Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيران تسعى لتعويض خسائرها بآليات تجارية بعيدة عن الدولار  

اقتصاديون: إجراءاتها محدودة والمقايضات تخضع لقيود العقوبات

العملة الإيرانية تنهار أمام الدولار الأميركي بعد العقوبات (رويترز)

تحاول إيران وسط الضغط الاقتصادي المفروض عليها، تعميق علاقاتها التجارية مع جيرانها المباشرين، لا سيما تركيا والعراق وباكستان وأفغانستان وأذربيجان، لتخفيف أثر العقوبات الأميركية عليها. وتهدف إلى إيجاد آليات مالية محددة، تكون بعيدة عن مقاصة الدولار، لتسهيل التعاملات التجارية من جهة، وتقليص دور العملة الخضراء وقيودها المضبوطة عالمياً من جانب السلطات الأميركية، من جهة أخرى. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

استنساخ "إنستكس"

أبرز الدول في هذا المجال هي تركيا المشمولة هي الأخرى بعقوبات اقتصادية أميركية. فطهران تسعى إلى إيجاد مناخ أفضل معها على المستوى الاقتصادي، رغم خلافاتهما بشأن سوريا والتعاون الأمني. ويحاول المعنيون في العاصمتين إطلاق آلية تجارة خارجية شبيهة بآلية "إنستكس" مع الدول الباقية في الاتفاق النووي.

وأعلن وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، أثناء زيارته لأنقرة، عن اتفاق تعاون مصرفي لإنشاء هذه الآلية. وأكد نظيره التركي ميفلوت شافوغلو حرص تركيا على تعاون اقتصادي وسياسي وأمني على المستويين ​​الإقليمي والدولي مع طهران، وإزلة العوائق التجارية بينهما.

وكان رئيس البنك المركزي الإيراني عبد الناصر هماتي أبلغ السفير التركي في طهران أثناء لقاء بينهما الشهر الماضي، بحاجة البنوك الإيرانية إلى تسهيل العلاقات المصرفية الثنائية على أساس الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين رئيسي البلدين. وأوضح أن إيران وتركيا وضعا هدفاً بقيمة 30 مليار دولار في تجارتهما، الأمر الذي يتطلب تسهيل العمليات المالية والنقدية بينهما.

آليات تحايل

الباحث الاقتصادي الكويتي محمد رمضان قال إن "آليات التحايل هذه من إيران ستكون مقيدة ومرتبطة بسلع محددة. أما تأثيرها فلن يكون طبعاً كالتجارة الحرة". وأضاف: "إن آلية INSTEX مع أوروبا وضعت لتلبية حاجات إنسانية ترتبط بالشعب الإيراني. وفي حال تطبيقها بين إيران وتركيا، فستكون طهران هي المستفيدة لأن حجم التبادل لن يكون كبيرا".

وقال: "أعتقد أن أنقرة تقوم باستغلال سياسي لهذا الموضوع، خصوصاً أنها كثيرة التقلب سياسياً في المدة الأخيرة. وقد تتفاوض على ظهر طهران مع الولايات المتحدة لتحقق مكاسب أخرى. أما التقارب مع إيران فيعود إلى حاجة تركيا للنفط، وبسبب وضعها الاقتصادي. فعملتها في انهيار مستمر، ونموها في تباطؤ بسبب الاقتراض والتضخم. لكنني أتوقع أن يمارس الأميركيون ضغطا لمنع هذا المنحى بين الجانبين".

ضغوط أميركية

وأكد توقع رمضان رجال أعمال أتراك في دبي قالوا إن "الشركات التركية ولا سيما منها البنوك تعاني ضغوطاً أميركية كبيرة، ما اضطرها إلى وضع قيود على التجارة مع إيران".

 وأوضحوا أن التضييق التركي على الشركات الإيرانية، جاء بعد سجن اثنين من رجل الأعمال الأتراك من أصل إيراني في الولايات المتحدة هما رضا زراب ومحمد هاكان أتيلا نائب رئيس "هالك بانك" الحكومي التركي، بتهم تتعلق بمساعدة إيران على الوصول إلى النظام المالي الأميركي وانتهاك العقوبات التي كانت مفروضة على طهران.

وكانت محكمة أميركية حكمت في العام 2018، على أتيلا، بالسجن 32 شهراً لدوره في مخطط ضخم للنفط في مقابل الذهب، استهدف تجنب العقوبات الأميركية على إيران. وطالبت واشنطن أنقرة بدفع غرامة تصل إلى 37.5 مليار دولار لانتهاك المصرف العقوبات المفروضة على إيران في ضربة قويه للاقتصاد التركي. ويختم هؤلاء باستغراب أنه "رغم الحديث عن حصار أميركي لإيران، فإن شركات عالمية وأميركية وحتى خليجية ما زالت تجري تعاملات تجارية معها".

كهرباء وغاز

وعلى المستوى العراقي، وقّعت طهران وبغداد مذكرات تشمل قطاعات عدة أبرزها النفط والغاز والتجارة والنقل والسكك الحديد (مشروع لربط مدينتي خرمشهر والبصرة). وأعلن وزير الكهرباء العراقي قبل نحو أسبوع أن "لا بديل من كهرباء إيران لبلاده، إنْ من حيث الحجم أو السعر أو سرعة التسليم".

ورأى أن العراق يحتاج إلى استجرار الطاقة والغاز من إيران أقله في السنوات الثلاث المقبلة، ليتمكن خلاله من إعادة بناء منشآته ومعامل الإنتاج. وفي ما يتعلق بالغاز، كانت الحكومة العراقية صادقت على اتفاق في أواخر العام 2017 لاستيراد الغاز من إيران إلى محافظة ديالى الحدودية الشرقية. معلوم أن حجم التبادل بين الدولتين هو اليوم في حدود 8 مليارات دولار كما قال وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، ويطمح الجانبان إلى رفعه ليصل إلى حدود 20 ملیار دولار سنویا.

طارق الرفاعي، الرئيس التنفيذي في "مركز كوروم للدراسات الاستراتيجية"، أشار إلى أن البرلمان العراقي بسعيه إلى التصويت على خروج جميع القوات حيث يريد القول إن للعراق سيادته على قراراته، وله سياسته الخاصة في ما يتعلق بالتبادلات التجارية. أما كيف ستكون العلاقات التجارية مع إيران، فهي مسألة غير واضحة".

ويرى الباحث محمد رمضان من جهته أن "التبادل التجاري يحتاج استقراراً، وهذا صعب في بلد كالعراق، إضافة إلى أن التدخلات الإيرانية كبيرة في هذا البلد المنقسم بين فئاته، والذي يعاني فسااًد واضطرابات أمنية سببها إرهاب داعش في الماضي القريب"، وأشار إلى "أننا اليوم نشهد عودة خليجية بقيادة سعودية تستهدف استعادة العراق واستمالته إلى جانب دول مجلس التعاون لدول الخليج". واعتبر أن العلاقات الإيرانية العراقية معقدة جدا، ولا يمكن معرفة الاتجاه الذي ستسلكه. 

"تجارة المقايضة"

أما في ما يتعلق بباكستان، فقد تحدث مستشار رئيس الوزراء الباكستاني للتجارة والمنسوجات والصناعات والإنتاج، عن أن طهران وإسلام أباد تعملان على وضع آلية اتفاق "تجارة المقايضة" Barter Trading لتعزيز العلاقات التجارية الثنائية. وأبلغ عبد الرزاق داود، الذي رافق رئيس الوزراء عمران خان في زيارته لطهران، أنه عقد اجتماعاً مع وزير التجارة الإيراني رضا رحماني وناقش معه وسائل صفقة المقايضة بين البلدين. وأوضح أن الجانبين قررا اختيار عنصرين أو ثلاثة يمكن تطبيق مبدأ المقايضة عليها، مضيفاً أن إيران حددت الكهرباء والغاز النفطي المسال، في حين اختارت باكستان قطاع المنتجات الزراعية. وأكد وزير التجارة الباكستاني جاويد أكبر من جانبه أن "بنك باكستان" الحكومي SBP سيقدم المساعدة في إطار "تجارة المقايضة".

 وتفيد تقارير الجانبين أنه كان هناك دائماً طلب من باكستان على الأدوات الطبية والجراحية التي يمكن أن تــُـؤمِّنها طهران، في حين أن إيران تحتاج لمواد غذائية كالأرز والفواكه التي يمكن أن تمدها بها إسلام أباد.

ويعتبر طارق الرفاعي أن "نظام المقايضة كان قد نجح إلى حد ما بين الهند وإيران في صفقة "الذهب في مقابل النفط،" وذلك بعدما أخرجت الولايات المتحدة طهران من شبكة SWIFT للتحويلات المالية".

 وأضاف: "لا شك في أن الخطوة مع باكستان يمكن أن تنجح نظراً إلى خلوها من أي عمليات مالية، فهي قائمة على مجرد تبادل سلع تجارية. وما يسهل العملية، أن البلدين يتشاركان حدوداً جغرافية، ولدى كل منهما سلعاً أولية يمكن مقايضتها".

أما محمد رمضان، فاعتبر أن "تجارة المقايضة" ستكون محصورة بسلع معينة، وفوائدها قليلة. وقال: "يجب ألا ننسى أن إسلام أباد هي حليف للولايات المتحدة، وفي حال كبرت تجارتها مع إيران، فستتدخل واشنطن لكبحها".

إجراءت محدودة

يبقى السؤال عما إذا كانت هذا المساعي الإيرانية ستعوض الخسائر أو بعضاً من الخسائر التي تكبدتها طهران في مجال بيع النفط نتيجة العقوبات؟ كلا، يجيب رمضان، "فمجمل هذا الإجراءات لا يمكن أن تعوض إيران خسائرها، لكنها قد تسد جزءاً بسيطاً من الحاجات الإنسانية للشعب الإيراني. وأتوقع في حال توسع فوائد هذا التبادل، أن تتدخل الولايات المتحدة لمنع الحكومة الإيرانية من الإفلات من العقوبات". ويوافق الرفاعي رمضان بقوله إن "إيران لن تقدر بهذه الإجراءات أن تعوض ما تكبدته، بسبب الحصار الأميركي الذي يخنق القطاع الأهم الذي تعتمد عليه وهو النفط". وأشار إلى "الحاجة لموارد مالية للاستثمار في البنية التحتية لعمليات النفط من أجل زيادة الإنتاج في المستقبل، وطهران لن تكون قادرة على ذلك".         

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد