Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مهرجان كان السينمائي... كلود لولوش يعيد بطلي "رجل وامرأة" الى واجهة السينما

"أجمل سنوات العمر" جاء تتمة لرائعته التي نالت السعفة الذهبية وجائزتي أوسكار

قبل نصف قرن، كان المخرج الفرنسي كلود لولوش سينمائياً شاباً يخطو خطواته الأولى المتعثرة على درب الفن السابع.

كان قد قدّم فيلماً أول عام 1960، مُني بفشل ذريع، جماهيرياً ونقدياً، حتى أن مجلة "دفاتر السينما" أعلنت وفاته سينمائياً، إذ كتبت قائلة "فيلم "خصوصية رجالية" من إخراج سينمائي مبتدئ اسمه كلود لولوش، تذكروا جيداً هذا الاسم، لأنكم لن تسمعوا به ثانية، فهو لن يقدّم أي فيلم آخر بعد الآن".

اكتأب المخرج الشاب، وانقطع عن السينما طوال خمس سنوات، وانتقل إلى محال الفيديو كليب الغنائي.

تمسك بالحلم

لكنه ظل متمسكاً بحلمه السينما، انزوى أشهراً عدة في قرية نائية بريف نورماندي، حيث عكف على كتابة سيناريو بعنوان "رجل وامرأة"، أُغرم النجم جان لوي ترانتينيان بفكرة الفيلم، وقرّر أداء بطولته، ما مكّن كلود لولوش من تصويره بميزانية إنتاجية متواضعة جداً، وألقى ترانتينيان بكل ثقله وشهرته لإقناع إدارة مهرجان كان السينمائي بإلحاق الفيلم بالبرنامج الرسمي للمهرجان، على الرغم من أن إنتاجه اكتمل في وقت متأخر جداً، ما أتاح له الفرصة لدخول مسابقة السعفة الذهبية في اللحظة الأخيرة، وإذا به يُحدث مفاجأة كبرى، إذ لم يكتفِ بخطف السعفة الذهبية في كان، بل فاز أيضاً بجائزتَيْ أوسكار (أفضل سيناريو وأفضل فيلم أجنبي)، وتحوّل سريعاً إلى واحد من كلاسيكيات الفن السابع، مساهماً في التأسيس لتيار سينمائي جديد، اشتهر لاحقاً باسم "الموجة الجديدة" الفرنسية.

وفي سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ السينما، قرّر كلود لولوش العودة إلى كان هذه السنة بتتمة للفيلم، صوّر من خلالها لقاء جديداً بين الشخصيتين المحوريتين لـ "رجل وامرأة" بعد مرور نصف قرن.

أجمل سنوات العمر

على الرغم من أن الفيلم عُرض بطلب من المخرج، في التشكيلة الرسمية لكن خارج المسابقة، إلا أنه شكّل محطة بارزة في هذه الدورة الـ 72 من مهرجان كان، إذ وقف الجمهور للتصفيق طويلاً لهذا الجزء الثاني من الفيلم الذي يحمل عنوان "أجمل سنوات العمر". واستقبل النقاد الذين طالما انتقدوا لولوش، حتى بعد الشهرة العالمية التي حققها، هذا العمل الجديد بحفاوة كبيرة، فيما تأسف كثيرون لكون المخرج تحفظ على دخول سباق السعفة الذهبية، مراهنين بأنه لو فعل لخطف السعفة ثانية بعد نصف قرن.

انطلق لولوش في فيمله الجديد هذا من مقولة فيكتور هوغو الشهيرة "أجمل سنوات العمر هي تلك التي لم نعشها بعد"، وقرّر أن يعيد إلى الشاشة مجدداً شخصيتي "آن غوتييه" و"جان لوي ديروك"، بطلَيْ فيلم "رجل وامرأة"، اللّذين بقيا ماثلَيْن في ذاكرة عشاق السينما بوصفهما رمزاً للحب المستحيل، وعلى الرغم من الشغف العاصف الذي جمع بينهما، إلا أن الخلافات سرعان ما وقعت بينهما، وأفضت إلى فراقهما.

وبعد مرور نصف قرن، نكتشف جان لوي دوروك، على مشارف الـ 80 في مصحة للمسنين، وقد بدأت تداهمه أعراض الـ"ألزهايمر"، إذ لم يعد يذكر من ماضيه سوى قصة الحب العاصفة التي جمعته بآن غوتييه.

الماضي والمستقبل

نزولاً عند نصائح الأطباء، يتصل ابنه أنطوان بآن لإخبارها بتدهور الصحة العقلية لجان لوي، وإقناعها بزيارته، لأن الأطباء يعتقدون أن ذلك من شأنه أن ينعش ذاكرته، وكان مشهد هذا اللقاء الجديد بين الحبيبَيْن (مشهد طويل من 19 دقيقة في فيلم مدته ساعة ونصف)، وقد أصبحا في أقبح سنين العمر، بعدما كانا في الفيلم الأول يتدفقان شباباً وحيوية، واحداً من اللحظات السحرية التي ستبقى ماثلة في ذاكرة السينما على مدى عقود، خصوصاً أن الحوار الذي دار بينهما لم ينصب فقط في استعادة ذكريات الماضي، بل استغله المخرج لإطلاق العنان لتأملات فلسفية مؤثرة حول الأسئلة الوجودية التي تشغل كل إنسان، كالحياة والموت، الخير والشر، الماضي والمستقبل...

المزيد من فنون