Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة البرلمان والحكومة في ليبيا تنتهي بحجب الثقة

مخاوف من لجوء مجلس النواب إلى تشكيل حكومة موازية

فاجأ مجلس النواب الليبي في طبرق، الجميع بإعلانه سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية، قبل أن يعود ويعلن استمرارها في مزاولة أعمالها كحكومة تصريف أعمال فقط، خلال جلسة مغلقة الثلاثاء 21 سبتمبر (أيلول) الحالي، بعد يوم من إعلان الناطق الرسمي باسم البرلمان عبدالله بليحق، تشكيل لجان للتحقيق مع الحكومة في مخالفاتها الواردة في نقاط الاستجواب التي نوقشت في جلسة برلمانية مع الوزراء، قبل أيام قليلة، الأمر الذي اعتبره مراقبون تخبطاً واضحاً لدى مجلس النواب، يزيد إرباك المشهد الليبي المعقد.
وكانت مصادر ليبية عدة حذرت منذ نشوب الخلافات بين البرلمان والحكومة من خطورة إقدام مجلس النواب على سحب الثقة من الحكومة، بسبب تداعيات القرار المحتملة على إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها المحدد نهاية العام الحالي، بعدما بات احتمال التزام موعدها أضعف من أي وقت مضى.

سحب الثقة بغالبية كبيرة

وأعلن بليحق أن "البرلمان سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بغالبية 89 نائباً من أصل 113 نائباً، حضروا جلسة اليوم الثلاثاء"، قبل أن يعود ليقول في تصريح مقتضب على صفحاته بمواقع التواصل، إن "حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة ستستمر في تسيير أعمالها اليومية كحكومة تصريف أعمال".
وكان بليحق صرح يوم الاثنين (20 سبتمبر)، أن "مجلس النواب قرر في الجلسة، التي عُقدت برئاسة رئيس المجلس عقيلة صالح، تشكيل لجنة للتحقيق مع الحكومة في الاتفاقيات والتكليفات والقرارات التي اتخذتها في عدد من الملفات، على أن تنجز أعمالها في غضون أسبوعين من تاريخه".
وقال المستشار الإعلامي لرئاسة مجلس النواب فتحي المريمي إن "البرلمان علّق جلسته، الاثنين، من دون سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية، مع تشكيل لجنة للتحقيق معها في الاتفاقيات والتكليفات والقرارات التي اتخذتها في ملفات عدة".
وسبق أن تقدّم 45 نائباً بطلب سحب الثقة من الحكومة في منتصف شهر سبتمبر الحالي، وأعلن مجلس النواب، حينها، أنه سيتم النظر في هذا الطلب، بعد مرور ثمانية أيام على تقديمه، بحسب القانون.
وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا يان كوبيش، أشار في آخر إحاطة قدّمها إلى مجلس الأمن الدولي، في العاشر من سبتمبر، إلى أن سحب مجلس النواب الثقة من الحكومة الحالية، من شأنه تأجيل الانتخابات المنتظرة نهاية العام.
ومنح مجلس النواب الثقة للحكومة الحالية برئاسة الدبيبة، في مارس (آذار) الماضي، لتولي إدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية التي تنتهي بإجراء الانتخابات في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، قبل أن تنشب خلافات حادة بين الطرفين، إثر تقديم رئيس الحكومة مقترح الموازنة العامة الذي رفضه البرلمان في أكثر من جلسة للتصويت عليه، واعتبره موسعاً بما لا يتناسب مع حاجات المرحلة.

اعتراضات في العاصمة

وفي أول تعليق من جانب المؤسسات السياسية في العاصمة طرابلس على قرار سحب الثقة من الحكومة، أكد المتحدث باسم المجلس الأعلى للدولة محمد عبد الناصر، "رفض المجلس إجراءات سحب الثقة من حكومة الوحدة"، واصفاً إياها بأنها "باطلة وغير شرعية ومخالفة لبنود الاتفاق السياسي".
وعلّق رئيس مجلس الدولة السابق عبد الرحمن السويحلي على قرار مجلس النواب، قائلاً إنه "قفزة في الهواء، وخرق واضح للاتفاق السياسي" ووصفه بأنه "محاولة لتصفية الحسابات السياسية من قائمة عقيلة-باشاغا التي خسرت أمام المنفي-الدبيبة في جنيف"، في إشارة إلى تحالف صالح ووزير الداخلية الليبي السابق فتحي باشاغا بمواجهة تحالف رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي والدبيبة. وأضاف أن "النتيجة إدخال البلاد في الفوضى وعدم الاستقرار، والقضاء على أي أمل في انتخابات 24 ديسمبر".
من جانبه، اعتبر رئيس حزب التغيير جمعة القماطي أن "سحب البرلمان الثقة من حكومة الدبيبة اليوم، وإصداره لقانون انتخابات رئاسية قبلها، خطوتان غير قانونيتين، يراد بهما خلط الأوراق ومنع أي انتخابات في ديسمبر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


بدء النزاع القانوني

وما إن أعلن مجلس النواب عن تصويته بالموافقة على اقتراح سحب الثقة من الحكومة، حتى بدأ النزاع القانوني حول شرعية القرار، إذ قال عضو مجلس النواب ولجنة الحوار السياسي محمد الرعيض، إن "الحملة لسحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية، وإصرار بعض النواب على ذلك، يعكسان حدة الصراع الداخلي على السلطة وتغليب البعض للمصلحة الشخصية". وأضاف أن "عملية سحب الثقة تحتاج إلى الغالبية الموصوفة من أعضاء مجلس النواب، أي 120 عضواً، بحسب المادة الأولى من الفقرة الخامسة من الاتفاق السياسي الليبي"، محذراً من "مخالفة القانون واللوائح وخدمة الأجندات المشبوهة فقط".
واعتبر الرعيض أن "الحكومة تمكنت، في مدة قصيرة، من إنجاز ما لم تتمكن الحكومات السابقة من إنجازه خلال عشرة أعوام، وحصدت تأييداً شعبياً ملحوظاً بسبب تحسينها الخدمات العامة وإعادة بعض الرحلات الجوية وتوقيع اتفاقيات بناء وتطوير وعودة السفارات والشركات الأجنبية تدريجاً".
ورد الناطق باسم مجلس النواب عبد الله بليحق، على الاعتراضات القانونية على شرعية قرار التصويت وحجم النصاب المطلوب، قائلاً إن "سحب الثقة لا يحتاج إلى تصويت الغالبية الموصوفة وهي 120 صوتاً، بل الغالبية المطلقة، والغالبية المطلقة يمثلها وفق الوضع الحالي للنواب 86 صوتاً، والمرحلة التالية ستكون تشكيل حكومة تصريف أعمال".

تشكيك في آلية التصويت

في الأثناء، شككت مصادر من داخل البرلمان في آلية التصويت التي اعتُمد على أساسها قرار سحب الثقة من الحكومة، فقال النائب عبد الغني الفطيسي إن "هناك خطأ في جمع أصوات النواب الذين صوّتوا على سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية". وأفاد بأن "عدد مَن صوّتوا لسحب الثقة لم يصل إلى النصاب المطلوب وهو 86 وذلك بسبب خلل في آلية عدّ الأصوات".
كذلك اتفق عضو مجلس النواب عمار الأبلق مع الفطيسي على وجود خلل في آلية التصويت، قائلاً إن "أكثر من 30 نائباً وقّعوا الآن على بيان سيُنشر مساءً، ويؤكد أنهم لم يصوّتوا لسحب الثقة من الحكومة، ولا أستبعد أن تعمل رئاسة مجلس النواب على إنشاء حكومة موازية".

المزيد من العالم العربي