Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دي ميستورا في الصحراء الغربية بين "تقرير المصير" و"الحكم الذاتي"

الطاولات المستديرة المرتقب انعقادها بين مختلف الأطراف ستسهم في تجاوز الأزمة القائمة بين المغرب والجزائر

الأنظار متجهة إلى دي ميستورا من أجل طي ملف الصحراء الغربية وإعادة الدفء للعلاقات بين الجزائر والمغرب (رويترز)

عاد تعيين الدبلوماسي السويدي الحاصل على الجنسية الإيطالية، ستافان دي ميستورا، مبعوثاً شخصياً للأمين العام الأممي إلى الصحراء الغربية، ليفتح أحد الملفات المعقدة في العالم، والذي من شأنه أن يعصف باستقرار منطقة شمال أفريقيا، بعد أن بلغ الوضع حد المواجهات المسلحة بين الجيش المغربي وجبهة "البوليساريو".

الملف "الفخ"

يتساءل المتابعون عن موافقة الرباط على تكليف دي ميستورا، بعد رفضه قبل نحو ثلاثة أشهر، حول قدرة الدبلوماسي السويدي، العضو السابق في الحكومة الإيطالية، على طي الملف "الفخ"، وإعادة الدفء إلى العلاقات الجزائرية - المغربية التي زادتها تعقيداً الأزمة الصحراوية بعد تغير مواقف المغرب إزاء مستقبل جمهورية الصحراء الغربية بعد انسحاب القوات الإسبانية من جهة، مقابل دعم الجزائر للشعب الصحراوي من أجل تقرير مصيره من جهة أخرى.

تعيين في توقيت مناسب جداً

وفي السياق، رأى رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، محمد سالم عبدالفتاح، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن تعيين الدبلوماسي دي ميستورا في منصب المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي إلى الصحراء الغربية، يعد حدثاً من الأهمية بمكان، إذ يأتي قبيل انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي المخصصة للنظر في الملف، في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، مضيفاً أنه بعد قرابة العام من اندلاع أزمة "الكركرات" التي كرست تطوراتها حالة اختلال ميزان القوة بين الأطراف المعنية، تتفاقم حالياً الأزمة القائمة بين قطبي المنطقة المغاربية، المغرب والجزائر، في حين تبدو "البوليساريو" فاقدةً زمام المبادرة منذ إعلانها التنصل من اتفاق وقف إطلاق النار على خلفية التدخل الأمني المغربي في معبر "الكركرات".

أضاف عبدالفتاح أن تعيين المبعوث الأممي الجديد جاء في توقيت مناسب جداً، لعله سيساعد "البوليساريو" في تخفيف حدة التصعيد التي ما زالت عالقة فيها منذ 13 أكتوبر الماضي، كما ستسهم الطاولات المستديرة المرتقب انعقادها بين الأطراف كلها، ولا سيما المغرب والجزائر، في تجاوز الأزمة القائمة بينهما، على أمل أن تُهيِّئ الأجواء لحوار صريح يطرح فيه الأطراف كل المطالب بخصوص النزاع، ويحققون من خلالها مصالحهم المشتركة، بما يخدم أمن واستقرار المنطقة المغاربية، التي تعيش على وقع التصعيد والأزمات المستعرة في جوارها الإقليمي وعمقها الأفريقي.

رفض 13 اسماً وموقع الجزائر يثير استفهامات

ومنذ استقالة المبعوث الأممي السابق هورست كولر، في مايو (أيار)، 2019، اقترح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش 13 اسماً لشغل هذا المنصب، ما يجعل موافقة المغرب على دي ميستورا بادرة بروح إيجابية ستخرج الملف من جمود سياسي أسهم بشكل وآخر في توتير المنطقة. وقال غوتيريش، في وقت سابق، "اقترحنا 13 مبعوثاً من قبل من دون جدوى، ويجب الإسراع في تعيين المبعوث الأممي للدفع بوتيرة جهود التسوية وبعث مسار المفاوضات". ودعا طرفي النزاع في الصحراء الغربية، جبهة "البوليساريو" والمغرب، إلى الموافقة على المبعوث المنتظر، مضيفاً، "لا بد من أن يحظى أي مبعوث بقبول طرفي النزاع لأنه سيعمل مع جميع الأطراف لبحث مساعٍ متوقفة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويطرح التعيين استفهامات عدة حول طريقة عمل المبعوث الأممي دي ميستورا، وبخاصة موقع الجزائر من الأزمة، وهي التي ترفض اعتبارها طرفاً في النزاع بين جبهة "البوليساريو" والمغرب، مقابل تمسك الرباط بضرورة جلوس الجزائر على طاولة أية مفاوضات، كما يستفسر أطراف الأزمة حول "من أين يبدأ دي ميستورا مهمته؟".

قراءات

إلى ذلك، اعتبر الحقوقي حاج حنافي، أن عدم الوضوح في الموقف المغربي بخصوص تعيين المبعوث الأممي دي ميستورا، والذي تراوح بين رفض مبدئي وقبول على مضض فيه أكثر من قراءة، و"نجد ذلك من خلال ربط الرفض المبدئي بسياسة حكومة العثماني الزائلة، والتوجه إلى مسح هذا النوع من الاضطراب، والتعثر في تسلم الموقف الأميركي "الترمبي" الموازي لها، مع ضخ دماء من خلال تشكيل الحكومة الجديدة في المغرب وحفظ ماء الوجه لأجل إنقاذ الموقف الأميركي بطريقة سلسة في عهد جو بايدن الذي يرمي في سياسته إلى نوع من الشرعية من خلال منح دور أممي، ذلك أن بايدن له توجه فكري يقوم على سياسة التحالفات والموازنة وعدم إهدار رأي دول من الاتحاد الأوروبي الفاعلة".

أضاف حنافي أن جبهة "البوليساريو" كان موقفها واضحاً من البداية على قبول المبعوث الأممي إلى الصحراء الغربية لإعادة قطار القضية إلى مسارها الصحيح وقطع الطريق أمام المغرب من الاستثمار في الموقف الأحادي "الترمبي" الذي أراد إعطاءه صيغة رسمية، موضحاً في الوقت نفسه أن الجزائر تتمسك بمبادئ الأمم المتحدة المكرسة في ميثاقها، وهو مبدأ حق الشعوب المحتلة في تقرير المصير.

حل سياسي وعملي ودائم

من جانبه، أعلن الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، أن الرباط وافقت على تعيين دي ميستورا كمبعوث شخصي للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، مشيراً في تصريحات إعلامية إلى أن "الأمين العام للأمم المتحدة شرع في مشاورات مع أعضاء مجلس الأمن من أجل تعيين دي ميستورا في هذا المنصب الشاغر منذ مدة طويلة"، لافتاً إلى أن "تعيين المبعوث الأممي السابق إلى سوريا في المنصب الجديد سيتم في غضون الأيام المقبلة، بعد موافقة أعضاء مجلس الأمن".

وأكد هلال أن "المغرب يدعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي وواقعي وعملي ودائم للنزاع الإقليمي حول الصحراء"، معرباً في الوقت عينه، عن "استعداد المغرب دعم جهود دي ميستورا لتسوية هذا النزاع الإقليمي وفقاً لقرارات مجلس الأمن الصادرة منذ سنة 2007، خاصة القرارات 2440 و2468 و2494 و2548 التي كرست عملية الموائد المستديرة مع المشاركين الأربعة"، في إشارة إلى الجزائر وموريتانيا وجبهة "البوليساريو"، إلى جانب المغرب. وأوضح أن "الرباط أكدت رسمياً، خلال جلستين سابقتين في جنيف بحضور الوزراء الجزائريين (عبدالقادر مساهل، ثم رمطان العمامرة)، أن حل الخلاف حول الصحراء المغربية لن يكون إلا بالحكم الذاتي، ولا شيء غير الحكم الذاتي، ضمن إطار السيادة المغربية ووحدة أراضيها".

تجارب سابقة فاشلة

ولقد أظهرت التجارب السابقة أن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية، لا يملك مفاتيح الحل بيده، وأنه من دون دعم مجلس الأمن الدولي له لا يمكنه الوصول إلى نتيجة، وهو ما تجلى في استقالة المبعوثين السابقين، على غرار السفير الأميركي الأسبق كريستوفر روس، والرئيس الألماني السابق هورست كولر.

وتم إدراج الصحراء الغربية منذ 1963 في قائمة الأقاليم غير المستقلة، بالتالي تطبق عليها اللائحة 1514 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي تتضمن إعلان منح الاستقلال للدول والشعوب المستعمرة.

المزيد من متابعات