Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد لقاء بومبيو ببوتين ولافروف... روسيا تأمل بإعادة العلاقات مع أميركا

واشنطن وموسكو تلمحان إلى ذوبان الجليد بينهما ولكنّ الخلاف والتوتر يخيّمان على المشهد

وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو مصافحاً نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو (موقع الخارجية الروسية)

لم يَخفَ على أحد الجو الودي الذي خيّم على اللقاء في سوتشي الروسية يوم الثلاثاء الفائت، وخصوصاً ان تلميحات قد تخللته من كل من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ونظيره الروسي سيرجي لافروف إلى دفء في العلاقات، وذلك قبل أن يجريا مزيداً من المحادثات شارك في بعضها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاحقًا.

وقال لافروف في مؤتمر صحافي مساء الثلاثاء الماضي "كانت المحادثات جيدة ومكثفة وموضوعية ومفيدة"، مضيفًا "آمل في ألا تقتصر نتائج الزيارة على تحسين الأجواء بين البلدين، بل أن تشمل أيضًا إيجاد حلول بشأن القضايا الثنائية والإقليمية والدولية".  

وردّاً على مجاملة لافروف، قال بومبيو، لقد "شكّلت المحادثات "خطوة مفيدة نحو هدف الرئيس ترامب المتمثّل في تحسين العلاقات بين البلدين". وكان الوزير الأميركي وصف في وقت سابق زيارته بـ "جهد لإبداء حسن النية" ".

وأضاف الوزير الأميركي في تعليقه على محادثات سوتشي أن الطرفين قد حققا بعض "التقدم" حول كيفية الوصول إلى حل سياسي في سوريا، موضحاً أن "اتفاقاً" قد تمّ بينهما بشأن نزع السلاح النووي الكوري،  وأن المباحثات شهدت إعراب الجانبين عن " التصميم" على العمل وفق إطار" أوسع وقابل للتحقق والتنفيذ" بشأن الحدّ من التسلح. وكانت الولايات المتحدة الأميركية تركت الباب مفتوحًا" لإمكان تمديد اتفاقيات الأسلحة الاستراتيجية الراهنة.

بيدّ أن  وزير الخارجية الأميركي حرص على القول إن خلافات جدية بين البلدين قد بقيت دون حلول.

في ما يتعلّق بفنزويلا، والدعم الروسي لنيكولاس مادورو، كشف بومبيو أن مواقف البلدين "على طرفي النقيض"، معتبراً أن مادورو لم يجلب "سوى البؤس للشعب الفنزويلي". وكذلك أكّد أنهما لم يتوصلا إلى اتفاق بشأن أوكرانيا، مشيرًا إلى أن أميركا "لن تدعم مطلقًا المحاولات الروسية لضمّ شبه جزيرة القرم". 

مكافآت لروسيا

إلا أن وزير الخارجية الأميركي حرص أيضاً على التلميح إلى مكآفات ربما تحظى بها روسيا في حال وافقت على الاقتراحات الأميركية بخصوص هاتين المسألتين.  

وقال إن لدى روسيا مصالح تجارية في فنزويلا يتعيَّن "النظر فيها" في ظل نظام ديمقراطي جديد، ملمحًا إلى اتفاق لحماية استثمارات شركة النفط الحكومية "روسنفت" التي تُقدر بمليارات الدولارات. 

أما بالنسبة لأوكرانيا، فقد أكّد بومبيو أن أميركا ستواصل فرض العقوبات على روسيا لدعمها الانفصاليين المسلحين في هذا البلد، مبيناً أنه كان بالإمكان ضبط ذلك لو أن موسكو "تتواصل مع الرئيس الجديد" فلاديمير زيلينسكي. وفي هذا السياق، لفت الوزير الأميركي إلى أن إفراج روسيا عن الجنود الأوكرانيين الذين احتجزتهم في مضيق كيرتش العام الفائت قد يؤدي دورًا إيجابيًا في هذا الشأن.

التوتر في الخليج  

وكما هو متوقع، اشتملت الموضوعات الرئيسية التي تناولتها المحادثات على قضية التلويح بنشوب حرب بين أميركا وإيران وذلك في أعقاب نسف الاتفاق النووي المبرم بين طهران والقوى الدولية في عام 2015. وكانت هذه الأزمة التي تغلي تحت نار هادئة أدت إلى إلغاء بومبيو جولته في موسكو حيث كان سيعقد لقاءات عدة يوم الاثنين الفائت، وتوجهه إلى بروكسل لمناقشة القضية الإيرانية مع المسؤولين الأوروبيين المعنيين.

وفي وقت سابق، أكّد متحدث باسم الكرملين الموقف الروسي من هذه المسألة، قائلاً إن قرار واشنطن بالانسحاب من الاتفاق الإطاري المبرم كان "طائشاً".

وذكر ديمتري بيسكوف أن "بوتين تحدّث عن عدم استيعابه مثل هذه السياسة"، موضحًا " أنها تهدف إلى حشر دولة في الزاوية، وهذا لن يؤدي إلى نتيجة جيدة، كما يعلمنا التاريخ".   

تدخلات موسكو

وناقش بومبيو مسألة لم يتطرّق إليها أحد سابقًا، وهي الادعاءات المتعلقة بالتدخل الروسي في السياسة الداخلية للولايات المتحدة الأميركية، معتبراً أن الآوان قد حان كي تُقر موسكو بأن "مثل هذه الأعمال أصبح من الماضي".

وبدا لافروف سعيدًا بهذه الدعوة إلى تناسي الماضي، وقال ترددت المزاعم بشأن تدخل روسي في شؤون أميركا مراراً "عبر التاريخ". حتى أن هذه الإدعاءات قد ظهرت في الحملة الانتخابية الرئاسية لعام 1986، حين "أفادت تقارير بوجود طموحات لدى شخص اسمه دونالد ترمب" لتبوء هذا المنصب. وتساءل قائلاً "ربما توافق الولايات المتحدة على التوقيع أخيرًا على اتفاق متبادل بعدم التدخل في السياسة الداخلية والتي اقترحها الروس لأول مرة في الثلاثينيات؟".  وهنا أجاب بومبيو مؤكداً "لقد وعدت بألا أتحدّث عن الثلاثينات".

وكان بومبيو قال عند وصوله إلى سوتشي إنه كُلِّف تحسين العلاقات الثنائية بين البلدين والعثور على آفاق للتفاهم.

فعلى الرغم من أن العلاقات الراهنة بين الولايات المتحدة وروسيا ليست متوترة بالقدر الذي كانت عليه في حقبة ستالين بما حملته من صراع القوة وبسط النفوذ، فإنها تُعتبر بلا شك الأسوأ منذ عقود، إذ عصفت بها الحروب وانعدام الثقة والعقوبات، والعقوبات المضادة. وهكذا فإن الروابط موجودة ولكنها محدودة. ويبدو أن الحوار بين الطرفين ليس فاعلاً إلا على مستوى رؤساء مجالس الأمن، ومناقشة بعض القضايا الأقليمية مثل سوريا وكوريا الشمالية وأفغانستان، وذلك فضلاً عن المسائل المتعلق بمكافحة الإرهاب.  

ومن جانبه، كشف لافروف أن المحادثات كانت في الواقع تمثل فرصة لتطبيع للعلاقات الروسية الأميركية، مضيفًا "حان الوقت لإنشاء مصفوفة جديدة بنّاءة لفهم بعضنا بعضًا ونحن على استعداد لذلك".

وبدأت التهيئة لذوبان الجليد بين البلدين بعد مكالمة في 3 مايو (أيار) الجاري بين الرئيسين ترمب وبوتين، وصفتها مصادر الكرملين بـ"الودية على نحو مفاجئ". وكذلك غرَّد الرئيس الأميركي عبر "تويتر" مشيرًا إلى الأمر نفسه بقوله هناك "إمكانات هائلة لعلاقة جيدة ورائعة مع روسيا".

ترمب مستعد للقاء بوتين

و بعد ذلك، التقى بومبيو ولافروف على هامش مجلس القطب الشمالي في هلسنكي، فيما فوجئ الجميع، الاثنين الفائت، بترمب يُعلن استعداده للقاء بوتين في إطار اجتماعات مجموعة العشرين في يونيو (حزيران) المقبل في أوساكا.

وإذ صدرت في البداية إشارات ملتبسة ومتناقضة عن كيفية تصرّف الروس مع هذا المقترح، فإن لافروف أكّد  في مؤتمر صحافي أنهم سيقبلون بالعرض شريطة أن يتم تقديمه بشكل رسمي. وقال "وردتنا معلومات بأن ترمب مستعد للقاء، وفي حال تلقينا طلبًا رسميًّا فسنرد عليه إيجابًا". 

في هذا السياق، ليس التركيز على البروتوكول من قبيل الصدفة، حسبما ذكر أندريه سوشنتسوف، وهو مدير البرامج لدى نادي "فالداي" الذي تربطه علاقة وثيقة بالحكومة الروسية. ولفت إلى أن موسكو ملّت من الرسائل المتناقضة التي تتلقاها من واشنطن.  وتابع موضحاً ان "السياسة الخارجية لدى واشنطن غير منظمة. يتولى جون بولتون القيادة في ما يتعلق بشؤون فنزويلا، بينما يهتم البنتاغون بالأزمة السورية، ويأخذ بومبيو على عاتقه قضية كوريا الشمالية. أما ترمب فمهووس بإيران والصين، والكونغرس يشكّ في أية مبادرة أجنبية".

واعتبر أنه في المحصلة، "وفي ظل هذه الفوضى التي تتصدّر المشهد، من غير الواضح على الإطلاق ما الذي قد تتمخض عنه العلاقات بين أميركا وروسيا".

 

© The Independent

المزيد من دوليات