Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا ينتظر الاقتصاد المغربي في ظل الحكومة الجديدة؟

نصف خريجي الجامعات يعانون البطالة وسط اختلال في الميزانية وتصاعد معدلات التضخم

رئيس الحكومة المغربية الجديدة عزيز أخنوش (أ ف ب)

أدى فشل حكومة العدالة والتنمية في تدبير الشأن الاقتصادي طيلة عشر سنوات إلى سخط الشارع المغربي، ما نتج عنه تصويت عقابي نقل الحزب الإسلامي من أعلى السلم إلى أسفله. وبالمطالب الاقتصادية نفسها، يواجه المغاربة اليوم حزب التجمع الوطني للأحرار، المتصدر في الانتخابات، والذي كلف رئيسه عزيز أخنوش تشكيل تحالف حكومي مع الأحزاب التي تشاركه التوجهات.

رجل اقتصاد يقود الحكومة

ولد أخنوش عام 1961 في منطقة تافراوت، جنوب المغرب، واختار دراسة مجال تدبير المقاولات، وحصل على دبلوم فيها من جامعة شيربروك في كندا. دخل عالم البيزنس، وأسس كثيراً من الشركات المختلفة في نشاطاتها الاقتصادية، أهمها مجموعة "أكوا" التي تضم عدداً من الشركات، أكبرها "أفريقيا" لتوزيع المحروقات.

وكان أخنوش قد تولى منصب رئيس مجلس جهة سوس ماسة درعة ما بين 2003 و2007، واشتغل ضمن مجموعة التفكير لدى الملك الحسن الثاني حتى سنة 1999، التي اعتبرت في وقتها مركز أبحاث يقدم الأفكار حول تجويد وتقوية الاقتصاد المغربي.

وفي عام 2007، انتقل رجل الأعمال المغربي للعمل الحكومي، متقلداً منصب وزير الفلاحة والصيد البحري. وأطلق عدداً من البرامج الكبرى لدعم القطاع، أبرزها "مخطط المغرب الأخضر" الذي أسهم في دعم الفلاحين والفلاحة أمام عدة عوامل منها سنوات الجفاف التي عرفها المغرب.

اليوم، أصبح أخنوش رئيساً للحكومة المغربية بعد فوزه في انتخابات بنى برنامجه فيها على وعود اقتصادية.

انسحاب من البيزنس العائلي

مباشرةً بعد تعيينه رئيساً للحكومة المغربية مكلفاً تشكيلها، بدأ عزيز أخنوش في الانسحاب التام من جميع مناصب التسيير داخل "الهولدينغ" العائلي.

وأكد أخنوش أنه منذ ولايته الأولى كوزير، كان قد أوقف ممارسة جميع الأنشطة المهنية أو التجارية، ولا سيما المشاركة في أجهزة تسيير أو تدبير أو إدارة المنشآت الخاصة.

قرار كهذا ما كان ليمر من دون أن يخلق جدلاً تكون مواقع التواصل الاجتماعي مسرحاً له، حيث انقسمت التفاعلات بين من شكك في قدرة الرجل على ترك تسيير مشاريع وثروات راكمها لسنوات ومن وصف القرار بالحكيم نظراً لثقل المسؤولية، وبخاصة بعد الإرث الثقيل الذي تركته حكومة العدالة والتنمية.

ملف التشغيل

قبل تشكيلها، ينتظر الحكومة المغربية المرتقبة إرث اقتصادي ثقيل من سابقتها، حيث يتوسم الشارع المغربي في قرارات اقتصادية عاجلة تخرجه من عنق الزجاجة، وبخاصة بعد أن راكمته جائحة كورونا من ضعف القدرة الشرائية بفعل ضعف أو جمود مردودية عدد من القطاعات. 

ويقول الباحث الاقتصادي محمد غواثي، إن هناك تحديات كبيرة لإعادة التوازنات الماكرو-اقتصادية ومضاعفة الجهود الوطنية لتعزيز الاستثمار العمومي، لا سيما في قطاعات التعليم جسدتها الإضرابات الكثيرة التي خاضتها الأطر التعليمية طيلة السنوات الخمس الماضية، والتي كانت، ولا تزال، تطالب بتحسين دخلها، وضمان استقرارها الوظيفي، وهو ما ينطبق على قطاع الصحة الذي يعاني مشاكل تتعلق أساساً بضعف وتردي الخدمات.

وفي قطاع التشغيل، يضيف لغواثي، "يعاني نصف خريجي الجامعات المغربية اليوم من البطالة بحسب تقرير المندوبية السامية للتخطيط. وتعاني الميزانية العامة للدولة عجزاً كبيراً يتجاوز 55.5 مليار درهم (نحو 6 مليارات دولار)، ومعدل التضخم يفوق 5 في المئة، إذ تأثر بالتراجع الكبير الذي عرفته المداخيل الضريبية، والتي تعد مورداً مهماً لمداخيل الدولة، وأداة لجلب الأموال الأجنبية بهدف تحسين ميزان المدفوعات. كما أن قطاع السياحة سجل تراجعاً في القيمة المضافة بـ50 في المئة، وانخفض عدد السياح الوافدين بنسبة 45 في المئة".

ويختم الباحث الاقتصادي بأن الاختلالات التي تعانيها الميزانية العامة للدولة في السنوات الأخيرة، فيما يتعلق بارتفاع نسبة العجز والتضخم والمديونية، أفرزت مشاكل عديدة أنتجت عدم توازن مالية الدولة، وهو ما يتطلب إعادة النظر في الآليات التدبيرية للمالية العمومية، فالحالة الراهنة أضحت مقلقة جداً، حيث إن الاستثمار العمومي يحل كلياً باللجوء إلى الاقتراض، وذلك من منطلق أن المداخيل العادية لم تعد تكفي لمواجهة نفقات التسيير، وأن الخط الائتماني الذي لجأت إليه الحكومة يعتبر ذا تكلفة باهظة، على اعتبار الفوائد المترتبة عنه. وفضلاً عن ذلك، يتطلب التأمين على سعر البترول في إطار برنامج المقايسة، من الدول فوائد باهظة تؤديها لصالح شركة التأمين، وإن كانت الدولة ألغت الدعم في هذا المجال. كما أن عجز الميزانية العامة للدولة وتفاقمه، يعتبر أحد العوامل الأساسية التي تؤدي إلى لجوء الحكومة إلى تفعيل الآليات الدستورية لسلطة البرلمان في التعديل.    

أخنوش: نعول على الفلاحة لدفع الاقتصاد

وأكد رئيس الحكومة المغربية أن الفلاحة باتت من محاور الاقتصاد الوطني، وأن القطاع تحول من قطاع اجتماعي إلى قطاع إنتاجي يعول عليه في الدفع بعجلة الاقتصاد وترميم ثغراته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبلغ الاستثمار في القطاع الفلاحي مليار دولار سنوياً، موزعاً بين استثمار الدولة واستثمار القطاع الخاص، وهو ما جعل الناتج الداخلي للفلاح يتضاعف مرتين، بينما ارتفع حجم الصادرات الفلاحية إلى 39 مليار درهم (4.3 مليار دولار).

ولفت أخنوش إلى أن تطور القطاع الفلاحي أسهم إبان جائحة فيروس كورونا في وفرة المواد الغذائية، من دون الحديث عن صادرات القطاع إلى أوروبا والقارة الأفريقية، حيث إن السنة الماضية شهدت تسجيل ثاني أحسن محصول فيما يخص إنتاج الحبوب ببلوغه 103 ملايين قنطار.

أما الصيد البحري، فنوه إلى أنه تطور بشكل ملحوظ، حيث تحسن مدخول الصيادين، العاملين منهم في الصيد الساحلي أو التقليدي، نتيجة وفرة المنتوج البحري، ونسب النجاح المحقق في برنامج "أليوتيس" الذي كان له الفضل في هيكلة القطاع.

صغار المقاولين ينتظرون الحكومة الجديدة

وتسعى الكونفيدرالية المغربية للمقاولات الصغرى والمتوسطة لاستكمال الحوار والتواصل مع الحكومة الجديدة بهدف إيجاد حلول للمشاكل التي تتخبط فيها المقاولات الصغيرة جداً والصغيرة والمتوسطة.

وكانت الحكومة السابقة قد فتحت أبواب التواصل والحوار مع الكونفيدرالية، لكن من دون اتخاذ خطوات ملموسة تستجيب لمطالب وانتظارات المقاولات المتضررة من الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا.

وفي الوقت الذي عبرت فيه الكونفيدرالية عن ارتياحها لنتائج الانتخابات، وصف مشاكل هذا النوع من المقاولات بـ"المعقدة"، والتي يبقى أكبرها الولوج إلى التمويل والصفقات العمومية والعقار، وآجال الأداء وحماية المقاولات المناولة.

غياب المستهلك عن برامج الأحزاب

وشهدت الأيام الأخيرة للحكومة المنتهية ولايتها زيادات في أسعار المواد الأساسية على نحو قياسي، مقارنة مع أسعارها الأصلية.

رئيس الجامعة المغربية لجمعيات حماية المستهلك، وديع مديح، أعرب عن أسفه لكون هذه الهيئات لا يمكنها منع الزيادات الصاروخية، بالنظر إلى توجه المغرب نحو اقتصاد ليبرالي يمنع حتى الحكومة من التدخل لوقف الارتفاعات في بيع المنتجات والخدمات غير المدعمة لتبقى السوق ومنطق العرض والطلب الحاكم في الأسعار، ويبقى مجلس المنافسة من يلعب دور الدركي، وبخاصة مع تمتعه بالإحالة الذاتية بعد دستور 2011، حيث يمكنه التدخل كمؤسسة مراقبة لمنع المنافسة غير الشريفة التي تضر بالمستهلك وقدرته الشرائية.

وعن مطالبهم من الحكومة المقبلة، ذكر وديع ما وصفه بغياب المستهلك عن البرامج الانتخابية للأحزاب. وطالب الحكومة التي ستتشكل خلال أيام بوضع المستهلك ضمن سياساتها العمومية، لأن إضعاف القدرة الشرائية من شأنه إضعاف الاستهلاك، بالتالي ضعف النمو والذهاب نحو الاقتصاد والتجارة غير الخاضعة للقوانين والمعايير الوطنية والدولية.

اهتمام أكبر بالقطاع الخاص

ويرى فاعلون في البورصة أن تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار الانتخابات يبشر بتشكيل أغلبية حكومية لها اهتمام كبير بالقطاع الخاص وبالتشغيل مع الحديث عن خلق مليون فرصة شغل، والعمل على النهوض بسوق البورصة.

ويعتبر أداء بورصة الدار البيضاء بعد استحقاقات 8 سبتمبر (أيلول) إشارة على رد فعل المستثمرين في سوق الأسهم، حيث إن تشكيل تحالف حكومي يطبعه الانسجام بين أحزاب عرفت بتوجهها وكفاءاتها الاقتصادية يبشر بخلق جو من الثقة وسط المستثمرين المغاربة والأجانب.

وينتظر الفاعلون الاقتصاديون أولى خطوات الحكومة الجديدة، والتي تتمثل في مراجعة قانون مالية 2022، الذي أعدته الحكومة السابقة.

تقاعد الوزراء يثقل كاهل الحكومة المقبلة

وبمقتضى القانون المغربي سيحصل وزراء حكومة العدالة والتنمية على تعويض نهاية الخدمة يعادل راتب عشرة أشهر.

وهكذا، سيحصل رئيس الحكومة، الذي يتقاضى مبلغ 70 ألف درهم (7800 دولار) شهرياً يشمل الأجر الأساسي وكل التعويضات، أي نحو 700 ألف درهم (78 ألف دولار) لعشرة أشهر، فيما سيحصل باقي الوزراء على 580 ألف درهم، (أي 64 ألف دولار) قياساً براتبهم الشهري الذي عادل 58 ألف درهم (6400 دولار) متضمنة كل التعويضات.

وسيكلف مجموع تعويضات نهاية الخدمة لوزراء حكومة سعد الدين العثماني نحو مليون و700 ألف دولار، باحتساب مجموع المبالغ التي سيتحصل عليها 24 وزيراً. كما سيحصل الوزراء على التقاعد الدائم الذي تصل قيمته الصافية إلى 39 ألف درهم شهرياً (4300 دولار)، أخذاً بالاعتبار أن بعض الوزراء سيخضعون لتكييف في مبلغ التقاعد في حال مارسوا مهناً أخرى، فيما تبلغ قيمة تقاعد رئيس الحكومة 60 ألف درهم (6600 دولار) شهرياً.

يشار إلى أن موضوع معاش الوزراء والبرلمانيين وما يشكله من ثقل على كاهل الدولة كان مثار نقاش واسع في السنوات الأخيرة، حيث يصفه المغاربة بالضخم وغير المستحق، وهم ينتظرون الحكومة القادمة لإجراء تغيير جذري في الموضوع.

اقرأ المزيد