Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الدراما الموريتانية في رمضان... المخاض فقير

لا تستند إلى تاريخ فني يعطيها الأصالة والخبرة فغالبية العاملين فيها هم من الهواة

مخاض عسير تعانيه ولادة دراما موريتانية حقيقية (اندبندنت عربية)

تجلس أسرة معط ولد مولود كل مساء أمام التلفزيون، تتابع حلقات السلسلة الكوميدية "شيف وكوص" التي تبثها القناة الرسمية "الموريتانية". فقد حققت هذه السلسلة الكوميدية منذ إنتاجها قبل سنوات نجاحاً كبيراً، جعل الكثير يُطلقون أسماء بطليها "شيف وكوص" على معارفهم.

ويُرجع مخرج العمل الفنان بونه ولد أميده، في حديث مع "اندبندت عربية"، أسباب النجاح إلى كون السلسلة هي "حصيلة تجربة مُنتجين قدموا زهرة شبابهم خدمة للفن، وليس غريباً أن تكون بحجم أزمنة الصبر والملح التي أمضاها المشرفون على العمل وهم ينحتون في الصخر لصناعة عمل فني حقيقي بكل هذا التقدير وبنسب المُتابعة التي جعلت منه واحداً من أهم الاعمال التلفزيونية في تاريخ الإنتاج التلفزيوني الموريتاني، نجاح العمل قيض الله له ممثلين محترفين ومخرجاً متمكناً من أدواته فكان ما كان من نجاح".

إلا أن هذا النجاح هو الاستثناء الذي يثبت القاعدة، إذ يرى كثيرون من المتابعين للشأن الفني فى موريتانيا، أن مخاضاً عسيراً تعانيه ولادة دراما موريتانية حقيقية، فالتحديات تبدأ بعدم وجود طاقم فني مدرب، مروراً بكادر بشري محترف، وصولاً إلى مشاكل الإنتاج وآليات التسويق. ولا تقف المشاكل التي تحول دون صناعة دراما موريتانية هنا، بل تتعداه إلى النظرة الدونية التي يتعامل بها المجتمع مع العاملين في المهن التمثيلية.

إشتباك

بونه ولد أميده ممثل ومخرج موريتاني، استطاع مجابهة الواقع والاشتباك مع منظومة اجتماعية تقليدية، فإضافة إلى عمله فى التمثيل المسرحي والتلفزيوني منذ سنوات، دخل عالم الإخراج قبل فترة، ويتسابق في هذا الموسم الرمضاني بعملين هما "شيف وكوص" و"دار أعمر". يتحفظ الصحافي حسام خلف على تسمية ما يُعرض على شاشات التلفزيونات الموريتانية بالدراما، ويضيف "لا أعتقد أن ما يعرض على الشاشات المحلية خلال شهر رمضان يرقى لدرجة تسميته دراما".

دراما هواة

لا تستند الدراما الموريتانية إلى تاريخ فني يعطيها الأصالة والخبرة، فغالبية العاملين فيها هم من الهواة الذين دفعهم الشغف إلى ممارسة هواياتهم التي تحولت مع الزمن إلى هذه الأعمال الدرامية. ويبرر خلف ضعف الدراما الموريتانية بقوله "هي محاولات لإعداد اسكتشات قصيرة وسريعة، تركز في مضمونها على الإرشاد والتوجيه، بطابع كوميدي لشد الأنظار إليها"، لكنه يعترف بواقعية أنه "على الرغم من بعض المحاولات التي حاولت أن تضيف، إلا أنه لصعوبة التحدي، لم تصمد كثيراً".

ويعود هذا الضعف لأسباب عدة من بينها "العزوف عن الاستثمار في هذا المجال من طرف رجال الأعمال، ما جعل ما نشاهده من أعمال هي نتاج جهود ذاتية بوسائل متواضعة، هذا طبعاً إضافة إلى عدم وجود معاهد ومدارس للتكوين، فغالبية ممتهني هذا المجال دخلوه كهواة فقط. وعلى الرغم من قوة المنافسة في زمن السماوات المفتوحة، تبقى للدراما الموريتانية حصة كبيرة من نسبة مشاهدات الموريتانيين، وتشهد حلقات المسلسلات الموريتانية المعروضة على اليوتيوب إقبالاً كبيراً، خصوصاً من الموريتانيين المقيمين فى الخارج.

عزوف القنوات

لا تؤمن القنوات الخاصة فى موريتانيا شراء الإنتاج الدرامي الذي ينتج في البلاد كل عام، وفي حال شرائها هذه الأعمال يكون ذلك بمبالغ لا تعوض المنتجين ما بذلوه في أعمالهم، وضعف سوق الإعلان يُلقي بظلاله هو الآخر على واقع الدراما فى موريتانيا.

ويسرد المخرج بونه ولد أميده المنطق الذي يتعامل به مع هذا الواقع بقوله "الصناعة الفنية تقتضي وجود منتِج قوي وعمل فني بحجم تلك القوة، وعلى الرغم من عدم توفر موارد كافية للإنتاج، إلا أننا استبدلنا غياب ذلك المُنتِج القوي بحضور ممثلين مقتدرين ومخرجين قادرين على إدارة الممثلين وإعدادهم إعداداً جيداً يضمن تقديمهم للأفضل".

تحديات لا تنتهي

يضيف ولد أميده عن التحديات التي تواجههم كصناع للدراما "التحديات التي تعترضنا كثيرة، منها ضعف الوسائل التي ننتج بها المادة المقدمة، وعقلية راسخة لدى المسؤولين عن التلفزيونات سواء كانت ملكاً للدولة أو للخواص، إذ يعتقد هؤلاء أن الإنتاج لا يتطلب موارد كثيرةً ومرد ذلك تمييع المجال بحيث أصبح كل من هب ودب ينتج.

وهو ما استدعى منا في أكثر من مناسبة الاحتفاظ بمنتجنا لأن المخصصات التي تقدمها التلفزيونات لا توفر حتى تكاليف الإنتاج، أضف إلى هذا غياب ممثلين محترفين وضعف تكوين الكادر من كُتاب ومخرجين ومهندسي صوت وإضاءة وانحسار السوق في التلفزيون الرسمي، ما يدفعه إلى استغلال ذلك بوضعك أمام خيارين، إما بيع مادتك بسعرٍ زهيد أو تحملَ خسارة ما أنفقته من مال لإنتاج عملك".

يتابع الموريتانيون في هذا الموسم الرمضاني مسلسلات عدة، تتصدرها الكوميديا من قبيل "شيف وكوص" و"دار أعمر" ومسلسل "المدرك بالأيام عريان"، فيما غابت الدراما هذا العام، بعدما اكتسحت  العام الماضي مسلسلات من قبيل "منت البار" ومسلسل "فتية" و"وجوه من خشب". ويأمل القائمون على صناعة الدراما الموريتانية في انتعاش بيئة عملهم، بعد استحداث الحكومة الموريتانية سلطة للإشهار، تتعهد بتنظيم سوق الاشهار في البلاد، ما قد ينعكس بالإيجاب على بيئة الإنتاج الفني.

المزيد من فنون