الزيارة التاريخية التي قام بها بابا الفاتيكان (البابا فرنسيس) إلى مدينة أور في الخامس من مارس (آذار) الماضي، ضمن زيارته إلى العراق التي استمرت أياماً عدة، كان لها دور كبير في توجيه الأنظار من مختلف أنحاء العالم نحو موطن النبي إبراهيم، وواحدة من أهم الحضارات في العراق والمنطقة.
فعقب الزيارة، توافد عشرات السياح الأجانب إلى محافظة ذي قار التي تبعد 360 كيلومتراً جنوب العاصمة، للتوجه إلى مدينة أور الأثرية وزيارتها خلال الأسابيع القليلة الماضية، في خطوة بدت مؤشراً لتحويلها إلى قبلة مهمة ضمن توجهات السياح في العالم، ونافذة جديدة للسياحة في العراق تضاف إلى السياحة الدينية التي تستحوذ على اهتمام السلطات الحكومية.
وباستثناء عام 2020 والأشهر الستة الأولى من 2021 التي شهدت توقفاً للسياحة الدينية في العراق بسبب انتشار فيروس كورونا، فإن البلاد كانت تستقبل نحو خمسة ملايين زائر سنوياً من خارج البلاد، بحسب إحصائيات هيئة السياحة العراقية آتين من: إيران، والكويت، والبحرين، والسعودية، وباكستان، وتركيا، وأذربيجان، وأفغانستان، وبعض الدول الأوروبية، لزيارة الأماكن والمراقد الدينية في بغداد، وسامراء، والنجف، وكربلاء، وبابل.
ويدخل السياح عبر مطارات بغداد والنجف والبصرة وعبر المنافذ البرية في محافظات واسط وميسان والبصرة وديالى، التي لها حدود مشتركة مع إيران والكويت.
تسهيلات منح تأشيرات الدخول
وأسهم قرار الحكومة العراقية في منح مواطني 36 دولة في العالم سمات دخول سريعة في المطارات والمنافذ الحدودية العراقية، الذي جاء بعد زيارة البابا بأيام، بتخفيف أكبر عقدة كانت تواجه أي شخص يرغب بزيارة العراق سواء للسياحة أو الاستثمار، إذ كانت تمر بسلسلة معقدة من الإجراءات.
والدول التي سيُسمح لمواطنيها بالحصول على سمات دخول سريعة هي: أميركا، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وفنلندا، والنمسا، وسويسرا، وكندا، وهولندا، وبلجيكا، وإسبانيا، والسويد، والدنمارك، واليونان، وبولندا، وإيرلندا، فضلاً عن روسيا، والصين، واليابان، وكوريا الجنوبية، وقبرص، والتشيك، وإستونيا، والمجر، ولاتفيا، وليتوانيا، ولوكسمبورغ، ومالطا، والبرتغال، ورومانيا، وسلوفاكيا، وسلوفينيا، ونيوزيلندا، وأستراليا.
زيارة عشرات الأجانب أور
وأعلن مدير مفتشية آثار ذي قار عامر عبد الرزاق ارتفاع أعداد الزوار الأجانب إلى مدينة أور خلال الأسبوعين الماضيين، فيما أشار إلى حملة تطوير واسعة تشهدها المدينة الأثرية بالتعاون مع منظمات دولية.
100 سائح من أميركا وأوروبا
وقال عبد الرزاق إن "الموسم السياحي في ذي قار يبدأ في أكتوبر (تشرين الأول) مع الاعتدال الجوي في العراق، إلا أن الموسم انطلق مبكراً في بداية سبتمبر (أيلول)، إذ زار مدينة أور خلال أسبوعين 100 سائح من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفنلندا والسويد وإيطاليا وفرنسا، وكذلك لبنان والكويت"، متحدثاً عن توجه من قبل السياح الأجانب لزيارة الأماكن التراثية والأثرية، وتوقع أن يزور الآلاف مدينة أور الشهر المقبل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فنادق خمس نجوم
وكشف عبد الرزاق عن وجود شركات سياحية عالمية من ضمنها شركات من الولايات المتحدة الأميركية تعتزم تفويج السياح إلى أور، فضلاً عن شركات سياحية أخرى في مدينة بغداد وبابل وذي قار تتواصل مع تلك الوفود، لافتاً إلى أن هذه الشركات تعمل على إعداد برنامج خاص لزيارة محافظة ذي قار لبقائهم لمدة يومين أو أكثر في المحافظة، خصوصاً وأن هناك خمسة فنادق من فئتي الخمس نجوم والدرجة الأولى، أُنشئت أغلبها خلال العامين الماضيين بعد أن كان يوجد فندق واحد فقط.
وعن الأماكن التي يزورها السياح في ذي قار، قال عبد الرزاق إن "السياح يزورون مدينة أور ويقصدون معالمها: الزقورة وقصر شروكي والمقبرة الملكية وبيت النبي إبراهيم فضلاً عن كورنيش الناصرية، ليتمتعوا بأكل السمك المسكوف، وفي اليوم الثاني يزورون أهور الجبايش".
وأهوار الجبايش عبارة عن مسطحات مائية ذات مساحات واسعة تقع شرق مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، وهي امتداد لهور أبو زرك وهور الحمار، وتتغذى أهوار الجبايش بالمياه من نهري دجلة والفرات. وتوجد فيها أنواع عدة من الطيور المتنوعة وتضم عدداً كبيراً من الأسماك. وتوجد فيه النباتات المائية ونبات القصب والبردي، وأدرجت الأهوار عام 2016 ضمن لائحة التراث العالمي ما يجعلها من المناطق الفريدة التي يجب المحافظة عليها، وهي تعتبر من المناطق السياحية المهمة، لا سيما في فصل الشتاء.
زيارة الحبر الأعظم
ولفت إلى أن زيارة الحبر الأعظم في مارس (آذار)، كان لها الدور الكبير في تفويج السياح، فضلاً عن الدور الذي تقوم بها مفتشية آثار ذي قار في جذب السياح للمحافظة، وتواصلها مع شركات السياحية العالمية لتسهيل عملية تفويجهم.
تطوير الخدمات
وعن الحملة التطويرية التي شهدتها مدينة أور، بين الزبيدي أنه مطلع العام الحالي وبالتعاون مع عدد من دوائر المحافظة، تم إنشاء عدد من المرافق السياحية والتطويرية داخل مدينة أور التي حظيت بالإنارة وتم إمداد المياه الصالحة للشرب، مشيراً إلى أنه جرى الانتهاء من مشروع "سومريون" برعاية منظمة (يو بي بي) الإيطالية، بالتعاون مع مفتشية آثار ذي قار منذ ستة أشهر، والذي يتضمن إنشاء ممرات خشبية داخل المدينة الأثرية لمرور السياح، وإنشاء مظلات استراحة لهم ولوحات تعريفية للمناطق الأثرية باللغتين العربية والإنجليزية، ومنظومة مياه وعربات شحن توصل الزائرين من مدخل أور إلى داخل المدينة، إضافة إلى عربات تجرها الخيول ودراجات هوائية للتجوال داخل المدينة الأثرية.
وعززت زيارة بابا الفاتيكان الاهتمام بالمدينة التاريخية التي شهدت إهمالاً منذ عقود، ما دفع بالسلطات العراقية إلى تعبيد الطريق الواصل إليها وإضاءته للمرة الأولى منذ اكتشاف هذه المدينة.
ذي قار تأمل ازدهار السياحة
محافظة ذي قار التي تعاني من سوء الخدمات والبطالة، والتي شهدت تظاهرات واسعة خلال أشهر عدة من هذا العام والعام الماضي، كان آخرها في يونيو (حزيران) الماضي، تأمل في أن تزدهر اقتصادياً أسوة بواقعها السياحي وزيادة حجم المستثمرين.
وقال المتحدث باسم محافظ ذي قار ماجد السفاح، إن مجيء السياح يعمل على ازدهار الصناعات اليدوية بالمحافظة، متوقعاً أن يزداد عددهم خلال الأشهر المقبلة.
الأعداد قليلة
وأضاف السفاح أن "تأهيل البنى التحتية لمدينة أور الأثرية سيشكل جاذباً للوافد والسائح، ما سيشجعه على المكوث أياماً في المحافظة، وبالتالي ازدهار المناطق السياحية في ذي قار مثل الأهوار والمقاهي والمطاعم، مشيراً إلى أن أعداد السياح القادمين ما زالوا يمثلون أفراداً وليسوا جماعات، وأن قدومهم بداية لوفود كبيرة ستصل إلى أور.
وتوقع زيادة أعداد الزوار لا سيما بعد إنجاز المشروع الذي تبناه مجلس الوزراء في تطوير المدينة، ما سيشجع المستثمرين على إنشاء المقاهي والمطاعم في المحيط، لافتاً إلى عدم إمكانية إنشاء مشيدات كون ما تم اكتشافه هو 5 في المئة فقط من مجموع الآثار.
إنشاء المدينة الإبراهيمية
وكانت مفتشية آثار ذي قار أعلنت عن تشكيل لجنة من الأثريين لتحديد المواقع التي يمكن أن ترشح لتكون المدينة الإبراهيمية القريبة من آثار أور.
وذكر مدير المفتشية عامر عبد الرزاق في تصريح صحافي، أنه تم تشكيل لجنة من خمسة أثريين للكشف وتحديد الأرض الخاصة بالمدينة الإبراهيمية القريبة من أور.
وأشار إلى أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء وفق لجنة قرار 33 المشكلة لتطوير مدينة أور الأثرية، تعمل على إنشاء مدينة تحت اسم "المدينة الإبراهيمية" تقام عليها مشاريع عدة من فنادق وسوق تراثية ومركز للزائرين ومتحف".