولية له في مارس (آذار) الماضي، بعد سنوات من الاضطرابات السياسية وسوء إدارة الاقتصاد، مما قوض قدرته على خدمة عبء ديون يوازي أكثر من 170 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وتسببت الأزمات التي يشهدها لبنان في نزيف كبير وتراجع في جميع المؤشرات الاقتصادية، فقد تراجعت قيمة العملة اللبنانية بنسبة 90 في المئة على مدى العامين المنصرمين، وارتفعت أسعار الأغذية ارتفاعاً حاداً بما يزيد عن 550 في المئة، وحول تفاقم نقص السلع الأساسية مثل الوقود والأدوية الحياة اليومية إلى مشقة.

وقالت مجموعة الدائنين "الآمال والتوقعات بأن تعزز الحكومة الجديدة عملية إعادة هيكلة ديون سريعة وشفافة ومنصفة... مثل هذه العملية ستتطلب من الحكومة الانخراط بشكل جدي مع صندوق النقد الدولي ودائني لبنان الدوليين وشركاء القطاع الرسمي".

وتضم المجموعة الصناديق الكبيرة أموندي وأشمور وبلاك روك وبلوباي وفيدلتي في-رو برايس، بالإضافة إلى مجموعة من صناديق التحوط الأصغر حجماً. وتشير تقديراتها إلى أنها تمتلك "حصة حجب" تزيد عن 25 في المئة في نحو 40 في المئة من سلسلة السندات اللبنانية المختلفة، مما يعني أنها ستكون لاعباً هاماً في أي إعادة هيكلة جادة.

تحذيرات من استمرار نزيف الاقتصاد

وفي سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، حذرت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني، من تفاقم الأوضاع في لبنان، وخسائر كبيرة للاقتصاد وتآكل احتياطي البلاد من العملات الأجنبية وقفزة في معدلات التضخم. وقالت إن تصنيفها للاقتصاد اللبناني عند الدرجة C مع غياب النظر المستقبلية، يعكس تأثير الأزمات الاقتصادية والمالية والإجتماعية في البلد، وسط ضعف مؤسسات الدولة، وعدم قدرة الحكومة على معالجة تلك الأوضاع.

وأوضحت أن انهيار العملة في السوق الموازية الذي أدى إلى ارتفاع التضخم، أوجد بيئة غير مستقرة، حيث يكون الوصول إلى دعم التمويل الخارجي لإعادة هيكلة الديون الحكومية مشروطاً بتنفيذ خطوات إصلاح محددة. وقالت إن تصنيف لبنان هو الأدنى في تصنيفات الوكالة، وهو يعكس توقعات وكالة "موديز" أن الخسائر التي سيتكبدها حاملو السندات ستفوق 65 في المئة من إجمالي قيمة استثماراتهم في السندات التي أصدرتها الدولة.

وأضافت: "من غير المرجح تغيير التصنيف الحالي للبنان قبل إعادة الهيكلة، نظراً لحجم الاقتصاد، والتحديات المالية والاجتماعية، وتوقعاتنا لخسائر كبيرة للغاية". مشيرة إلى أنه بدون اتخاذ خطوات لإصلاح الاقتصاد والأوضاع المالية، فإن دعم التمويل الخارجي الرسمي لمساندة هيكلة الديون لن يكون متاحاً بسهولة.

وأوضحت "موديز"، أن الملف الائتماني للبنان يستفيد من الالتزام بدعم التمويل الخارجي من كل من صندوق النقد الدولي، والمانحين الدوليين، بشرط تعيين حكومة جديدة على نحو سريع وتنفيذ إصلاحات محددة. وتوقعت أن تتضمن الإصلاحات التزام الدولة بتحسين أوضاع المالية العامة والبنوك لتكون قادرة على سداد التزاماتها عبر إعادة هيكلة شاملة للدين، وإصدار تشريعات لإضفاء الطابع الرسمي على ضوابط رأس المال، وإلغاء نظام سعر الصرف المتعدد الحالي، وإجراء عمليات تدقيق شاملة للبنك المركزي والشركات المملوكة للدولة.