Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النيابة المصرية تكشف عن تفاصيل انتحار "فتاة المول"

الطبيبة العشرينية كانت تعاني ضغوطاً نفسية وأفصحت عن رغبتها في الانتحار

أظهر فيديو لحظة انتحار الفتاة في المول التجاري حيث تسلقت السور الزجاجي للطابق السادس وألقت بنفسها (أ ف ب)

فيما لا تزال حادثة انتحار فتاة في سن العشرينيات من عمرها من الطابق السادس بأحد المراكز التجارية بمدينة نصر (شرق القاهرة) تثير الجدل في مصر وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، كشفت النيابة المصرية عن تفاصيل الحادثة، مشيرة إلى أن الفتاة كانت تعاني ضغوطاً نفسية لخلافات عائلية، وأنها أفصحت عن رغبتها في الانتحار يوم الواقعة لإحدى صديقاتها.

وعلى مدى اليومين الأخيرين، تصدرت حادثة انتحار فتاة تدعى ميار محمد (طبيبة أسنان) مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، وأعادت معها النقاش حول أسباب ودوافع الانتحار ونسبه المتزايدة على الرغم من المبادرات الحكومية لمواجهته بين قطاع المراهقين والشباب.

تحقيقات النيابة

وفق ما جاء في تحقيقات النيابة العامة المصرية، فإنه بالتزامن مع ما رصدته وحدة الرصد بإدارة البيان بمكتب النائب العام، من تداول واسع على مواقع التواصل الاجتماعي لمقطع مصور تضمن قفز الفتاة من الطابق السادس (للانتحار)، ومحاولة أحد الأشخاص إثناءها عن ذلك، فبادرت النيابة المختصة بالتحقيق في الواقعة.

وقالت النيابة العامة، في بيان لها مساء أمس الجمعة، إنها ناظرت جثمان الفتاة المتوفاة بعد سقوطها من الطابق السادس بالمجمع التجاري "سيتي ستارز" بمدينة نصر، وتبيَّنت ما بها من إصابات، وانتقلت لمعاينة مسرح الواقعة فاطلعت على ما صورته آلات المراقبة وسألت عدداً من شهود الواقعة وأقارب الفتاة فتوصلت إلى سابق مُعاناتها ضغوطاً نفسية لخلافات عائلية، وإفصاحها لصديقتها يوم الواقعة عن رغبتها في الانتحار.

وذكرت النيابة أن الفتاة التي توفيت إثر نقلها إلى المستشفى "انتهزت فرصة خلت فيها إلى نفسها فقفزت من علو في المول"، مضيفة أنها أمرت بانتداب الطبيب الشرعي لتوقيع الصفة التشريحية لجثمان المتوفاة، وبيان ما بها من إصابات وتحديد سبب وفاتها ومدى تصور حدوث الواقعة، مناشدة الجميع "الامتناع عن تداول تصوير الواقعة مراعاة لحقوق ذوي المتوفاة المكلومين ومشاعرهم، وكذا تهيب بهم إلى بحث أسباب انتحار الشباب والسعي حثيثاً لتبديدها".

وجاء بيان النيابة العامة بعد استماعها لأقوال والد ميار، الذي قال في التحقيقات وفق ما نقلته وسائل إعلام محلية، إن "ابنته فعلت ذلك نتيجة التضييق عليها من الخروج من المسكن على الحد الطبيعي". كذلك جاء في شهادة صديقتها أمام النيابة، أنها "كانت برفقتها داخل المجمع التجاري، قبل أن تنصرف وتتركها بمفردها". موضحة أن "المتوفاة كانت تعاني حالة نفسية واكتئاباً شديداً لشعورها بالاضطهاد وسوء المعاملة من قبل أهلها، وأنها أخبرتها يوم الحادثة برغبتها في الانتحار".

غافلت الجميع وألقت بنفسها

وكانت أجهزة الأمن المصرية كشفت عن أن الفتاة تدعى ميار محمد، 23 سنة، وتعمل طبيبة أسنان، وانتحرت بسبب خلافات مع أسرتها. ووفق التحريات وكاميرات مراقبة في المول فإن الطبيبة خرجت من منزل أسرتها قبل الحادثة بنحو خمس ساعات وتوجهت إلى المول وظلت تتنقل بين الطوابق ثم صعدت إلى الطابق السادس وغافلت الجميع وألقت بنفسها، لتسقط جثة هامدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وانتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، فيديو كاميرات المراقبة، الذي أظهر لحظة انتحار الفتاة في المول التجاري، وظهرت الفتاة وهي تراقب المارة حتى تتأكد من عدم مراقبة أحد لها، قبل أن تتسلق السور الزجاجي، وتلقي بنفسها من أعلى الطابق إلى أرضية المركز التجاري. وقال شهود عيان، نقلت عنهم وسائل إعلام محلية، "إن الفتاة المنتحرة حضرت إلى المول في ساعة مبكرة، وجلست داخل أحد المقاهي، وإنه قبل إلقائها بنفسها من الطابق السادس كانت تتحدث إلى أحد الأشخاص في الهاتف وتبكي".

هل تزيد معدلات الانتحار في مصر؟

أعادت حادثة انتحار الفتاة الجدل بشأن معدلات الانتحار في مصر وأسبابها، في ظل تكرار الأمر، لا سيما بين فئة المراهقين والشباب وفق مراكز حقوقية وإنسانية. وبحسب رصد لـ"اندبندنت عربية"، تركزت حالات الانتحار الأخيرة التي تناولتها وسائل الإعلام المحلية، على شباب وفتيات كانوا يعانون حالات اكتئاب حادة، ويمرون بضغوط نفسية.

وخلال العام الحالي، تكرر الأمر في مناطق مختلفة من مصر، وجاءت أبرز الحالات، انتحار ربة منزل قبل نحو أسبوعين بمحافظة الجيزة تبلغ من العمر 31 سنة. وعلى مدى العامين الأخيرين كانت حوادث إلقاء شاب بنفسه من برج القاهرة، ورمي آخرين بأنفسهم تحت عجلات مترو الأنفاق، وإلقاء آخر في العقد الثالث من العمر بنفسه من أعلى الهرم، فضلاً عن حادثة انتحار فتاة عبر بث مباشر على الإنترنت، من أكثر الحوادث التي أثارت الجدل في الشارع المصري.

وفيما لا تتوفر إحصاءات رسمية عن نسب الانتحار في مصر، كان مركز "دفتر أحوال للتوثيق والأرشفة"، وهو معهد بحثي مستقل فى القاهرة، أصدر تقريراً بعنوان "وقائع الانتحار في مصر" لرصد وقائع الانتحار المعلنة في مصر سواء عبر مصادر حكومية أو وسائل إعلام في الفترة من 2011 إلى 2017. وجاء في التقرير أن نسبة المنتحرين من الذكور تزيد أكثر من الضعف على الإناث، وأن الطلاب هم الأكثر إقداماً على الانتحار مقارنة بغيرهم، بما يتسق مع بيانات منظمة الصحة العالمية حول اعتبار الانتحار ثاني سبب للوفاة لدى من تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة.

وعدد تقرير مركز "دفتر أحوال للتوثيق والأرشفة" أسباب الانتحار ما بين المشاكل الأسرية والصدمات النفسية مروراً بالظروف الاقتصادية. وطبقاً لتقريره الذي اعتمد بشكل كبير على الحالات المعروضة من خلال وسائل الإعلام، احتلت المشاكل الأسرية المركز الأول في أسباب الانتحار، تلتها الأسباب المرضية، لتأتي الأزمات المالية في المركز الثالث.

في الأثناء، وفي أواخر عام 2019، أحصت منظمة الصحة العالمية، في تقرير لها حول ظاهرة الانتحار على مستوى العالم، حالة انتحار واحدة كل 40 ثانية، وبما يعادل 800 ألف شخص سنوياً (أكثر من 50 في المئة منهم دون الـ45)، وطبقاً للتقرير، فإن 79 في المئة من حالات الانتحار عالمياً وقعت في دول ذات دخول متوسطة أو منخفضة، وتصدرت مصر قائمة البلدان العربية من حيث أعداد المنتحرين لعام 2016، حيث شهدت 3799 حالة انتحار.

في المقابل، رد مجلس الوزراء المصري، ببيان قال فيه "إن تصدر مصر المرتبة الأولى عربياً في معدلات الانتحار إشاعات"، معتمداً في رده على آخر الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) والصادرة في عام 2017 التي ذكرت أنه خلال ذلك العام وقعت 69 حالة فقط. واعتبر الجهاز أن "كل ما يتردد في هذا الشأن بخصوص زيادة معدلات الانتحار لا أساس له من الصحة تستهدف النيل من الاستقرار المجتمعي". وأضاف المجلس "أن بيانات البنك الدولي تظهر معدلات انتحار منخفضة جداً في مصر مقارنة بدول العالم، وأن القاهرة تأتي في المرتبة الـ150 من أصل 183 دولة في معدلات الانتحار العالمية".

المزيد من متابعات